(لو كان لابن آدم واديانِ من مالٍ لابتغى ثالِثاً)
هذا النصًّ الذي استفاضَت بِهِ الروايات، دليلٌ على جوازِ نسْخِ التلاوةِ مع بقاءِ الحُكْمِ شرْعاً، وإن كان لا يُجْزَمُ بِكوْنِهِ قرآناً نُسِخ
لماذا ؟؟؟
لتعدد روايات الحديث واختلاف متونها وتخريجاتها :
-------------------------------------------
لننظر بعض روايات الحديث :
1- رواية عبد الله ابن عبّاس : (لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى ثالثا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب)
2- رواية أخرى لعبد الله ابن عبّاس : (لو أن لابن آدم مثل واد مالا لأحب أن له إليه مثله، ولا يملأ عين ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب)
3- رواية أخرى لعبد الله ابن عبّاس : (لو أن لابن آدم ملء واد مالا لأحب أن يكون إليه مثله. ولا يملأ نفس ابن آدم إلا التراب. والله يتوب على من تاب)
4- رواية عائِشة : (قلتُ لعائشةَ رضي اللهُ عنها: هل كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ شيئًا إذا دخَل البيتَ ؟ قالتْ: نعَم كان إذا دخَل عليَّ تمثَّل : لو كان لابنِ آدمَ واديانِ مِن مالٍ لابتَغى واديًا ثالثًا ولا يملأُ فاه إلا الترابُ وما جعَلْنا المالَ إلا لإقامةِ الصلاةِ وإيتاءِ الزكاةِ ويتوبُ اللهُ على مَن تاب)
5- رواية أبي موسى الأشعرى : (لقد نزَلَتْ سورةٌ شديدةٌ مثلَ سورةِ براءة في الشدةِ فذهبَتْ إلا آيتَينِ قد حفِظتُهما : لو كان لابنِ آدمَ واديانِ مِن مالٍ لالتَمَس إليهما واديًا ثالثًا ولا يملأُ جوفَ ابنِ آدمَ إلا الترابُ إلا مَن تاب فيتوبُ اللهُ عليه واللهُ غفورٌ رحيمٌ)
6- رواية أبو الأسود الدؤلى : (بعث أبو موسى الأشعريُّ إلى قُرَّاءِ أهلِ البصرةِ . فدخل عليه ثلاثُمائةِ رجلٍ قد قرءُوا القرآنَ . فقال : أنتم خيارُ أهلِ البصرةِ وقُرَّاؤُهم . فاتلُوهُ . ولا يطولنَّ عليكمُ الأمَدُ فتقسُوَ قلوبُكم . كما قستْ قلوبُ مَن كان قبلَكم . وإنا كنا نقرأ سورةً . كنا نُشبِّهُها في الطولِ والشِّدَّةِ ببراءةَ . فأُنسيتُها . غير أني قد حفظتُ منها : لو كان لابنِ آدمَ واديانِ من مالٍ لابتغى واديًا ثالثًا . ولا يملأُ جوفَ ابنِ آدمَ إلا الترابُ . كنا نقرأُ سورةً كنا نُشبِهُها بإحدى المُسبِّحاتِ . فأُنسيتُها . غير أني حفظتُ منها : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ . فتُكتبُ شهادةً في أعناقِكم . فتُسألون عنها يومَ القيامةِ)
7- رواية ابو هريرة : (لو أُعطِي ابن آدمَ وادِيًا من مالٍ لالتمسَ إليهِ الثانِي، ولو أُعطِيَ الثاني لالتمسَ إليه الثالثُ، ولا يملَأ بطنُ ابنُ آدمَ إلا الترابَ)
8- رواية بريدة بن الحصيب : (لو أن لابن آدم واديا من ذهب لابتغى إليه ثانيا، ولو أعطي ثانيا لابتغى إليه ثالثا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ، ويتوب الله على من تاب)
9- رواية سعْد بن وقاص : (لو أن لابن آدم واديين من مال لتمنى إليهما الثالث ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب)
10- رواية أنسٍ بن مالك : (لو كان لابن آدم واد من مال لابتغى إليه ثانيا، ولو كان له واديان لابتغى لهما ثالثا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب)
11- رواية زيد بن أرقم : (لقد كنا نقرأ على عهد رسول الله : لوكان لابن آدم واديان من ذهب وفضة لابتغى إليهما آخر، ولا يملأ بطن ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب)
12- رواية جابر بن عبد الله : (لوْ كانَ لابنِ آدمَ وادٍ منْ نخل ٍلتمنى مثلَهُ، ثمَّ تمنَّى مثلَهُ، حتى يتمنَّى أوديةً، ولا يملأُ جوفَ ابنِ آدمَ إلا الترابُ)
13- رواية سهل بن سعد : (سمِعتُ ابنَ الزُّبَيرِ علَى المِنبَرِ بمَكَّةَ في خُطبَتِهِ يقول : يا أيها الناس، إن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يقول : (لو أنَّ ابنَ آدَمَ أُعْطيَ واديًا مَلئًا مِن ذهَبٍ أحَبَّ إليهِ ثانيًا، ولو أُعْطيَ ثانيًا أحَبَّ إليهِ ثالِثًا، ولا يَسُدُّ جَوفَ ابنِ آدَمَ إلَّا التُّرابُ، ويَُتوبُ اللُّه علَى مَن تابَ)
-------------------------------------------
أي الرواياتِ السابقة كان هو (النصُّ القُرآني قبلَ نسْخِهِ) بالضبط ؟؟؟
بالطبع .... ليس لأحد أن يجزم أنّ هذا النصّ عيْنُهُ، بلفْظِهِ وحرْفِهِ، كان قُرْآناً ونُسِخ، ولا يُقْطَعُ بِذلِكَ على اللهِ
لماذا ؟؟؟؟
أ- لأنه لا يُمْكِن إغفال الفارِق السماعى بين هذه النصوص (متون الأحاديث)، وآيات القرآنِ الكريم
ب- هذه النصوص كل من الرواة الصحابة يرويه من ذاكرته، على حسب ما يتذكّر أنه قد سمعه .... فلا تثبت القرآنية للنص بروايته
فإثبات حكم النسخ يمكن الإكتفاء فيه بخبر الآحاد .... أما كونه نصا قرآنيا يتلى فلا يثبت إلا بالتواتر
-------------------------------------------
إذا .... فالخلاصة .... أن الحديث الذى ذكرته :
* هو حديث مثبت للنسخ ..... ونجزم بذلك لأنه (حديث صحيح) صحّ نقْلُهُ عن رسولِ الله صلى اللهُ عليْهِ وسلّم
وهو دليل على ثبوتِ نسْخِ التلاوة .. بدليل أن من توقف في الجزم بقرآنية النص من الصحابة لم يستنكر وجود نسْخٍ للآيات القرآنية .... فالنسخ مثبت بصريح قول الله تعالى : (مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)
* قد يكون : (لوْ كَانَ لِابْنِ آدَمَ وَادِيَانِ مِنْ مَالٍ لاَبْتَغَى ثَالِثًا) قرآنا ورفع عن طريق النسخ أو الإنساء - أى أنه ربّما كانَ مِن منْسوخ التلاوةِ الذي بقِيَ حكمه - .... ولكن لا نجزم بذلك يقينا !!!
ولا نعْلَمُ كيْفَ يجْزِمُ من يجْزِم بِكوْنِهِ كانَ قُرْآنِاً والقرآن لا يثْبُتُ بخبرِ الآحاد بل بالتواتر ..... كيف ذلِكَ وقد كان من صحابةِ رسولِ اللهِ من توقّّف في الجزْمِ بقُرْآنِيّة هذا النص حيث قال فيه ابن عباس : (فَلا أدْرِي أمن القُرانِ هُوَ أم لا)، وقَالَ فيه أَنَسٌ : (فَلا أَدْرِي أَشَيْءٌ أُنْزِلَ عَلَيْهِ أَوْ قَوْلٌ كَانَ يَقُولُهُ) ؟؟؟
وقال فيه ابن عبدالبر - رِحِمَهُ الله - في التمهيد 4/274 : (لا يقطع بصحته عن الله، ولا يحكم به اليوم أحد)
* قد يكون (لوْ كَانَ لِابْنِ آدَمَ وَادِيَانِ مِنْ مَالٍ لاَبْتَغَى ثَالِثًا) حديثا قدسيا رواه الرسول صلى الله عليه وسلم عن ربه .... ولا نجزم بذلك أيضا
لا بأس من إعطائك بعض الدروس فى علم الحديث أيها السفسطائى ....
هل تعلم ما الفرق بين هذه الأقوال فى تخريج حديث ما :
(حديث صحيح)
(إسناده صحيح)
(رجاله ثقات)
(رجاله رجال الصحيح)
؟؟؟؟؟؟
------------------------------------
قال الشيخ أبو الحسن المأربي :
إن بين هذه العبارات فرقاً، والعلماء - في الأصل - لايغايرون بينهما إلا لمعنى، وإن كان بعضهم قد لايراعي هذا الأمر في مواضع، فَيَسْتَخْدِم هذا القول في موضع ذاك، والله أعلم
والفرق بينهم يكمن في كون بعضها أعلى من بعض، وذلك راجع إلى توافر شروط الصحة الخمسة، أو النقص منها، وترتيبها من الأعلى إلى الأدنى كالتالي :
1- فأعلاها قولهم : (حديث صحيح) إذْ أنه يعني توافر جميع شروط الصحة
2- ويليه قولهم : (إسناده صحيح) لكونه لم تتوافر فيه إلا ثلاثة شروط من شروط الصحة، وهي : العدالة، والضبط، والاتصال، دون التأكد من السلامة من الشذوذ والعلة
وهذه اللفظة إنما تفيد صحة الإسناد ظاهرًا لاحقيقة
3- ويليه قولهم : (رجاله ثقات) فإنه يعني توافر شرطين فقط، هما : العدالة، والضبط، دون تعرض لبقية شروط الصحة من الاتصال، والسلامة من الشذوذ والعلة، أضف إلى ذلك أن بعضهم قد يقول : (رجاله ثقات) ولايعني التوثيق الاصطلاحي، وإنما يعني من يُحتج به؛ وإن كان دون الثقة، وهذا القول أعلى من قولهم : (رجاله مُوَثَّقون)
4- ويليه قولهم : (رجاله رجال الصحيح) لكونه لم يتوافر فيه إلا شرط واحد متيقن، وهو العدالة، وشرط غير متيقن وجوده : وهو الضبط التام؛ لأن من رجال الصحيح من هو ثقة، ومنهم من هو صدوق، ومنهم من في حفظه لين، وقد يخرِّج له صاحب الصحيح في الشواهد، وقد يخرج له احتجاجًا مُعْتَمِدًّا على قرائن غير مطردة في جميع روايات الراوي
------------------------------------
وقال الشيخ الألباني - رحمه الله - في (تمام المنة) :
فقول بعض المحدثين في حديث ما : (رجاله رجال الصحيح) أو : (رجاله ثقات) أو نحو ذلك لايساوي قوله : (إسناده صحيح)، فإن هذا يثبت وجود جميع شروط الصحة التي منها السلامة من العلل، بخلاف القول الأول، فإنه لايثبتها، وإنما يثبت شرطا واحدا فقط ، وهو عدالة الرجال وثقتهم، وبهذا لا تثبت الصحة
------------------------------------
فالقول : (رجاله رجال الصحيح) .... ليس تصحيحا للحديث
------------------------------------
إذا فالحديث الذى أتيت به للتأكيد على إثبات هذه السورة فى المصحف بأمر رسول الله :salla-s: لا يرقى إلى درجة : صحيح لكى يحتج به بشكل قاطع على إثبات أن هذه السورة كانت مما أمر الرسول :salla-s: بإثباته فى المصحف فتكون قرآنا ثابتا يتلى
من أين أتيت بهذه التسمية يا ملوخية؟؟؟
المزاج والتأليف ...... تطبقوه على كتابكم المقدس فقط
المفضلات