اكتشافات هؤلاء النقّاد أو أولئك من الذين
قاموابدراسات خاصة لمضمون ((يوناثان المنحول)) ولغته تسمح لنا أن نقبل بثقة الرأي القائل إنّ هذا الترجوم لا يمكن أن يعود في صورته النهائيّة إلى ما قبل القرن السابع أو الثامن.))٣٨5 ولا بدّ في هذا السياق من إضافة حقيقتين أخريين مهمتين:
أولًا : ذهب النقّاد إلى أنّ هذا النصّ قد تمّ تحريره وتحويره مرّات كثيرة. ٣٨٦
ثانيًا: المخطوطة الوحيدة المتاحة لترجوم ((يوناثان المنحول))، تعود إلى القرن السادس عشر. ٣٨٧هاتان الحقيقتان تزيدان ح جة المنصّرين وهنًا على وهن؛ إذ تبعدان دعوى مصدريّة هذا السفر للنصّ القرآني إلى أقصى مدى!
٥ - رغم أنّ ((جايجر)) هو أهمّ من روّج لهذه الشبهة؛ إلاّ أنه هو نفسه قد قال بعد أن أوردها: (( قُدّم الحوار بصورة مختلفة جدً ا في (الكتابين)؛ حتّى إننا لا نرى للأمر قيمة إذاقارنا الموضعين عن قرب.))٣٨8 وقد كان ((تسديل)) الثاني في ال ترويج لهذه الشبهة؛ لكّنه هو أيضًا قد وصف هذا التشابه أنّه: ((غير ملفت للنظر))٣٨9
٦ - الحوار الوارد في ((ترجوم يوناثان المنحول)) هو قول ((قايين)): ((لا عقوبة للخطيئة، ولاجزاء للإحسان.))؛ فقال له ((هابيل)) إنّ الله يجازي على الإحسان ويعاقب على الخطيئة؛ فقام ((قايين)) بضرب أخيه بحجر حتّى قتله. ٣٩٠ لا شكّ أنّ هذا الحوار لا يمكن البتّة أن يكون مصدرًا لما جاء في القرآن الكريم " وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ " 391
٧ - سفر ((فرقي دي ربي إليعازر )) متأخّر تأليفًا عن البعثة النبويةّ كما سبق بيانه، كما أنّ رواية هذ ا السفر تخالف منصوص القرآن الكريم في تحديد من تعلمّ من الغراب الدفن؛فهو في سفر ((فرقي دي ربي أليعاز )) ((آدم )) عليه السلام، وفي القرآن الكريم هو القاتل أخو المقتول.


٨ - نصّ مشناه سنهدرين 4 : 5 يقول في سياق حديثه عن الجرائم الك بيرة: إنّ التوراة قد استعملت كلمة ((دم )) في صيغة الجمع، في قصّة((هابيل )) وأخيه: ((קול דמי אחיך
צעקים אלי ) صوت دماء أخيك يصرخ إلي )) (تكوين 4 : 10 ) والدم في صيغة الجمع يعني – كما تقول المشناه- دم القتيل ونسله؛ وأضاف النص بعد ذ لك مباشرة: ((لذلك خُلِق الإنسان وحده؛ ليظهر أنّ من أباد نفس واحد من إسرائيل؛ فقد عدّ له ذلك في الأسفار المقدّسة كأنّه أباد كلّ العالم (الكون)، ومن حفظ نفس واحد من إسرائيل فإنّ ذلك يعد له في الأسفارالمقدّسة كأنّه حفظ كلّ العالم.)) .. إنّ القرآن الكريم لا يشارك المشناه ربطها اللغوي وتبري رها النصّي، كما أنّنا لا نرى هذا الأمر في (( كتب المفسّرين المسلمين- كما أقرّ بذلك ((ستيلمان ((Stillman)) 382 وإنمّا جاء الربط في القرآن الكريم بين قتل ((هابيل)) لأخيه، وبين حكم قتل النفس المعصومة وإحيائها؛ من باب بيان عظم حرمة النفس الآدميّة عند الله سبحانه.

٩ - رغم أنّ ((جايجر)) قد نقل النصّ الأصلي لمشناه سنهدرين 4\5 إلاّ أنّه حرّفه رغم أنّه حبر يتقن العبريّة؛ إذ إنّ النصّ يتحدّث عن: من يزهق (نفس واحد من إسرائيل)
(נפש אחת מישראל)؛ فكأنّما أباد كل العالم، ومن حافظ على (نفس واحد من إسرائيل) (נפש אחת מישראל)؛ فكأنّما حافظ على كلّ العالم، وهي القراءة الأوثق، واختار ا أهمّ ترجمات المشناه ٣٩٣ والتلمود ٣٩٤ . وقد أورد ((جايجر)) نفسه النص العبري، وفيه ((من إسرائيل)) ((מישראל))، لكنّه لما ترجمه إلى الألمانيّة للقرّاء ألغى ((من إسرائيل)) ٣٩٥ وكذلك فعل صاحب الترجمة الإنجليزيّة ٣٩٦ خداعًا للقرّاء .. وفي المقابل