بسم الله الرحمن الرحيم

الإخوة الأفاضل السلام عليكم

تحية وتقدير لكل من أخي خوليو وأخي مناظر المستقبل .

الزميل مسيحي جريء مرحباً بك .

أولاً أود أن ألفت إنتباه من لم يقرأ هذه الصفحة سابقاً أن أول مشاركة في هذه الصفحة كانت بتاريخ : 08-06-2007, 03:00 AM يعني من خمس سنوات تقريباً وأول نصراني يشارك في هذه الموضوع ويقبل التحدي هو مسيحي جريء , ولم نكن نتوقع جميعاً أن أي نصراني سيشارك إن شارك في هذه الصفحة سيأتي ويقول مثلاً إسأل ما شئت في النصرانية !!!

الجميع وأنا معهم كنا متأكدين أن أي نصراني إن شارك سيسأل في الإسلام .

وبما أن الزميل النصراني الجريء قد قال سابقاً أنه :
اقتباس
انا بسىل وبحط الاسىله الي عندي وما ابي اي شي لا فلوس ولا غيره


فأرجوا أن يستمر زميلنا في هذه الجراءة ويقبل بعد أن أجيبه على سؤاله إن شاء الله أن أطرح عليه سؤال ويجيبني عليه .

لماذا أطلب هذا الطلب ؟؟
لنرى ما هي طريقة الإقناع التي يقتنع بها زميلنا فأخشى أن يصبح الأمر مجرد عناد وتعسف ورغبة في عدم الإقتناع ليس أكثر .


أما عن سؤال الزميل الفاضل فأقول وبالله أتأيد :

* قبل أربعة عشر قرناً وزيادة أنزل القرآن الكريم على نبينا صلى الله عليه وسلم في شبه الجزيرة العربية في وسط العرب وهم حين ذاك أفصح الناس وأشدهم حرفة في اللغة وصار شاعرهم من أبرزهم وأعلاهم مكانة حتى جعلوا أسواقاً للشعر يعرض فيه الشعر على النقاد فاختارو أفضله وعلقوه على أقدس مقدساتهم في الكعبة وتفاخروا به كما لم تفعل أمة غيرهم هذا أو تسبقهم إليه .


أوحي بالقرآن الكريم للرسول عليه الصلاة والسلام في بيئة معادية من العرب الكفار والمشركين وممن تعلموها كالنصارى واليهود متحدياً لهم في حرفتهم ومبلغ فخرهم , وهو يصدع بهذه الآيات ليلاً ونهاراً على الأشهاد متحدياً بقوله عز وجل :

قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88) الإسراء .

فبين سبحانه أن الإنس والجن لو اجتمعوا وتعاونوا لن يقدروا عل الإتيان بمثل القرآن أبداً .

ثم تحداهم أن يأتوا بعشر سور من مثله فقال سبحانه :

أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (13) هود .


ثم تحداهم سبحانه وتعالى أن يأتوا بسورة واحدة من مثله فقال :


وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (23) البقرة .

ثم بين وأثبت عجزهم الأبدي عن فعل هذا بقوله عز وجل :


فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (24) البقرة .


وعن هذا القرآن الكريم قال الوليد بن المغيرة وهو على كفره ومات كافراً قوله الشهير مخاطباً قومه :
(والله ما منكم رجل أعرف بالأشعار مني، ولا أعلم برجزه ولا بقصيده مني، ولا بأشعار الجن، والله ما يشبه الذي يقول شيئاً من هذا، والله إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه لمثمر أعلاه مغدق أسفله، وإنه ليلعو ولا يعلى عليه).



ما المراد من هذه المقدمة ؟؟؟

المراد أن تستشعر يا زميلنا العزيز مدى العجب الذي نشعر به نحن المسلمين حينما يأتي شخصاً لا يكاد يفقه قولاً في العربية منتقداً لغة القرآن وقد عجز أفصح أهل الأرض في العربية في زمانهم والذين أنزل فيهم القرآن موبخاً ومنذراً ومتوعداً لكافرهم ومشركهم ومنافقهم ومكذبهم أن يأتوا بمثله أو بخطأ فيه .


عجز هؤلاء أفصح وأعلم أهل الأرض بلغتهم رغم براعتهم فيها وعدائهم للنبي والإسلام والقرآن أن يأتوا بخطأ في القرآن أو أن يأتوا بسورة من مثله وهم أولى أن يفعلوا لو استطاعوا وما استطاعوا , ويأتي ركيك اللسان هذه الأيام ( أياً يكن ) فيدعي أنه وجد الخطأ في القرآن , والله إننا لنعجب أشد العجب .


الألفاظ الأعجمية في القرآن :


* إن تلاقح اللغات من توافق وتداخل أمر طبيعي جداً وهو شائع ومألوف ومعروف قديماً وحديثاً وقد أقره دارسوا علم اللغات أنفسهم , وانتقال بعض الكلمات من لغة إلى لغة أخرى لا ينفي أن يكون المتكلم بها لا يتكلم بلغته الفصيحة .
فمثلاً اللغة العبرية تحتوي على كثير من الكلمات العربية , وحينما يتكلم بها العبري لا يقال له أنت لا تتحدث العبرية الفصيحة , وكذلك اللغة التركية رغم اشتمالها على كثير من الكلمات العربية لا ينفي كونها لغة تركية فصيحة وكذلك الفارسية والأردية وغيرها ... وهذا حال جميع اللغات في العالم خاصة في الشعوب المتجاورة أو المختلطة .


ونحن نعلم أن التلاقح والتفاعل، أمر مألوف ومشهود بين لغات الناس اليوم , فاللغات الأجنبية أخذت من اللغة العربية مفردات حافظت على ألفاظها الأصلية إلى حدود معينة؛ فاللغة الإنجليزية - مثلاً- أخذت عن العربية مفردات منها: ( Alembic ) التي أصلها "الأمبيق" و ( cipher ) التي أصلها "الصفر" و ( Alcohol ) التي أصلها "الكحول" و (Chemise ) التي أصلها "القميص" و ( Emir ) التي أصلها " أمير". وكلمة ( satan ) "الشيطان" أصلها عبراني، واللغة العبرانية والعربية من فصيلة اللغات السامية، فأصلهما واحد. وأيضًا فإن اللغة العربية قد أثرت في اللغة الإسبانية، التي احتفظت بكلمات ذات أصول عربية بعد خروج العرب عن أرض الأندلس، منها: ( Alferez ) وتعني الملازم، وأصلها العربي "الفارس" و ( Aceite ) التي أصلها "الزيت" و ( Atalaya ) التي أصلها "الطليعة"؛ فإذا كان هذا الأمر واقعًا ومعروفًا في لغات الناس اليوم، فما الذي يمنع من أن يكون موجودًا فيما مضى من العصور والأزمان، بل أليس ما هو واقع اليوم دليلاً واضحًا على ما قد وقع بالأمس، إذ ظاهرة التفاعل بين اللغات - كما يقرر علماء اللغات - سنة ثابتة من سنن الاجتماع البشري، التي لا تتبدل ولا تتغير بتغير الأحوال والأزمان . ولا ينفي هذا عن تلك اللغات أنها إنجليزية مبينة أو اسبانية أو فارسية أو عبرية .... إلخ .

إن تقررت عندك هذه النقطة يا زميلي فتستطيع بعدها أن تفهم أن هذا لا يطعن في نقاء العربية وكون لغة القرآن لغة عربية مبينة ونقية .


التعريب عند العرب


قال سيبويه في هذا : ( كل ما أرادوا أن يعربوه، ألحقوه ببناء كلامهم، كما يُلْحقون الحروف بالحروف العربية ) (الكتاب:4/304)

ويقول الجوهري في صدد تعريف هذه الظاهرة: ( تعريب الاسم الأعجمي أن تتفوه به العرب على منهاجها ) (الصحاح: مادة عرب )
وقد أفرد ابن دريد في كتابه "الجمهرة" بابًا بعنوان: ( باب ما تكلمت به العرب من كلام العجم حتى صار كاللغة ) قال فيه : إن اشتمال القرآن على أمثال هذه الكلمات، لا يخرجه عن كونه نزل { بلسان عربي مبين } لأن هذه الألفاظ قد عُرِّبت، فصارت كلمات عربية، فيكون القرآن مشتملاً على ألفاظ معربة، لا على ألفاظ غير عربية؛ فاللفظ المعرَّب عربي، كاللفظ الذي وضعته العرب، سواء بسواء. وإذا كانت ظاهرة التعريب أمرًا ثابتًا، وضرورة من ضروريات حياة اللغة العربية نفسها، فلا تُفهم حينها هذه الكلمات على أنها أعجمية إنما تفهم عربية خالصة .

ورد هذا كثيراً في شعر العرب في الجاهلية قبل الإسلام فقد اشتمل هذا الشعر على ألفاظ معربة من قبل أن ينزل القرآن؛
( السجنجل ) لغة رومية معناها: المرآة وردت في شعر امرئ القيس في المعلقة:

مهفهفة بيضاء غير مفاضة ترائبها مصقولة كالسجنجل

كلمة ( الجُمان ) الدرة الفضية , أصلها فارسي مُعرب, جاء في قول لبيد بن ربيعة في معلقته:
وتضيء في وجه الظلام منيرة كجمانة البحري سلَّ نظامها

وغيرها الكثير من الأمثلة .

وقد عربت العرب هذه الكلمات وأصبحت من نسيج كلامها ولُحمته ، فلا يصح بعدها أن نقول أنها نقضت الفصاحة أو غيرت اللسان فأصبح غير عربي .


الأسماء والأعلام

لو نظرت أيها المنصف تجد أن أغلب هذه الكلمات أسماء وأعلام , وقد أجمع علماء اللغات أن الأسماء والأعلام تنقل كما هي , ولا يطعن هذا في نقاء اللغة المنقول إليها أو في أصلها .وإن كان الأمر سيتضح لك اكثر فاعلم أن هذه مشكلة كبيرة أقر بها الباحثين في الكتاب المقدس أن الكتبة يترجمون الأسماء والأعلام حرفياً وعلى أهواؤهم على سبيل المثال ( هالعذراء تلد وتحبل ) - العذراء - ترجمة عمانوائيل - مثلاً - ( الذي تفسيره الله معنا ) ... إلخ .
ونحن نجد هذا حاصلاً حتى في أهم المراجع التي تكتب بالعربية - مثلاً - أو غيرها كلمات بلغة أخرى بل حتى تكتب المصطلحات بحروف ورسم اللغة الأخرى كالإنجليزية أو غيرها , ولا يطعن هذا يا زميلي في لغة المرجع الأصلية الشائعة فيه والمكتوب بها .

وفي هذا أيها الجريء قال القرطبي رحمه الله : أجمعوا على أنه ليس في القرآن شيء من التراكيب الأعجمية وأجمعوا أن فيه أعلاما من الأعجمية كإبراهيم ونوح ولوط واختلفوا هل فيه شيء من غير ذلك بالأعجمية فأنكر ذلك الباقلاني والطبري وقالا ما وقع فيه مما يوافق الأعجمية فهو من باب ما توافقت فيه اللغات .

وهذا قول مختصر يجمع ما شرحته سابقاً باختصار وإجازة غير مخلة .


ثم ما هو الدليل القاطع أن هذه الكلمات ليست أصلها عربي وإقتبستها اللغات الأخرى أولاً من العرب ؟؟؟


والسلام كما في البدء في الختام .