على بن أبي طالب كرم الله وجهه فى اليمن
سرية
وفي رمضان أرسل عليه الصلاة والسلام علياً في جمع إلى بني مذْحِج ــــ قبيلة يمانية ــــ وعَمَّمه بيده، وقال: «سر حتى تنزل بساحتهم، فادعهم إلى قول: لا إله إلاّ الله، فإن قالوا: نعم، فَمُرْهُمْ بالصلاة ولا تبغِ منهم غير ذلك، وَلأَنْ يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك مما طلعت عليه الشمس، ولا تقاتلهم حتى يقاتلوك» فلما انتهى إليهم لقي جموعهم فدعاهم إلى الإسلام فأبوا، ورموا المسلمين بالنبل فصفَّ عليٌّ أصحابه وأمرهم بالقتال، فقاتلوا حتى هزموا عدوهم فكفَّ عن طلبهم، ثم لحقهم ودعاهم إلى الإسلام فأجابوا، وبايعه رؤساؤهم، وقالوا: نحن على مَنْ وراءنا من قومنا، وهذه صدقاتنا فخذ منها حق الله، ففعل. ثم رجع إلى رسول الله فوافاه بمكة في حجة الوداع.
بعث العمال إلى اليمن
________________________________________
ثم بعث عليه الصلاة والسلام إلى اليمن عمالاً من قبله، فبعث معاذبن جبل على الكورة العليا من جهة عدن، وبعث أبا موسى الأشعري على الكورة السفلى، ووصّاهما صلى الله عليه وسلم بقوله: «يسِّرا ولا تعسِّرا، وبشِّرا ولا تنفِّرا» وقال لمعاذ: «إنك ستأتي قوماً أهل كتاب، فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأَنَّ محمداً رسول الله، فإن أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة، فإن أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فتردّ على فقرائهم، فإن هم أطاعوا لك بذلك، فإياك وكرائمَ أموالهم، واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب» وقد مكث معاذ باليمن حتى توفي رسول الله، أما أبو موسى فقدم على الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع.
( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة )
ثم وصف تعالى ذكره نفسه بأنه المتوحد بخلق جميع الأنام من شخص واحد ، معرفا عباده كيف كان مبتدأ إنشائه ذلك من النفس الواحدة ، ومنبههم بذلك على أن جميعهم بنو رجل واحد وأم واحدة وأن بعضهم من بعض ، وأن حق بعضهم على بعض واجب وجوب حق الأخ على أخيه ، لاجتماعهم في النسب إلى أب واحد وأم واحدة وأن الذي يلزمهم من رعاية بعضهم حق بعض ، وإن بعد التلاقي في النسب إلى الأب الجامع بينهم ، مثل الذي يلزمهم من ذلك في النسب الأدنى وعاطفا بذلك بعضهم على بعض ، ليتناصفوا ولا يتظالموا ، وليبذل القوي من نفسه للضعيف حقه بالمعروف على ما ألزمه الله له (تفسير الطبرى)
المفضلات