السيد جون
لاحظت عبارتك:"الغزالي بفكر بعقله وليس بإسلامه".
من أين أتيتَ - أنت - بهذه العبارة الخزعبلاتية والترهاتية؟!
أنا لست على نفس مذهب الغزالي الأصولي، فالغزالي أشعري وأنا معتزلي، والأشعرية لا يُقدِّمون العقل على النقل، بإستثناء بعضًا من متأخري الأشعرية، والغزالي ليس منهم، فالغزالي في كتابه المستصفى في أصول الفقه ينتقد المعتزلة، حيث تقول المعتزلة:بالـ"تَحْسِين والتَّقْبِيح العقليين"، فالغزالي يقول منتقدًا المعتزلة: إنَّ التحسين سببه اقتران عمل ما بلذة، والتقبيح سببه اقتران عمل ما بألم؛ وهو يقول هذا لينتصر إلى الشريعة فهي التي تُحَسِّن وتُقَبِّح كما يرى، مع أنَّ المعتزلة ينتصرون للشريعة أيضًا ولكن بطريقة أخرى.
هذا هو الغزالي - رحمه الله - الذي قلتَ: أنَّه لا يفكر بإسلامه.
أين ذهب العقل في كلام الغزالي الذي انتقد فيه المعتزلة؟!
هل تعلم شيئًا عن سببية الأشاعرة؟
الأشاعرة يقولون: أنَّ ما نراه سببًا لا يوجب ما نراه نتيجة، فليس لأحد من دليل على إيجاب السبب بالنتيجة إلَّا اقتران النتيجة بالسبب؛ فربَط العقل بين السبب وبين النتيجة، والمسألة ليست أكثر من اقتران، فالنار لا توجِب الاحتراق، ولا الاحتراق موجَب من النار، فالأمر ليس أكثر من اقتران النار بالهشيم ليَحْدُث الاحتراق.
هل رأيتَ من هو الغزالي - رحمه الله -، وهل تعلم لماذا قال هذا الكلام؟
قال هذا الكلام لإفساح المجال لحُدُوث المعجزات من قبل الأنبياء، وقد انتقده الفيلسوف الإسلامي ابن رشد فقال بما معناه: "مَنْ رَفَع الأسباب؛ رفع العقل!"، وقول ابن رشد هذا يواقف قول المعتزلة، فالمعتزلة يقولون: بأنَّ العلة تُوجِب معلولها، وهم يفرقون بين السبب والعلة بعكس الأشاعرة، فالسبب ليس بالضرورة أنْ يُوجِب المسبَّب في فكر المعتزلة، فقد يحضر السبب ولا يَحْضُر المسبَّب، وبالجملة ففي فكر المعتزلة: العلة تُوجِب المعلول، أمَّا السبب فليس بالضرورة أنْ يُوجِب المسبَّب.
وهولاء كلهم (معتزلة، فلاسفة إسلاميين، أشاعرة) مفكرون إسلاميون، ولا يمكن الطعن في إسلام أحد منهم، فالاختلاف في الرأي وارد، وهم متفاوتون في استعمال العقل، ورفع شأنه، فالعقل عند الأشاعرة أقل مرتبة منه عند المعتزلة والفلاسفة.
لا أريد التَّوَسُّع أكثر في هذا الموضوع، فقد لا يرضي الإدارة.
جيد، ففهمك للمصطلحات فهم خاص، ونحن نتساهل في هذا الشأن، ولكن ثق أنَّ استعمالك للمصطلحات استعمال خبط عشواء، فتريد منا التفريق بين كلمة الخالق وبين كلمة صفة الخلق!.
السيد جون
أشعر بأنَّ الحوار بهذه الطريقة سيئ جدًا، فلا بد من أنْ نتفق على تعريف المصطلحات بدلًا من هذا التشتيت، كما أطلب منك أنْ تعلم ماذا نعني بعبارة "مشترك لفظي"، وعبارة "ترادف"، حتى لا تصدِّع رأسي ولا أصدِّع رأسك، فنخرج من التساهل والقبول، إلى الصواب.
السيد جون
ردك الذي في الاقتباس يدل على اضطرابك عندما كنتَ تكتبه، والاضطراب انعكس على ردك، حتى أنَّك كرَّرت بعضًا من كلامك مرتين، وانظر إلى الفقرة التالية:
يا سلام على جمال الرد، هل تدري أنَّك اقترفتَ "دورًا" في كلامك، فقد قلتَ:"أنَّ إرادته ملازمة مع قدرته"، وهذا يجعلنا نفهم أنَّ القدرة قديمة، ولكنك بعد جملتك السابقة قلتَ:"لمجرد الإرادة يتم الفعل أي القدرة"، يا سلام، فالفعل في جملتك هذه هو القدرة (يتم الفعل أي القدرة)، فالقدرة تتَّبِع الإرادة، والقدرة هي الفعل الناتج عن الإرادة.اقتباسقصدي ان ارادته ملازمة مع قدرته
لانه لمجرد الاراده يتم الفعل اي القدرة خي انت لا تفهم ماذا اقصد!!!
وبناء عليه،
فالقدرة قديمة، ولكن،
القدرة حادثة، لأنَّها هي الفعل، والفعل حادث.
وبما أنَّه كذلك، فالقدرة متقدِّمة على نفسها، ومتأخرة عن نفسها في نفس الوقت، فالقدرة التي تسبق الإرادة يتوقف وجودها على فعل الإرادة، ولكن أيضًا القدرة موجودة قبل فعل الإرادة، وهي فعل الإرادة - يا للعجب -!.
كلامك هذا يلزم عنه "دور"، وهو مُحال، فكلامك مُحال، يعني مستحيل.
سؤال: مَنْ مِنَ الفلاسفة يقول أحيانا عن القدرة
أي عندما يريد سبحانه أنْ يفعل شيء ما؛ يَحْدُث في الحال؟
سؤال آخر: مَنْ مِنَ الفلاسفة قال بأنَّ الإرادة هي القدرة الحرة؟
مرة أخرى لن أتساهل معك، إذا لم تعلم كيفية استعمال عبارة الـ"مشترك اللفظي"، وعبارة الـ"ترادف"، فاستعمالك للمصطلحات يوجِّع الرأس، وهو استعمال يمكن أنْ أقبله من الأطفال، بل الأطفال لا تفعل هذا الفعل، وانظر إلى التالي:
كلمة صفة لا تعني الذات، ولكن كلمة خواص تعني الذات، وكلمة تعينات تعني الذات، وهي بالنسبة لك أدق، وهي على التحقيق أسوأ، وأقرب إلى عقلية البدائيين، والعجيب هذه العبارة "متعين في نوعه"، يا سلام على التعين في النوع، والعجب أنَّ "المتعين في نوعه" متميز.
وهل لا يوجد في المخلوقات متعينه بالنوع، بل التعين بالنوع، والتعين في النوع منزوع من المخلوقات، وإلَّا فمن أين أتيت بها؟!، وكذلك كلمة متميز، هل المخلوقات لا تتميز بين نفسها!.
نصيحة: لا تستعمل الكلمات بهذه الطريقة، وافهم الذي في الكلام، وإنْ اختلفت الألفاظ.
السيد جون
حقيقة لم أرَ دينًا في هذا الكون أكثر وثنية من الدين المسيحي، ويتجلى هذا فيما سميتموه بالوحدانية الجامعة، وهي على التحقيق الوثنية الجامعة.
وأنا الآن أريد أنْ أتكلم مثل طريقتك في الكلام، وهذا لأنَّني أفتقدتُ صبري، ولكن الكلام سيكون مناقض لكلامك، وأفرشط الكلام فرشطة زي فرشطتك.
يا أخي أنت مخطئ فالخواص تستعمل للمخلوقات، ومن يطلق كلمة خواص على الله فهو وثني ابن وثني، فكلمة خوص من مشتقاتها كلمة خاصية، والخاصية نستعملها عندما يكون المخلوق في تعين معين، فهي لا تخرج عن تعينات المخلوق، وكذلك تعينات المخلوق - ويجب أنْ لا نطلق كلمة تعينات إلَّا على المخلوق وإطلاقها على الخالق كفر وهرطقة الهرطقات -، فالتعينات مثل التخوصات، وهي من مشتقات كلمة خاص، ومن مشتقات هذه الأخيرة كلمة خواص، والتخوصات والتعينات على وزن تَفَعُّلات، وهذا الوزن لا يطلق إلا على المخلوقات، أمَّا اطلاقها على الخالق فكفر وهرطقة متعالية، وبهذا يكون ثالوثكم بشري أبن بشري، لأنكم أطلقتم عليه كلمة خواص، وهي التي من مشتقاتها كلمة تخوصات، التي لا يجب بإي حال أنْ تطلق على الله.
كلامك يا جون هو من جنس هذا الكلام، ويبدو أنَّه لا ينفع معك غيره.
كيف صارت صفة التكلم صفة ذاتية، وكيف صارت صفة السمع صفة ذاتية، وكيف صارت صفة البشر صفة ذاتية.
انظر كون أنَّ الخالق ليس هو المخلوقات؛ يلزم عنهما تقديم وتأخير، وفي لحظة التقديم والتأخير لم تكن هذا الصفات، ولكن كانت القدرة على هذه الصفات، والفرق واضح.
تقريبًا كل الصفات التي ذكرتها صفات أفعال، وليست صفات ذات، فصفة الخالق، والعدل، والرحمة، والتكلم، والسمع، والرؤية، كلها صفات أفعال، ولا يوجد منها صفة ذات.
السيد جون
كما قلتُ - انا - سابقًا أنَّ الخواص يطلقها الوثنيين على الله، وهذا الإله ليس هو خالق هذا العالم، بل هم يتوهمون أنَّه خالق هذا العالم، فالخواص يطلقونها على الثالوث، ولا يوجد أكبر وثنية من الثالوث في كل هذا الكون، كل الوثنيات دون وثنية الثالوث، ومن هذه الوثنية أنَّ الأقانيم تتكلم مع بعضها وتسمع بعضها، وربما تشرب نس كفيه مع بعضها.
هل أنا قلت أنَّ العلاقة بين الأب والابن هي صفات؟!
طريقتك في الكتابة تدل على أنك لا تفهم جيدًا ما تقول.
لقد أدركت أنَّ خواص ثالوثكم تدل على أنَّ ثالوثكم، أنتجه وثني، ثم تبعه وثنيين، وكثر هؤلاء الوثنيون، ولكن سيقلوا وينقرضوا يوما ما، فالخواص من خاص، ولا يجب أنْ يطلق على الثالوث، فهذه هرطقة، أما كلمة صفة فلا يجب أنْ تطلق على الثالوث، إذا علمنا في هذا السياق أنَّه لا فصل بين الصفة والموصوف دون بقية السياقات، لأنَّ الثالوث يكلم بعضه، ويمارس المحبة المزعومة مع بعضه، أليس هذه هي الوثنية في أعلى صورها؟!
هذا من جنس كلامك، وأنا أقول هذا عن عمد.
دعك من كلمة عقل الله في الإسلام، فالإسلام أسمى من اسقاطاتك الوثنية هذه، ابعد وثنياتك عن الإسلام.
وهل وصفنا إياكم بالوثنيين يجلب السرور، الحقيقة أنَّه لا يجلب السرور، فالمسلم إذا علم أنَّ أحدًا يشرك بالله، فيقول "أنَّ الله يمارس المحبة مع بعضه"؛ فإنَّه ينغم، فلا يريد من أحد أنْ يشرك بالله.
نعم نحن نتكلم بلغة إسلامية، وهي لغة العقل، ولكن إذا رددنا عليك أحيانا بطريقة معينة فلأنَّك تستحق ذلك، وليس لأنَّ ذلك من الإسلام.
اعلم أنَّ البحث الحقيقي يكون من الإسلام، وإلَّا فهو يفقد المصداقية، ويبدأ الميل إلى الوثنية آنما يكون البحث من خارج الإسلام، فالإسلام يحث على التعقل، والتعقل يرفض الثالوث، الذي هو على التحقيق الوثنية في صورها العالية.
إذا كان لا يوجد انفصال بين الأب والابن والروح القدس؛ إذن الذي تجسَّد هو الأب، والذي تجسد هو الروح القدس، وبالجملة الذي تجسد هو الثالوث كله، وهذا ما يقتضيه المنطق، وإلَّا فهو ما يقتضيه الفكر الوثني.
الثالوث الذي مالئ السموات والأرض تجسد في إنسان!، هذا فكر ترهاتي وخزعبلاتي، فلو كان مالئ السموات والأرض لمَا كان هناك حاجة للتجسد، لأنَّه مالئ الجسَّد (الناسوت)، بل مالئ كل أجساد أهل الأرض؛ فيكون صلبه المزعوم بأجساد كثيرة من أجساد أهل الأرض، بل يكون متجسد في المزابل، فالمزابل من الأرض، وهي ليست خارج الأرض، ومتجسد، في الحمير والخنازير، والكفار، وكل شيء.
كلامكم الخزعبلاتي يلزمكم شنائع لا حصر لها.
انظر العوام في كل الأديان تتصور أنَّ الله في مكان، بل أنتم المسيحيون على رأس هؤلاء العوام، وإلَّا فانفوا تجسد الابن، بل فانفوا الجسد على الإطلاق، فكما قلتُ - أنا - سابقًا - فالتجسد بغير انفصال يلزم عنه: أنَّ الجسد موجود في كل شيء في المخلوقات، انطلاقًا من أنَّه مالئ السماوات والأرض.
وبهذا فأنتم أعلى من يقول بالمكانية لله، وأنا نفسي لا أحب أنْ أنشر مسألة أنَّ الله ليس في مكان، فالكثير من الناس لا يمكنها تصور الله إلَّا في مكان، وما ليس في مكان فهو العدم بالنسبة لهم، فلو نشرنا هذا بين الناس لأنتشر بينهم الإلحاد – وزويمر زعيمكم يحب بشر الإلحاد بين المسلمين -، وعدم الاعتراف بوجود الله أصلًا، خصوصًا قليلي العلم منهم، مع أنَّني نفسي أقول أنَّه لا في مكان، وقد انتقد الفيلسوف ابن رشد الاشاعرة بسبب نشرهم أنَّ الله لا داخل العالم ولا خارجه، وقال هذا الكلام يجب حصره في فئة معينة من الناس، فالكثير من الناس تتخيل الله في مكان، وما ليس في مكان فمعدوم، وبهذا ينتشر الإلحاد بسبب هذه المقولة، ولكن يبدو أنَّه في هذا الزمان يمكن للإنسان أنْ يقول باللامكانية خصوصًا أنَّ العلم بدأ يقر وجود الله بأدلة.
الأب الحال فيَّ هو يعمل الأعمال، هههه، ولمَ لا يكون هو الذي يعمل الأعمال، خصوصًا أنكم تقولون بعدم الانفصال، ما هذا الفكر؟!
سبحان الله، تقولون أنَّه مالئ السماوات والأرض، ثم تقولون نفح فيه من الروح القدس، وما الفرق بين القول: نفخ فيه من الروح القدس، وبين القول: الأب نفخ فيه، أو الابن نفخ فيه خصوصًا مع نفي الانفصال، والإقرار بالاتصال.
لكنها الوثنية، التي تأتي بالعجائب.
يا جون
هون عليك، فإذا كنتَ تفهم أنَّ الروح القدس بلا عضو تناسلي، وأنَّها لا تجامع أحدًا، فلا تبالي، فنحن نقول عن الله هو، وهو ضمير لمخاطبة المذكر تارة، ولمخاطبة المذكر والمؤنث تارة أخرى، ومع هذا فالله لا هو ذكر ولا هو أنثى، وبهذا نطلب منك التركيز في المعاني والابتعاد عن الضمائر التي تحمل التذكير والتأنيث من حيث هي ألفاظ.
راجعوا دليله في مشاركته، وهو على التحقيق ليس دليلًا ولا هم يحزنون!.
هو يعلم الساعة من حيث أنَّه متصل بالأب، والروح القدس، ولكن هو غير متصل من حيث أنَّه هو المتجسد، وإلَّا فقولوا:"أنَّ الأب هو الذي تجسد، أو أنَّ الروح هي التي تجسدت، أو أنَّ الثالوث بالكامل هو الذي تجسد"، وإلَّا فالابن حقًا لا يعلم، ولكن على التحقيق لا يوجد ابن على الإطلاق فالابن من مخلفات الوثنية.
بعدما تفهم نفسك.
الأب يجب الابن، هذا يعني أنَّ الأب يحب نفسه بمقتضى الاتصال، ونفي الانفصال.. الروح القدس مصدر الحب، هذا يعني أنَّ الأب مصدر الحب، والابن مصدر الحب بمقتضى الاتصال، ونفي الانفصال، ولا يمكن أنْ يكون الأمر إلَّا كذلك بمقتضى المنطق.
سبحان الله، يبدو أنَّك كنت نائم عندما كنت تكتب، فقد قلتَ في البداية:"أنَّ الأب يجب الابن"، ثم قلتَ:"أنَّ الله محبة"، ثم قلتَ:"لم يقل أنَّ الله بيحب".
تناقض واضح.
الله لا ينير القلب ولا المخ إذا آمن الإنسان بالثالوث، والذي يعتقد أنَّ الله نور قلبه ومخه لأنَّه آمن بالثالوث، فهو واهم، فيمكن للإنسان أنْ يشعر أنَّ الله نور قلبه ومخه لأنَّه آمن أنَّ البقرة الفلانية بقرة الله المولودة في زمان ولا في زمان، وفي مكان ولا في مكان، أو آمن أنَّ البقرة نفسها هي الله، فالمشاعر خداعة، وهي يمكن أنْ تذهب بالإنسان إلى الجحيم.
قلتَ - أنت - : "فأنت متخيل انها مجرد صفة حب او مجرد مشاعر".
مشاعر!، يا رجل ثالوثك لا مشاعر فيه، ولا عدم مشاعر فيه، ثالوثك مجرد فكرة مصطنعة لشخص مصاب بملل، فعمم ملله على الناس.
أسئلة ليس لها جواب، نعم يوجد أسئلة ليس له جواب، ولكن الذي عليك أنْ تفهمه هو أنْ تعلم أنَّ الثالوث مجرد خرافة وثنية، ربما كان الوثنيون يسلون بها أطفالهم الصغار.
تنوير القلب والذهن يكون بالفكر بالثالوث، وإلَّا فهو وثني.
أخيرًا، اعلم ماذا يعني "لفظ مشرتك"، و"ترادف"؛ لكي تعلم كيف تحاور.
المفضلات