السؤال
- إن القرآن يقر بأن عيسى أفضل من محمد عليهما صلوات الله, بدليل أنه ذكر مريم أم عيسى عليها السلام, وعظَّم شأنها, ولم يذكر آمنة أم محمد عليه الصلاة والسلام, ومعلوم أن العظيمة هى التى تلد العظيم.
الجواب
- إن هذا سؤال ساذج, يستطيع أن يرد عليه الأطفال فضلاً عن الكبار. إن تعظيم القرآن للسيدة مريم - عليها السلام - فى حين أن أم النبى صلى الله عليه وسلم لم تُذكَر ولا فى آية واحدة, حجة لنا لا علينا, فإن السيدة مريم عليها السلام ذكِرت فى القرآن فى ثلاثين موضعاً, وهناك سورة باسمها, فلو أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذى ألف القرآن - كما تقولون - فلِمَ لم يذكر أمه, أو إحدى نسائه, أو بناته؟ ولِمَ لم يُسَمِّ بعض السور بأسمائهن؟ إن النساء اللاتى لهن تأثير فى حياته حوالى سبع عشرة امرأة على الأقل, هن أمهاته - سواء من النسب أو الرضاعة - وزوجاته, وبناته, فعدم ذكر أى واحدة منهن, وعدم ذكر أقاربه أو أصدقائه, لَهُوَ دليل على أنه لم يتكلف القرآن من تلقاء نفسه, ليس هذا فحسب, بل إنه عدد الكاملات من النساء ولم يذكر أمه, ولا زوجاته, ولا بناته, فقال: ((كمُلَ من الرجال كثير, ولم يكْمُل من النساء إلا آسية امرأة فرعون, ومريم بنت عمران))[صحيح البخارى] وحين ذكر خير نساء العالمين, لم يذكر إلا السيدة خديجة, والسيدة فاطمة (رضى الله عنهما) ولم يذكر أمه, ولا بقية نسائه وبناته, فقال: ((خير نساء العالمين أربع: مريم بنت عمران, وخديجة بنت خُوَيْلد, وفاطمة بنت محمد, وآسِيَة امرأة فرعون))[صحيح الجامع:3328] أرأيتم كيف وصف الرسول صلى الله عليه وسلم السيدة مريم عليها السلام بأنها من الكاملات؟ ومن خير نساء العالمين؟ لقد عظَّمها أكثر من ابنها الذى تنكَّر لها (بزعمكم) وخاطبها بقوله: (يا امرأة) كما خاطب الزانية, وها هى الأدلة:
وفيما هو يكلِّم الجموع إذ أمّه وإخوته قد وقفوا خارجاً طالبين أن يكلموه. فقال له واحد هُوَذا أمك وإخوتك واقفون خارجاً طالبين أن يكلموك. فأجاب وقال للقائل له. من هى أمى ومن هم إخوتى. ثم مدَّ يده نحو تلاميذه وقال ها أمى وإخوتى. لأن من يصنع مشيئة أبى الذى فى السموات هو أخى وأختى وأمى (متى12: 46-50) فلما رأى يسوع أمّه والتلميذ الذى كان يحبه واقفاً قال لأمه يا امرأة (يوحنا19: 26) ولما فَرَغَت الخمر قالت أم يسوع له ليس لهم خمر. قال لها يسوع ما لى ولك يا امرأة. لم تأتِ ساعتى بعد.(يوحنا2: 3-4)
أمّا خطابه للزانية فهو فى النَّص التالى: وبقى يسوع وحده والمرأة واقفة فى الوسط. فلما انتصب يسوع ولم ينظر أحداً سِوَى المرأة قال لها يا امرأة أين هم أولئك المشتكون عليكِ. (يوحنا8: 9-10)
نعود فنقول: ليس شرطاً أن يكون الابن مثل أبيه فى الإيمان, مع أن تأثير الأب فى تربية الأبناء أشد من تأثير الأم, فإن ابن سيدنا نوح - على نبينا وعليه الصلاة والسلام - كان كافراً, رغم أن أباه كان من أُولِى العزم من الرسل, وكما هو مشاهد فى واقعنا أن الأب أو الأم الصالِحَيْن قد يكون لهما ولد فاسد, والعكس صحيح, حتى إنهم يقولون فى المثل: (يخلق من ظهر العالم فاسد ومن ظهر الفاسد عالم) ونحن نقرّ بأن أم سيدنا عيسى أفضل من أم سيدنا محمد - عليهما الصلاة والسلام - ولكن هذا لا يعنى أن سيدنا عيسى أعظم من سيدنا محمد, والله أعلم.