التبشير و الصراع بين الإسلام و الغرب
--------------------------------------------------------------------------------
نقلاً ـ بتصرف ـ عن كتاب (رحلتي من الكفر إلى الإيمان ـ قصة إسلام الكاتبة الأمريكية المهتدية "مريم جميلة")
------------------------------------------------------------------------------
الجذور العدائية
تنصير الطفولة المسلمة
الأخطبوط التنصيري
أساليب المبشرين
الإسلام يتحدى
أساليب تنصيرية أخرى
المرأة و أسلحة المنصرين
السلبية البغيضة
الجهود التنصيرية في باكستان
مواجهة النشاط التبشيري
ملاحظات عامة على المسيحية
--------------------------------------------------------------------------------
الجذور العدائية
المدخل الوحيد لفهم ظاهرة هجمة وكالات التبشير و مؤسساته على العالم الإسلامي هو عداء الغرب المسيحي للإسلام و المسلمين .. و لنبحث جذور و أسباب العداء استناداً إلى كتابات باحثين غربيين ، و ننقل عن أحدهم قوله إن وجود الإسلام في حد ذاته يثير عميق الانزعاج عند الغرب .. فالإسلام في نظر الغربيين خطر يزيد من حدته غموضه و عدم قابليته للوضع تحت منظار التنبؤ و القياس . و الغرب لم يكن في البداية يستطيع فهم الإسلام ، و لم يجد العون على ذلك من أي مصدر جديد أو قديم . و على الرغم من وجه الشبه الذي لاحظه الغربيون بين الإسلام و اليهودية ـ حسب رأي الباحث الغربي ـ إلا أن اليهودية بتخلفها و خضوعها للمسيحيين لا سيما في العصور الوسطى لم تكن مستعصية على الفهم و الإسقاط من الاعتبار كقوة مهزومة ضعيفة . أما الإسلام فكان حتى العهود الحديثة قوة ناهضة ناجحة متجددة مهما ضربتها المحن . و بالتالي لم يكن الغرب ليستطيع أن يتهكم على دين اعتنقه رجال يُكبرهم الغرب نفسه و لا يشك في حكمتهم كصلاح الدين الأيوبي و الفارابي و ابن سينا.
و يذهب كاتب غربي آخر إلى أن سبب عداء الغرب المسيحي للإسلام يكمن في توسع هذا الدين و مجابهته للنشاط التنصيري و قيامه بالدعوة لجلب الأتباع و المؤمنين . و يقول هذا الباحث و هو عضو في لجنة التبشيربكنيسة اسكتلندا أن الأديان الأخرى كاليهودية و الهندوكية لا تنشر نفسها ، بينما يطرح الإسلام نفسه كدين عالمي و ينافس المسيحية في هذه الدعوة . و يضيف : أن المسلمين الذين أسقطوا الصلبان في الشام و غيرها يتطلعون الآن إلى بناء مساجدهم في قلب انجلترا و إسقاط الصلبان حتى في الكنائس الريفية النائية بذلك البلد . و الإسلام كما يقول الباحث المبشر آخر دين كبير جاء بعد المسيحية ، و عقيدته نسخ هذا الدين و إنكار حقيقته .. و الإسلام هو الدين الوحيد الذي هزم المسيحية في فترات الصراع بينهما ، و هو الوحيد الذي يتصدى لها في أجزاء كثيرة من العالم .. و هو الذي يتحدى المسيحية بإنكار كل مبدأ من مبادئها الكبرى ، و يجعل من هذا الإنكار عقيدة راسخة عنده ، سواءً تعلق الأمر بأبوة الرب أو بنوة المسيح للرب و تجسده و صلبه أو قيامته .. و القرآن جاء ليصحح هذه المفاهيم ، و لا يوجد دين آخر يتخذ هذا الموقف من المسيحية .. و الإسلام فوق هذا و ذاك يحير المسيحية برفضه الاستسلام بعد هزائمه السياسية في العصر الحديث ، و ببساطة عقيدته في التوحيد و خلوها من مظاهر التعقد و الأسرار الكهنوتية .. و المسلمون هم وحدهم الذين يجابهون المسيحية بدين موثوق في أصله التاريخي و بكتاب يؤمنون بأنه وحي سماوي ، و لايستطيع خصومهم أن يشككوا في نسبته إلى الرسول أو في دخول التحريف عليه .
و هكذا نجد أن جذور العداء ضاربة ، و هي لا ترجع إلى طمع اقتصادي أو توسع استعماري بقدر ما تُفسَّر بالخوف أمام تحدي الإسلام الديني و الحضاري و السياسي .. و نرى أن الأطماع الاقتصادية الاستعمارية هي التي تُفسَّر بالعداء للإسلام .. فالغرب يطمع فيما عند المسلمين من موارد لأنه يكرههم و يبغض أن تكون بين أيديهم ، و يريد أن ينتزعها منهم لعلهم ينتكسون و يضيع معهم دينهم . و الغرب يتوسع في أراضيهم ليستأصلهم و يضيع عقيدتهم .. و من هنا نربط بين الاستعمار في العصر الحديث و بين العداء للإسلام و التمكين للنصرانية في بلاد المسلمين.
--------------------------------------------------------------------------------
تنصير الطفولة المسلمة
و نذكر في هذا الصدد كتاب "الطفولة في العالم الإسلامي" الذي ألفه المستشرق و المنصر صمويل زويمر عام 1915 .. و يهلل زويمر لظاهر الاحتلال الإنجليزي للعراق و الإيطالي لليبيا التي كانت تحدث في ذلك الوقت ، و يتنبأ بأنه مع امتداد السيطرة الاستعمارية على العالم الإسلامي من الهند و ما وراءها إلى المغرب ، فإن العادات و التقاليد و القيم و القوانين المسيحية الأوروبية ستنتقل إلى بلاد المسلمين و تهيئهم بعد ذلك لتقبل المسيحية نفسها بعد ضياع الإسلام .. و نستغرب عندما نجد هذا الكاتب ـ الذي يقول عنه تلاميذ المستشرقين عندنا أنه باحث ـ قد جاء ليصفق بيديه فرحاً لانتشار الملابس الغربية بين المسلمين ؛ لأن ارتداء الأحذية و الجوارب ـ كما يقول بالحرف ـ ستزيد من صعوبة الوضوء !!
و يزيد الاستغراب و التساؤل عندما يقول زويمر إن ضياع الاستقلال السياسي للبلدان الإسلامية يتواكب مع ما يسميه بحركة عصرية تدعو إلى تقليد الغرب و نقل نماذجه و مُثُله الفكرية و الاجتماعية .. و يركز على أهمية النظام التعليمي بالنسبة لجهود المبشرين ، حيث يرى أنه يعرف الناشئة و هم في سن الانطباع على حضارة الدين المسيحي .. و يمتدح الحكومات المقامة في البلاد الإسلامية و التي نشرت مثل هذا النظام على حساب التعليم الإسلامي .. و يلمح في هذا الوضع الجديد فرصة لم تتح من قبل منحها الرب ـ حسب قوله ـ لتنصير الطفولة المسلمة . و نتركه يتحدث :-
لقد فقد الإسلام قوته في كل مكان .. و بينما كانت غيرة الحكام المسلمين في السابق تمنع جهود التبشير بين المسلمين أو تعرقلها ، فإن سيف الإسلام الآن قد انكسر و ذلت قلوب المسلمين و خضعت في كل الأرجاء بسبب الكوارث التي قامت بهؤلاء الحكام .. و لا ريب أو وقوع البلدان الإسلامية تحت الحكم الأوروبي بما يعنيه من استقرار الإدارة و التعليم يعني حتمية انهيار المعارضة الإسلامية
.
المفضلات