![](https://www.ebnmaryam.com/Files/Images/images/n_topic.gif)
-
سنتا التدرج والأجل المسمى
بسم الله الرحمن الرحيم
سنتان مهمتان من سنن الله
ومن السنن المهمة التي يغفل عنها المتحمسون والمتعجلون سنتان مهمتان هما:
1- سنة التدرج.
2- وسنة الأجل المسمى.
ســـــــنة التدرج:
فأما التدرج فهو سنة كونية، وسنة شرعية أيضاً.
ولهذا خلق الله السماوات والأرض في ستة أيام، وكان قادراً أن يقول: كوني فتكون، ولكنه خلقها في أيام ستة من أيام الله تعالى، أي في ستة أطوار أو أزمنة يعلمها الله، فليست هي أيامنا هذه إذ هي قبل خلق الشمس والأرض وما يتبعهما من ليل أو نهار.
وكذلك نرى خلق الإنسان والحيوان والنبات، كلها تتدرج في مراحل حتى تبلغ نماءها وكمالها.
فهذا من الناحية الكونية، وأما من الناحية الشرعية، فقد بدأ الإسلام بالدعوة إلى التوحيد وتثبيت العقيدة السليمة، ثم كان التشريع شيئاً فشيئاً. فقد فرضت الفرائض وحرمت المحرمات بالتدريج، كما هو ثابت في فرض الصلاة والصيام والزكاة، وتحريم الخمر وغيرها، ولهذا افترق القرآن المكي عن المدني.
وفي هذا المعنى تقول عائشة رضي الله عنها، واصفة تدرج التشريع ونزول القرآن: "إنما أنزل أول ما أنزل من القرآن سور فيها ذكر الجنة والنار، حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام، نزل الحلال والحرام، ولو نزل أول شيء: لا تشربوا الخمر ولا تزنوا، لقالوا: لا ندع الخمر ولا الزنى أبداً " [رواه البخاري ].
ومن هنا كان على الذين يدعون إلى استئناف الحياة الإسلامية، وإقامة دولة الإسلام في الأرض، أن يراعوا سنة التدرج في تحقيق ما يريدون من أهداف، آخذين في الاعتبار سمو الهدف، ومبلغ الإمكانات، وكثرة المعوقات.
ويحضرني هنا مثل من سيرة الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز خامس الراشدين المهديين المقتدى بهم، فقد أراد عمر أن يعود بالحياة إلى هدي الخلفاء الأربعة وذلك بعد أن يتمكن ويمسك الخيوط في يديه، ولكن كان ابنه الشاب الغيور عبد الملك من الأتقياء المتحمسين، ينكر على أبيه عدم إسراعه في إزالة كل بقايا الانحراف والمظالم والتعفية على آثارها،ورد الأمور إلى سنن الراشدين، فقال له يوماً: مالك يا أبت لا تنفذ الأمور؟ فوالله ما أبالي، لو أن القدور غلت بي وبك في الحق !
فكان جواب الأب الفقيه المؤمن: لا تعجل يا بني، فإن الله ذم الخمر في القرآن مرتين، وحرمها في الثالثة،وإني أخاف أن أحمل الناس على الحق جملة فيدعوه جملة، فيكون من ذا فتنة [الموافقات 2/94 ]
لكل شيء أجل مسمى
والسنة الثانية وهي متممة للسنة السابقة: أن لكل شيء أجلاً مسمى يبلغ فيه نضجه أو كماله،وهذا ينطبق على الماديات والمعنويات فلا ينبغي أن يُستعجل الشيء قبل أن يبلغ أجله المقدر لمثله، فإن الزرع إذا حصد قبل إبانه، والثمر إذا قطف قبل أوانه، لا ينتفع به النفع المرجو، بل قد يضر ولا ينفع.
فإذا كان النبات لا يؤتي أكله إلا بعد أشهر أو سنة، وبعض الشجر لا يثمر قبل سنوات عدة، فبعض الأعمال الكبيرة لا تقطف ثمارها إلا بعد عقود من السنين، وكلما كان العمل عظيماً كانت ثمرته أبطأ، كما قيل: أبطأ الدلاء فيضاً أملؤها.
وقد يبدأ جيل عملاً تأسيسياً ذا شأن، فلا يستفيد إلاّ منه الجيل الثاني أو الثالث أو ما بعد ذلك، ولا ضير في هذا مادام كل شيء يسير في خطه المعلوم وطريقه المرسوم.
وقد كان المشركون في مكة يسخرون من دعوة النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن قوله: إن العاقبة له ولمن آمن به، وإن العذاب لمن صدّ عنه. فكانوا يستعجلونه هذا العذاب الذي خوفهم به، جاهلين أن لكل شيء موعداً لن يخلفه ((ويستعجِلونك بالعذابِ ولولا أجلٌ مسمى لجاءهم العذابُ وليأتينهم بغتةً وهم لا يشعرون )) [العنكبوت:53 ] ((ويستعجلونك بالعذابِ ولن يخلِف الله وعده وإنّ يوماً عند ربِّك كألفِ سنةٍ مما تعدّون )) [الحج:47 ].
ولهذا أمر الله تعالى رسوله الكريم أن يصبر على قومه، كما صبر إخوانه أولو العزم من الرسل من قبل، ولا يستعجل لهم العذاب كما يستعجلون ((فاصبر كما صبر أولوا العزْم مِن الرُسل ولا تستعجل لهم )) [الأحقاف:35 ]
وضرب له وللمؤمنين معه مثلاً بمن خلا قبلهم من أصحاب الرسالات، وكيف صبروا على شدة الابتلاء، وطول الطريق، وصعوبة انتظار النصر ((أمْ حسبتُم أن تدخلوا الجنّة ولما يأتِكم مثل الذين خلوا مِن قبلكم مسّتْهم البأساء والضرّاء وزُلزِلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إنّ نصر الله قريبُ )) [البقرة:214 ]
أجل، إن نصر الله قريب، ولكن له موعد وأجل مسمى عند ربنا، ولا يعجل الله بعجلة أحد من خلقه.
ومن أجل ذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يوصي أصحابه بالصبر، ويربيهم عليه، وألا يستعجلوا النصر قبل أوانه.
ولما شكا إليه خباب بن الأرت ما يلقى من شدة الأذى في سبيل الإسلام قائلاً: ألا تدعو لنا يا رسول الله؟ ألا تستنصر لنا؟ غضب النبي صلى الله عليه وسلم ، وجلس محمراً وجهه وقال: "إن من كان قبلكم ليمشط بأمشاط الحديد ما دون عظمه من لحم وعصب، وينشر أحدهم بالمنشار فرقتين ما يصرفه ذلك عن دينه، والله ليظهرن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت، لا يخاف إلا الله، والذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون!! " [رواه البخاري ].
من كتاب الدعوة بين الصحوة والتطرف لفضيلة الدكتور العلامة يوسف القرضاوي
التعديل الأخير تم بواسطة فداء الرسول ; 20-05-2010 الساعة 12:12 AM
تحمَّلتُ وحديَ مـا لا أُطيـقْ من الإغترابِ وهَـمِّ الطريـقْ
اللهم اني اسالك في هذه الساعة ان كانت جوليان في سرور فزدها في سرورها ومن نعيمك عليها . وان كانت جوليان في عذاب فنجها من عذابك وانت الغني الحميد برحمتك يا ارحم الراحمين
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة *اسلامي عزي* في المنتدى حقائق حول الكتاب المقدس
مشاركات: 14
آخر مشاركة: 23-07-2016, 11:25 PM
-
بواسطة جند الحق في المنتدى المنتدى الإسلامي
مشاركات: 3
آخر مشاركة: 11-08-2014, 11:59 AM
-
بواسطة محمد مسلم 2010 في المنتدى منتدى نصرانيات
مشاركات: 2
آخر مشاركة: 31-07-2010, 10:00 PM
-
بواسطة kholio5 في المنتدى منتدى نصرانيات
مشاركات: 5
آخر مشاركة: 25-12-2008, 02:21 AM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
![سنتا التدرج والأجل المسمى](http://www.ebnmaryam.com/Files/Images/Form/magless.gif)
المفضلات