سلسلة إثبات التحريف في كتاب النصارى

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

    

 

 

    

 

سلسلة إثبات التحريف في كتاب النصارى

صفحة 4 من 8 الأولىالأولى ... 3 4 5 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 31 إلى 40 من 80

الموضوع: سلسلة إثبات التحريف في كتاب النصارى

العرض المتطور

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Apr 2006
    المشاركات
    4,740
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    26-11-2016
    على الساعة
    06:52 PM

    افتراضي

    إنجيل متى


    وهو أول إنجيل يطالعك وأنت تقرأ في الكتاب المقدس، ويتكون هذا الإنجيل من ثمانية وعشرين إصحاحاً تحكي عن حياة المسيح ومواعظه من الميلاد وحتى الصعود إلى السماء.

    وتنسبه الكنيسة للحواري متّى أحد التلاميذ الاثني عشر الذين اصطفاهم المسيح، وتزعم أن هذا الكتاب قد ألهمه من الروح القدس. وترجح المصادر أن متى كتب إنجيله لأهل فلسطين، أي لليهود المتنصرين، وتختلف المصادر اختلافاً كبيراً في تحديد تاريخ كتابته، لكنها تكاد تجمع على أنه كتب بين 37 - 64م.

    وأما لغة كتابة هذا الإنجيل فيكاد المحققون يُجمعون على أنها العبرانية، ورأى بعضهم بأنها السريانية أو اليونانية.

    ولعل أهم الشهادات التاريخية لهذا الإنجيل شهادة أسقف هرابوليس الأسقف بابياس 155م حين قال: " قد كتب متى الأقوال بالعبرانية، ثم ترجمها كل واحد إلى اليونانية حسب استطاعته " كما يقول ايريناوس أسقف ليون 200م بأن متى وضع إنجيلاً للعبرانيين كتب بلغتهم.

    ولما كانت جميع مخطوطات الإنجيل الموجودة يونانية فقد تساءل المحققون عن مترجم الأصل العبراني إلى اليونانية، وفي ذلك أقوال كثيرة لا دليل عليها البتة، فقيل بأن ترجمه متى نفسه، وقيل: بل يوحنا الإنجيلي، وقيل غيرهما.

    والصحيح ما قاله القديس جيروم ( 420م ) " الذي ترجم متى من العبرانية إلى اليونانية غير معروف"، بل لعل مترجمه أكثر من واحد كما قال بابياس.

    وقد قال نورتن الملقب " بحامي الإنجيل " عن عمل هذا المترجم المجهول : " إن مترجم متى كان حاطب ليل، ما كان يميز بين الرطب واليابس. فما في المتن من الصحيح والغلط ترجمه".

    التعريف بمتى


    فمن هو متى ؟ وما صلته بالإنجيل المنسوب إليه؟ وهل يحوي هذا الإنجيل كلمة الله ووحيه ؟

    في الإجابة عن هذه الأسئلة تناقل المحققون ماذكره علماء النصارى في ترجمة متى، فهو أحد التلاميذ الإثني عشر، وكان يعمل عشاراً في كفر ناحوم، وقد تبع المسيح بعد ذلك.

    وتذكر المصادر التاريخية أنه رحل إلى الحبشة، وقتل فيها عام 70 م، ولم يرد له ذكر في العهد الجديد سوى مرتين، أما المرة الأولى فعندما نادى عليه المسيح، وهو في مكان عمله في الجباية ( انظر متى 10/3). والثانية في سياق تعداد أسماء التلاميذ الاثني عشر. (انظر متى 10/3، ولوقا 6/15).

    ويجدر أن نذكر أن مرقس ولوقا يذكران أن العشار الذي لقيه المسيح في محل الجباية هو لاوي بن حلفي
    ( انظر مرقس 2/15، ولوقا 5/27 ) ولم يذكرا اسم متى. وتزعم الكنيسة – بلا دليل- أن لاوي بن حلفي هو اسم آخر لمتى العشار.

    يقول جون فنتون مفسر إنجيل متى وعميد كلية اللاهوت بلينشفيلد بأنه لا يوجد دليل على أن متى هو اسم التنصير للاوي، ويرى أنه من المحتمل " أنه كانت هناك بعض الصلات بين متى التلميذ والكنيسة التي كتب من أجلها هذا الإنجيل، ولهذا فإن مؤلف هذا الإنجيل نسب عمله إلى مؤسس تلك الكنيسة أو معلمها الذي كان اسمه متى، ويحتمل أن المبشر كاتب الإنجيل قد اغتنم الفرصة التي أعطاه إياها مرقس عند الكلام على دعوة أحد التلاميذ، فربطها بذلك التلميذ الخاص أحد الإثني عشر ( متى ) الذي وقره باعتباره رسول الكنيسة التي يتبعها ".

    أدلة الكنيسة على صحة نسبة الإنجيل إلى متى


    وتؤكد الكنيسة بأن متى هو كاتب الإنجيل، وتستند لأمور ذكرها محررو قاموس الكتاب المقدس، أهمها :
    " الشواهد والبينات الواضحة من نهج الكتابة بأن المؤلف يهودي متنصر ".

    وأيضاً " لا يعقل أن إنجيلاً خطيراً كهذا - هو في مقدمة الأناجيل - ينسب إلى شخص مجهول، وبالأحرى أن ينسب إلى أحد تلاميذ المسيح ".

    وأيضاً " يذكر بابياس " في القرن الثاني الميلادي أن متى قد جمع أقوال المسيح ".

    وأخيراً " من المسلم به أن الجابي عادة يحتفظ بالسجلات، لأن هذا من أهم واجباته لتقديم الحسابات، وكذلك فإن هذا الإنجيلي قد احتفظ بأقوال المسيح بكل دقة ".

    ملاحظات على إنجيل متى


    ومن خلال تأمل ما سبق رأى المحققون أنه ليس ثمة دليل حقيقي عند النصارى على صحة نسبة الإنجيل لمتى، إذ ليس بالضرورة أن يكتب الجابي معلوماته الدينية كما يكتب متعلقات عمله، كما أن كتابة متى لأقوال المسيح لا تفيد صحة نسبة الإنجيل المنسوب إليه اليوم.

    بل إن الأدلة قامت على أن الكاتب لهذا الإنجيل ليس من تلاميذ المسيح. إذ في الإنجيل أموراً كثيرة تدل على أن كاتبه ليس متى الحواري، ومن هذه الأدلة :

    - أن متى اعتمد في إنجيله على إنجيل مرقس، فقد نقل من مرقس 600 فقرة من فقرات مرقس الستمائة والاثني عشر، كما اعتمد على وثيقة أخرى يسميها المحققون M .

    يقول ج ب فيلبس في مقدمته لإنجيل متى : " إن القديس متى كان يقتبس من إنجيل القديس مرقس، وكان ينقحه محاولاً الوصول إلى تصور أحسن وأفضل لله ".

    ويضيف القس فهيم عزيز أن اعتماد متى على مرقس حقيقة معروفة لدى جميع الدارسين. فإذا كان متى التلميذ هو كاتب الإنجيل فكيف ينقل عن مرقس الذي كان عمره عشر سنوات أيام دعوة المسيح ؟ كيف لأحد التلاميذ الاثني عشر أن ينقل عنه؟ هل ينقل الشاهد المعاين للأحداث عن الغائب الذي لم يشهدها!؟

    - ثم إن إنجيل متى يذكر متى العشار مرتين، ولم يشر من قريب أو بعيد إلى أنه الكاتب، فقد ذكر اسمه وسط قائمة التلاميذ الاثني عشر، ولم يجعله أولاً ولا آخراً، ثم لما تحدث عن اتباعه للمسيح استخدم صيغة الغائب، فقال: "وفيما يسوع مجتاز هناك رأى إنساناً جالساً عند مكان الجباية اسمه متى فقال له : اتبعني فقام وتبعه" ( متى 9/9 ).

    ولو كان متى هو الكاتب لقال : " قال لي "، " تبعته " " رآني "، فدل ذلك على أن متى ليس هو كاتب الإنجيل.

    - ثم إن التمعن في الإنجيل يبين مدى الثقافة التوراتية الواسعة التي جعلت منه أكثر الإنجيليين اهتماماً بالنبوءات التوراتية عن المسيح، وهذا لا يتصور أن يصدر من عامل ضرائب، فهذا الكاتب لن يكون متى العشار. يقول أ. تريكو في شرحه للعهد الجديد (1960م ): إن الاعتقاد بأن متى هو عشار في كفر ناحوم ناداه عيسى ليتعلم منه، لم يعد مقبولاً، خلافاً لما يزعمه آباء الكنيسة.

    منكرو نسبة الإنجيل إلى التلميذ متى


    وقد أنكر كثير من علماء المسيحية في القديم والحديث صحة نسبة الإنجيل لمتى، يقول فاستس في القرن الرابع : " إن الإنجيل المنسوب إلى متى ليس من تصنيفه "، وكذا يرى القديس وليمس. والأب ديدون في كتابه " حياة المسيح".

    ويقول ج ب فيلبس في مقدمته لإنجيل متى: " نسب التراث القديم هذه البشارة إلى الحواري متى، ولكن معظم علماء اليوم يرفضون هذا الرأي ".

    ويقول البرفسور هارنج : إن إنجيل متى ليس من تأليف متى الحواري، بل هو لمؤلف مجهول أخفى شخصيته لغرض ما.

    وجاء في مقدمة إنجيل متى للكاثوليك : " أما المؤلف، فالإنجيل لا يذكر عنه شيئاً وتقاليد الكنيسة تنسبه إلى الرسول متى، ولكن البحث في الإنجيل لا يثبت ذلك الرأي أو يبطله على وجه حاسم ".

    ويقول القس فهيم عزيز عن كاتب متى المجهول: " لا نستطيع أن نعطيه اسماً، وقد يكون متى الرسول، وقد يكون غيره ".

    ويقول المفسر جون فنتون في تفسيره لإنجيل متى عن كاتب متى : " إن ربط شخصيته كمؤلف بهذا التلميذ إنما هي بالتأكيد محض خيال ".

    وقد طعنت في صحة نسبة الإنجيل أو بعضه لمتّى فرق مسيحية قديمة، فقد كانت الفرقة الأبيونية ترى البابين الأولين لإنجيل متى إلحاقيين، ومثلها فرقة يوني تيرين، ويرون أن البداية الحقيقية لهذا الإنجيل قوله: " في تلك الأيام جاء يوحنا المعمداني.. " ( متى 3/1 ) فتكون بداية الإنجيل قصة يوحنا المعمداني كما هو الحال في مرقس ويوحنا، ويدل لذلك أيضاً أن قوله " في تلك الأيام " لا يمكن عوده على ما في الإصحاحين السابقين، إذ كان الحديث في آخر الإصحاح الثاني عن قتل هيرودس للأطفال بعد ولادة المسيح، وهو زمن طفولة المسيح والمعمدان الذي يكبره بستة أشهر، بينما الإصحاح الثالث يتحدث عن دعوة المعمدان - أي وهو شاب -، وهذا يعني وجود سقط أو حذف قبل الإصحاح الثالث، أو أنه البداية الحقيقية للإنجيل.

    من الكاتب الحقيقي لإنجيل متى؟


    وإذا لم يكن متى هو كاتب الإنجيل المنسوب إليه، فمن هو كاتب هذا الإنجيل ؟

    في الإجابة عن السؤال نقول: نتائج الدراسات الغربية التي أكدت أن هذا الإنجيل قد كتبه غير متى التلميذ، ونسبه إليه منذ القرن الثاني، ولربما يكون هذا الكاتب تلميذاً في مدرسة متى.

    ويحاول كولمان وشراح الترجمة المسكونية تحديد بعض الملامح لهذا الكاتب، فالكاتب - كما يظهر في إنجيله - مسيحي يهودي يربط بين التوراة وحياة المسيح، وهو كما يصفه كولمان : يقطع الحبال التي تربطه باليهودية مع حرصه على الاستمرار في خط العهد القديم، فهو كاتب يهودي يحترم الناموس، ويعتبر بذلك من البعيدين عن مدرسة بولس الذي لا يحترم الناموس، بينما يقول هذا الكاتب " فمن نقض إحدى هذه الوصايا الصغرى وعلم الناس، هكذا يدعى أصغر في ملكوت السماوات " ( متى 5/19 ).

    ويرجح كولمان أيضاً أنه عاش في فلسطين، ويرجح فنتون أنه " كتب في حوالي الفترة من 85 - 105م " (متّى مات سنة70م)، وهو يقارب ما ذهب إليه البرفسور هارنج حين قال: " إن إنجيل متى ألف بين 80 - 100م ".

    ولو تساءلنا أين الإنجيل الذي كتبه متى كما جاء في شهادة بابياس في القرن الثاني الميلادي؟

    وفي الإجابة عن السؤال نقول: ذكر بابياس أن متى كتب وجمع أقوال المسيح، وما نراه في الإنجيل اليوم هو قصة كاملة عن المسيح، وليس جمعاً لأقواله، كما أن عدم صحة نسبة هذا الإنجيل له لا تمنع من وجود إنجيل آخر قد كتبه، ولعل من المهم أن نذكر بأن في الأناجيل التي رفضتها الكنيسة إنجيلاً يسمى إنجيل متى، فلعل بابياس عناه بقوله.

    وهكذا رأى المحققون أن ثمة أموراً تمنع القول بأن هذا الإنجيل هو كلمة الله ووحيه وهديه، فهو - وكما يقول الشيخ أبو زهرة - إنجيل " مجهول الكاتب، ومختلف في تاريخ كتابته، ولغة الكتابة، ومكانها، وتحديد من كتب له هذا الإنجيل، ثم شخصية المترجم وحاله من صلاح أو غيره وعلم بالدين، واللغتين التي ترجم عنها، والتي ترجم إليها، كل هذا يؤدي إلى فقد حلقات في البحث العلمي".

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2006
    المشاركات
    4,740
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    26-11-2016
    على الساعة
    06:52 PM

    افتراضي

    إنجيل مرقس


    ثاني الأناجيل التي تطالعنا في العهد الجديد، وينسب لمرقس. فمن هو مرقس؟ وماذا عن كاتب هذا الإنجيل؟ وهل تصح نسبته لمؤلفه ؟ يتكون إنجيل مرقس من ستة عشر إصحاحاً، تحكي قصة المسيح من لدن تعميده على يد يوحنا المعمداني إلى قيامة المسيح بعد قتله على الصليب.

    وهو أقصر الأناجيل - ويعتبره النقاد - كما يقول ولس - أصح إنجيل يتحدث عن حياة المسيح، ويكاد يجمع النقاد على أنه أول الأناجيل تأليفاً، وأن إنجيل متى ولوقا قد نقلا عنه.

    يقول العالم رويس الألماني : إنه كان الأصل الذي اقتبس منه إنجيلا متى ولوقا، وهذا الإنجيل هو الوحيد بين الأناجيل المسمى بإنجيل المسيح، إذ أول فقرة فيه " بدء إنجيل يسوع المسيح ابن الله" ( مرقس 1/1 ).

    وتزعم المصادر النصرانية أن مرقس كتب إنجيله في روما، ولعله في الإسكندرية، وأن كتابته تمت - على اختلاف في هذه المصادر - بين عام 39 - 75م، وإن رجح أكثرها أن كتابته بين 44 - 75م معتمدين على شهادة المؤرخ ايرينايوس الذي قال : " إن مرقس كتب إنجيل بعد موت بطرس وبولس ".

    ويرى الناقد اليهودي سبينوزا أن هذا الإنجيل كتب مرتين إحداهما قبل عام 180م والثانية بعده.

    وأما لغة هذا الإنجيل، فتكاد المصادر تتفق على أنها اليونانية، وذكر بعضهم أنها الرومانية أو اللاتينية.

    وأقدم ذكر لهذا الإنجيل ورد على لسان المؤرخ بابياس ( 140م ) حين قال : " إن مرقس ألف إنجيله من ذكريات نقلها إليه بطرس ".

    من هو مرقس؟


    وتناقل المحققون ما رددته المصادر النصرانية في ترجمة مرقس، والتي يجمعها ما جاء في قاموس الكتاب المقدس عنه، فهو الملقب بمرقس، واسمه يوحنا، وقد رافق مرقس برنابا وبولس في رحلتهما، ثم فارقهما، ثم عاد لمرافقة بولس.

    ويتفق المترجمون له على أنه كان مترجماً لبطرس الذي له علاقة بهذا الإنجيل.

    ويذكر المؤرخ يوسيبوس أنه - أي مرقس - أول من نادى برسالة الإنجيل في الإسكندرية، وأنه قتل فيها.

    قال بطرس قرماج في كتابه " مروج الأخبار في تراجم الأبرار " عن مرقس : "كان ينكر ألوهية المسيح ".

    ملاحظات على إنجيل مرقس


    وقد توقف المحققون ملياً مع هذا الإنجيل وكاتبه، وكانت لهم ملاحظات :

    أن مرقس ليس من تلاميذ المسيح، بل هو من تلاميذ بولس وبطرس. يقول المفسر دنيس نينهام مفسر مرقس : " لم يوجد أحد بهذا الاسم عرف أنه كان على صلة وثيقة، وعلاقة خاصة بيسوع، أو كانت له شهرة خاصة في الكنيسة الأولى ".

    وثمة دليل قوي آخر هو شهادة المؤرخ بابياس ( 140م ) حين قال : " اعتاد الشيخ يوحنا أن يقول : إذ أصبح مرقس ترجماناً لبطرس دون بكل تدقيق كل ما تذكره، ولم يكن مع هذا بنفس الترتيب المضبوط ما رواه من أقوال وأفعال يسوع المسيح، وذلك لأنه لم يسمع من السيد المسيح فضلاً عن أنه لم يرافقه، ولكن بالتبعية كما قلت، التحق ببطرس الذي أخذ يصوغ تعاليم يسوع المسيح لتوائم حاجة المستمعين، وليس بعمل رواية وثيقة الصلة بيسوع وعن يسوع لأحاديثه ".

    ويقول المفسر دنيس نينهام: " من غير المؤكد صحة القول المأثور الذي يحدد مرقس كاتب الإنجيل بأنه يوحنا مرقس المذكور في أعمال الرسل ( 12/12، 25 )... أو أنه مرقس المذكور في رسالة بطرس الأولى
    ( 5/13 ).. أو أنه مرقس المذكور في رسائل بولس...

    لقد كان من عادة الكنيسة الأولى أن تفترض جميع الأحداث التي ترتبط باسم فرد ورد ذكره في العهد الجديد، إنما ترجع جميعها إلى شخص واحد له هذا الاسم، ولكن عندما نتذكر أن اسم مرقس كان أكثر الأسماء اللاتينية شيوعاً في الإمبراطورية الرومانية، فعندئذ نتحقق من مقدار الشك في تحديد الشخصية في هذه الحالة

    وأهم مسألة شغلت الباحثين بخصوص هذا الإنجيل خاتمته، فإن خاتمة هذا الإنجيل (16/9 - 20 ) غير موجودة في المخطوطات القديمة المهمة كمخطوطة الفاتيكان والمخطوطة السينائية.

    ويقول وليم باركلي: إن النهاية المشهورة - علاوة على عدم وجودها في النسخ الأصلية القديمة - فإن أسلوبها اللغوي يختلف عن بقية الإنجيل، وقد اعتبرتها النسخة الإنجليزية القياسية المراجعة فقرات غير موثوق فيها،

    ونقل رحمة الله الهندي عن القديس ( جيروم ) في القرن الخامس أنه ذكر بأن الآباء الأوائل كانوا يشكون في هذه الخاتمة.

    وعن الخاتمة الموجودة يقول الأب كسينجر: " لابد أنه قد حدث حذف للآيات الأخيرة عند الاستقبال الرسمي ( النشر للعامة ) لكتاب مرقس في الجماعة التي ضمنته.

    وبعد أن جرت بين الأيدي الكتابات المتشابهة لمتى ولوقا ويوحنا، تم توليف خاتمة محترمة لمرقس بالعناصر من هنا ومن هناك لدى المبشرين الآخرين.. وذلك يسمح بتكوين فكرة عن الحرية التي كانوا يعالجون بها الأناجيل ".

    ويعلق موريس بوكاي قائلاً: " ياله من اعتراف صريح بوجود التغييرات التي قام بها البشر على النصوص المقدسة".

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Apr 2006
    المشاركات
    4,740
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    26-11-2016
    على الساعة
    06:52 PM

    افتراضي

    إنجيل لوقا


    هو ثالث الأناجيل وأطولها، ويتكون من أربعة وعشرين إصحاحاً يتحدث الإصحاحان الأولان عن النبي يحيى وولادة المسيح، ثم تكمل بقية الإصحاحات سيرة المسيح إلى القيامة بعد الصلب.

    وأما كتابة هذا الإنجيل فتختلف المصادر في تحديد زمنها بين 53 - 80 م، وقد اعتمد الكاتب في مصادره على مرقس، فنقل عنه ثلاثمائة وخمسين من فقراته التي بلغت ستمائة وإحدى وستين فقرة، كما نقل عن متى أو عن مصدر آخر مشترك بينه وبين متى.

    من هو لوقا ؟


    وتنسب الكنيسة هذا الإنجيل إلى القديس لوقا، ولا تذكر المصادر النصرانية الكثير عن ترجمته، لكنها تتفق على أنه لم يكن من تلاميذ المسيح كما يتضح من مقدمته إذ يقول : " إذ كان كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة عندنا، كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخداماً للكلمة " ( لوقا 1/1-2).

    وتتفق المصادر أيضاً في أنه لم يكن يهودياً، وأنه رفيق بولس المذكور في كولوسي 4/14 وغيرها، وأنه كتب إنجيله من أجل صديقه ثاوفيلس " أكتب على التوالي إليك أيها العزيز ثاوفيلس، لتعرف صحة الكلام الذي علِّمت به " ( لوقا 1/3 - 4 ).

    وتختلف المصادر في تحديد شخصية ثاوفيلس، فقال بعضهم: كان من كبار الموظفين الرومان. وقال آخرون: من اليونان. وقال آخرون: بل كان مصرياً من أهل الإسكندرية، وتكاد المصادر تتفق على أنه كتب له باليونانية.

    وأما لوقا، فقيل بأنه كان رومانياً. وقيل إنطاكياً، وقيل غير ذلك.

    وعن مهنته، قيل بأنه كان طبيباً، وقيل: كان مصوراً، لكنه على أي حال مثقف وهو كاتب قصص ماهر.

    ملاحظات على إنجيل لوقا


    ويلحظ المحققون على إنجيل لوقا ملاحظات، أهمها :

    -1أن مقدمته تتحدث عن رسالة طابعها شخصي، وأنها تعتمد على اجتهاده لا على إلهام وحي، وكان قد لاحظ ذلك أيضاً عدد من محققي النصرانية، فأنكروا إلهامية هذا الإنجيل، منهم مستر كدل في كتابه " رسالة الإلهام " ومثله واتسن، ونسب هذا القول للقدماء من العلماء، وقال القديس أغسطينوس : " إني لم أكن أؤمن بالإنجيل لو لم تسلمني إياه الكنيسة المقدسة".

    -2شك كثير من الباحثين في الإصحاحين الأولين من هذا الإنجيل، بل إن هذا الشك كما ذكر جيروم يمتد إلى الآباء الأوائل للكنيسة، وكذلك فرقة مارسيوني فليس في نسختها هذان الإصحاحان.

    ويؤكد المحققون بأن لوقا لم يكتب هذين الإصحاحين، لأنه يقول في أعمال الرسل " الكلام الأول أنشأته يا ثاوفيلس عن جميع ما ابتدأ يسوع " ( أعمال 1/1) أي معجزاته، بدليل تكملة النص " ما ابتدأ يسوع يعلم به إلى اليوم الذي ارتفع فيه " ( أعمال 1/2)، والإصحاحان الأولان إنما يتكلمان عن ولادة المسيح، لا عن أعماله. ونقل وارد كاثلك عن جيروم قوله : بأن بعض العلماء المتقدمين كانوا يشكون أيضاً في الباب الثاني والعشرين من هذا الإنجيل.

    وهكذا نرى للإنجيل أربعة من الكتاب تناوبوا في كتابة فقراته وإصحاحاته.

    -3إن الغموض يلف شخصيته، فهو غير معروف البلد ولا المهنة ولا الجهة التي كتب لها إنجيله تحديداً، ولا تاريخ الكتابة و.... المعروف فقط أنه من تلاميذ بولس، وأنه لم يلق المسيح، فكيف يصح الاحتجاج بمن هذا حاله وكيف يجعل كلامه مقدساً ؟

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Apr 2006
    المشاركات
    4,740
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    26-11-2016
    على الساعة
    06:52 PM

    افتراضي

    إنجيل يوحنا


    رابع الأناجيل إنجيل يوحنا، وهو أكثر الأناجيل إثارة وأهمية، إذ أن هذا الإنجيل كتب لإثبات لاهوت المسيح.

    ويتكون هذا الإنجيل من واحد وعشرين إصحاحاً تتحدث عن المسيح بنمط مختلف عن الأناجيل الثلاثة، ويرى المحققون أن كتابته جرت بين 68 - 98م، وقيل بعد ذلك، وتنسب الكنيسة هذا الإنجيل ليوحنا الصياد.

    ولغة هذا الإنجيل - باتفاق - هي اليونانية، واختلف في مكان كتابته، والأغلب أنه في تركيا - وتحديداً في أفسس أو أنطاكيا -، وقيل الإسكندرية

    من هو يوحنا الصياد؟


    يوحنا بن زبدي الصياد، وهو صياد سمك جليلي، تبع وأخوه يعقوب المسيح، كما أن والدته سالومة كانت من القريبات إلى المسيح، ويرجح محررو القاموس بأنها أخت مريم والدة المسيح، وقد عاش حتى أواخر القرن الميلادي الأول، ويذهب المؤرخ ايرنيموس إلى أنه عاش إلى سنة 98م، وتذكر الكنيسة أنه كتب إنجيله في أفسس قبيل وفاته.

    أدلة النصارى على نسبة الإنجيل إلى يوحنا


    وتستدل الكنيسة لتصحيح نسبة هذا الإنجيل بأدلة ذكرها محررو قاموس الكتاب المقدس وهي:

    " (1) كان كاتب الإنجيل يهودياً فلسطينياً، ويظهر هذا من معرفته الدقيقة التفصيلية لجغرافية فلسطين، والأماكن المتعددة في أورشليم وتاريخ وعادات اليهود …ويظهر من الأسلوب اليوناني للإنجيل بعض التأثيرات السامية.

    (2) كان الكاتب واحداً من تلاميذ المسيح، ويظهر هذا من استخدامه المتكلم الجمع.. وفي ذكر كثير من التفاصيل الخاصة بعمل المسيح ومشاعر تلاميذه... ويتضح من يوحنا ( 21/24 ) أن كاتب هذا الإنجيل كان واحداً من تلاميذ المسيح.

    (3) كان كاتب الإنجيل هو التلميذ الذي كان المسيح يحبه.. وكان هذا التلميذ هو يوحنا نفسه "

    ويتحدث مؤلف الإنجيل عن سبب تأليفه له فيقول: " أما هذه فقد كتبت لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن الله، ولكي تكون - إذا آمنتم - حياة باسمه " ( يوحنا 20/31 ) ".

    ويوضح محررو قاموس الكتاب المقدس فيقولون : " كان الداعي الآخر إلى كتابة الإنجيل الرابع تثبيت الكنيسة الأولى في الإيمان بحقيقة لاهوت المسيح وناسوته، ودحض البدع المضلة التي كان فسادها آنذاك قد تسرب إلى الكنيسة، كبدع الدوكينيين والغنوصيين والكيرنثيين والأبيونيين...ولهذا كانت غايته إثبات لاهوت المسيح ".

    وقد لقي هذا الإنجيل معارضة شديدة للإقرار بقانونيته، فاندفع د. بوست في قاموس الكتاب المقدس يدافع عنه ويقول: " وقد أنكر بعض الكفار قانونية هذا الإنجيل لكراهتهم تعليمه الروحي، ولا سيما تصريحه الواضح بلاهوت المسيح، غير أن الشهادة بصحته كافية.

    فإن بطرس يشير إلى آية منه ( بطرس (2) 1/14، يوحنا 21/18 ) وأغناطيوس وبوليكرس يقتطفان من روحه وفحواه، وكذلك الرسالة إلى ديوكينتس وباسيلوس وجوستينوس الشهيد وتايناس، وهذه الشواهد يرجع بنا زمانها إلى منتصف القرن الثاني.

    وبناءً على هذه الشهادات، وعلى نفس كتابه الذي يوافق ما نعلمه من سيرة يوحنا نحكم بأنه من قلمه، وإلا فكاتبه من المكر والغش على جانب عظيم، وهذا الأمر يعسر تصديقه، لأن الذي يقصد أن يغش العالم لا يكون روحياً".

    ويوضح محررو قاموس الكتاب المقدس فيقولون : " كان الداعي الآخر إلى كتابة الإنجيل الرابع تثبيت الكنيسة الأولى في الإيمان بحقيقة لاهوت المسيح وناسوته، ودحض البدع المضلة التي كان فسادها آنذاك قد تسرب إلى الكنيسة، كبدع الدوكينيين والغنوصيين والكيرنثيين والأبيونيين...ولهذا كانت غايته إثبات لاهوت المسيح ".

    وقد لقي هذا الإنجيل معارضة شديدة للإقرار بقانونيته، فاندفع د. بوست في قاموس الكتاب المقدس يدافع عنه ويقول: " وقد أنكر بعض الكفار قانونية هذا الإنجيل لكراهتهم تعليمه الروحي، ولا سيما تصريحه الواضح بلاهوت المسيح، غير أن الشهادة بصحته كافية.

    فإن بطرس يشير إلى آية منه ( بطرس (2) 1/14، يوحنا 21/18 ) وأغناطيوس وبوليكرس يقتطفان من روحه وفحواه، وكذلك الرسالة إلى ديوكينتس وباسيلوس وجوستينوس الشهيد وتايناس، وهذه الشواهد يرجع بنا زمانها إلى منتصف القرن الثاني.

    وبناءً على هذه الشهادات، وعلى نفس كتابه الذي يوافق ما نعلمه من سيرة يوحنا نحكم بأنه من قلمه، وإلا فكاتبه من المكر والغش على جانب عظيم، وهذا الأمر يعسر تصديقه، لأن الذي يقصد أن يغش العالم لا يكون روحياً".

    إنكار صحة نسبة الإنجيل إلى يوحنا


    وتوجهت جهود المحققين لدراسة نسبة الإنجيل ليوحنا، ومعرفة الكاتب الحقيقي له، فقد أنكر المحققون نسبة الإنجيل ليوحنا الحواري، واستندوا في ذلك إلى أمور منها :

    -1- أن ثمة إنكار قديماً لصحة نسبته ليوحنا، وقد جاء هذا الإنكار على لسان عدد من الفرق النصرانية القديمة، منها فرقة ألوجين في القرن الثاني، يقول صاحب كتاب ( رب المجد ) : " وجد منكرو لاهوت المسيح أن بشارة يوحنا هي عقبة كؤود، وحجر عثرة في سبيلهم، ففي الأجيال الأولى رفض الهراطقة
    يوحنا ".

    وتقول دائرة المعارف البريطانية: " هناك شهادة إيجابية في حق أولئك الذين ينتقدون إنجيل يوحنا، وهي أنه كانت هناك في آسيا الصغرى طائفة من المسيحيين ترفض الاعتراف بكونه تأليف يوحنا، وذلك في نحو 165م، وكانت تعزوه إلى سرنتهن (الملحد)، ولا شك أن عزوها هذا كان خاطئاً.

    لكن السؤال عن هذه الطبقة المسيحية البالغة في كثرة عددها إلى أن رآه سانت اييفانيوس جديرة بالحديث الطويل عنها في ( 374 - 377م ) " أسماها القس " ألوغي " ( أي معارضة الإنجيل ذي الكلمة ).

    لئن كانت أصلية إنجيل يوحنا فوق كل شبهة، فهل كانت مثل هذه الطبقة لتتخذ نحوه أمثال هذه النظريات في مثل هذا العصر، ومثل هذا البلد ؟ لا وكلا ".

    ومما يؤكد خطأ نسبة هذا الإنجيل إلى يوحنا أن جاستن مارتر في منتصف القرن الثاني تحدث عن يوحنا، ولم يذكر أن له إنجيلاً، واقتبس فيلمو - 165م - من إنجيل يوحنا، ولم ينسبه إليه.

    وقد أُنكر نسبة الإنجيل أمام أرينيوس تلميذ بوليكارب الذي كان تلميذاً ليوحنا، فلم ينكر أرينيوس على المنكرين، ويبعد كل البعد أن يكون قد سمع من بوليكارب بوجود إنجيل ليوحنا، ثم لا يدافع عنه.

    وقد استمر إنكار المحققين نسبة هذا الإنجيل عصوراً متلاحقة، فجاءت الشهادات تلو الشهادات تنكر نسبته ليوحنا. منها ما جاء في دائرة المعارف الفرنسية : " ينسب ليوحنا هذا الإنجيل وثلاثة أسفار أخرى من العهد الجديد، ولكن البحوث الحديثة في مسائل الأديان لا تسلم بصحة هذه النسبة".

    ويقول القس الهندي بركة الله : " الحق أن العلماء باتوا لا يعترفون دونما بحث وتمحيص بالنظرية القائلة بأن مؤلف الإنجيل الرابع كان القديس يوحنا بن زبدي الرسول، ونرى النقاد بصورة عامة على خلاف هذه النظرية ".

    وعند تفحص الإنجيل أيضاً تجد ما يمتنع معه نسبته الإنجيل للحواري يوحنا، فالإنجيل يظهر بأسلوب غنوصي يتحدث عن نظرية الفيض المعروفة عند فيلون الإسكندراني، ولا يمكن لصائد السمك يوحنا أن يكتبه، خاصة أن يوحنا عامي كما وصفه سفر أعمال الرسل " فلما رأوا مجاهرة بطرس ويوحنا، ووجدوا أنهما إنسانان عديما العلم وعاميان تعجبوا " ( أعمال 4/13 ).

    وتقول دائرة المعارف البريطانية : " أما إنجيل يوحنا، فإنه لا مرية ولا شك كتاب مزور، أراد صاحبه مضادة حواريين لبعضهما، وهما القديسان متى ويوحنا.... وإنا لنرأف ونشفق على الذين يبذلون منتهى جهدهم، وليربطوا ولو بأوهى رابطة ذلك الرجل الفلسفي الذي ألّف هذا الكتاب في الجيل الثاني بالحواري يوحنا الصياد الجليلي، فإن أعمالهم تضيع عليهم سدى، لخبطهم على غير هدى ".

    وأما ما جاء في خاتمة الإنجيل مما استدل به القائلون بأن يوحنا هو كاتب الإنجيل وهو قوله: "هذا هو التلميذ الذي يشهد بهذا، وكتب هذا، ونعلم أن شهادته حق " ( يوحنا 21 / 24 ). فهذه الفقرة كما يقول المحققون دليل على عدم صحة نسبة الإنجيل ليوحنا، إذ هي تتحدث عن يوحنا بصيغة الغائب.

    ويرى ويست أن هذه الفقرة كانت في الحاشية، وأضيفت فيما بعد للمتن، وربما تكون من كلمات شيوخ أفسس. ويؤيده بشب غور بدليل عدم وجودها في المخطوطة السينائية.

    ويرى العلامة برنت هلمين استرتير في كتابه " الأناجيل الأربعة " أن الزيادات في متن يوحنا وآخره كان الغرض منها " حث الناس على الاعتراف في شأن المؤلف بتلك النظرية التي كان ينكرها بعض الناس في ذلك العصر".

    ثم إن بعض المؤرخين ومنهم تشارلز الفريد، وروبرت إيزلز وغيرهما قالوا بأن يوحنا مات مشنوقاً سنة 44م على يد غريباس الأول، وعليه فليس هو مؤلف هذا الإنجيل، إذ أن هذا الإنجيل قد كتب في نهاية القرن الميلادي الأول أو أوائل الثاني.

    من كتب إنجيل يوحنا؟


    وإذا لم يكن يوحنا هو كاتب الإنجيل، فمن هو الكاتب الحقيقي ؟

    يجيب القس فهيم عزيز : " هذا السؤال صعب، والجواب عنه يتطلب دراسة واسعة غالباً ما تنتهي بالعبارة : لا يعلم إلا الله وحده من الذي كتب هذا الإنجيل ".

    وحاول البعض الإجابة عن السؤال من خلال تحديد صفات كاتب الإنجيل دون ذكر اسم معين، يقول جرانت: " كان نصرانياً، وبجانب ذلك كان هيلينياً، ومن المحتمل أن لا يكون يهودياً، ولكنه شرقي أو إغريقي، ونلمس هذا من عدم وجود دموع في عينيه علامة على الحزن عندما كتب عن هدم مدينة لليهود ".

    وجاء في مدخل الإنجيل أن بعض النقاد " يترك اسم المؤلف، ويصفونه بأنه مسيحي كتب باليونانية في أواخر القرن الأول في كنائس آسيا ".

    وقال مفسر إنجيل يوحنا جون مارش : " ومن المحتمل أنه خلال السنوات العشر الأخيرة من القرن الأول الميلادي قام شخص يدعى يوحنا، من الممكن أن يكون يوحنا مرقس خلافاً لما هو شائع من أنه يوحنا بن زبدي.. وقد تجمعت لديه معلومات وفيرة عن يسوع، ومن المحتمل أنه كان على دراية بواحد أو أكثر من الأناجيل المتشابهة، فقام حينئذ بتسجيل جديد لقصة يسوع ".

    وقال المحقق رطشنبدر : " إن هذا الإنجيل كله، وكذا رسائل يوحنا ليست من تصنيفه، بل صنفها أحد في ابتداء القرن الثاني، ونسبه إلى يوحنا ليعتبره الناس ".

    ويوافقه استادلن ويرى أن الكاتب " طالب من طلبة المدرسة الإسكندرية ".

    وقال يوسف الخوري في " تحفة الجيل " بأن كاتب الإنجيل هو تلميذ يوحنا المسمى بروكلوس.

    وقال بعض المحققين ومنهم جامس ماك كينون، واستيريتر في كتابه " الأناجيل الأربعة " بأن يوحنا المقصود هو تلميذ آخر من تلاميذ المسيح، وهو ( يوحنا الأرشد )، وأن أرينوس الذي نسب إنجيل يوحنا لابن زبدي قد اختلط عليه أمر التلميذين.

    وذكر جورج إيلتون في كتابه " شهادة إنجيل يوحنا " أن كاتب هذا الإنجيل أحد ثلاثة : تلميذ ليوحنا الرسول أو يوحنا الشيخ ( وليس الرسول ) أو معلم كبير في أفسس مجهول الهوية.

    لكن ذلك لم يفت في عضد إيلتون الذي ما زال يعتبر إنجيل يوحنا مقدساً، لأنه " مهما كانت النظريات حول كاتب هذا الإنجيل، فإن ما يتضح لنا جلياً بأن كاتبه كان لديه فكرة الرسول، فإذا كتبه أحد تلاميذه فإنه بلا مراء كان مشبعاً بروحه.. ".

    كما ذهب بعض المحققين إلى وجود أكثر من كاتب للإنجيل، منهم كولمان حين قال : " إن كل شيء يدفع إلى الاعتقاد بأن النص المنشور حالياً ينتمي إلى أكثر من مؤلف واحد، فيحتمل أن الإنجيل بشكله الذي نملكه اليوم قد نشر بواسطة تلاميذ المؤلف، وأنهم قد أضافوا إليه "، ومثله يقول المدخل لإنجيل يوحنا.

    ومن هذا كله ثبت أن إنجيل يوحنا لم يكتبه يوحنا الحواري، ولا يعرف كاتبه الحقيقي، ولا يصح بحال أن ننسب العصمة والقداسة لكاتب مجهول لا نعرف من يكون.

    وعند غض الطرف عن مجهولية الكاتب واستحالة القول بعصمته عندئذ، فإن ثمة مشكلات تثار في وجه هذا الإنجيل نبه المحققون إليها منها : اختلاف هذا الإنجيل عن باقي الأناجيل الثلاثة رغم أن موضوع الأناجيل الأربعة هو تاريخ وسيرة المسيح عليه السلام.

    إذ تتشابه قصة المسيح في الأناجيل الثلاثة، بينما يظهر الإنجيل الرابع غريباً بينها، فمثلاً : هو الإنجيل الوحيد الذي تظهر فيه نصوص تأليه المسيح، بل هو كتب لإثبات ذلك كما يقول المفسر يوسف الخوري: " إن يوحنا صنف إنجيله في آخر حياته بطلب من أساقفة كنائس آسيا وغيرها، والسبب : أنه كانت هناك طوائف تنكر لاهوت المسيح ".

    ولما لم يكن في الأناجيل الثلاثة ما يدفع أقوال هذه الطوائف، أنشأ يوحنا إنجيله، وهذا المعنى يؤكده جرجس زوين، فيقول عن أساقفة آسيا أنهم اجتمعوا " والتمسوا منه أن يكتب عن المسيح، وينادي بإنجيل مما لم يكتبه الإنجيليون الآخرون ".

    ويقول الأب روغيه في كتابه "المدخل إلى الإنجيل" :" إنه عالم آخر، فهو يختلف عن بقية الأناجيل في اختيار الموضوعات والخطب والأسلوب والجغرافيا والتاريخ، بل والرؤيا اللاهوتية ".

    وهذه المغايرة أوصلته إلى تقديم صورة للمسيح مغايرة تماماً عما في الأناجيل الثلاثة والتي يسميها البعض : " المتشابهة " أو " الإزائية "، لذا تقول دائرة المعارف الأمريكية: " من الصعب الجمع بين هذا الإنجيل والأناجيل الثلاثة، بمعنى أن لو قدرنا أنها صحيحة لتحتم أن يكون هذا الإنجيل كاذباً ".

    يقول السير آرثر فندلاي في كتابه "الكون المنشور" معبراً عن هذا الاختلاف: " إن إنجيل يوحنا ليس له قيمة تستحق الذكر في سرد الحوادث الأكيدة، ويظهر أن محتوياته لعب فيها خيال الكاتب دوراً بعيداً ".

    ومن المشكلات التي تواجه هذا الإنجيل أيضاً أن أيدي المحرفين نالت هذا الإنجيل، فأضافت فيه رواية المرأة الزانية ( انظر يوحنا 8/1 - 11 ) والتي يقول عنها مدخل هذا الإنجيل: " هناك إجماع على أنها من مرجع مجهول في زمن لاحق". وقد حذفت هذه القصة من النسخة الإنجليزية القياسية المراجعة
    (R. S. V)لاعتبارها عبارة دخيلة على الإنجيل.

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Apr 2006
    المشاركات
    4,740
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    26-11-2016
    على الساعة
    06:52 PM

    افتراضي

    خامساً : رسائل العهد الجديد


    يلحق بالأناجيل الأربعة عدد من الرسائل وهي : ( سفر أعمال الرسل - رسائل بولس الأربع عشر - رسالة يعقوب - رسالتا بطرس - رسائل يوحنا الثلاث - رسالة يهوذا - رؤيا يوحنا اللاهوتي).

    ( 1 ) أعمـال الـرسـل :ويتكون هذا السفر من ثمان وعشرين إصحاحاً، تتحدث عن الأعمال التي قام بها الحواريون والرسل الذي نزل عليهم روح القدس يوم الخمسين (انظر 2/1 - 4 )، من دعوة ومعجزات، كما يتحدث بإسهاب عن شاول ودعوته ورحلاته وقصة تنصره وبعض معجزاته.

    وينسب هذا السفر إلى لوقا مؤلف الإنجيل الثالث حيث جاء في افتتاحيته : " الكلام الأول أنشأته يا ثاوفيلس عن جميع ما ابتدأ يسوع يفعله.... " ( أعمال 1/1 ).

    ولكن هذه الدعوى يشكل ويمنع من التسليم بها تناقض إنجيل لوقا مع سفر الأعمال في مسألة الصعود إلى السماء إذ يفهم من إنجيل لوقا أن صعود المسيح للسماء كان في يوم القيامة ( لوقا 24/13 - 51 ) وفي أعمال الرسل يتحدث عن ظهور المسيح بعد القيامة " أربعين يوماً " (أعمال 1/3 ). وهذا الاختلاف يكذب الرأي القائل بأن كاتب الإنجيل والسفر واحد.

    ( 2 ) رسائل بولس :

    وتنسب هذه الرسائل إلى القديس بولس، وتمتلئ بعبارات تدل على أنه كاتبها، وهذه الرسائل أربع عشرة رسالة.

    وتصطبغ الرسائل أيضاً بالصبغة الشخصية لبولس، فهي ليست لاهوتية الطابع، بل رسائل شخصية لها ديباجة وخاتمة...

    وليس ثمة إجماع على صحة نسبة هذه الرسائل إلى بولس، بل إن بعض المحققين يميل إلى أن أربع رسائل منسوبة إليه كتبت بيد بعض تلاميذه بعد وفاته بعشرين سنة كما ذكرت دائرة المعارف البريطانية.

    ويشكك أرجن في شرحه لإنجيل يوحنا بجميع رسائل بولس المرسلة إلى الكنائس فيقول : " إن بولس ما كتب شيئاً إلى جميع الكنائس، والذي كتبه هو سطران أو أربعة سطور ".

    أما الرسالة إلى العبرانيين خصوصاً فكان النزاع حولها أشد، فحين تنسبها الكنيسة الشرقية إلى بولس فإن لوثر يقول بأنها من وضع أبلوس، بينما يقول تارتوليان المؤرخ في القرن الميلادي الثاني : "إنها من وضع برنابا"، ويقول راجوس ( من علماء البروتستانت ) : " إن فريقاً من علماء البروتستانت يعتقدون كذب الرسالة العبرانية...".

    ( 3 ) الرسائل الكاثوليكية ورؤيا يوحنا اللاهوتي : وهذه الرسائل سبع رسائل ثلاث منها ليوحنا، وثنتان لبطرس، وواحدة لكل من يهوذا ويعقوب ثم رؤيا يوحنا اللاهوتي.

    وعرف المحققون بأصحاب هذه الرسائل وهم من التلاميذ الاثني عشر.

    فبطرس هو صياد سمك في كفر ناحوم، ويعرف بسمعان، ويرجح محررو قاموس الكتاب المقدس أنه كان من تلاميذ يوحنا المعمدان قبل أن يصحب المسيح، ويتقدم على سائر تلاميذه، وقد دعا في أنطاكية وغيرها، ثم قتل في روما في منتصف القرن الميلادي الأول.

    ويذكر بطرس قرماج في " مروج الأخبار " أن بطرس ومرقس ينكران ألوهية المسيح.

    وأما يعقوب فهو ابن زبدي الصياد - أخو يوحنا الإنجيلي - من المقربين للمسيح، وقد تولى رئاسة مجمع أورشليم سنة 34م، وقد كانت وفاته قتلاً على يد أغريباس الأول عام 44م على الأرجح، وقال آخرون : قتله اليهود حين طرحوه من جناح الهيكل ورموه بالحجارة سنة 62م.

    وأما يهوذا فلا تقدم المصادر عنه تعريفاً سوى أن تذكر أنه اختلف فيه هل هو يهوذا أخو يعقوب الصغير أي أنه ابن زبدي، أم أنه الحواري الذي يدعى لباوس الملقب تداوس ؟

    وهذه الرسائل تعليمية في محتوياتها، شخصية في طريقة تدبيجها، تحوي في مقدمتها اسم مؤلفها غالباً.

    ورغم ذلك فإن نسبة هذه الرسائل كانت محل جدل طويل في قرون النصرانية الأولى، وينطبق على أكثرها ما ذكرناه في رسالة بولس إلى العبرانيين، حيث تأخر الاعتراف إلى أواسط القرن الرابع الميلادي برسالة بطرس الثانية ورسالتي يوحنا الثانية والثالثة ورسالتي يعقوب ويهوذا، ورؤيا يوحنا اللاهوتي الذي كان موضع جدل كبير قبل إقراره.

    إذ يحوي هذا السفر رؤيا منامية غريبة هدفها تقرير ألوهية المسيح، وإثبات سلطانه في السماء، وخضوع الملائكة له، إضافة إلى بعض التنبؤات المستقبلية التي صيغت بشكل رمزي وغامض.

    ويسيء النص بل ويلحد، وهو يصف ابن الله الأقنوم الثاني لله أنه على شكل خروف رآه يوحنا جالساً على عرشه، فيقول: "من أجل ذلك هم أمام عرش الله، ويخدمونه نهاراً وليلاً في هيكله، والجالس على العرش يحل فوقهم، لن يجوعوا بعد ولن يعطشوا بعد، ولا تقع عليهم الشمس ولا شيء من الحرّ، لأن الخروف الذي في وسط العرش يرعاهم ويقتادهم إلى ينابيع ماء حيّة، ويمسح الله كل دمعة من عيونهم..." (الرؤيا 7/15-18).

    ويمضي النص فيتحدث عن حرب التنين وملائكته مع الخروف الجالس على العرش وملائكته، ويتنبئ بهزيمة التنين " هؤلاء سيحاربون الخروف، والخروف يغلبهم، لأنه رب الأرباب وملك الملوك، والذين معه مدعوون ومختارون ومؤمنون" (الرؤيا 17/14).

    وهذه الرؤيا رآها يوحنا في منامه وهي مسطرة في سبعة وعشرين صفحة ‍‍‍‍‍‍!! ومثل هذا يستغرب في المنامات ولا يعهد.

    وقد شكك آباء الكنيسة الأوائل كثيراً في هذا السفر. يقول ( كيس برسبتر الروم ) 212م: " إن سفر المشاهدات ( الرؤيا ) من تصنيف سرنتهن الملحد "، ومثله قاله ديونسيش من القدماء.

    ويقول المدخل لهذا السفر قوله: " لا يأتينا سفر يوحنا بشيء من الإيضاح عن كاتبه، لقد أطلق على نفسه اسم يوحنا، ولقب نبي، ولم يذكر قط أنه أحد الإثني عشر. هناك تقليد كنسي وهو أن كاتب الرؤيا هو الرسول يوحنا.. بيد أنه ليس في التقليد القديم إجماع على ذلك، وقد بقي المصدر الرسولي لسفر الرؤيا عرضة للشك، وآراء المفسرين في عصرنا متشعبة، ففيهم من يؤكد أن الاختلاف في الإنشاء والبيئة والتفكير اللاهوتي تجعل نسبة الرؤيا والإنجيل الرابع إلى كاتب واحد أمراً عسيراً.

    يخالفهم آخرون يرون أن الرؤيا والإنجيل يرتبطان بتعليم الرسول على يد كتبة ينتمون إلى بيئات أفسس".

    ومما نقله المحققون في تكذيب نسبة الرسائل الكاثوليكية أو بعضها على الأقل تكذيب هورن لها، واحتج بعدم وجودها في الترجمة السريانية القديمة.

    ونقل راجوس تكذيب علماء البروتستانت صحة نسبتها للحواريين، ويقول جيمس ميك : إن الدلائل تثبت أن كاتب هذه الرسالة (رسالة يعقوب) ليس يعقوب.

    وقال المؤرخ يوسي بيس في تاريخه: " ظُن أن هذه الرسالة جعلية، لكن كثيراً من القدماء ذكروها، وكذا ظُن في حق رسالة يهوذا، لكنها تستعمل في كثير من الكنائس".

    وعن رسالة يهوذا يقول المحقق كروتيس في كتابه " تاريخ البيبل " : " هذه الرسالة رسالة يهوذا الأسقف الذي كان خامس عشر من أساقفة أورشليم في عهد سلطنة أيد دين "، فجعل هذا المحقق رسالة يهوذا من عمل أسقف عاش في القرن الثاني الميلادي.

    كما لا تسلم الكنيسة السريانية حتى الآن بصحة الرسالة الثانية لبطرس، والثانية والثالثة ليوحنا، ويقول اسكالجر : من كتب الرسالة الثانية لبطرس فقد ضيع وقته.

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Apr 2006
    المشاركات
    4,740
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    26-11-2016
    على الساعة
    06:52 PM

    افتراضي

    مصادر الأناجيل المسيحية


    عندما يتحدث النصارى عن إلهامية الأناجيل والرسائل يفهم منه أن ما كتبه الإنجيليون كان وحي الله الذي صاغه بعض البشر بعباراتهم وأساليبهم بعد أن ألهمهم روح القدس ما كانوا يكتبونه.

    ولما ثبت لنا وللمحققين من قبل براءة روح القدس من هذه الأناجيل وجهالة أصحابها، وبطلان دعوى الإلهام المزعومة تساءل المحققون عن مصدر هذه الأناجيل وعن علاقة مواد بعضها ببعض، وهل من سبيل لمعرفة المصادر التي لجأ إليها الكاتبون الذين نسميهم متى ويوحنا ومرقس ولوقا، مجازاً ومجاراة لـلعرف السائد فحسب ؟

    منذ القرن الخامس الميلادي حاول النصارى من خلال النظر في التشابه فيما بين الأناجيل معرفة مصادر هذه الأناجيل، وسجلت أول محاولة على يد القديس أوغسطين الذي قال بأن مرقس اقتبس من إنجيل متى ولخصه، وأما لوقا فاستعمل في كتابته الإنجيلين.

    وبقي رأي أوغسطين سائداً حتى نهاية القرن التاسع عشر، حيث أظهرت الدراسات الحديثة نظريات أخرى مخالفة لنظرية أوغسطين وأكثر دقة منها.

    وقد لاحظ المحققون وجود تشابه كبير بين الأناجيل الثلاثة، ورأوا أن هؤلاء الإنجيليين نقل بعضهم من بعض، وقبل أن نذكر أهم هذه النظريات، لنقف على مدى التقارب بين الأناجيل الثلاثة التي يسميها البعض الإزائية أو المشتركة ( متى ومرقس ولوقا ) نتأمل الجدول التالي، وأما إنجيل يوحنا فهو إنجيل مختلف تماماً عن هذه الأناجيل الثلاثة.


    وأول نظريات المصادر قدمها هوتزمان 1860م، وأفادت هذه النظرية أن متى ولوقا تأثرا بمرقس خلافاً للمشهور، كما تأثر متى ولوقا أيضاً بوثيقة مشتركة أخرى غير معروفة في العصور الحديثة، كما كان لكل من متى ولوقا مصدر خاص نقل عنه كل منهما ما انفرد به.

    وقول هوتزمان بأن مرقس أصل لمتى ولوقا، تقول عنه دائرة المعارف البريطانية : " يكاد يكون مسلماً به ".

    وأما إنجيل مرقس فالسائد عنه ما يقوله ابن البطريق : " كتب بطرس رئيس الحواريين إنجيل مرقس عن مرقس في مدينة رومية، ونسبه إلى مرقس "، ولا يخفى غرابة هذا القول، إذ كيف ينقل بطرس الحواري عن مرقس الذي لا دليل على لقياه المسيح ؟!

    وأما القول بأن مرقس أخذ عن بطرس إنجيله بعد أن رافقه في أسفاره فهو قول ممكن، لو ثبت نسبة الإنجيل إليه وكان قد رافق بطرس الحواري حقاً كما ذكر المؤرخ الأسقف بابياس ت 130م حين قال: " إن مرقس كان ترجماناً لبطرس، قد كتب بالقدر الكافي من الدقة التي سمحت بها ذاكرته ما قيل عن أعمال يسوع وأقواله دون مراعاة لنظام، لأن مرقس لم يكن قد سمع يسوع، ولا كان تابعاً شخصياً له، لكنه في مرحلة متأخرة - كما قلت أنا من قبل - قد تبع بطرس ".

    لكن الدراسات الأحدث والأعمق قام بها الأبوان بينوا وبومارا الأستاذان بمعهد الكتاب المقدس بالقدس 1972 - 1973م تذكر أن النص الإنجيلي مر بمراحل وتطورات مثيرة، يقول الأبوان: " إن بعض قراء هذا الكتاب سيندهشون أو سينزعجون عندما يعلمون أن كلمة المسيح تلك، أو أن ذلك الرمز أو ذلك الخبر عن مصيره، لم تكن ملفوظة كما نقرأها نحن، بل إنها قد نقحت، ثم كيفت من الذين نقلوها إلينا، أما بالنسبة إلى الذين لم يألفوا هذا النوع من البحث العلمي فيمكن أن يكون هذا مصدراً للدهشة، بل للفضيحة ".

    ويذكر الأبوان أن الأناجيل مرت في تدوينها بمرحلتين، حيث وجدت أربع مصادر نقل عنها الإنجيليون بصورة متشابكة، فتكونت كتب وسيطة تمثل الكتابات الأولية للإنجيليين، وفي المرحلة الثانية ظهرت الكتابات النهائية للأناجيل الأربعة بعد أن اعتمد كل منهم وبصورة متشابكة أيضاً على كتابات بعض في المرحلة الأولى أو الأولية.

    والمصادر الأولية كما يرى بينوا وبومارا هي :

    -الوثيقة ( أ ) ونبعت من أوساط يهودية مسيحية، وألهمت متى ومرقس.

    -الوثيقة ( ب ) هي المادة التفسيرية للوثيقة ( أ )، واستخدمتها الكنائس المسيحية ذات الأصول الوثنية، وألهمت جميع المبشرين ما عدا متى.

    -الوثيقة ( ج ) وألهمت مرقس ولوقا ويوحنا.

    - الوثيقة ( ق ) تكون معظم المصادر الشائعة بين متى ولوقا.

    ولم تؤد أية وثيقة من هذه الوثائق الأساسية إلى تحرير النصوص النهائية التي في حوزتنا، فبينها وبين التحرير النهائي توجد تأليف وسيطة خاصة بكل إنجيل".

    وهذا الذي نقلناه من حديث النصارى عن المصادر - ورغم الخلاف فيها واحتمالية أن تظهر نظريات أخرى - فإن مجرد البحث في موضوع هذه المصادر ينقض الادعاء القائل بإلهامية الأناجيل وصلتها بالروح القدس، أو حتى التلاميذ.

    وأما تلك الوثائق المجهولة التي نقل عنها كتبة الأناجيل فهي حلقة أخرى من سلسلة المجاهيل التي تكتنف الأناجيل وكتابها وسني تدوينها.....
    التعديل الأخير تم بواسطة kholio5 ; 18-05-2007 الساعة 09:11 PM

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Apr 2006
    المشاركات
    4,740
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    26-11-2016
    على الساعة
    06:52 PM

    افتراضي

    المصادر الوثنية القديمة للعهد الجديد


    كما كانت الوثنيات القديمة مرجعاً مهماً للإنجيليين وهم يصوغون قصتهم عن المسيح، خاصة تلك الأجزاء التي لم يشهدوها، كتلك المتعلقة بولادة المسيح أو صلبه المزعوم ومحاكمته.

    فقد نقل المحققون عن علماء تاريخ الديانات أوجه شبه كثيرة التقت فيها روايات الأناجيل مع أقوال الوثنيات البدائية - التي سبقت وجود المسيحية بقرون طويلة - عن آلهتهم المتجسدة.

    أولاً: التشابه بين الوثنيات وأسفار العهد الجديد فيما يخص ولادة الآلهة

    ظهور النجوم عند ولادة الآلهة

    تحدث متى عن ولادة المسيح فقال: " ولما ولد يسوع في بيت لحم اليهودية في أيام هيرودس الملك إذا مجوس من المشرق قد جاءوا إلى أورشليم قائلين : أين هو المولود ملك اليهود؟ فإننا رأينا نجمه في المشرق وأتينا لنسجد له.. فلما سمعوا من الملك ذهبوا وإذا النجم الذي رأوه في المشرق يتقدمهم، حتى جاء ووقف حيث كان الصبي.. وأتوا إلى البيت، ورأوا الصبي مع مريم أمه، فخروا وسجدوا له، ثم فتحوا كنوزهم وقدموا له هدايا ذهباً ولباناً ومُراً " ( متى 2/1 - 11 ).

    تتشابه قصة متى مع ما يقوله البوذيون في بوذا. يقول بنصون في كتابه " الملاك المسيح " : "لقد جاء في كتب البوذيين المقدسة عندهم أنه قد بشرت السماوات بولادة بوذا بنجم ظهر مشرقاً في الأفق، ويدعونه في هذه الكتب المذكورة " نجم المسيح " ومثل هذا نقله المؤرخ بيال.

    وأما المؤرخ ثورنتن في كتابه " تاريخ الصينيين "، فينقل أنه عند ولادة " يو " المولود من عذراء ظهر نجم في السماء دل عليه، ومثله حصل عند ولادة الحكيم الصيني لاوتز.

    يقول القس جيكس في كتابه " حياة المسيح " : " وعم الاعتقاد في الحوادث الخارقة للعادة، وخصوصاً حين ولادة أو موت أحد الرجال العظام، وكان يشار إلى ذلك بظهور نجم أو مذنب أو اتصالات بين الأجرام السماوية".

    هدايا للآلهة المولودة

    ويتحدث متى في سياق قصة المجوس السابقة عن هدايا المجوس للمولود " وأتوا إلى البيت، ورأوا الصبي مع مريم أمه، فخروا وسجدوا له، ثم فتحوا كنوزهم وقدموا له هدايا ذهباً ولباناً ومُراً" ( متى 2/10 - 11).

    وهو أمر اشتهر أيضاً عند الوثنيات السابقة، فها هو كرشنا لما ولد، وعرف الرعاة أمر ولادته أعطوه هدايا من خشب وصندل وطيب، ومثله فعل الرجال الحكماء عند ولادة بوذا، وأما مسرا مخلص العجم فقد أعطاه حكماء المجوس هدايا من الذهب والطيب والحنظل، وهو ما فعله المجوس أيضاً عند ولادة سقراط 469 ق. م، فقد أتي ثلاثة منهم من المشرق وأهدوه ذهباً وطيباً ومأكولاً مُراً.

    الفرح السماوي بولادة الإله

    ويذكر لوقا في حديثه عن ميلاد المسيح أن الملائكة فرحت ورنمت سروراً بمجيئه " وكان في تلك الكورة رعاة متبدين يحرسون حراسات الليل على رعيتهم، وإذا ملاك الرب وقف بهم، ومجد الرب أضاء حولهم، فخافوا خوفاً عظيماً، فقال لهم الملاك : لا تخافوا. فها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب... وظهر بغتة مع الملاك جمهور من الجند السماوي مسبحين الله وقائلين : المجد لله في الأعالي، وعلى الأرض السلام، وبالناس المسرة " ( لوقا 2/8 - 14 ).

    وهذا الذي ذكره لوقا سبقت إليه الوثنيات القديمة، فقد جاء في كتاب " فشنو بورانا " : "كانت العذراء ديفاكي حبلى بحامي العالم، مجدها الآلهة، ويوم ولادتها عمت المسرّات، وأضاء الكون بالأنوار، وترنمت آلهة السماء، ورتلت الأرواح لما ولد عون الجميع …، شرعت الغيوم ترتل بألحان مطربة، وأمطرت أزهاراً ".

    ويقول البوذيون مثل ذلك كما نقل المؤرخ " فو نبهنك " : " وصارت الأرواح التي أحاطت بالعذراء مايا وابنها المخلص تسبح وتبارك وتنشد : لك المجد أيتها الملكة، فافرحي وتهللي، لأن الولد الذي وضعتيه
    قدوس ".

    وقريباً من هذا يقول المصريون في ولادة " أوزوريس "، والصينيون في " كونفوشيوس " كما نقل ذلك السرجون فرنسيس دافس وبونويك في كتابه " اعتقاد المصريين "، ونقل مثله عن عدد من الأمم.

    مكان ولادة الآلهة

    ويذكر لوقا أن المسيح ولد في مذود ( انظر لوقا 2/16 )، ومثله تذكر الوثنيات، فكرشنا كما ذكروا ولد في غار، ووضع بعد ولادته في حظيرة غنم ربّاه فيها أحد الرعاة الأمناء، وهوتسي ابن السماء عند الصينيين، تركته أمه وهو صغير، فأحاطت به البقر والغنم، وحمته من كل سوء.

    ثانياً: تشابه قصة الصلب الإنجيلية مع قصص الوثنيات القديمة

    وبولس عندما ادعى صلب المسيح فداء للخطيئة فإنه إنما يكرر عقيدة قديمة، تناقلتها الوثنيات قبل المسيح بزمن طويل، وقد نسج الإنجيليون أحداث صلب المسيح، على نحو ما قرره بولس، وعلى صورة ما ورد عن الأمم الوثنية القديمة، حتى أضحت قصة الصلب في الأناجيل قصة منحولة من عقائد الأمم الوثنية، ولعل أوضحها شبهاً بقصة المسيح أسطورة إله بابل " بعل".

    ثانياً : صور التشابه بين قصة صلب بعل البابلي وصلب المسيح

    نقل المؤرخ "فندلاي" وغيره مقارنة بين ما قيل عن بعل قبل المسيحية، وما قيل عن المسيح في المسيحية.ويوضح ذلك الجدول التالي :


    وقد انتقلت هذه الأسطورة البابلية فيما يبدو عن طريق الأسرى اليهود الذين عادوا من بابل.

    ومما يؤكد وصول هذه القصة إلى الفكر اليهودي ثم المسيحي أن التوراة ذكرت ما يدل على شهرة مثل هذه القصة ففي سفر حزقيال " فجاء بي إلى مدخل باب بيت الرب - الذي من جهة الشمال - وإذا هناك نسوة جالسات يبكين على تموز " ( حزقيال 8/14 )، وتموز هو الإله البابلي الذي قتل لأجل خلاص البشر، ثم قام من بين الموتى.

    موت الآلهة على الصليب

    ويصف الهنود أشكالاً متعددة لموت كرشنا أهمها أنه مات معلقاً بشجرة سُمر بها بحربة. وتصوره كتبهم مصلوباً وعلى رأسه إكليل من الذهب، يقول المؤرخ دوان في كتابه " خرافات التوراة والإنجيل وما يماثلها من الديانات الأخرى: " إن تصور الخلاص بواسطة تقديم أحد الآلهة ذبيحة فداء عن الخطيئة قديم العهد جداً عند الهنود والوثنيين.

    وكذلك اعتقد أهل النيبال بمعبودهم أندرا، ويصورونه وقد سفك دمه بالصلب، وثقب بالمسامير كي يخلص البشر من ذنوبهم كما وصف ذلك المؤرخ هيجين في كتابه : "الانكلوسكسنس".

    دماء الآلهة المسفوحة

    وليست مسألة المخلص فقط هي التي نقلها بولس عن الوثنيات، فقد تحدث أيضاً عن دم المسيح المسفوح فقال: " يسوع الذي قدمه الله كفارة بالإيمان بدمه " ( رومية 3/25 )، ويقول: "ونحن الآن متبررون بدمه " ( رومية 5/9)، " أليست هي شركة دم المسيح " (كورنثوس (1) 10/16 ).

    ويقول: " أنعم بها علينا في المحبوب الذي فيه لنا الفداء، بدمه غفران الخطايا " ( أفسس 1/7).

    وفي موضع آخر يتحدث عن ذبح المسيح: " لأن فصحنا أيضاً المسيح قد ذبح لأجلنا " (كورنثوس (1) 5/7)، ومثل هذه النصوص تكثر في رسائل بولس وغيرها من الرسائل.

    لكن النصارى يتغافلون عن مسألة هامة هي أن المسيح لم يذبح، فالأناجيل تتحدث عن موت المسيح صلباً لا ذبحاً، الموت صلباً لا يريق الدماء، ولم يرد في الأناجيل أن المسيح نزلت منه الدماء سوى ما قاله يوحنا، وجعله بعد وفاة المسيح حيث قال: " وأما يسوع فلما جاؤوا إليه لم يكسروا ساقيه، لأنهم رأوه قد مات، لكن واحداً من العسكر طعن جنبه بحربة، وللوقت خرج دم وماء " (يوحنا 19/23 - 24). وهو ليس ذبحاً بكل حال.

    يقول ولز: " إنه لزام علينا أن نتذكر أن الموت صلباً لا يكاد يهرق من الدم أكثر مما يريقه الشنق، فتصوير يسوع في صورة المراق دمه من أجل البشرية إنما هو في الحقيقة من أشد العبارات بُعداً عن الدقة ".

    ولكن هذه النظرة إلى الله، بأنه لا يرضى إلا بأن يسيل الدم نظرة قديمة موجودة عند اليهود وعند الوثنيين قبلهم، ففي التوراة تجد ذلك واضحاً في مثل قولها: " بنى نوح مذبحاً لله.. وأصعد محرقات على المذبح، فتنسم الرب رائحة الرضا، وقال الرب في قلبه:لا أعود ألعن الأرض أيضاً من أجل الإنسان "(تكوين8/20- 21 ).

    ومثله في محبة المحرقة وذبائحها والتنسم برائحتها قول العهد القديم: " وبنى داود هناك مذبحاً للرب، وأصعد محرقات وذبائح سلامة، ودعا الرب، فأجابه بنار من السماء على مذبحة المحرقة " (الأيام (1) 21/26).

    وهكذا فإن التصور اليهودي للإله مشبع برائحة الدم يقول ارثر ويجال: " نحن لا نقدر أطول من ذلك قبول المبدأ اللاهوتي المفزع الذي من أجل بعض البواعث الغامضة وجوب تضحية استرضائية، إن هذا انتهاك إما لتصوراتنا عن الله بأنه الكلي القدرة، وإلا ما نتصوره عنه ككلي المحبة".

    ويرى المحققون أن ادعاء إهراق دم المسيح مأخوذ من الديانة المثراسية حيث كانوا يذبحون العجل ويأخذون دمه، فيتلطخ به الآثم، ليولد من جديد بعد أن سال عليه دم العجل الفدية.

    غرائب ترافق موت الآلهة

    وتتشابه كثير من تفاصيل قصة الصلب مع تفاصيل واردة في قصص وثنية مشابهة.فقد ذكر متى أحداثاً غريبة عدة، صاحبت موت المسيح حيث يقول: " وفي الساعة السادسة كانت ظلمة على كل الأرض، إلى الساعة التاسعة...، وإذا حجاب الهيكل قد انشق إلى اثنين من فوق إلى أسفل، والأرض تزلزلت، والصخور تشققت، والقبور تفتحت... " ( متى 27/45 - 53 ).

    وهذا نقله النصارى من الوثنيات القديمة، فقد نقل العلامة التنير في كتابه الرائع "العقائد الوثنية في الديانة النصرانية" عن عدد من المؤرخين الغربيين إجماعهم على انتشار هذه الغرائب حال موت المخلصين لهذه الأمم.

    من ذلك: أن الهنود يقولون: " لما مات "كرشنا" مخلصهم على الصليب، حدثت في الكون مصائب جمة، وعلامات متنوعة، وأحاطت بالقمر دائرة سوداء، وأظلمت الشمس عند منتصف النهار، وأمطرت السماء ناراً ورماداً.. ".

    ويقول عباد بروسيوس: " إنه لما صلب على جبل قوقاس، اهتزت الكائنات، وزلزلت الأرض.. ".

    والاعتقاد بحدوث أحداث سماوية عظيمة عند موت أحد العظماء أو ولادته، معروف عند الرومان واليونان.

    كما ينقل المؤرخ "كنون فرار" في كتابه "حياة المسيح"، والمؤرخ جيبون في تاريخه أن عدداً من الشعراء والمؤرخين الوثنيين كان يقول: " لما قتل المخلص اسكولابيوس، أظلمت الشمس، واختبأت الطيور في أوكارها... لأن شافي أمراضهم وأوجاعهم فارق هذه الدنيا ".

    والقول بظلمة الشمس عند موت أحد المخلصين قيل عند مقتل هيركلوس وبيوس وكوتز لكوتل وكيبير ينوس إله الرومان، وعليه، فهو أسطورة قديمة تداولتها الأمم، ونقلها أصحاب الأناجيل من تلك الوثنيات.

    وقد كان عباد الشمس يقدمون الضحايا لها، خاصة عند حدوث الكسوف الشمسي، فإذا زال الكسوف اعتقدوا أنه بسبب فداء أحد زعمائهم، حيث خلصهم وحمل عنهم العذاب، ومنه أخذ متى قوله: " ومن الساعة السادسة، كانت ظلمة على الأرض إلى الساعة التاسعة " ( متى 27/45 ).

    قيام الآلهة من الأموات

    ومن أوجه الشبه بين الوثنيات القديمة والنصرانية القول بقيامة الآلهة من الأموات، فقد أجمعت الأناجيل على قيامة عيسى من الموت، ولكن هذا قد سبقهم إليه الهنود، حيث قالوا في كرشنا: "هوذا كرشنا صاعد إلى وطنه في السماوات "، وكذا يقول عُبّاد بوذا بأنه حزن عليه بعد موته أهل السماوات والأرض " حتى إن مهاويو ( الإله العظيم ) حزن ونادى: قم أيها المحب المقدس فقام كام ( أي بوذا ) حياً، وبُدلت الأحزان والأتراح بالأفراح، وهاجت السماء، ونادت فرِحة : عاد الإله الذي ظُن أنه مات وفُقد.. "، ومثله يعتقده الصينيون في إلههم (لأوكيون)، والمجوس في (زورستر).

    ويقول عابدو (سكولابيوس) في القصيدة التي حكت عن حياته " أيها الطفل القادر على شفاء الأمم في السنين القادمة حينما يهبُّ مَن في القبور.... وأنت من المسكن المظلم ستقوم ظافراً وتصير إلهاً " وعن تموز يقول البابليون: "ثقوا أيها القديسون برجوع إلهكم، واتكلوا على ربكم الذي قام من الأموات ".

    ومثل هذا الاعتقاد، سرى في كثير من الوثنيات قبل المسيحية، فقد قيل بقيام أوزوريس، وحورس، ومتراس، وباخوس، وهرقل، وكوتز لكوتل، ويلدور، وغيرهم، فكل هؤلاء قال عُبّادهم بقيامتهم من الموت. ولعل أهم هؤلاء أوزوريس معبود المصريين القريب من مهد المسيحية، وقد انتشرت أسطورته في القرن الثالث قبل الميلاد. ويقول المؤرخ مهامي: " إن محور التعليم الديني عند الوثنيين في مصر في القرون الخالية هو الإيمان بقيام الإله ".

    قيامة وعودة الآلهة من الموت للحساب والجزاء

    يتحدث النصارى عن دينونة المسيح للبشر يقول يوحنا عن المسيح: " وقد أعطاه السلطان لأن يدين لأنه ابن إنسان " ( يوحنا 5/27 ).

    وهو أيضاً معتقد وثني، فقد تحدث المؤرخون عن قول المصريين بقيامة مخلصهم بعد الموت، وأنه سيكون ديان الأموات يوم القيامة.

    ويذكر هؤلاء في أساطيرهم أن أوزوريس حكم بالعدل، فاحتال عليه أخوه وقتله، ووزع أجزاء جسمه على محافظات مصر، فذهبت أرملته أيزيس، فجمعت أوصاله من هنا وهناك، وهي تملأ الدنيا نحيباً وبكاءً، فانبعث نور إلى السماء، والتحمت أوصال الجسد الميت، وقام إلى السماء يمسك بميزان العدل والرحمة.

    وكذلك اعتقد الهنود في معبودهم كرشنا أنه مخلص وفادي. يقول القس جورج كوكس: "يصفون كرشنا بالبطل الوديع المملوء لاهوتاً، لأنه قدم شخصه ذبيحة.. ويعتقدون أن عمله لا يقدر عليه أحد".

    ويقول المؤرخ دوان: " يعتقد الهنود بأن كرشنا المولود البكر الذي هو نفس الإله فشنو، والذي لا ابتداء ولا انتهاء له - على رأيهم - تحرك حنواً كي يخلص الأرض من ثقل حملها، فأتاها وخلص الإنسان بتقديم نفسه ذبيحة عنه "، ومثله يقوله العلامة هوك.

    ثالثاً : التشابه في فكرة الفادي بين الوثنيات القديمة والنصرانية

    نقلجاؤوا إليه لم يكسروا ساقيه، لأنهم رأوه قد مات، لكن واحداً من العسكر طعن جنبه بحربة، وللوقت خرج دم وماء " (يوحنا 19/23 - 24). وهو ليس ذبحاً بكل حال.

    يقول ولز: " إنه لزام علينا أن نتذكر أن الموت صلباً لا يكاد يهرق من الدم أكثر مما يريقه الشنق، فتصوير يسوع في صورة المراق دمه من أجل البشرية إنما هو في الحقيقة من أشد العبارات بُعداً عن الدقة ".

    ولكن هذه النظرة إلى الله، بأنه لا يرضى إلا بأن يسيل الدم نظرة قديمة موجودة عند اليهود وعند الوثنيين قبلهم، ففي التوراة تجد ذلك واضحاً في مثل قولها: " بنى نوح مذبحاً لله.. وأصعد محرقات على المذبح، فتنسم الرب رائحة الرضا، وقال الرب في قلبه:لا أعود ألعن الأرض أيضاً من أجل الإنسان "(تكوين8/20- 21 ).

    ومثله في محبة المحرقة وذبائحها والتنسم برائحتها قول العهد القديم: " وبنى داود هناك مذبحاً للرب، وأصعد محرقات وذبائح سلامة، ودعا الرب، فأجابه بنار من السماء على مذبحة المحرقة " (الأيام (1) 21/26).

    وهكذا فإن التصور اليهودي للإله مشبع برائحة الدم يقول ارثر ويجال: " نحن لا نقدر أطول من ذلك قبول المبدأ اللاهوتي المفزع الذي من أجل بعض البواعث الغامضة وجوب تضحية استرضائية، إن هذا انتهاك إما لتصوراتنا عن الله بأنه الكلي القدرة، وإلا ما نتصوره عنه ككلي المحبة".

    ويرى المحققون أن ادعاء إهراق دم المسيح مأخوذ من الديانة المثراسية حيث كانوا يذبحون العجل ويأخذون دمه، فيتلطخ به الآثم، ليولد من جديد بعد أن سال عليه دم العجل الفدية.

    غرائب ترافق موت الآلهة

    وتتشابه كثير من تفاصيل قصة الصلب مع تفاصيل واردة في قصص وثنية مشابهة.فقد ذكر متى أحداثاً غريبة عدة، صاحبت موت المسيح حيث يقول: " وفي الساعة السادسة كانت ظلمة على كل الأرض، إلى الساعة التاسعة...، وإذا حجاب الهيكل قد انشق إلى اثنين من فوق إلى أسفل، والأرض تزلزلت، والصخور تشققت، والقبور تفتحت... " ( متى 27/45 - 53 ).

    وهذا نقله النصارى من الوثنيات القديمة، فقد نقل العلامة التنير في كتابه الرائع "العقائد الوثنية في الديانة النصرانية" عن عدد من المؤرخين الغربيين إجماعهم على انتشار هذه الغرائب حال موت المخلصين لهذه الأمم.

    من ذلك: أن الهنود يقولون: " لما مات "كرشنا" مخلصهم على الصليب، حدثت في الكون مصائب جمة، وعلامات متنوعة، وأحاطت بالقمر دائرة سوداء، وأظلمت الشمس عند منتصف النهار، وأمطرت السماء ناراً ورماداً.. ".

    ويقول عباد بروسيوس: " إنه لما صلب على جبل قوقاس، اهتزت الكائنات، وزلزلت الأرض.. ".

    والاعتقاد بحدوث أحداث سماوية عظيمة عند موت أحد العظماء أو ولادته، معروف عند الرومان واليونان.

    كما ينقل المؤرخ "كنون فرار" في كتابه "حياة المسيح"، والمؤرخ جيبون في تاريخه أن عدداً من الشعراء والمؤرخين الوثنيين كان يقول: " لما قتل المخلص اسكولابيوس، أظلمت الشمس، واختبأت الطيور في أوكارها... لأن شافي أمراضهم وأوجاعهم فارق هذه الدنيا ".

    والقول بظلمة الشمس عند موت أحد المخلصين قيل عند مقتل هيركلوس وبيوس وكوتز لكوتل وكيبير ينوس إله الرومان، وعليه، فهو أسطورة قديمة تداولتها الأمم، ونقلها أصحاب الأناجيل من تلك الوثنيات.

    وقد كان عباد الشمس يقدمون الضحايا لها، خاصة عند حدوث الكسوف الشمسي، فإذا زال الكسوف اعتقدوا أنه بسبب فداء أحد زعمائهم، حيث خلصهم وحمل عنهم العذاب، ومنه

    قيام الآلهة من الأموات

    ومن أوجه الشبه بين الوثنيات القديمة والنصرانية القول بقيامة الآلهة من الأموات، فقد أجمعت الأناجيل على قيامة عيسى من الموت، ولكن هذا قد سبقهم إليه الهنود، حيث قالوا في كرشنا: "هوذا كرشنا صاعد إلى وطنه في السماوات "، وكذا يقول عُبّاد بوذا بأنه حزن عليه بعد موته أهل السماوات والأرض " حتى إن مهاويو ( الإله العظيم ) حزن ونادى: قم أيها المحب المقدس فقام كام ( أي بوذا ) حياً، وبُدلت الأحزان والأتراح بالأفراح، وهاجت السماء، ونادت فرِحة : عاد الإله الذي ظُن أنه مات وفُقد.. "، ومثله يعتقده الصينيون في إلههم (لأوكيون)، والمجوس في (زورستر).

    ويقول عابدو (سكولابيوس) في القصيدة التي حكت عن حياته " أيها الطفل القادر على شفاء الأمم في السنين القادمة حينما يهبُّ مَن في القبور.... وأنت من المسكن المظلم ستقوم ظافراً وتصير إلهاً " وعن تموز يقول البابليون: "ثقوا أيها القديسون برجوع إلهكم، واتكلوا على ربكم الذي قام من الأموات ".

    ومثل هذا الاعتقاد، سرى في كثير من الوثنيات قبل المسيحية، فقد قيل بقيام أوزوريس، وحورس، ومتراس، وباخوس، وهرقل، وكوتز لكوتل، ويلدور، وغيرهم، فكل هؤلاء قال عُبّادهم بقيامتهم من الموت. ولعل أهم هؤلاء أوزوريس معبود المصريين القريب من مهد المسيحية، وقد انتشرت أسطورته في القرن الثالث قبل الميلاد. ويقول المؤرخ مهامي: " إن محور التعليم الديني عند الوثنيين في مصر في القرون الخالية هو الإيمان بقيام الإله ".

    يتحدث النصارى عن دينونة المسيح للبشر يقول يوحنا عن المسيح: " وقد أعطاه السلطان لأن يدين لأنه ابن إنسان " ( يوحنا 5/27 ).

    وهو أيضاً معتقد وثني، فقد تحدث المؤرخون عن قول المصريين بقيامة مخلصهم بعد الموت، وأنه سيكون ديان الأموات يوم القيامة.

    ويذكر هؤلاء في أساطيرهم أن أوزوريس حكم بالعدل، فاحتال عليه أخوه وقتله، ووزع أجزاء جسمه على محافظات مصر، فذهبت أرملته أيزيس، فجمعت أوصاله من هنا وهناك، وهي تملأ الدنيا نحيباً وبكاءً، فانبعث نور إلى السماء، والتحمت أوصال الجسد الميت، وقام إلى السماء يمسك بميزان العدل والرحمة.

    وكذلك اعتقد الهنود في معبودهم كرشنا أنه مخلص وفادي. يقول القس جورج كوكس: "يصفون كرشنا بالبطل الوديع المملوء لاهوتاً، لأنه قدم شخصه ذبيحة.. ويعتقدون أن عمله لا يقدر عليه أحد".

    ويقول المؤرخ دوان: " يعتقد الهنود بأن كرشنا المولود البكر الذي هو نفس الإله فشنو، والذي لا ابتداء ولا انتهاء له - على رأيهم - تحرك حنواً كي يخلص الأرض من ثقل حملها، فأتاها وخلص الإنسان بتقديم نفسه ذبيحة عنه "، ومثله يقوله العلامة هوك.

    ثالثاً : التشابه في فكرة الفادي بين الوثنيات القديمة والنصرانية

    وكذلك سرت في الوثنيات فكرة الفادي والمخلص الذي يفدي شعبه أو قومه، وكانت الأمم البدائية تضحي بطفل محبوب، لاسترضاء من تسميهم آلهة السماء، وفي تطور لاحق أضحى الفداء بواسطة مجرم حكم عليه بالموت، وعند البابليين كان الضحية يلبس أثواباً ملكية - كتلك التي ألبسها الإنجيليون للمسيح في قصة
    الصلب -، لكي يمثل بها ابن الملك، ثم يجلد ويشنق.

    وعند اليهود خصص يوم للكفارة يضع فيه كاهن اليهود يده على جدي حي، ويعترف فوق رأسه بجميع ما ارتكب بنو إسرائيل من مظالم، فإذا حمل الخطايا أطلقه في البرية.

    وأما فكرة موت الإله فهي عقيدة وثنية حيث كان العقل اليوناني يحكم بموت بعض الآلهة.

    والفداء عن طريق أحد الآلهة أو ابن الله أيضاً موجودة في الوثنيات القديمة كما وقد ذكر السير آرثر فندلاي في كتابه " صخرة الحق " أسماء ستة عشر شخصاً اعتبرتهم الأمم آلهة سعوا في خلاص هذه الأمم. منهم: أوزوريس في مصر 1700 ق.م، وبعل في بابل 1200ق.م، وأنيس في فرجيا 1170 ق.م، وناموس في سوريا 1160 ق.م، وديوس فيوس في اليونان 1100 ق.م، وكرشنا في الهند 1000 ق.م، وأندرا في التبت 725 ق.م، وبوذا في الصين 560 ق.م، وبرومثيوس في اليونان 547 ق.م، ومترا (متراس) في فارس 400 ق.م.

    ولدى البحث والدراسة في معتقدات هذه الأمم الوثنية نجد تشابهاً كبيراً مع ما يقوله النصارى في المسيح المخلص.

    فأما بوذا المخلص عند الصينيين فلعله أكثر الصور تطابقاً مع تخلص النصارى، ولعل مرد هذا التشابه إلى تأخره التاريخي، فكان تطوير النصارى لذلك المعتقد ضئيلاً.

    والبوذيون كما نقل المؤرخون يسمون بوذا المسيح المولود الوحيد، ومخلص العالم، ويقولون: إنه إنسان كامل وإله كامل تجسد بالناسوت، وأنه قدم نفسه ذبيحة ليكفر ذنوب البشر ويخلصهم من ذنوبهم حتى لا يعاقبوا عليها.

    وجاء في أحد الترنيمات البوذية عن بوذا: " عانيتَ الاضطهاد والامتهان والسجن والموت والقتل بصبر وحب عظيم لجلب السعادة للناس، وسامحتَ المسيئين إليك ".

    ويذكر مكس مولر في كتابه " تاريخ الآداب السنسكريتية " فيقول: " البوذيون يزعمون أن بوذا قال: دعوا الآثام التي ارتكبت في هذا العالم تقع عليّ، كي يخلص العالم ".

    ويرى البوذيون أن الإنسان شرير بطبعه، ولا حيلة في إصلاحه إلا بمخلص ومنقذ إلهي.

    وكذلك فإن المصريين يعتبرون أوزوريس إلهاً ويقول المؤرخ بونويك في كتابه " عقيدة المصريين " : يعد المصريون أوزوريس أحد مخلصي الناس، وأنه بسبب جده لعمل الصلاح يلاقي اضطهاداً، وبمقاومته للخطايا يقهر ويقتل ".

    ويوافقه العلامة دوان في كتابه " خرافات التوراة والإنجيل وما يماثلها من الديانات الأخرى".

    لذا يقول ارثر ويجال :" إن هذه العقيدة دخيلة من مصدر وثني، وهي حقاً من آثار الوثنية في الإيمان "

    نزول الآلهة إلى الجحيم من أجل تخليص الأموات من الجحيم

    وتشابهت العقائد النصرانية مع الوثنيات القديمة مرة أخرى عندما قال النصارى بأن المسيح نزل إلى الجحيم لإخراج الأرواح المعذبة فيها من العذاب، ففي أعمال الرسل " سبق فرأى وتكلم عن قيامة المسيح، أنه لم تترك نفسه في الهاوية، ولا رأى جسده فساداً " ( أعمال 2/31 )، ويقول بطرس: " ذهب ليكرز للأرواح التي في السجن " ( بطرس (1) 3/19 ).

    يقول القديس كريستوم 347م : " لا ينكر نزول المسيح إلى الجحيم إلا الكافر ".

    ويقول القديس كليمندوس السكندري: " قد بشر يسوع في الإنجيل أهل الجحيم كما بشر به وعلمه لأهل الأرض، كي يؤمنوا به ويخلصوا " وبمثله قال أوريجن وغيره من قديسي النصارى.

    وهذا المعتقد وثني قديم قال به عابدو كرشنا، فقالوا بنزوله إلى الجحيم لتخليص الأرواح التي في السجن، وقاله عابد زورستر وأدونيس وهرقل وعطارد وكوتز لكوتل وغيرهم.

    ولما وصل النصارى إلى أمريكا الوسطى، وجدوا فيها أدياناً شتى، فخفّ القسس لدعوتهم للمسيحية، فأدهشهم بعد دراستهم لهذه الأديان أن لها شعائر تشبه شعائر المسيحية، وخاصة في مسائل الخطيئة والخلاص.

    رابعاً: تشابهات أُخر بين الوثنيات القديمة وأسفار العهد الجديد

    وثمة تشابهات أُخر بين الوثنيات وأسفار المسيحية - في غير الولادة والصلب والفداء -، منها ما ذكره متى عن تجربة إبليس للمسيح أربعين يوماً، " فلم يأكل حتى جاع أخيراً" (متى 4/1 - 12)، وهو ما ينقل مثله عن بوذا في الصين وزورستر عند المجوس وغيرهم من الآلهة المتجسدة عند الأمم الوثنية.

    وقد جاء في كتاب " حياة بوذا الصيامية " لمونكيور كونري : " الكائن العظيم بوذا جرد نفسه في الزهد لدرجة عدم الأكل والتنفس أيضاً.. فأتى الأمير مارا ( أي أمير الشياطين ) وقصد تجربة بوذا.. ".

    وقد وصلت المعطيات المشتركة بين كرشنا والمسيح إلى ستة وأربعين تشابهاً، وبين المسيح وبوذا إلى ثمانية وأربعين تشابهاً.

    وقد أقر رجال الكنيسة بهذه الأمثلة للتشابه، وكانوا يدعون أن أسفار الفيدا الهندية قد أخذت عن الأناجيل، لكن العلماء المحققين أثبتوا أن هذه الأسفار موجودة قبل التوراة والأناجيل بمئات السنين، وممن أكد ذلك لجنة الدراسات للآثار الهندية المكونة من علماء إنجليز وفرنسيين.

    تفسير النصارى لهذا التشابه الغريب بين الوثنيات والنصرانية


    فكيف يفسر النصارى هذا التطابق بين معتقداتهم والوثنيات القديمة والذي جعل من النصرانية نسخة معدلة عن هذه الأديان ؟

    زعم الكثيرون أن هذه الأديان نقلت هذا الفكر عن النصرانية، لكن ذلك اصطدم بكون هذه الديانات كانت قبل المسيحية بقرون طويلة، والمخطوطات والأحافير التي سجلت عقائدها كانت أقدم من ظهور المسيحية وأناجيلها.

    لذا كان لا بد من الاعتراف بانتحال كتاب العهد الجديد لأساطير الوثنيات السابقة أو الهروب إلى عالم الأسرار والظلام، حيث يختفي دليل العقل وتسيطر الخرافة، ومنه قول الأب جيمس تد المحاضر في جامعة
    " أكسفورد" عن هذا التشابه: " سر لاهوتي فوق عقول البشر، وليس من الممكن تفسيره حسب تفسير وتصور هؤلاء البشر.

    صدق الله إذ يقول عن النصارى ] ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل{ (التوبة:30)، وقد نهاهم الله عن مشابهة المشركين فقال: ] قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحقّ ولا تتّبعوا أهواء قوم قد ضلّوا من قبل وأضلّوا كثيراً وضلّوا عن سواء السّبيل { (المائدة: 77).

    وإذا كانت هذه الأناجيل والرسائل من صنع البشر وتأليفهم، وإذا كان أصحابها لم يدعوا لأنفسهم أنهم يسجلون كلمة الله، فكيف أضحت هذه الكتابات مقدسة وإلهية؟ وأين الإنجيل الذي أنزله الله على عيسى، والذي يؤمن به المسلمون؟
    التعديل الأخير تم بواسطة kholio5 ; 20-05-2007 الساعة 07:06 PM

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Apr 2006
    المشاركات
    4,740
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    26-11-2016
    على الساعة
    06:52 PM

    افتراضي

    الإنجيل الصحيح: إنجيل المسيح


    تساءل المحققون طويلاً عن إنجيل المسيح الذي أنزله الله على عيسى، ذلكم الإنجيل الذي يؤمن به المسلمون والذي تذكره الأناجيل كثيراً.

    لكن الإجابة النصرانية هي صمت مطبق وتجاهل لوجود هذا الإنجيل، فنقطة البدء عندهم للإنجيل أو العهد الجديد تبدأ من الحواريين وهم يسطرون الرسائل والأناجيل.

    لكن رسائل بولس التي ألفت في النصف الثاني من القرن الأول تتحدث في نصوص كثيرة عن إنجيل المسيح، ولا تذكر شيئاً عن الأناجيل الأربعة التي لم يكن مرقس - أول الإنجيليين - قد خط شيئاً منها، إذ أن بولس – ولـه أربعة عشر رسالة في العهد الجديد - قتل سنة 62 بينما ألف مرقس أول الأناجيل عام 65م، ثم تتابعت العشرات من الأناجيل بعد ذلك، وهي تشير أيضاً إلى إنجيل المسيح أو إنجيل الله.

    نصوص تتحدث عن إنجيل المسيح


    تحدث بولس ثم الإنجيليون عن إنجيل المسيح في نصوص كثيرة منها: قول بولس: " إني أعجب أنكم تنتقلون هكذا سريعاً عن الذي دعاكم بنعمة المسيح إلى إنجيل آخر.. يوجد قوم يريدون أن يحولوا إنجيل المسيح.. " ( غلاطية 1/6 - 8 )، فهو يتحدث عن إنجيل حقيقي يتركه الناس إلى إنجيل آخر مزور.

    ومثله قول بولس: " بل نتحمل كل شيء، لئلا نجعل عائقاً لإنجيل المسيح.. أمر الرب أن الذين ينادون بالإنجيل، من الإنجيل يعيشون " ( كورنثوس (1) 9/12 - 14 ).

    ويقول متوعداً: " الذين لا يطيعون إنجيل ربنا يسوع، الذين سيعاقبون بهلاك أبدي "(تسالونيكي(2)1/8-9 ).

    وفي الأناجيل الأربعة وسفر أعمال الرسل حديث عن إنجيل حقيقي، ففي أعمال الرسل أن بطرس قام وقال: " أيها الرجال الإخوة: أنتم تعلمون أنه منذ أيام قديمة اختار الله بيننا أنه بفمي يسمع الأمم كلمة الإنجيل، ويؤمنون " ( أعمال 15/7 ).

    وعندما سكبت المرأة الطيب عند قدمي المسيح قال: " الحق أقول لكم: حيثما يكرز بهذا الإنجيل في كل العالم يخبر أيضاً بما فعلته هذه تذكاراً لها " ( متى 26/13 )، وهو بالطبع لا يقصد إنجيل متى الذي ألفه متى بعد القصة بسنوات طويلة.

    ويقول مرقس: " من يهلك نفسه من أجلي ومن أجل الإنجيل فهو يخلصها " ( مرقس 8/35).

    والملاحظ أن هذه النصوص تتحدث عن إنجيل واحد، وليس الأناجيل الأربعة أو السبعين التي رفضتها الكنيسة، وتسمي النصوص هذا الإنجيل، إنجيل الله، وإنجيل المسيح.

    وقد تهرب عموم النصارى من الإقرار بوجود إنجيل حقيقي هو إنجيل المسيح، فقالوا : لم ينزل على المسيح شيء، بل الإنجيل هو أقواله الشخصية، وقد سطرها الإنجيليون، وهذا بالطبع متسق مع قولهم بألوهية المسيح، إذ لا يليق بالإله أن يؤتى كتاباً، فهذا حال الأنبياء.

    لكن يردُّ هذه الدعوى ذكر النصوص التي تحدثت عن وحي الله إلى المسيح، منها قوله: " أنا أتكلم بما رأيت عند أبي " ( يوحنا 8/38 ). وكذا قوله مثبتاً نزول الوحي عليه، بما أسماه وصية الله التي أعطاه الله إياها: "لأني لم أتكلم من نفسي، لكن الآب الذي أرسلني هو أعطاني وصية: ماذا أقول وبماذا أتكلم، وأنا أعلم أن وصيته هي حياة أبدية. فما أتكلم أنا به فكما قال لي الآب، هكذا أتكلم" (يوحنا 12/49-50)، ومثله قوله: " أتكلم بهذا كما علمني أبي " ( يوحنا 8/28 )..

    ويسمي يوحنا المعمدان كلام الله الذي سيؤتاه المسيح الشهادة، ويتنبأ بإعراض الكثيرين من بني إسرائيل عنها، فيقول: "الذي يأتي من السماء هو فوق الجميع، وما رآه وسمعه به يشهد، وشهادته ليس أحد يقبلها، ومن قبل شهادته فقد ختم أن الله صادق، لأن الذي أرسله اللهُ يتكلم بكلام الله" (يوحنا 3/31-34).

    ويثبت في مواضع أُخر أنه يوحى إليه كسائر الأنبياء، وأن التلاميذ آمنوا به كرسول، وصدقوا أن ما يقوله لهم إنما هو بوحي من الله، فيقول: " والآن علموا أن كل ما أعطيتني هو من عندك، لأن الكلام الذي أعطيتني قد أعطيتهم، وهم قبلوا وعلموا يقيناً أني خرجت من عندك، وآمنوا أنك أنت أرسلتني" (يوحنا 17/7).

    لذا لما جاءته أمه وإخوته ووقفوا ببابه، أعرض عنهم وأقبل على تلاميذه الذين يسمعون منه كلام الله ويعملون به "فأجاب وقال لهم: أمي وإخوتي هم الذين يسمعون كلمة الله، ويعملون بها" (لوقا 8/21).

    وكذا يقول مؤكداً وحي الله إليه فيما يقوله ويبلغ عنه: "الذي لا يحبني لا يحفظ كلامي، والكلام الذي تسمعونه ليس لي، بل للآب الذي أرسلني" ( يوحنا 14/24 ).

    وهذا الوحي الذي آتاه الله سيحاسب الناس بحسبه يوم القيامة " من رذلني ولم يقبل كلامي فله من يدينه، الكلام الذي تكلمت به هو يدينه في اليوم الأخير، لأني لم أتكلم من نفسي " (يوحنا 12/48-49).

    الإقرار بوجود إنجيل المسيح وفقده


    ونقل العلامة رحمة الله الهندي في كتابه الماتع إظهار الحق عن بعض علماء النصرانية إقرارهم بوجود إنجيل يسوع قبل ضياعه واختفائه، ومنهم مارش وليكرك وكوب وأكهارن وغيرهم، يقول أكهارن: " إنه كان في ابتداء الملة المسيحية في بيان أحوال رسالة المسيح رسالة مختصرة يجوز أن يقال أنها هي الإنجيل الأصلي، والغالب أن هذا الإنجيل كان للمريدين الذين كانوا لم يسمعوا أقوال المسيح بآذانهم، ولم يروا أحواله بأعينهم، وكان هذا الإنجيل بمنزلة القلب ".

    ويصف الدكتور هارناك هذا الإنجيل فيقول : " والإنجيل الذي قام بتبليغه المسيح إنما كان يتعلق بالأب وحده، ولا يتعلق بالابن، وليس ذلك أمراً متضاداً، كما أنه ليس عقلانية، وإنما هو عرض بسيط ساذج للحقائق التي بينها مؤلفو الأناجيل ".

    يا مسلمون أحضروا إنجيل المسيح!!


    ولنا أن نتساءل إن كان هذا الإنجيل مما أمرت الكنيسة بإحراقه ضمن الأناجيل الكثيرة التي حرمتها وأمرت بحرقها في مجمع نيقية، لكنا لا نجد لسؤالنا جواباً إلا إنكار وجود هذا الإنجيل، وقد ثبت لدينا وجوده.

    فكثيراً ما نسمع مطالبة النصارى للمسلمين أن يظهروا إنجيل المسيح الذي يدعونه، فيجيب العلامة منصور حسين في كتابه الفريد "دعوة الحق بين المسيحية والإسلام": " إنه منذ فجر المسيحية، وبعد رفع المسيح، وقبل الإسلام كان هناك العديد من الأناجيل، قبل المسيحيون أربعاً منها فقط.. والباقي - كما وجدنا - طوردت وأحرقت، والذين طاردوها هم المسيحيون أنفسهم وأحرقوها، وليس المسلمون، وليدلنا سيادته (أي القمّص باسيليوس، وهو أحد المرددين لهذه العبارة) عليها، وحينئذ أدله من بينها على الإنجيل الصحيح، أما أن يحرقها المسيحيون، ثم يطالبون المسلمين... فهذا غير معقول ".

    إذاً قد اختفى إنجيل المسيح، وعهدة إحضاره باقية في ذمة النصارى، لا المسلمين

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Apr 2006
    المشاركات
    4,740
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    26-11-2016
    على الساعة
    06:52 PM

    افتراضي

    تدوين وقانونية العهد الجديد


    ويقفز إلى الأذهان أسئلة جديدة : كيف ظهرت الأناجيل بعد اختفاء إنجيل المسيح؟ ومن الذي كتبها؟ وما ظروف كتابتها؟

    في الإجابة عن هذه الأسئلة نقول: يقرر عدد من مؤرخي النصرانية انتقال روايات شفاهية، تبلورت فيما بعد بحركة دائبة في كتابة سيرة المسيح لتلبية حاجات الكنيسة المسيحية الناشئة، ونكتفي هنا بنقل ما ذكره يواكيم إرميا في كتابه الذي نشرته الكنيسة المصرية بعنوان " أقوال المسيح غير المدونة في بشائر الأناجيل " فيقول: " ينبغي أن نضع نصب أعيننا حقيقتين أساسيتين عن بشائر الإنجيل وكتابتها : أنه لمدة طويلة، كانت كل التقاليد المعروفة عن المسيح، كلها أقوال شفاهية متناقلة.. واستمرت على هذه الصورة ما يقرب من خمسة وثلاثين عاماً، ولم يتغير الوضع إلا في عهد اضطهاد نيرون للمسيحيين، حينها اجتمع شيوخ الكنيسة وكبارها في خريف عام 64م، ووجدوا أن الكثيرين من أعمدة الكنيسة قد فقدوا.. ولم يجد المجتمعون أمامهم إلا يوحنا الملقب مرقص، زميل الرسول بطرس في الخدمة.. ليسجل كل ما يستطيع أن يتذكره من أحاديث المسيح وتعاليمه، وكتب مرقص بشارته المختصرة التي تحمل اسمه، وهي أقدم قصة كتبت عن حياة المسيح.

    والحقيقة الثانية : أن قصة مرقس عن المسيح وأقواله قد دفعت غيره ليحذوا حذوه، وينسجوا على منواله.. وتنشأ بشائر أخرى...حتى كان هناك عدد لا يستهان به من البشائر...

    ولما رأت الكنيسة أن الأمر جدُّ خطير بدأت في تقصي أسس هذه البشائر الأربعة المعروفة، واعتبرت ما سواها " بشائر أبو كريفية "، طوردت وجمعت وأحرقت حتى اختفت ".

    وينبه المحققون إلى أمر هام، وهو أن شيئاً من الأناجيل لم يكن يسمى إنجيلاً في الصدر الأول للنصرانية، إنما سميت " كاروزوتا " أي موعظة، وذلك باللغة اليونانية التي وجد بها ما سمي فيما بعد بالأناجيل.

    وهذه الكتابات أطلق عليها القديس جوستين في منتصف القرن الثاني اسم " مذكرات الرسل".

    وقد بدأت في أواسط القرن الثاني حركة لتكوين كتاب مقدس للنصارى على غرار ما عند اليهود، وقد أثمرت ما بين أيدينا من أسفار العهد الجديد، يقول المدخل الفرنسي للعهد الجديد : " لم يشعر المسيحيون الأولون إلا بعد وفاة آخر الرسل بضرورة تدوين أهم ما عمله الرسل وتولي حفظ ما كتبوه... ويبدو أن المسيحيين حتى ما يقرب من السنة 150م تدرجوا من حيث لم يشعروا بالأمر إلا قليلاً جداً إلى الشروع في إنشاء مجموعة جديدة من الأسفار المقدسة، وأغلب الظن أنهم جمعوا في بدء أمرهم رسائل بولس، واستعملوها في حياتهم الكنسية، ولم تكن غايتهم قط أن يؤلفوا ملحقاً بالكتاب المقدس..

    ومع ما كان لتلك النصوص من الشأن فليس هناك قبل القرن الثاني ( بطرس (2) 3/16 ) أي شهادة تثبت أن الناس عرفوا مجموعة من النصوص الإنجيلية المكتوبة، ولا يذكر أن لمؤلَف من تلك المؤلفات صفة ما يلزم، فلم يظهر ذلك إلا في النصف الثاني من القرن الثاني... فيمكن القول أن الأناجيل الأربعة حظيت نحو السنة 170م بمقام الأدب القانوني، وإن لم تستعمل تلك اللفظة حتى ذلك الحين،...

    يجدر بالذكر ما جرى بين السنة 150 والسنة 200 إذ حدد على نحو تدريجي أن سفر أعمال الرسل مؤلف قانوني، وقد حصل شيء من الإجماع على رسالة يوحنا الأولى... هناك عدد كبير من المؤلفات ( الحائرة ) يذكرها بعض الآباء ذكرهم لأسفار قانونية في حين أن غيرهم ينظر إليها نظرته إلى مطالعة مفيدة.. وهناك أيضاً مؤلفات جرت العادة أن يستشهد بها ذلك الوقت على أنها جزء من الكتاب المقدس، ومن ثم جزء من القانون لم تبق زمناً على تلك الحال، بل أخرجت آخر الأمر من القانون، ذلك ما جرى لمؤلف هرماس وعنوانه الراعي، وللديداكي، ورسالة أكليمنص الأولى، ورسالة برنابا ورؤيا بطرس ".

    وهذا الذي ذكرته مقدمة العهد الجديد نستطيع أن نجمله بأن حركة تدوين الأناجيل بدأت بعد موت أهم التلاميذ، وأخذت شرعيتها في أواسط القرن الثاني كما ساعد في تكوين قانونية العهد الجديد مرقيون الهرطوقي سنة 160م حيث دعا لنبذ سلطة العهد القديم، واحتاج لتزويد كنيسته بأسفار مقدسة أخرى، فساهم أتباعه في نشر هذه الأناجيل فقد جمع في عهده إنجيلاً، وراجعه مراجعة دقيقة ليتمشى مع أفكاره، وجمع إليه رسالة بولس إلى أهل غلاطية، وهي رسالة تؤكد إبطال الناموس ونقده، ثم أضاف رسائل بولس إلى أهل كورنثوس وتسالونيكي وأفسس وفيلبي وفليمون

    كيفية اختيار الأناجيل الأربعة


    أما الكيفية التي اختارت بها الكنيسة هذه الأناجيل دون غيرها، ومكان الاختيار ... فلا يوجد أي تفصيل عند النصارى عن هذه النقطة سوى ما ذكره المدخل الفرنسي للعهد الجديد : "يبدو أن مقياس نسبة المؤلف إلى الرسل استعمل استعمالاً كبيراً، ففقد رويداً رويداً كل مؤلَف لم تثبت نسبته إلى رسول من الرسل ما كان له من الحظوة ".

    ولكن هذا القول إنما يصح لو كانت هذه الأناجيل جميعاً قانونية، ثم بدأ بعضها يفقد بريقه عند التحقيق والتدقيق، بينما حصل العكس في تاريخ الكتاب المقدس، إذ لم يعتبر شيء من هذه الكتب قانونياً، ثم بدأ في الاختيار فيما بعد، ويقول الأب كننغسر بأن الأناجيل التي رفضت هي التي لا تتفق مع الخط الأرثوذكسي.

    لكن المتفق عليه عند مؤرخي الكنيسة أن الأناجيل الأربعة ورسائل بولس قد أقرت في أواخر القرن الثاني، وكان أول من ذكر الأناجيل الأربعة المؤرخ أرمينيوس سنة 200م تقريباً، ثم ذكرها كليمنس اسكندريانوس، ودافع عنها، واعتبرها واجبة التسليم.

    فيما بقيت أسفار العهد الجديد موضع نزاع بين الكنائس طوال القرن الثالث، وقد قبلت بعض الكتب في الكنائس الشرقية كالرسالة إلى العبرانيين، بينما رفضها أتباع الكنائس الغربية، وقبلوا رؤيا يوحنا اللاهوتي.

    ترتيب الأسفار المقدسة ودلالته


    وكما وقع الخلاف في إلهامية بعض الأسفار وقع الخلاف في ترتيب هذه الأسفار في العهد الجديد، وهذا الخلاف مهم، إذ كلٌ رتب الأسفار حسب ما يعتقد لها من قيمة وقداسة وأهمية، فالخلاف في الترتيب خلاف في قيمة الأسفار.

    وأقدم قائمة رتبت الأسفار كانت في أواسط القرن الرابع قائمة أثناسيوس 367م، وكان ترتيبه كالتالي: الأناجيل ثم أعمال الرسل ثم الرسائل الكاثوليكية ثم رسائل بولس ثم سفر الرؤيا.

    ثم أصدر مجمع روما 382م ترتيباً آخر، تلا الأناجيل فيه رسائل بولس ثم رؤيا يوحنا ثم الرسائل الكاثوليكية السبعة.

    وأما الترتيب الحالي فكان من قرارات مجمع ترنت 1546م.

    وقد بين لنا المحققون من خلال استعراضهم مسيرة الأناجيل، وتحولها من عمل شخصي إلى عمل قانوني مقدس حقيقة هامة، وهي أن تقديس هذه الكتب عمل بشري لا يستند إلى دليل من هذه الكتب، بل هو قرار اختلفت فيه المجامع حتى أُقر، ولو كان من الوحي لما اختلفت فيه المجامع، ولما احتاج إلى قرار كنسي ليصبح مقدساً ووحياً إلهياً.

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Apr 2006
    المشاركات
    4,740
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    26-11-2016
    على الساعة
    06:52 PM

    افتراضي

    الأناجيل غير القانونية


    نشطت حركة التأليف في الجيل الأول من النصرانية بشكل واسع، وظهرت أناجيل كثيرة كما تدلنا على ذلك مقدمة إنجيل لوقا " إذ كان كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة عندنا كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخداماً للكلمة، رأيت أنا أيضاً، إذ قد تتبعت كل شيء من الأول بتدقيق أن أكتب على التوالي إليك أيها العزيز ثاوفيلس لتعرف صحة الكلام الذي علّمتَ به" (لوقا 1/1-4)، لكن هذه الكثرة الكاثرة من الأناجيل التي سطرها تلاميذ المسيح لم يكتب لها القبول فيما بعد من الكنيسة، فاندثرت وأضحت في خبر كان .

    أولا: نظرة تاريخية في الأناجيل غير القانونية

    رأينا كيف اعترفت الكنيسة بأربعة أناجيل، وأنها رفضت عدداً كبيراً من الأناجيل والكتب التي ألفها الجيل الأول من المسيحيين، وأوصلها صاحب كتاب اكسيهومو ( 1810م ) إلى أربعة وسبعين كتاباً، وعدّدها، فذكر أن منها ما هو منسوب لعيسى وأمه، وللحواريين، ومنها ما هو منسوب للإنجيليين الأربعة، وبعض الباحثين يصل بعدد الأناجيل إلى ما يربو على المائة كتاب، ومنها ما هو منسوب لجماعات مسيحية قديمة كإنجيل المصريين والناصريين.

    وقد سميت بعض هذه الكتب أناجيل كإنجيل بطرس واندرياه ويعقوب وميتاه ( متى ) وإنجيل المصريين لمرقس وبرنابا، وعددت دائرة المعارف الأمريكية أسماء ستة وعشرين إنجيلاً لا تعترف بهم الكنيسة رغم نسبتهم إلى المسيح وكبار حوارييه.

    وقد كانت بعض هذه الكتابات والأناجيل متداولة لدى عدد من الفرق المسيحية القديمة، وظلت متداولة إلى القرن الرابع الميلادي.

    وفي مجمع نيقية 325م أمرت الكنيسة باعتماد الأناجيل الأربعة ورفض ما سواها، من غير أن تقدم مبرراً لرفض تلك الأناجيل سوى مخالفتها لما تم الاتفاق عليه في المجمع، وفي ذلك يقول العالم الألماني تولستوي في مقدمة إنجيله الخاص الذي وضع فيه ما يعتقد صحته: " لا ندري السر في اختيار الكنيسة هذا العدد من الكتب وتفضيلها إياه على غيره، واعتباره مقدساً منزلاً دون سواه مع كون جميع الأشخاص الذين كتبوها في نظرها رجال قديسون ... ويا ليت الكنيسة عند اختيارها لتلك الكتب أوضحت للناس هذا التفضيل...إن الكنيسة أخطأت خطأ لا يغتفر في اختيارها بعض الكتب ورفضها الأخرى واجتهادها.. ".

    وأمرت الكنيسة بحرق جميع هذه الأناجيل لما فيها من مخالفات للعقيدة الكنسية، وصدر قرار من الإمبراطور بقتل كل من عنده نسخة من هذه الكتب.

    ثانياً: ما وصل إلينا من الأناجيل المحرمة

    وهكذا اختفت معظم هذه الأناجيل ولم يصل منها سوى إنجيل برنابا والإنجيل الأغنسطي، وثلاث قصاصات من إنجيل مريم وبعض شرائح لاتينية وإغريقية وقبطية من إنجيل برثولماوس وإنجيل نيقوديموس، كما عثر أخيراً في نجع حمادي بمصر على مقتطفات من إنجيل بطرس وكتاب أعمال يوحنا.

    ولعل أهم ما وجد في نجع حمادي مائة وأربعة عشر قولاً منسوباً للمسيح في إنجيل توما الذي يختلف أسلوبه عن الأناجيل الأربعة، إذ لم يسرد قصة المسيح، بل نقل أقواله، ويرجع المحقق كويستر هذا الإنجيل إلى منتصف القرن الأول الميلادي، وأرجعه كيسيبل إلى 140م.

    وعثر أيضاً على إنجيل " الحقيقة " والذي اعتبره ايرينوس (180م ) إنجيلاً مزوراً

    ثالثاً: الأدلة التاريخية على وجود هذه الأناجيل

    وللتأكيد على وجود هذه الأناجيل في القرن الأول وحتى قبل كتابة الإنجيليين الأربعة لأناجيلهم نتذكر ما سطره لوقا في مقدمته " إذ كان كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة عندنا.. رأيت أنا أيضاً إذ قد تتبعت كل شيء من الأول بتدقيق أن أكتب على التوالي إليك أيها العزيز ثاوفيلس لتعرف صحة الكلام الذي علمتَ به " ( لوقا 1/1 - 4 )، فقد كان بين يديه مجموعة كبيرة من الأناجيل، لا يعلم عددها إلا الله.

    وقد استشهد كل من كليمنت الرومي ( 97م ) وبوليكارب ( 112م ) بأقوال للمسيح في صيغ مستقلة غير موجودة في الأناجيل الأربعة.

    وقد جمع فايرسيوس ما تبقى من هذه الأناجيل، وطبعها في ثلاثة مجلدات.

    مـــلاحظــــات


    وبادئ ذي بدء فإن المحققين سجلوا حول هذه الأناجيل ملاحظات.

    -أن ثمة كتب كثيرة ظهرت في القرن الأول، وكلها منسوبة للمسيح وحوارييه.

    -أن هذه الأناجيل تخالف عقائد مجمع نيقية، وبعضها كان خاصاً بفرق مسيحية موحدة.

    - أن الكنيسة حين حرمت هذه الأناجيل، لم تقدم أدلة على صحة القرار الذي اتخذته.

    -أنه كما لا يحق لرجال الكنيسة إعطاء صفة القانونية للأناجيل الأربعة، فإنه لا يحق لهم إبطال صحة هذه الأناجيل واعتبارها أبوكريفا ( مزيفة، خفية ).

صفحة 4 من 8 الأولىالأولى ... 3 4 5 ... الأخيرةالأخيرة

سلسلة إثبات التحريف في كتاب النصارى

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. كتاب (البيان بما فى عقيدة النصارى من التحريف والبهتان)
    بواسطة المهدى في المنتدى منتديات الشيخ أيوب
    مشاركات: 15
    آخر مشاركة: 16-08-2022, 11:21 PM
  2. مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 11-06-2013, 07:13 AM
  3. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 31-05-2013, 04:58 PM
  4. في إثبات التحريف
    بواسطة محمد مصطفى في المنتدى منتديات الدعاة العامة
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 10-06-2007, 12:34 AM
  5. سلسلة محاضرات الدكتور شريف حول التحريف
    بواسطة الحاتمي في المنتدى منتدى الكتب
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 25-11-2006, 01:57 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

سلسلة إثبات التحريف في كتاب النصارى

سلسلة إثبات التحريف في كتاب النصارى