كتاب الدعوة للاسلام : سير توماس ارنولد
يقول أرنولد : لقد اجتذبت الدعوة المحمدية إلى أحضانها من الصليبيين عددا مذكورا حتى في العهد الأول أي في القرن الثاني عشر ، ولم يقتصر ذلك على عامة النصارى بل إن بعض أمرائهم وقادتهم انضموا أيضا إلى المسلمين في ساعات انتصارات المسيحيون .
ويروي توماس أرنولد عن بعض مؤرخي النصارى قوله : إن ستة من أمراء مملكة القدس استولى عليهم الشيطان ليلة معركة حطين ، فأسلموا وانضموا إلى صفوف الأعداء دون أن يقهروا من أحد على ذلك ، ويعلل توماس أرنولد لانتشار الإسلام بين الصليبيين بقوله : ويظهر أن أخلاق صلاح الدين وحياته التي انطوت على البطولة ، قد أحدثت في أذهان المسيحيين في عصره تأثيرا سحريا خاصا ، حتى أن نفرا من الفرسان المسيحيين قد بلغ من قوة انجذابهم إليه أن هجروا ديانتهم المسيحية وهجروا قومهم وانضموا إلى المسلمين ، وكذلك كانت الحال عندما طرح النصرانية ، مثلا ، فارس إنجليزي من فرسان المعبد ، يدعى روبرت أوف سانت أليانس سنة 1185 م واعتنق الإسلام ثم تزوج بإحدى حفيدات صلاح الدين .
فهل يمكن أن نقول إن الإسلام انتشر بين الصليبيين بالقوة ؟
في القرن التاسع الهجري هجم المغول على العالم الإسلامي ، وكان هجومهم وحشيا قاسيا مدمرا ، سفكوا الدماء فسالت أنهارا ، وحطموا الحضارة الإسلامية ، وهدموا القصور والمساجد ، وأحرقوا الكتب ، وقتلوا العلماء ، وامتدت أيديهم إلى الخليفة فقتلوه وقتلوا معه أهله .
وأزالوا الخلافة العباسية سنة 656 ه ، وأصبحت للمغول اليد العليا ، وهوت أمامهم كل قوى المسلمين
في عاصمة الخلافة وما حولها ، ولكن سرعان ما جذب الإسلام إليه هؤلاء الفاتحين الغزاة ، وسرعان ما دخله المغول الذين هاجموه وعملوا على تقويضه .
فهل يمكن أن نقول إن الإسلام انتشر بين المغول بالقوة ؟
يقول سير توماس أرنولد في ذلك : لا يعرف الإسلام من بين ما نزل به من خطوب وويلات خطبا أعنف قسوة من غزوات المغول ، فلقد انسابت جيوش جنكيزخان ، واكتسحت في طريقها العواصم الإسلامية وقضت على ما كان بها من مدنية وحضارة . . .
على أن الإسلام لم يلبث أن نهض من رقدته وظهر من بين الأطلال ، واستطاع بواسطة دعاته أن يجذب أولئك الفاتحين البرابرة ويحملهم على اعتناقه
المفضلات