القسم الثاني : بيان كذب الدعاوي النصرانية عن طريق الروايات الصحيحة .

اولا : ادعاء النصارى ان النبي عليه الصلاة و السلام الغى حكم التبني ليتزوج ن زينب بنت جحش رضي الله عنها باطل و ذلك لان حكم تحريم التبني نزل قبل ذلك بفترة و ذلك بنزول الاية الخامسة من سورة الاحزاب و ذلك قوله تعالى : (( ادعوهم لابائهم هو اقسط عند الله)) .

و الدليل :

نقرا من صحيح البخاري كتاب تفسير القران باب ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله 4504 حدثنا معلى بن أسد حدثنا عبد العزيز بن المختار حدثنا موسى بن عقبة قال حدثني سالم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كنا ندعوه إلا زيد بن محمد حتى نزل القرآن ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله .

و نقرا من صحيح البخاري كتاب النكاح باب الاكفاء في الدين
4800 حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري قال أخبرني عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها أن أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس وكان ممن شهد بدرا مع النبي صلى الله عليه وسلم تبنى سالما وأنكحه بنت أخيه هند بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة وهو مولى لامرأة من الأنصار كما تبنى النبي صلى الله عليه وسلم زيدا وكان من تبنى رجلا في الجاهلية دعاه الناس إليه وورث من ميراثه حتى أنزل الله ادعوهم لآبائهم إلى قوله ومواليكم فردوا إلى آبائهم فمن لم يعلم له أب كان مولى وأخا في الدين فجاءت سهلة بنت سهيل بن عمرو القرشي ثم العامري وهي امرأة أبي حذيفة بن عتبة النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إنا كنا نرى سالما ولدا وقد أنزل الله فيه ما قد علمت فذكر الحديث

و نقرا من سنن ابو داود كتاب النكاح الجزء الثاني باب فيمن حرم به
2061 حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عنبسة حدثني يونس عن ابن شهاب حدثني عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وأم سلمة أن أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس كان تبنى سالما وأنكحه ابنة أخيه هند بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة وهو مولى لامرأة من الأنصار كما تبنى رسول الله صلى الله عليه وسلم زيدا وكان من تبنى رجلا في الجاهلية دعاه الناس إليه وورث ميراثه حتى أنزل الله سبحانه وتعالى في ذلك ادعوهم لآبائهم إلى قوله فإخوانكم في الدين ومواليكم فردوا إلى آبائهم فمن لم يعلم له أب كان مولى وأخا في الدين فجاءت سهلة بنت سهيل بن عمرو القرشي ثم العامري وهي امرأة أبي حذيفة فقالت يا رسول الله إنا كنا نرى سالما ولدا وكان يأوي معي ومع أبي حذيفة في بيت واحد ويراني فضلا وقد أنزل الله عز وجل فيهم ما قد علمت فكيف ترى فيه فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم أرضعيه فأرضعته خمس رضعات فكان بمنزلة ولدها من الرضاعة


و المعلوم ان المراة هنا لا ترضع الا اذا حملت و نعلم ان سهلة حملت بولد واحد من ابي حذيفة رضي الله عنها و هو ابنه محمد . و محمد بن ابي حذيفة توفي النبي صلى الله عليه وسلم و عمره 11 سنة و هذا يعني انه ولد في السنة الاولى للهجرة او قبل الهجرة بسنة (نظرا لانه و كما هو معلوم فان النبي عليه الصلاة و السلام توفي في بدايات سنة 11 هجرية)


نقرا من سير اعلام النبلاء للامام الذهبي رحمه الله الجزء الثالث :
((هو الأمير أبو القاسم العبشمي ، أحد الأشراف ، ولد لأبيه لما هاجر الهجرة الأولى إلى الحبشة . وله رؤية . ولما توفي النبي - صلى الله عليه وسلم - كان هذا ابن إحدى عشرة سنة ، أو أكثر .))
و نقرا من صحيح البخاري كتاب مناقب الانصار
(( 3689 حدثنا مطر بن الفضل حدثنا روح بن عبادة حدثنا هشام حدثنا عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم لأربعين سنة فمكث بمكة ثلاث عشرة سنة يوحى إليه ثم أمر بالهجرة فهاجر عشر سنين ومات وهو ابن ثلاث وستين))

وهذا يعني ان تحريم التبني نزل في بدايات الهجرة قبل زواج النبي صلى الله عليه وسلم بزينب رضي الله عنها وقبل حتى غزوة الاحزاب تقريبا و انما امر الله عز وجل نبيه بالزواج من زينب رضي الله عنها ليثبت الحكم و يرفع الحوج عن المؤمنين في الزواج من طليقات و ارامل من تبونهم في الجاهلية

يقول الامام ابن كثير رحمه الله في تفسيره الجزء السادس سورة الاحزاب :
(( وقوله : ( لكيلا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا ) أي : إنما أبحنا لك تزويجها وفعلنا ذلك; لئلا يبقى حرج على المؤمنين في تزويج مطلقات الأدعياء ، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قبل النبوة قد تبنى زيد بن حارثة ، فكان يقال له : " زيد بن محمد " ، فلما قطع الله هذه النسبة بقوله تعالى : ( وما جعل أدعياءكم أبناءكم ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله ) ، ثم زاد ذلك بيانا وتأكيدا بوقوع تزويج رسول الله صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش لما طلقها زيد بن حارثة ; ولهذا قال في آية التحريم : ( وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم ) [ النساء : 23 ] ليحترز من الابن الدعي; فإن ذلك كان كثيرا فيهم ))


ثانيا : لم يثبت ان النبي صلى الله عليه وسلم راى زينب رضي الله عنها عارية او ان زيد عرض للنبي صلى الله عليه وسلم ان يتنازل له عن زوجته و غير ذلك من الكذب حاشاه بل ان الواقعة اقتصرت على ان زيد رضي الله عنه ذهب للنبي صلى الله عليه وسلم يشكو اليه زينب رضي الله عنها وقد هم ان يطلقها فامره النبي صلى الله عليه وسلم ان يمسكها و لا يطلقها و قال له : (امسك عليك زوجك و اتقي الله ) .

نقرا من صحيح البخاري كتاب التوحيد
باب و كان عرشه على الماء و هو رب العرش العظيم
6984 حدثنا أحمد حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي حدثنا حماد بن زيد عن ثابت عن أنس قال جاء زيد بن حارثة يشكو فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول اتق الله وأمسك عليك زوجك قال أنس لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كاتما شيئا لكتم هذه قال فكانت زينب تفخر على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم تقول زوجكن أهاليكن وزوجني الله تعالى من فوق سبع سموات وعن ثابت وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس نزلت في شأن زينب وزيد بن حارثة .

نقرا من السنن الكبرى للبيهقي رحمه الله كتاب النكاح باب نسخ التبني
13490 ( أخبرنا ) محمد بن عبد الله الحافظ ، ثنا أبو الحسن : علي بن محمد بن سختويه ، ثنا محمد بن أيوب ، أنبأ عبد الله بن عبد الوهاب الحجبي ، ثنا حماد بن زيد ، ثنا ثابت عن أنس ، قال : نزلت هذه الآية : ( وتخفي في نفسك ما الله مبديه ) في شأن زينب بنت جحش ، وكان جاء زيد يشكو ، وهم بطلاقها ، جاء يستأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم : ( أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه ) الآية . قال : ( فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا ) أخرجه البخاري في الصحيح من وجهين آخرين عن حماد بن زيد .


ثالثا :ان نزول الاية الكريمة ((و اذ تقول للذي انعم الله عليه وانعمت عليه امسك عليك زوجك و اتقي الله .... اذا قضو منهن وطرا)) تم بعد طلاق زيد لزينب بل بعد عدة رينب رضي الله عنهما و ليس كما رمى بعض المستشرقين و المرجفين من اتباع الكنيسة ان نزول الايات كان اثناء زواج زيد لزينب رضي الله عنهما .

نقرا من صحيح مسلم كتاب النكاح باب زواج زينب بنت جحش ونزول الحجاب وإثبات وليمة العرس
1428 حدثنا محمد بن حاتم بن ميمون حدثنا بهز ح وحدثني محمد بن رافع حدثنا أبو النضر هاشم بن القاسم قالا جميعا حدثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس وهذا حديث بهز قال لما انقضت عدة زينب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزيد فاذكرها علي قال فانطلق زيد حتى أتاها وهي تخمر عجينها قال فلما رأيتها عظمت في صدري حتى ما أستطيع أن أنظر إليها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرها فوليتها ظهري ونكصت على عقبي فقلت يا زينب أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرك قالت ما أنا بصانعة شيئا حتى أوامر ربي فقامت إلى مسجدها ونزل القرآن وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل عليها بغير إذن قال فقال ولقد رأيتنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أطعمنا الخبز واللحم حين امتد النهار فخرج الناس وبقي رجال يتحدثون في البيت بعد الطعام فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم واتبعته فجعل يتتبع حجر نسائه يسلم عليهن ويقلن يا رسول الله كيف وجدت أهلك قال فما أدري أنا أخبرته أن القوم قد خرجوا أو أخبرني قال فانطلق حتى دخل البيت فذهبت أدخل معه فألقى الستر بيني وبينه ونزل الحجاب قال ووعظ القوم بما وعظوا به زاد ابن رافع في حديثه لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه إلى قوله والله لا يستحيي من الحق

و قد دلس المستشرقون في كتاباتهم في هذه القصة بالذات و زعموا كذبا و زورا ان النبي عليه الصلاة و السلام و العياذ بالله الف هذه الاية من عنده وقتما كان زيد و زينب رضي الله عنهما متزوجين و هذا من الكذب البواح و التدليس اذ ان الروايات الصحيحة دالة ان الايات انما نزلت بعد طلاق زينب و زيد رضي الله عنهما
.

و اما القصة التي يتشدقون بها كما في الروايات الضعيفة فقد ضعفها اهل العلم كما ذكرنا في الاعلى و نضيف :

نقرا من تفسير بن كثير رحمه الله الجزء السادس :
(ذكر ابن جرير ، وابن أبي حاتم هاهنا آثارا عن بعض السلف ، رضي الله عنهم ، أحببنا أن نضرب عنها صفحا لعدم صحتها فلا نوردها
وقد روى الإمام أحمد هاهنا أيضا حديثا ، من رواية حماد بن زيد ، عن ثابت ، عن أنس فيه غرابة تركنا سياقه أيضا ))

و قال الامام القرطبي رحمه الله الجزء الرابع عشر في تفسيره سورة الاحزاب :
(( فأما ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم هوي زينب امرأة زيد - وربما أطلق بعض المجان لفظ عشق - فهذا إنما يصدر عن جاهل بعصمة النبي صلى الله عليه وسلم عن مثل هذا ، أو مستخف بحرمته))

وقال الشنقيطي في اضواء البيان الجزء السادس :
((وبه تعلم أن ما يقوله كثير من المفسرين من أن ما أخفاه في نفسه - صلى الله عليه وسلم - وأبداه الله وقوع زينب في قلبه ومحبته لها ، وهي تحت زيد ، وأنها سمعته قال : " سبحان مقلب القلوب " إلى آخر القصة ، كله لا صحة له ، والدليل عليه أن الله لم يبد من ذلك شيئا ، مع أنه صرح بأنه مبدي ما أخفاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، انتهى محل الغرض من كلامنا في ترجمة هذا الكتاب المبارك . ))

وقال الامام ابو بكر بن العربي في كتابه احكام القران الجزء الثالث سورة الاحزاب :
(( وقد مهدنا ذلك في كتب الأصول . وهذه الروايات كلها ساقطة الأسانيد ; إنما الصحيح منها ما روي عن عائشة أنها قالت : لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كاتما من الوحي شيئا لكتم هذه الآية : { وإذ تقول للذي أنعم الله عليه } يعني بالإسلام ، { وأنعمت عليه } يعني بالعتق ، فأعتقته : { أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه } إلى قوله : { وكان أمر الله مفعولا } وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما تزوجها قالوا : تزوج حليلة ابنه ، فأنزل الله تعالى : { ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين } . ))

ثم نقل الامام بن العربي قول القاضي عياض رحمه الله في انكار هذه الروايات :
((قال القاضي : وما وراء هذه الرواية غير معتبر ، فأما قولهم : إن النبي صلى الله عليه وسلم رآها فوقعت في قلبه فباطل فإنه كان معها في كل وقت وموضع ، ولم يكن حينئذ حجاب ، فكيف تنشأ معه وينشأ معها ويلحظها في كل ساعة ، ولا تقع في قلبه إلا إذا كان لها زوج ، وقد وهبته نفسها ، وكرهت غيره ، فلم تخطر بباله ، فكيف يتجدد له هوى لم يكن ، حاشا لذلك القلب المطهر من هذه العلاقة الفاسدة))

وقال الامام بن حجر رحمه الله في فتح الباري شرح صحيح البخاري كتاب تفسير القران سورة الاحزاب :
(( ووردت آثار أخرى أخرجها ابن أبي حاتم والطبري ونقلها كثير من المفسرين لا ينبغي التشاغل بها ، والذي أوردته منها هو المعتمد . والحاصل أن الذي كان يخفيه النبي - صلى الله عليه وسلم - هو إخبار الله إياه أنها ستصير زوجته ، والذي كان يحمله على إخفاء ذلك خشية قول الناس تزوج امرأة ابنه ، وأراد الله إبطال ما كان أهل الجاهلية عليه من أحكام التبني بأمر لا أبلغ في الإبطال منه وهو تزوج امرأة الذي يدعى ابنا . ووقوع ذلك من إمام المسلمين ليكون أدعى لقبولهم . ))

يتبع