الرد على السؤال رقم
3: جاء في سورة المُلك 5 " وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ " ...وجاء في سورة الصافات 6-10 " إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ ... وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ ... لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ ... دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ ... إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ " ...وجاء في سورة الحجر 16-18 " وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ ... وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ ... إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ " ... ثم اورد الناقد تفسير البيضاوي لهذه الآيات ...

ثم قال سيادته: ونحن نسأل ... إذا كان كل كوكب هو عالم ضخم، والكواكب هي ملايين العوالم الضخمة تسبح على أبعاد شاسعة في فضاء لا نهائي، فكيف نتصور الكواكب كالحجارة يمسك بها ملاك في حجم الإنسان ليضرب بها الشيطان منعا له من استماع أصوات سكان السماء ؟؟؟ هل كل هذه الأجرام السماوية خُلقت لتكون ذخيرة أو عتاداً حربياً كالحجارة لرجم الشيطان حتى اشتهر اسمه بالشيطان الرجيم ؟؟؟ وكيف يطرح الملائكة الكواكب ؟؟؟ وكيف يُحفظ توازن الكون إذا سارت في غير فلكها ؟؟؟


§ إن السيد الناقد يحاول أن يستدرج القارئ السطحي أو غير المثقف للاقتناع بمفاهيم لم يذكرها أو يشر اليها القرآن الكريم لا من قريب ولا من بعيد ... فالقرآن لم يذكر أن الكواكب كالحجارة يمسك بها ملاك في حجم الإنسان ليضرب بها الشيطان ليمنعه من استماع أصوات سكان السماء !!! أو أن كل هذه الأجرام السماوية خُلقت لتكون ذخيرة أو عتاداً حربياً كالحجارة لرجم الشيطان كما قال سيادته !!! إذن فما الذي قاله القرآن الكريم في الآيات التي استدل بها السيد الناقد ؟؟؟

§
قال تعالى " وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ " المُلك 5 ... أي بأجسام منيرة مضيئة ... وهذه المضيئات إما أن تكون نجوماً ... وإما أن تكون شهباً ... فالأمر يشمل ويحتمل للمعنيين ... والشهاب هو الشُعْلة الساطعة من النار ... قال تعالى " أَوْ ءَاتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ " النمل 7 ... وشهاب هنا بمعنى شعلة النار الساطعة التي اُخِذت من أصلها.

§ ثم قال تعالى بعد ذلك
" وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ " المُلك 5 ... أي جعلنا هذه المضيئات ترجم الشياطين ... ولذلك فإن المضيئات التي ستستخدم في رجم الشيطان ستكون إما النجوم او الشهب ... فماذا افاد القرآن عن ذلك ؟؟؟ قال تعالى " إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ "الصافات 10 ... أي أن ما سيستخدم في الرجم هو الشهاب وليس النجم ... وأيضاً قال تعالى " إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ " الحجر 18 ... أي أن ما سيستخدم أيضاً في الرجم هو الشهاب وليس النجم ... وقال تعالى أيضاً: " وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَّصَداً " الجن 9 ... أي لم يقل نجماً بل قال شهاباً ... إن القرآن الكريم يفسر بعضه ويقرأ متكامل بضم الآيات الى بعضها ... والقارئ الذكي سيلاحظ اننا استرشدنا في الدليل الذي ذكرناه بنفس الآيات التي أوردها الناقد والتي حاول أن يلوى اعناقها ليوهم القارئ السطحي بما طرحه !!!

§
إن الشهب هي أجسام مضيئة تسبح في الكون الفسيح ... فإذا شاء الله أن يعاقب أحد الشياطين سلط عليه إحدى هذه الشهب، فرجمه به ... فما الذي يستنكره العاقل في عقوبة الله لهذه المخلوقات بحرقها بشهب السماء (وليس بكواكب او بشمس أو قمر) فقد جعل الله للشياطين عقوبة تناسبهم ... وهي بالطبع غير ما جُعل للإنس من أدوات العقاب ؟؟؟ هذا ولم يقل القران ان كل شهب السماء أو أن كُلَّ النجومِ والكواكبِ التي تُعَدُّ بمليارات المليارات عبارة عن حجارةٌ لضَرْبِ الشياطين ... إنما أَخْبَرَ أَنَّ الشياطين يقذفون بشهب مُشْتَعِلَة ...

§ وإذا رجعنا لتفسير البيضاوي لتلك الآيات والذي استدل به الناقد سنجده يؤكد أيضاً ما ذكرناه ... ففي تفسيره لآية سورة الملك 5 ... قال:
" وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ " ... أي وجعلنا لها فائدة أخرى وهي رجم أعدائكم بانقضاض الشهب المسببة عنها ... وفي تفسيره لآية الصافات 10 " وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ " ... قال أي خارج من الطاعة برمي الشهب ... وفى تفسيره للآية 18 من سورة الحجر: {فَأَتْبَعَهُ} فتبعه ولحقه ... {شِهَابٌ مُّبِينٌ} ظاهر للمبصرين ... والشهاب شعلة نار ساطعة ...


§
لقد حِفْظُ الله السماءِ من صُعودِ الشياطينِ إِليها ... فالشياطينُ يُريدونَ الصعودَ إِلى السماءِ الدنيا لِيَتَسَمَّعوا إِلى الملأ الأَعْلى من الملائكة ... لعلَّهم يَسمعونَ منهم كلمةً مما أَمرهم اللهُ بإِنفاذِه في عالَمِ البشر فَيهبطون فَوراً إِلى الأَرض ... ويُقَدمونَ ما سَمِعوه إِلى أَعوانِهم من الكهنةِ والسحرةِ والدَّجّالين ... فيُخبرونَ الناسَ بذلك، ويوهمونَهم بأَنهم يعلمونَ الغيب (الذى لا يعلمه أحد الا الله) ... فإِذا حاولَ أَحَدُ الشياطين الاقترابَ من السماءِ قُذف بشهابٍ ثاقب ... " إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ ... وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ ... لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ ... دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ ... إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ " الصافات 6-10 ... وتفسير ذلك كما ورد في تفسير المنتخب: " إلا من اختلس الكلمة من أخبار السماء ... فإننا نتبعه بشعلة من النار تثقب الجو بضوئها فتحرقه ". انتهى تفسير المنتخب

§ ولا ندرى كيف يوجه الناقد هذا السؤال للمسلمين ولم يقرأ ما ورد عنده في كتابه المقدس في
سفر التكوين اصحاح 3 / 22-24 ترجمة الحياة ... فقد أخرج الله آدم من جنة عدن بعد أكله من شجرة معرفة الخير من الشر وأصبح مثل الله يعرف أن يميز بين الخير والشر ... وبعد ذلك تحسّب الله أن يأكل آدم من شجرة الحياة ... خشية أن يسلب الخلود فيحيا الى الأبد كما سلب معرفة الخير من الشر مثل الله !!!
" ثم قال الرب الإله: «ها الإنسان قد صار كواحد منا ... يميز بين الخير والشر ... وقد يمد يده ويتناول من شجرة الحياة ويأكل ... فيحيا إلى الأبد ... فأخرجه من جنة عدن ليفلح الأرض التي أخذ من ترابها."

§
فماذا حدث بعد ذلك ؟؟؟ " وهكذا طرد الله الإنسان من جنة عدن ... وأقام ملائكة الكروبيم وسيفا ناريا متقلبا شرقي الجنة لحراسة الطريق المفضية إلى شجرة الحياة "سفر التكوين 4/24 ... الْكَرُوبِيمَ = ملائكة يرسلون من قبل الله أو يقيمون في حضرته تعالى ... أقامهم الله على أبواب جنة عدن عندما طرد أدم وحواء منها (موقع الأنبا تكلا)

§ أي أن الله عندما طرد أدم و
حواء من الجنة جعل على أبوابها ملائكة (كروبيم) لحراسة الطريق المؤدى الى شجرة الحياة ليمنع آدم من الرجوع للجنة مرة أخرى والأكل من شجرة الحياة فيها فيحيا الى الأبد - فهل كان هؤلاء الملائكة مسلحين ؟؟؟ الإجابة نعم ... وما هي أسلحتهم " وسيفا ناريا متقلبا " سفر التكوين 3/24 بمعنى أن كل " كاروب " كان يحمل لهيب سيف متقلب (أي سيف لامع يشع منه اللهب في جميع الاتجاهات) لاستخدامه مع آدم إذا حاول الاقتراب من الطريق المؤدى لشجرة الحياة.

§
إن الشهب وكما ورد في القرآن الكريم ترجم الشياطين التي تحاول أن تسترق السمع من السماء " إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ " الحجر 18 ... أما أدم فقد تاب الله عليه بعد استغفاره من معصيته في الجنة وانتهى الأمر " فَتَلَقَّى آَدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ "البقرة 37 ... ولم يجهز الله لآدم عتاداً حربياً أو لهيب سيف متقلب ... ولكن قال القرآن الكريم عن آدم " وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً "البقرة 30 ... أما ذريته فقد كرمهم الله أيضاً ... " وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا "الاسراء 70



واللـــــــــــه أعلم وأعظم
يتبـــع بإذن اللــه وفضله