صاحب الشبهة هذه اعتمد فى مقالته هذه ليدلل على شبهته على ثلاث محاور

1- أن الذى يرتكب هذه الجريمة لا حد عليه .
2-أن العلماء قاموا بتفصيل كيفية الغسل بعدها .
3-أن العلماء قاموا بتفصيل أحكام فقهية على المولود من نكاح البهائم .

و لكن صاحبها لم يأت بدليل واحد من كتاب الله و لا من سنة رسول الله على تحليل الأمر .

فى سورة المؤمنون:" وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7)"

و من المعلوم لأى عاقل أن إتيان البهائم من أقبح الفواحش .. و قد قال الله تعالى فى سورة الأنعام :"وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ"

فبهذه الآية يأمر الله أن يحفظ المسلم فرجه تماما عن الشهوات إلا فى حالتين فقط (الزواج - ملك اليمين) فمعنى ذلك أن ما وراء ذلك حرام ساء كان نكاح بهائم أو لواط أو زنا .

و يؤكد هذا القول ما رواه البخارى و مسلم فى صحيحيهما عن عبد الله بن مسعود أن النبي قال:" يا معشر الشباب ، من استطاع الباءة فليتزوج ، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم ، فإنه له وجاء "

فلو كان نكاح البهائم حلالا لقال انكحوا البهائم و لكنه أمر بالصوم و هو أشد من نكاح البهائم مما يدلل على أنها حرام .

و بذلك انتهت الشبهة تماما أمام كل معترض و يبقى الرد على الإعتراضات الأخرى .



1-نأتى للنقطة الأولى و هى مبحث أنه لا حد على من وطء البهيمة .

أولا :عدم وجود حد لا يعنى أنه بالضرورة حلال فمثلا هناك ذنوب ليس عليها حد كأكل الربا و العينة و النجش و الغيبة و السخرية إلى غيرها .

ثانيا :أورد الإمام الجزيري فى كتابه الماتع (الفقه على المذاهب الأربعة)
" حرمة وطء البهيمة
اختلف الأئمة الأربعة رضوان الله عليهم في حد وطء البهيمة بعد اتفاقهم على حرمتها وشناعتها

الحنفية - قالوا : لا حد في هذه الفاحشة حيث إنه لم يرد شيء عن ذلك في كتاب الله تعالى ولا في سنة رسوله صلوات الله وسلامه عليه . ولم يثبت ان الرسول صلى الله عليه و سلم أقام الحد على من وقع في هذه الفاحشة . ولكن يجب عليه التعزير بما يراه الحاكم من الحبس أو الضرب أو التوبيخ أو غير ذلك مما يكون زاجرا له ولغيره عن ارتكابه .

المالكية - قالوا : إن حده كحد الزنا فيلج البكر ويرجم المحصن وذلك لأنه نكاح فرج محرم شرعا مشتهى طبعا مثل القبل والدبر فأوجب الحد كالزنا

الشافعية - قالوا : عندهم ثلاثة آراء : أشهرها الحد كما قال المالكية فحكمه مثل الزنا

القول الثاني : إنه يقتل بكرا أو ثيبا وذلك لما روي عن الرسول صلوات الله وسلامه عليه أنه قال : ( من وقع على بهيمة فاقتلوهن واقتلوا البهيمة ) رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي عن أبن عباس رقد روى هذا الحديث أبن ماجة في سننه من حديث إبراهيم بن اسماعيل عن داود بن الحصين عن عكرمة عن أبن عباس أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( من وقع على ذات محرم فاقتلوه ومن وقع على بهيمة فاقتله واقتلوا البهيمة ) .
القول الثالث : إنه يعزر ولا حد فيه حسب ما يراه الإمام موافقة لمذهب الحنفية

الحنابلة - قالوا : يجب عليه الحد وفي صفة الحد عندهم روايتان إحداهما كاللواطة وثانيهما أنه يعزر وهو الراجح عندهم مثل قول الحنفية . و لعل هذه الأحكام تختلف باختلاف أحوال الناس في الدين والورع كمالا ونقصا شبابا وكهول فيخفف عن الآراذل والشبان وويشدد العقاب على أشراف الناس وكبارهم بالحد أو القتل على قاعدة - كل من عظمت مرتبته عظمت صغيرته وزاد عقابه جزاء فعله لآن حسنات الارار سيئات المقربين . وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( أربعة يصبحون في غضب الله ويمسون في سخط الله قلت : من هم يا رسول الله ؟ قال : المتشبهون من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال والذي يأتي البهيمة والذي يأتي الرجال ) رواه الطبراني رحمه الله "إضغط هنا

و الآخرون قالوا لاحد و يجب التعزيركما نقل الكاتب .. فهو أتى بدليل التحريم وهو لا يدرى حيث نقل عن تحفة الأحوذى :" : ‏قال الخطابي : وأكثر الفقهاء على أنه يعزر" و التعزير لا يكون إلا لشئ محرم و من قال تعزير فى شئ حلال فهو خطل نعوذ بالله أن نقع فى مثله .


و نقل مثله الإمام موفق الدين ابن قدامه المقدسي فى المغنى :" يبالغ في تعزيره ; لأنه وطء في فرج محرم ، لا شبهة له فيه ، لم يوجب الحد ، فأوجب التعزير ، كوطء الميتة" إضغط هنا




2-الرد على المبحث الثانى و هو الغسل

اعتمد الكاتب هنا على أحاديث توجب الغسل على تغيب الحشفة في الفرج , و لا أدرى أى عقل هذا الذى يستنبط حكما مثل هذا من النصوص فمن نفس المصدر الذى جاء به :"فإذا غابت الحشفة في الفرج تحاذى ختاناهما فيقال التقيا وإن لم يتماسا ‏.‏ ويجب الغسل في الإيلاج في كل فرج ، قبل أو دبر، من آدمي، أوبهيمة، حي أو ميت لأنه فرج أشبه قبل المرأة فإن أولج من قبل الخنثى المشكل فلا غسل عليهما لأنه لا يتيقن كونه فرجاً فلا يجب الغسل بالشك‏.‏
فصل ::‏وإذا وطئ المحرم ، في الفرج ، في الحج ، قبل التحلل الأول ، فعليه بدنة ، لأن ذلك يروى عن ابن عباس وسواء كان الفرج قبلاً أو دبراً ،من آدمي أو من بهيمة، "

فلو طبقنا نفس الفكر السقيم فمعنى هذا أن الإسلام يحلل الوطء من الدبر و وطء الأموات

و من نفس المصدر الذى أتى به :"وَمَعْنَى الْحَدِيث أَنَّ إِيجَاب الْغُسْل لَا يَتَوَقَّف عَلَى نُزُول الْمَنِيّ بَلْ مَتَى غَابَتْ الْحَشَفَة فِيالْفَرْج وَجَبَ الْغُسْل عَلَى الرَّجُل وَالْمَرْأَة , وَهَذَا لَاخِلَاف فِيهِ الْيَوْم , وَقَدْ كَانَ فِيهِ خِلَاف لِبَعْضِ الصَّحَابَة وَمَنْ بَعْدهمْ , ثُمَّ اِنْعَقَدَ الْإِجْمَاع عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ , وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَان هَذَا . قَالَ أَصْحَابنَا : وَلَوْ غَيَّبَ الْحَشَفَة فِي دُبُر اِمْرَأَة , أَوْ دُبُر رَجُل ,((( أَوْ فَرْج بَهِيمَة ,)))((( أَوْ دُبُرهَا ))), وَجَبَ الْغُسْل سَوَاء كَانَ الْمَوْلَج فِيهِ (((حَيًّا أَوْ مَيِّتًا))) , صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا , وَسَوَاء كَانَ ذَلِكَ عَنْ قَصْد أَمْ عَنْ نِسْيَان , وَسَوَاء كَانَ مُخْتَارًا أَوْ مُكْرَهًا ,أَوْ اسْتَدْخَلَت الْمَرْأَة ذَكَرَهُ وَهُوَ نَائِم , وَسَوَاءاِنْتَشَرَ الذَّكَر أَمْ لَا , وَسَوَاء كَانَ مَخْتُونًا أَمْ أَغْلَف , فَيَجِب الْغُسْل فِي كُلّ هَذِهِ الصُّوَر عَلَى الْفَاعِل وَالْمَفْعُول بِهِ إِلَّا إِذَا كَانَ الْفَاعِل أَوْ الْمَفْعُول بِهِ صَبِيًّا أَوْصَبِيَّة فَإِنَّهُ لَا يُقَال وَجَبَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُكَلَّفًا , وَلَكِنْ يُقَال صَارَ جُنُبًا فَإِنْ كَانَ مُمَيِّزًا وَجَبَ عَلَى الْوَلِيّ أَنْ يَأْمُرهُ بِالْغُسْلِ كَمَا يَأْمُرهُ بِالْوُضُوءِ , فَإِنْ صَلَّى مِنْ غَيْر غُسْلٍ لَمْ تَصِحّ صَلَاته , وَإِنْ لَمْ يَغْتَسِل حَتَّى بَلَغَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْل , وَإِنْ اِغْتَسَلَ فِي الصِّبَى ثُمَّ بَلَغَ لَمْ يَلْزَمهُ إِعَادَة الْغُسْل. قَالَ أَصْحَابنَا : وَالِاعْتِبَار فِي الْجِمَاع بِتَغْيِيبِ الْحَشَفَة مِنْ صَحِيح الذَّكَر بِالِاتِّفَاقِ , فَإِذَا غَيَّبَهَا بِكَمَالِهَا تَعَلَّقَتْ بِهِ جَمِيع الْأَحْكَام , وَلَا يُشْتَرَط تَغْيِيب جَمِيعا لذَّكَر بِالِاتِّفَاقِ . وَلَوْ غَيَّبَ بَعْض الْحَشَفَة لَا يَتَعَلَّق بِهِ شَيْء مِنْ الْأَحْكَام بِالِاتِّفَاقِ إِلَّا وَجْهًا شَاذًّا ذَكَرَهُ بَعْض أَصْحَابنَا أَنَّ حُكْمه حُكْم جَمِيعهَا , وَهَذَا الْوَجْه غَلَط مُنْكَر مَتْرُوك, وَأَمَّا إِذَا كَانَ الذَّكَرمَقْطُوعًا فَإِنْ بَقِيَ مِنْهُ دُون الْحَشَفَة لَمْ يَتَعَلَّق بِهِشَيْء مِنْ الْأَحْكَام , وَإِنْ كَانَ الْبَاقِي قَدْر الْحَشَفَةفَحَسْب تَعَلَّقَتْ الْأَحْكَام بِتَغْيِيبِهِ بِكَمَالِهِ , وَإِنْكَانَ زَائِدًا عَلَى قَدْر الْحَشَفَة فَفِيهِ وَجْهَانِ مَشْهُورَانِلِأَصْحَابِنَا أَصَحّهمَا أَنَّ الْأَحْكَام تَتَعَلَّق بِقَدْرِالْحَشَفَة مِنْهُ , وَالثَّانِي لَا يَتَعَلَّق شَيْء مِنْ الْأَحْكَامإِلَّا بِتَغْيِيبِ جَمِيع الْبَاقِي . وَاللَّهُ أَعْلَم . ‏وَلَوْ لَفَّعَلَى ذَكَرِهِ خِرْقَة وَأَوْلَجَهُ فِي فَرْج اِمْرَأَة فَفِيهِثَلَاثَة أَوْجُه لِأَصْحَابِنَا مِنْهَا وَالْمَشْهُور أَنَّهُ يَجِبعَلَيْهِمَا الْغُسْل , وَالثَّانِي لَا يَجِب لِأَنَّهُ أَوْلَجَ فِيخِرْقَة , وَالثَّالِث إِنْ كَانَتْ الْخِرْقَة غَلِيظَة تَمْنَع وُصُولاللَّذَّة وَالرُّطُوبَة لَمْ يَجِب الْغُسْل . وَإِلَّا وَجَبَ . وَاللَّهُ أَعْلَم (((.وَلَوْ اسْتَدْخَلَت الْمَرْأَة ذَكَرَ بَهِيمَة وَجَبَ عَلَيْهَا الْغُسْل))) , وَلَوْ اسْتَدْخَلَت ذَكَرًا مَقْطُوعًا فَوَجْهَانِ أَصَحّهمَا يَجِب عَلَيْهَا الْغُسْل . ‏"

استنتاج أن نكاح البهيمة حلال من هذا الكلام يدل على الغباء و الجهل نعوذ بالله من مثل هذه العقول.

فالفقهاء يقولون من أدخل فرجه فى فرج أو دبر , حى أو ميت, ذكرا أو أنثى, عن قصد أو عن نسيان

يجب الغسل لأنه لو لم يغتسل سيظل نجسا و لن تُقبل منه صلاة أبدا ..فأين التحليل لنكاح البهائم ؟؟!!!!




3-الرد على المحورالثالث حكم المتولد من نكاح البهيمة

لا يوجد أى دليل حول تحليل نكاح البهيمة فى جميع ما تم ذكره لأن الفقهاء فى الكتب الذى ذُكرت يتحدثون لو أن آدمى وطئ بهيمة و أنجبت هذه البهيمة فالمولود يكون ملك لمالك البهيمة و ليس ملكا للواطئ .

فهل لو قلنا مثلا لو أنجب رجل من إمرأة عن طريق الزنا ينسب الولد إلى أمه فهل بهذا نحلل الزنا _أصحاب العقول فى راحة_؟




فإن كنت قد أحسنت التأليف وأصبت الغرض فذلك ما كنت أتمنى، وإن كان قد لحقني الوهن والتقصير فإني قد بذلت وسعي.


و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين