شبهة جديدة


إبراهيم والذبيحة:

وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَ لَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً ; (آية 260).

مهما حاول المفسرون في الاعتذار عن شكّ إبراهيم في قدرة الله على إحياء الموتى، فعبارة القرآن ناطقة بوقوع الشكّ منه في قدرة الله، وإلا لما قال: رب أرني كيف تحيي الموتى. وعن أبي هريرة أنّ محمداً قال: نحن أحق بالشكّ من إبراهيم، إذا قال: ربي أرني كيف تحيي الموتى. قال: أوَلم تؤمن؟ قال: بلى، ولكن ليطمئن قلبي. ويرحم الله لوطاً لقد كان يأوي إلى ركن شديد، ولو لبثت في السجن ما لبث يوسف لأجبتُ الداعي . قالوا لما نزلتهذه الآية الواردة في القرآن قال قوم: شكّ إبراهيم ولم يشكّ محمد فردّ ليتستَّروا به على شكوك محمد(ابن كثير في البقرة 2: 260).

قالوا: والأربعة الطيور التي قدمها إبراهيم هي أنه أخذ طاووساً وديكاً وحمامة وغراباً، وقيل نسراً بدل الحمامة. قال ابن عباس: وجعل كل طائرٍ أربعة أجزاء وجعلها على أربعة جبال، على كل جبلٍ رُبعاً من كل طائر، وقيل جزَّأها سبعة أجزاءٍ ووضعها على سبعة جبال وأمسك رؤوسهنّ بيده، ثم دعاهنّ: تعالين بإذن الله، فجعلت كل قطرة من دم طائر تطير إلى القطرة الأخرى، وكل ريشة تطير إلى الريشة الأخرى، وكل عظم يطير إلى العظم الآخر، ثم أقبلت سعياً إلى رؤوسهن (ابن كثير في البقرة 2: 260).

وكتاب الله يعلّمنا أن إبراهيم لم يشكّ في قدرة الله، بل يُضرَب بإيمانه المثل، ولذا سُمّي أبو المؤمنين. ولما أمره الله أن يقدم ابنه وحيده ذبيحةً أطاع الأمر، مع أنه كان هَرِماً وامرأته متقدمة في السن، ولكنه آمن أن الله قادرٌ أن يقيم من الحجارة أولاداً له. ولما وعده الله أنه سيُكثر نسله ويكون كنجوم السماء في الكثرة آمن بالله، فوعده أن يعطيه أرض الميعاد، ثم أعطاه هذه العلامة وهي أن يأخذ عجلة ثلاثية وعنزة ثلاثية وكبشاً ثلاثياً ويمامةً وحمامة. فأخذها وشقَّها من الوسط، وأما الطير فلم يشقه. ثم غابت الشمس فصارت العتمة، وإذا تنّور دخانٍ ومصباح نارٍ يجوز بين تلك القطع (سفر التكوين 15). فهذه الذبيحة هي لتأييد العهد الذي عقده الله مع إبراهيم، فكانت العادة عند قطع عهد أن يذبحوا الذبيحة إشارة إلى أن من ينكث العهد يمزّقه سيف العدل الإلهي، فالله سبحانه تفضّل وأعطاه هذه العلامة لتأييد العهد وتثبيت إيمانه، وإنه سينجز ما وعده به.

وفي القصة أربعة أخطاء (1) في قوله إن إبراهيم طلب من الله أن يريه كيف يُحيي الموتى وإنه شكّ بالله. (2) في قوله إن الله أمر أن يأخذ أربعة طيور، والحقيقة خلاف ذلك (3) في قوله إن الطيور أتت سعياً. (4) في قوله إن الله أمر أن يضع كل جزءٍ منها على جبل.

وواضح أن الأحوال لم تساعد محمداً على تحرّي الحقائق، فلم يكن عصره عصر تمدّنٍ ومطابع، كما أن كُتَّابه كانوا يتصرَّفون فيما يُمليه عليهم. ذكر في السيرة للعراقي أن كتّابه كانوا اثنين وأربعين، منهم عبد الله بن سعد بن أبي سرح العامري، وهو أول من كتب له من قريش بمكة ثم ارتد، وصار يقول: كنت أصرف محمداً حيث أريد. كان يملي عليّ عزيز حكيم، فأكتب عليم حكيم فيقول: نعم، كلٌّ صواب . ويقول: اكتب كيف شئت . ولما فضحه هذا الكاتب أورد في القرآن قوله: “فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً ; (الأعراف 7: 37). ولما كان يوم الفتح أمر محمدٌ بقتله، ففرَّ إلى عثمان بن عفان لأنه كان أخاه من الرضاعة (أرضعت أمُّه عثمانَ) فغيَّبه عثمان عنه، ثم جاء به بعد ما اطمأن الناس واستأمن له محمداً، فصمت محمد طويلاً ثم قال نعم . فلما انصرف عثمان قال محمد لمن حوله: ما صمتُّ عنه إلا لتقتلوه .

(راجع تعليقنا على الأنعام 6: 93).

تحت التجهيز