تسألني أخي pyramid2007 لماذا العدد (عشرين) وما هذا (الشاقل) ؟..
أما تحديد العدد يوميا ً ، فمثل تحديد الوجبة لنزلاء السجون اليوم ، وذلك لأن الله أراد أن يريهم عيانا ًكيف سيضيق عليهم مأكلهم ومشربهم ، إن هم عاندوه
المسلم يعلم جيدا ً( أسباب النزول ) فالقرءآن الكريم ذكر ( الدينار والقنطار ) بينما لم يعودا متداولين كما كانا فلا حرج إذا ً بذكر الشاقل وقد انقرض
وقوله ( من وقتٍ إلى وقتٍ تأكله ) كي لا يظن القوم أن نبيهم نَّذْرَ صَوماً فهو يقضيه ، ويكون واضحا ً لناظريه أنه يَقطُرُ على نفسه في مطعمه ولسبب ما ،
11: وَتَشْرَبُ الْمَاءَ بِـالْكَيْلِ. سُدْسَ الْهِينِ. مِنْ وَقْتٍ إِلَى وَقْتٍ تَشْرَبُهُ.
و الهِيِنْ مكيال يُكَيَل به السائل والمَائع ، و الشَاقِلْ مِكيِال وزن مثل الصاع يُكَال بِهِ الحبُوب والبقول ومنشأه بابل .
12: وَتَأْكُلُ كَعْكاً مِنَ الشَّعِيرِ. عَلَى الْخُرْءِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الإِنْسَانِ تَخْبِزُهُ أَمَامَ عُيُونِهِمْ
وهنا يقع الإشكال الكبير
كيف يُصَرِح كتاب ( مقدس ) بِمْثل تلك الكلمة بينما يستحي الإنسان الراشد التصريح بها ،
فضلا ً أن يُشَرِعْ بها الخَالِق تشريعا ً ينجس به طهارة المؤمنين ؟! . .
وهذا بالطبع ما هالني رغم كثرة الكلمات الـ . . بذلك الكتاب ثم كيف لإنسان أن يأكل بمثل هذه الطريقة الوضيعة ،
وكيف لشعب همه الطهارةَ أن يتَقَبلَ ذلك ؟!! . .
ولكن هل هذا ما حدث فعلا ً ؟ . .
من غير شك نحن المُسـلِمِين نُنَزِه البَاري جَلَ في عُلاه عن هذا العمل وأمثاله ولا نشك في إكرامهُ لِرُسِلِه .
والذي يرجحه أي عاقل ، أن الأمر الإلهي لنبيه قبل التلاعب بالنص يقصد به ضرب المثل رمزا ً
لا تصريحا ً بهذه الكلمة وذلك من باب التبكيت والله تعالى أعلم .
كأن يكون النص المنزل على نحو: ( وَتَأْكُلُ كَعْكاً مِنَ الشَّعِيرِ. عَلَى صورة الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الإِنْسَانِ تَخْبِزُهُ أَمَامَ عُيُونِهِمْ )
فإننا بذلك لم نتكلف شيء غير إعادة كلمة ً ، بُدلت عمدا ً من قبل أحدهم ليُمعِن في توبيخ وتبكيت بني إسرائيل ،
مثل كلمة ( صورة ) التي يمكن أن تكون بدلت بالكلمة ( التي تثير الدهشة والاشمئزاز معا ) في نص العدد ( 12 ) ،
والتبديل غير ممتنع في مدرسة خَرّجَتْ لنا تلميذا ً نجيبا ًاسمه شاؤول ، المتأصل بمبادئ اليهودية ،
وما دام مجد الله يزيد بالكذب فلماذا يُدان القوم إذا ً كخاطئين
يقول ربُنا تبارك وتعالى :
{ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ } البقرة 79
{ فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خائنة مِّنْهُمْ
إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } المائدة13 ،
ولليوم نراهم يتساهلون في تبديل الكلمات ،
بدعوى أنها ترجمات فلماذا إذا ً يحملوا على المسلمين إن هم وصفوهم بالتبديل والتغيير ،
ويدعون ( لأن تزول السماء والأرض ولا يزول حرف واحد من كلام الله )
و سوأ ً تم هذا التبديل أو الحذف عمدا ً بنيةً طيبة أو عن سؤ نية ، فعقابه الخلود في الجحيم ،
فالطريق إلى جهنم مفروش بالنوايا الحسنة . .
ولنتأمل معا ً النص تحت هذا المعنى ( وَتَأْكُلُ كَعْكاً مِنَ الشَّعِيرِ. عَلَى صورة الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الإِنْسَانِ تَخْبِزُهُ أَمَامَ عُيُونِهِمْ ) .
إن المعنى يستقيم بهذا السياق ، فالشعير الذي يأخذ شكل الكعك ، يؤدي إلى الصورة المراد توبيخهم بها ،
على أن يتعمد نبيهم أن يريهم بأعينهم خبيزه على هذه الهيئة ،
والذي من شأنه أن يجعلهم ينفرون ويتفكرون
في المغزى من وراء ذلك فيصلهم التهديد صريحا ًوأنه ربما يقع ٌبهم على وجه التحقيق ، إن لم يذعنوا لله .
وللتحقق من خلل النص الواضح بالعدد 12 من الفصل 4 إصحاح حزقيال ،
والذي يقول :
( وَتَأْكُلُ كَعْكاً مِنَ الشَّعِيرِ. عَلَى الْخُرْءِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الإِنْسَانِ تَخْبِزُهُ أَمَامَ عُيُونِهِمْ ) .
أولاً : قد حدد الله لهذا النبي إقامته ، فهو في حكم المعتكف فمن أين يأتي بمخلفات تكفي لخبزه ، ثلاث مئة وتسعون يوما بالإضافة إلى أربعون أخري ؟!! . .
ثانيا ً: إن المخلفات الآدمية لا تشتعل كمخلفات البهائم التي تحتوي على التبن وألياف تساعد على إشعالها بعد جفافها.
ثالثاً : إن العدد ( 9 ) من نفس الإصحاح ذكر أدوات الإشعال ضمن مئونة اعتكاف ذلك النبي ، فالنص يقول ( وَدُخْناً وَكَرْسَنَّةَ ) .
رابعاً: يقول النص بالعدد ( 12 ) ( عَلَى الْخُرْءِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الإِنْسَانِ تَخْبِزُهُ ) والمخلفات تُشعل كوقود فكان من المفترض
أن يُقال ( تطهوه )
وليس ( تخبزه ) ، والمعروف أيضا ً أن عملية الخَبز فرد العجين وليس رفعه على النار لإنضاجه .
خامساً: إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ً ، فلا يسـتقيم بذلك أن يأمرهم بأن يطهروا أنفسهم من داخلهم ، بينما ينجسهم بأكل النجاسات .
يقول ربنا تبارك وتعالى :
{ وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَاللّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } الأعراف 28 .
أمر الله المؤمنين بطهارة أنفسهم وأبدانهم ، وعلمهم كيفيتها ، واختار لرسالاته بني إسرائيل من بين الأمم ليحملوا لواء شريعته وتوعدهم إن تولوا عن صراطه
بأن يشتتهم بين الأمم ويٌسلمُهم لأعدائهم ، ومتى يحدث ذلك فسوف تتنجس طهارتهم الحسية كما تنجست أنفسهم بمعصية ربهم ، فيكونوا من أردى الأمم قاطبة ً .
13 : وَقَالَ الرَّبُّ؛ هَكَذَا يَأْكُلُ بَنُو إِسْرَائِيلَ خُبْزَهُمُ النَّجِسَ بَيْنَ الأُمَمِ الَّذِينَ أَطْرُدُهُمْ إِلَيْهِمْ .
وكما يتضح من العدد ( 13 ) أن ما وُصف سابقا ً كان مجازا ً لما سينالهم من هوان وما سيصلون إليه ،
14: فَقُلْتُ: آهِ يَا سَيِّدُ الرَّبُّ, هَا نَفْسِي لَمْ تَتَنَجَّسْ. وَمِنْ صِبَايَ إِلَى الآنَ لَمْ آكُلْ مِيتَةً أَوْ فَرِيسَةً, وَلاَ دَخَلَ فَمِي لَحْمٌ نَجِسٌ
فِهم حزقيال أمر الله أنه مجازا ً، إلا أنه خشي من أن يقضى الله ذلك الأمر عليهم حقيقة ً ، إن لزم القوم معاصيهم
ولقد علم الله أن بني إسرائيل سيأنفون ذلك فيردعهم الزجر ، فذكرهم بما رأى آباءهم من شعب مصر قبل الخروج .
فقد عاش قومه يوما ما بين المصريين ، فرأوا بأعينهم كيف يستخدم مزارعيهم خثي البقر والجاموس في مواقدهم
ليخبزوا عليه ، وما شعب مصر عن اليهود بغريب ،
15 : فَقَالَ لِي: اُنْظُرْ. قَدْ جَعَلْتُ لَكَ خِثْيَ الْبَقَرِ بَدَلَ خُرْءِ الإِنْسَانِ فَتَصْنَعُ خُبْزَكَ عَلَيْهِ .
نعود للقول بأن النص لابد و أن يكون كذلك ( فَقَالَ لِي : اُنْظُرْ، قَدْ جَعَلْتُ لَكَ خِثْيَ الْبَقَرِ بَدَلَ خُرْج الإِنْسَانِ تَصْنَعُ خُبْزَكَ عَلَيْ صورته )
16 : وَقَالَ لِي: يَا ابْنَ آدَمَ, ها أنا ذَا أُكَسِّرُ قِوَامَ الْخُبْزِ فِي أُورُشَلِيمَ, فَيَأْكُلُونَ الْخُبْزَ بِـالْوَزْنِ وَبِالْغَمِّ , وَيَشْرَبُونَ الْمَاءَ بِـالْكَيْلِ وَبِالْحَيْرَةِ.
واليوم نرى أن دولتهم وبقية الأمم ، كدر عليهم معيشتهم ، وأصبح الطعام والخبز والماء يباعون بالوزن وبالمقدار ،
وأن الماء يشح مع الوقت وأن الزرع يروى بماء المناهل( المجاري ) ،
فهل ذلك غير الذي ذكر في تهديد بني إسرائيل أن ينجس لهم مطعمهم ، وهل استثناهم عن بقية الأمم من ذلك ،
الأمم التي هي الأخرى معرضه عن سبيل ربها ،
حتى أن كل التوقعات تتنبأ بأن الحرب القادمة ستكون على مصادر المياه ، لقد تلوث الطعام والماء والهواء ،
فما أشبه الليلة بالبارحة ولنذكر قوله تعالى :
{ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } الروم 41
17 : لِكَيْ يُعْوِزَهُمُ الْخُبْزُ وَالْمَاءُ, وَيَتَحَيَّرُوا الرَّجُلُ وَأَخُوهُ وَيَفْنُوا بِإِثْمِهِمْ
وبمثل هذا الضنك شدد الله على بني إسرائيل وعاقبهم ، ويذكر ذلك القرءآن في إشارات عديدة بقوله :
{ فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللّهِ كَثِيراً } النساء160
{ وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلاَّ مَا
حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِبَغْيِهِمْ وِإِنَّا لَصَادِقُونَ } الأنعام 146
{ وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } النحل 118
وفي الختام لا يسعنا أكثر من قول رسولنا الكريم : في صحيح الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
كَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ بِالْعِبْرَانِيَّةِ وَيُفَسِّرُونَهَا بِالْعَرَبِيَّةِ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ ،
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
« لَا تُصَدِّقُوا أَهْلَ الْكِتَابِ وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ ، وَقُولُوا : ( آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا ) الْآيَةَ.. »
ما وفقت فيه فمن الله ، وما لم أوفق فيه فمن نفسي ومن الشيطان ،
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك .
{ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ }
المفضلات