سفر يشوع
تنسب الدراسات التقليدية هذا السفر إلى النبي يشوع بن نون وصي موسى عليه السلام، لكن القراءة المتأنية لهذا السفر تكشف عن تأخر تاريخ كتابته عن يشوع بسنين طويلة، فقد جاء فيه خبر موت يشوع " مات يشوع بن نون عبد الرب ابن مائة وعشر سنين، فدفنوه في تخم ملكه " (يشوع 24/29 - 30 ).
ويذكر السفر أحداثاً حصلت بعد موته كتعظيم بني إسرائيل له بعد وفاته، بقاء شيوخهم على العهد في عصر القضاة بعده " وعبد إسرائيل الرب كل أيام يشوع وكل أيام الشيوخ الذين طالت أيامهم بعد يشوع والذين عرفوا كل عمل الرب الذي عمله لإسرائيل" (يشوع 24/31)، والسفر برمته يتحدث عن يشوع بضمير الغائب. (انظر 8/35، 6/27 ).
ومن الأدلة التي نسردها سريعاً لنؤكد أن يشوع ليس بكاتب السفر المنسوب إليه أن سفر يشوع مراراً عن قرية دبير التي حاربها يشوع، ومن ذلك قوله: "ثم رجع يشوع وكل إسرائيل معه إلى دبير وحاربها" (يشوع 10/38)، وكذا قوله : "وصعد التخم إلى دبير من وادي عخور" (يشوع 15/ 7)، وغيرها من المواضع.
وهذا الاسم لم يطلق على هذه القرية إلا بعد وفاة يشوع، فقد كان اسمها في عهد يشوع قرية سفر، وتغير في عهد القضاة "واسم دبير قبلاً قرية سفر" (القضاة 1/11).
كما نجد في مواضع كثيرة أن كاتب السفر يخبرنا ببقاء بعض المسميات التي سميت في عهد يشوع وأنها لم تتغير بتقادم الأيام وتصرم السنين، ومن المؤكد أن يشوع ليس القائل، إذ هذه المسميات ظهرت في عصره، وليس من المعتاد تغير أسماء المدن في وقت قريب، يقول سفر يشوع: "فدعي اسم ذلك المكان الجلجال إلى هذا اليوم" (يشوع 5/9)، أي ما زال اسمه كذلك إلى زمن كتابة السفر، ومثله قوله: " وأقاموا فوقه رجمة حجارة عظيمة إلى هذا اليوم، فرجع الرب عن حمو غضبه، ولذلك دعي اسم ذلك المكان وادي عخور إلى هذا اليوم" (يشوع 7/26).
وقد اعترف بمجهولية كاتب هذا السفر الناقد اليهودي اسبينوزا، وبه أقرت مقدمة الكاثوليك للكتاب المقدس، حيث تقول: "لكن المؤلف المقدس الذي نجهل اسمه وعصره كان ...."
المفضلات