بسم الله الرحمن الرحيم

قال ابن القيم - رحمه الله تعالى:
1-
وجماع ذلك أن يحاسب نفسه أولاً على الفرائض؛ فإن تذكر فيها نقصًا تداركه إما بقضاء أو إصلاح، ثم يحاسبها على المناهي؛
فإن عرف أنه ارتكب منها شيئًا تداركه بالتوبة والاستغفار والحسنات الماحية،
ثم يحاسب نفسه على الغفلة؛
فإن كان قد غفل عما خلق له تداركه بالذكر
والإقبال على الله تعالى
ثم يحاسبها بما تكلم به أو مشت إليه رجلاه
أو بطشت يداه أو سمعته أذناه: ماذا أرادت بهذا، ولمن فعلته،
وعلى أي وجه فعلته؟
ويعلم أنه لا بد أن يُنشر لكل حركة وكلمة منه ديوانان:
ديوان لمن فعلته
وكيف فعلته
فالأول
سؤال عن الإخلاص
والثاني
سؤال عن المتابعة
وقال تعالى:

{فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ}
[الحجر: 92، 93]

وقال تعالى:

{فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ * فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ}
[الأعراف: 6]

وقال تعالى:

{لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ}
[الأحزاب: 8]

فإذا سئل الصادقون وحوسبوا على صدقهم فما الظن بالكاذبين؟!
إغاثة اللهفان: (1/83)
2-
الإصرار على الصغيرة قد يساوي إثمه إثم الكبيرة
أو يربى عليها..
وأيضًا فإنه قد يتخلص من الكبيرة بالتوبة والاستغفار
إغاثة اللهفان: (2/151)
3-
يذكر عن النبي :salla-s:
أن كفارة الغيبة أن تستغفر لمن اغتبته:
تقول:
«اللهم اغفر لنا وله»
ذكره البيهقي في الدعوات الكبير
وقال:
في إسناده ضعف، وهذه المسألة فيها قولان للعلماء – هما روايتان عن الإمام أحمد –
وهما:
هل يكفي في التوبة من الغيبة الاستغفار للمغتاب
أم لا بد من إعلامه وتحليله؟
والصحيح:
أنه لا يحتاج إلى إعلامه بل يكفيه الاستغفار وذكره بمحاسن ما فيه في المواطن التي اغتابه فيها
وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره
والذين قالوا:
لابد من إعلامه، جعلوا الغيبة كالحقوق المالية، والفرق بينهما ظاهر
فإن الحقوق المالية ينتفع المظلوم بعود نظير مظلمته إليه فإن شاء أخذها وإن شاء تصدق بها
وأما في الغيبة فلا يمكن ذلك ولا يحصل له بإعلامه إلا عكس مقصود الشارع :salla-s:
فإنه يوغر صدره ويؤذيه إذا سمع ما رمى به ولعله يهيج عداوته ولا يصفو له أبدًا
وما كان هذا سبيله فإن الشارع الحكيم :salla-s:
لا يبيحه ولا يجوزه فضلاً عن أن يوجبه ويأمر به
ومدار الشريعة على تعطيل المفاسد وتقليلها لا على تحصيلها وتكميلها والله تعالى أعلم
الوابل الصيب: (1/219)
4-
قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
الفائدة العاشرة
ينبغي للمفتي الموفق إذا نزلت به المسألة أن ينبعث من قلبه الافتقار الحقيقي الحالي لا العلمي المجرد إلى ملهم الصواب ومعلم الخير وهادي القلوب أن يلهمه الصواب ويفتح له طريق السداد ويدله على حكمه الذي شرعه لعباده في هذه المسألة
فمتى قرع هذا الباب فقد قرع باب التوفيق.
وما أجدر من أمل فضل ربه أن لا يحرمه إياه!
فإذا وجد من قلبه هذه الهمة؛ فهي طلائع بشرى التوفيق؛ فعليه أن يوجه وجهه ويحدق نظره إلى منبع الهدى ومعدن الصواب ومطلع الرشد
وهو النصوص من القرآن والسنة وآثار الصحابة؛ فيستغفره وسعه في تعرف حكم تلك النازلة منها
فإن ظفر بذلك أخبر به وإن اشتبه عليه بادر إلى التوبة والاستغفار والإكثار من ذكر الله؛ فإن العلم نور الله يقذفه في قلب عبده، والهوى والمعصية رياح عاصفة تطفئ ذلك النور أو تكاد ولابد أن تضعفه.
وشهدت شيخ الإسلام قدس الله روحه إذا أعيته المسائل واستصعبت عليه فر منها إلى التوبة والاستغفار والاستغاثة بالله واللجوء إليه واستنزال الصواب من عنده
والاستفتاح من خزائن رحمته؛ فقلما يلبث المدد الإلهي أن يتتابع عليه مدًا وتزدلف الفتوحات الإلهية إليه بأيتهن يبدأ
ولا ريب أن من وفق هذا الافتقار علمًا وحالاً وسار قلبه في ميادينه بحقيقة وقصد فقد أعطي حظه من التوفيق ومن حرمه فقد منع الطريق
إعلام الموقعين: (4/172)
5-
وأما من أصر على الذنب وطلب من الله مغفرته
فهذا ليس باستغفار مطلق؛ ولهذا لا يمنع العذاب؛
فالاستغفار يتضمن التوبة، والتوبة تتضمن الاستغفار،
وكل منهما يدخل في مسمى الآخر عند الإطلاق،
وأما عند اقتران إحدى اللفظتين بالأخرى فالاستغفار:
طلب وقاية شر ما مضى
والتوبة:
الرجوع وطلب وقاية شر ما يخافه في المستقبل من سيئات أعماله؛ فها هنا ذنبان:
ذنب قد مضى
فالاستغفار منه:
طلب وقاية شره، وذنب يخاف وقوعه؛
فالتوبة:
العزم على أن لا يفعله.

والرجوع إلى الله يتناول النوعين:
رجوع إليه ليقيه شر ما مضى
ورجوع إليه ليقيه شر ما يستقبل من شر نفسه وسيئات أعماله
وأيضًا فإن المذنب بمنزلة من ركب طريقًا تؤديه إلى هلاكه ولا توصله إلى المقصود فهو مأمور أن يوليها ظهره
ويرجع إلى الطريق التي فيها نجاته
والتي توصله إلى مقصوده وفيها فلاحه
فها هنا أمران لابد منهما:
مفارقة شيء والرجوع إلى غيره؛ فخصت التوبة بالرجوع والاستغفار بالمفارقة وعند إفراد أحدهما يتناول الأمرين
مدارج السالكين: (1/308)

6-
عن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين
قال – لما قال له سفيان: لا أقوم حتى تحدثني –
قال جعفر:
أما إني أحدثك وما كثرة الحديث لك بخير يا سفيان
إذا أنعم الله عليك بنعمة فأحببت بقاءها ودوامها
فأكثر من الحمد والشكر عليها
فإن الله عز وجل قال في كتابه:
{لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}

وإذا استبطأت الرزق فأكثر من الاستغفار
فإن الله عز وجل قال في كتابه:
{فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا}
[نوح: 10-12]
في الآخرة يا سفيان إذا حزبك أمر من سلطان أو غيره فأكثر من لا حول ولا قوة إلا بالله
فإنها مفتاح الفرج وكنز من كنوز الجنة
فعقد سفيان بيده وقال:
ثلاث، وأي ثلاث؟!
قال جعفر:
عقلها والله أبو عبد الله ولينفعه الله بها وبه
تهذيب الكمال: (5/85)
7-
قال ابن رجب - رحمه الله تعالى:
السبب الثاني للمغفرة:

الاستغفار، ولو عظمت الذنوب، وبلغت الكثرة عنان السماء، وهو السحاب
وقيل:
ما انتهى إليه البصر منها
. وفي الرواية الأخرى:
(لو أخطأتم حتى بلغت خطاياكم ما بين السماء والأرض، ثم استغفرتم الله لغفر لكم)
والاستغفار:
طلب المغفرة، والمغفرة:
هي وقاية شر الذنوب مع سترها.
وقد كثر في القرآن ذكر الاستغفار، فتارةً يؤمر به،
كقوله تعالى:

{وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}
وقوله:
{وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ}

وتارة يمدح أهله،
كقوله:

{وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ}

وقوله:

{وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}

وقوله:

{وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ}

وتارة يذكر أن الله يغفر لمن استغفره

كقوله تعالى:

{وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا}
[النساء: 110]

وكثيرًا ما يقرن الاستغفار بذكر التوبة
فيكون الاستغفار حينئذ عبارةً عن طلب المغفرة باللسان، والتوبة عبارة عن الإقلاع عن الذنوب بالقلوب والجوارح.
وتارة يفرد الاستغفار، ويرتب عليه المغفرة
كما ذكر في هذا الحديث وما أشبهه
فقد قيل:
إنه أريد به الاستغفار المقترن بالتوبة

وقيل:
إن نصوص الاستغفار المفردة كلها مطلقة تقيَّد بما ذكر في آية
(آل عمران) من عدم الإصرار
فإن الله وعد فيها المغفرة لمن استغفره من ذنوبه
ولم يصر على فعله
فتحمل النصوص المطلقة في الاستغفار كلها على هذا المقيد، ومجرد قول القائل:
اللهم اغفر لي، طلب منه للمغفرة ودعاء بها، فيكون حكمه حكم سائر الدعاء
فإن شاء الله أجابه وغفر لصاحبه
لاسيما إذا خرج عن قلب منكسر بالذنب أو صادف ساعةً من ساعات الإجابة كالأسحار وأدبار الصلوات.

ويروى عن لقمان رضي الله عنه أنه قال لابنه:
يا بني عود لسانك:
اللهم اغفر لي؛ فإن لله ساعات لا يرد فيها سائلاً

وقال الحسن:
أكثروا من الاستغفار في بيوتكم، وعلى موائدكم، وفي طرقكم، وفي أسواقكم، وفي مجالسكم
أينما كنتم
فإنكم ما تدرون متى تنزل المغفرة
جامع العلوم والحكم: (42/8)

وقال أيضًا:
وأفضل أنواع الاستغفار:

أن يبدأ العبد بالثناء على ربه، ثم يثني بالاعتراف بذنبه، ثم يسأل الله المغفرة كما في حديث شداد بن أوس عن النبي :salla-s: قال:
سيد الاستغفار أن يقول العبد:
«اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء بذنبي، فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت»
[خرجه البخاري]
وفي الصحيحين عن عبد الله بن عمرو
أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه
قال:
يا رسول الله، علمني دعاء أدعو به في صلاتي
قال:
«قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم»

جامع العلوم والحكم: (42/14)

ومن زاد اهتمامه بذنوبه، فربما تعلق بأذيال من قلت ذنوبه، فالتمس منه الاستغفار.
وكان عمر يطلب من الصبيان الاستغفار، ويقول:
إنكم لم تذبنوا.
وكان أبو هريرة يقول لغلمان الكُتَّاب:
قولوا:
اللهم اغفر لأبي هريرة، فيؤمن على دعائهم.
قال بكر المزني:
لو كان رجل يطوف على الأبواب كما يطوف المسكين يقول:
استغفروا لي، لكان قبوله أن يفعل.
ومن كثرت ذنوبه وسيئاته حتى فاقت العَدَّ والإحصاء، فليستغفر الله مما علم الله
فإن الله قد علم كل شيء وأحصاه،
كما قال تعالى:
{يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ}
[المجادلة: 6]

وفي حديث شداد بن أوس، عن النبي :salla-s::

«أسألك من خير ما تعلم، وأعوذ بك من شر ما تعلم، وأستغفرك لما تعلم، إنك أنت علام الغيوب»

وفي هذا يقول بعضهم:

استغفر الله مما يعلم الله

إن الشقي لمن لا يرحم الله
ما أحلم الله عمن لا يراقبه

كلٌّ مسيءٌ ولكن يحلم الله
فاستغفرِ الله مما كان من زلل

طوبى لمن كف عما يكره الله
طوبى لمن حسنت فيه سريرته

طوبى لمن ينتهي عما نهى الله

8-
عن عبد الوهاب بن المنذر الصبي أنه قال:
لكل شيء أول، وأول الخير الاستغفار،
قال تعالى:
{فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا}
[نوح: 10]
يعني لا يزال يغفر للمستغفرين
حلية الأولياء: (4/443)
9-
يحيى بن أيوب قال:
حدثني بعض أصحاب وكيع الذين كانوا يلزمونه قالوا:
كان وكيع لا ينام حتى يقرأ ثلث القرآن،
ثم يقوم في آخر الليل فيقرأ المفصل،
ثم يجلس فيأخذ في الاستغفار حتى يطلع الفجر فيصلي ركعتين
صفة الصفوة: (1/342)

أربعة تجلب الرزق:

قيام الليل

وكثرة الاستغفار بالأسحار

وتعاهد الصدقة

والذكر أول النهار وآخره

زاد المعاد: (4/372)

10-

وقال يوسف بن الحسين:
سمعت ذا النون يقول:

الاستغفار جامع لمعان:
أولهما:
الندم على ما مضى
الثاني:
العزم على الترك
الثالث:
أداء ما ضيعت من فرض الله
الرابع:
رد المظالم في الأموال والأعراض والمصالحة عليها
الخامس:
إذابة كل لحم ودم نبت على الحرام
السادس:
إذاقة ألم الطاعة كما وجدت حلاوة المعصية

سير أعلام النبلاء: (11/535 )
11-
قال محمود بن والان:
سمعت عبد الرحمن بن بشر، سمعت ابن عيينة يقول:
«غضب الله داء ولا دواء له»
قلت: والكلام للذهبي –
دواؤه كثرة الاستغفار بالأسحار والتوبة النصوح
المرجع السابق: (12/344)
12-
قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
وقلت لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى يومًا:
سئل بعض أهل العلم أيما أنفع للعبد:
التسبيح أو الاستغفار؟
فقال:
إذا كان الثوب نقيًا فالبخور وماء الورد أنفع له
وإن كان دنسًا فالصابون والماء الحار أنفع له
فقال لي رحمه الله تعالى:
فكيف والثياب لا تزال دنسه؟
ومن هذا الباب أن سورة
{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}
تعدل ثلث القرآن
ومع هذا فلا تقوم مقام آيات المواريث والطلاق والخلع والعدد ونحوها بل هذه الآيات في وقتها وعند الحاجة إليها أنفع من تلاوة سورة الإخلاص
ولما كانت الصلاة مشتملة على القراءة والذكر والدعاء وهي جامعة لأجزاء العبودية على أتم الوجوه كانت أفضل من كل من القراءة والذكر والدعاء بمفرده؛ لجمعها ذلك كله مع عبودية سائر الأعضاء
فهذا أصل نافع جدا يفتح للعبد باب معرفة مراتب الأعمال وتنزيلها منازلها
لئلا يشتغل بمفضولها عن فاضلها؛ فيربح إبليس الفضل الذي بينهما، وينظر إلى فاضلها فيشتغل به عن مفضولها إن كان ذلك وقته؛ فتفوته مصلحته بالكلية لظنه أن اشتغاله بالفاضل أكثر ثوابا وأعظم أجرا،
وهذا يحتاج إلى معرفة بمراتب الأعمال، وتفاوتها، ومقاصدها، وفقه في إعطاء كل عمل منها حقه وتنزله في مرتبته وتفويته لما هو أهم منه أو تفويت ما هو أولى منه وأفضل لإمكان تداركه والعود إليه وهذا المفضول إن فات لا يمكن تداركه فالاشتغال به أولى، وهذا كترك القراءة لرد السلام وتشميت العاطس وإن كان القرآن أفضل؛ لأنه يمكنه الاشتغال بهذا المفضول والعود إلى الفاضل؛ بخلاف ما إذا اشتغل بالقراءة؛ فاتته مصلحة رد السلام وتشميت العاطس، وهكذا سائر الأعمال إذا تزاحمت والله تعالى الموفق
الوابل الصيب: (1/124 )

13-
وقال رحمه الله تعالى:
إن العارفين كلهم مجمعون على أن التوفيق أن لا يكلك الله تعالى إلى نفسك، والخذلان أن يكلك الله تعالى إلى نفسك
فمن أراد الله به خيرًا فتح له باب الذل والانكسار، ودوام اللجوء إلى الله تعالى والافتقار إليه، ورؤية عيوب نفسه وجهلها وعدوانها، ومشاهدة فضل ربه وإحسانه ورحمته وجوده وبره وغناه وحمده؛ فالعارف سائر إلى الله تعالى بين هذين الجناحين لا يمكنه أن يسير إلا بهما؛ فمتى فاته واحد منهما؛ فهو كالطير الذي فقد أحد جناحيه.
....................................
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات