بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على نبينا وحبيبنا محمد
أخي مراد : إن الباحث عن الحق يمر بأوقات عصيبة .. يشعر أن الشك قاتله وأن الله سيعاجله بالعقوبة وتضطرب حياته أشد اضطراب لذا أريد أن أهون الأمر عليك فأقول : لقد أمعنت التفكير في مسألة ( موروثاتنا عن آبائنا) وقلت في نفسي انه إما أن يكون صحيحا وإما أن يكون باطلا وفي كلتا الحالتين ظهرت لي إشكالية كبيرة ..
لو كان ديني صحيحا ما ذنب الذين لم يرثوه.... لماذا خلقني مسلما وخلقهم مسيحيين وهندوسا وبوذيين ... ولو كان باطلا فما هو الدين الحق.... وهنا سألت نفسي ماذا لو أن الله خلقني بوذيا؟ هل الله يريد مني أن أرضى بالموروث....لو كان الأمر كذلك لكان البوذي معذورا عند الله لأنه ورث دينا والله أراد منه الرضا به مثلي فالله عادل يعاملنا جميعا بعدل مطلق ... ثم سألت نفسي سؤالا آخر وهو :هب أن محمد صلى الله عليه وسلم ليس آخر الأنبياء وأن نبيا آخر بعث الآن فما موقفي منه ...هل أتخلى عن موروثاتي وأؤمن به أم أتحجر وأقول هذا ما وجدت عليه آبائي؟ هنا أدركت الحقيقة ناصعة.......ألا وهي ( الله لا يريد أن أرث شيئا دون تمحيص) ولو كان الأمر كذلك لكان لزاما على الله أن يغفر للكفار والبوذيين والهندوس إذ كيف يورثني دينا صحيحا ويورثهم دينا باطلا ...هذا ظلم والله لا يظلم مثقال ذرة وهنا أدركت بعقلي أن البحث في الموروث هو مراد الله تماما ..لا يغضبه ولا يعاقب عليه. هنا تحررت من عذاب الإحساس بالذنب والشك القاتل... وظهرت لي إشكالية أخرى .. ماذا لو لم استطع البحث بنفسي لأني مشغول ليل نهار بلقمة العيش.. لأني طريح الفراش مريضا... لأني أعمى... لأن أمي لا أقرأ ولا أكتب...لأني سجين.. لأن فهمي ضعيف!!! هنا أدركت أن الله أقرب إلينا من حبل الوريد ويكفي أن أقول مخلصا (اهدني يا خالقي)