الرد على التدليس رقم 20: ورد في رسالة يوحنا الرسول الاولى 1:2 -2 " يَا أَوْلاَدِي، أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ هذَا لِكَيْ لاَ تُخْطِئُوا ... وَإِنْ أَخْطَأَ أَحَدٌ فَلَنَا شَفِيعٌ عِنْدَ الآبِ... يَسُوعُ الْمَسِيحُ الْبَارُّ ... وَهُوَ كَفَّارَةٌ لِخَطَايَانَا ... لَيْسَ لِخَطَايَانَا فَقَطْ، بَلْ لِخَطَايَا كُلِّ الْعَالَمِ أَيْضًا. " ... بينما ورد في سورة التوبة 80 " اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ "
§ كما تعودنا في غالبية ما يثار على الإسلام من شبهات .... اقتطاع نص من سياقه ومناسبته ثم التهليل باكتشاف خطأ حتى نوهم القارئ السطحي بذلك فتتزعزع عقيدته.
§ إن الآية الكريمة التي استدل بها المدلس " اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ ... " هي الآية رقم 80 من سورة التوبة ... والذي يقرأ سورة التوبة بدءاً من الآية رقم 42 وحتى الآية رقم 87يجد أن هذه الآيات تتحدث عن المنافقين الذين كانوا مندسين في داخل المجتمع الإسلامي بالمدينة آنذاك ... والذين أظهروا الإيمان تقية وطمعاً، وأبطنوا الكفر الصراح ... هذا وقد كان الناس ثلاث أصناف: مؤمن، وكافر مظهر للكفر، ومنافق مظهر للإسلام مبطن للكفر، وكان في المنافقين من يعلمه الناس بعلامات ودلالات، بل من لا يشكون في نفاقه، كابن اُبي وأمثاله.
§ وقد تضمنت هذه الآيات وصفاً لحقيقة وتصرفات هؤلاء المنافقين والتي منها إشاعة الاضطراب والفتنة وتدبير المكايد والمكر السيء والاذى للرسول واصحابه والمجتمع ... وعدم الوفاء بما عاهدوا الله عليه بعد ان اعطاهم الله من فضله ... فتمكن بذلك النفاق في قلوبهم إلى أن يموتوا ويلقوا اللَّه.
§ ولذلك فماذا نتوقع ان يُقدم لهؤلاء (أو لمن سيأتي بمثل أعمالهم لاحقاً في أي مجتمع) ... هل تقدم لهم الجوائز التقديرية والأنواط ؟؟؟؟ الإجابة لا بالطبع ... ولكن هؤلاء سيقدم لهم ما جاء في الآية رقم 80 من سورة التوبة والتي تتضمن بأن هؤلاء المنافقين ليسوا أهلا لاستغفار النبي لهم ... بمعنى أن سواء أن أكثر النبي لهؤلاء من استغفار أو لم يستغفر لهم، فلن يعفو اللَّه عنهم ... ولماذا ... لأنه لا أمل في العفو والمغفرة مع الكفر والإصرار عليه وما يصاحب ذلك أيضا من أعمال تضر بالمجتمع وأفراده كما اوضحنا ... " ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ " التوبة 80... وهذا بالطبع نتيجة منطقية وعقلية.
§ إن استغفار النبي (المستجاب) للمنافقين مع اصرارهم على القبح والمعصية والاذى لو حدث فإنه كان سيغريهم بالطبع - هم وأمثالهم - على الاستمرار في الذنوب والمعاصي وأذى الغير ما دام هناك السبيل المتوفر الذي يمحو ويزيل بل ويغفر ذلك.
§ ولكن هل هذا هو الحال مع الكافة وفى كل الأحوال ... الإجابة لا بالطبع ... اذن فماذا ... اذهب الى سورة النساء الآية 64" وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا " ... وما معنى هذا كما جاء في تفسير المنتخب ... أي وما أرسلنا من رسول إلا كان الشأن في رسالته أن يطاع ، وأن تكون طاعته بإذن من الله ، وأن من ينافق أو يكذب أو يخالفه يكن ظالماً لنفسه ، ولو أن هؤلاء الذين ظلموا أنفسهم رجعوا إلى الهدى فجاءوك وطلبوا المغفرة من الله على ما قدَّموا ، ورجوت المغفرة لهم بمقتضى رسالتك وما رأيت من تغير حالهم ، لوجدوا الله سبحانه وتعالى - كثير القبول للتوبة رحيماً بعباده.
§ ولو كان القرآن الكريم كلام محمد صلى الله عليه وسلم ما وجدنا تلك الآية الكريمة التي استدل بها المدلس للطعن في الإسلام ... ولماذا ؟؟؟ لأن هذه الآية تبرهن على أنه صلى الله عليه وسلم يتصرف في إطار يُحدد له من الله وليس طبقاً لما يحدده هو ... وأنه لو كان صلى الله عليه وسلم يدعى النبوة لادعى أيضاً قدرته على مغفرة الذنوب والمعاصي من الله مهما كانت ... بل وتربّح من وراء هذا عن طريق اصدار "صكوك غفران" على نحو مشابه مثلاً لما مارسته الكنيسة الكاثوليكية في أوربا لعدة قرون فكان ذلك من ضمن أسباب انشقاقها وظهور الكنيسة البروتستانتية.
§ ولكننا في هذا المقام نود أن نقف أمام النص الذي كتبه لوقا في إنجيله 23/ 34 بأن السيد المسيح عليه السلام نادى أباه وهو على الصليب وقال ... " فَقَالَ يَسُوعُ: يَا أَبَتَاهُ، اغْفِرْ لَهُمْ، لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ ... ".
§ بموجب هذا النص فقد دعا يسوع الله ليغفر للذين ضربوه وبصقوا عليه وكفروا به وعذبوه ثم صلبوه حسب قول النصارى ... ولذلك فإن الغفران واقع واقع لهؤلاء ولا محالة سواء كان:
§ يسوع هو الله أي دعا يسوع نفسه بنفسه ؟!! فالمغفرة تمت ووقعت ولا محالة.
§ يسوع رسول الله ... فهو بالطبع يلزم أن يكون مستجاب الدعوة عند الله ... فالمغفرة تمت ولا محالة أيضاً.
§ فإذا كانت المغفرة وقعت ولا محالة للذين كفروا به وعذبوه وصلبوه كقول النصارى ... فبالمثل لا يلزم الأيمان بيسوع ولا بتعاليمه ... بل وسيغفر الله بالطبع لكافة البشر (طائعهم وعاصيهم) أسوة بهذا الأمر انطلاقا من مبدأ المساواة وعدالة الله ... بل وهناك أيضاً من سيكونون ارفع درجة من هؤلاء لأنهم لم يقوموا بتعذيب وصلب يسوع.
§ أما نحن المسلمون فقد آمنا بالله ... وربحنا محمد رسول الله ... ولم نخسر أخيه السيد المسيح رسول الله الذي نؤمن به وبتعاليمه الواردة في إنجيل المسيح نفسه ولم نعذبه أو نصلبه ... بل نوقره ونحترمه هو وأمه مريم سيدة نساء العالمين.
§ إن العبارة التي استرشد بها المدلس ..." وَإِنْ أَخْطَأَ أَحَدٌ فَلَنَا شَفِيعٌ عِنْدَ الآبِ ... يَسُوعُ الْمَسِيحُ الْبَارُّ "رسالة يوحنا الاولى 1:2 -2 ... وأيضاً عبارة " فَقَالَ يَسُوعُ: يَا أَبَتَاهُ، اغْفِرْ لَهُمْ ... " لوقا 23/ 34 ... يبرهنان على أن يسوع المسيح هو كيان آخر منفصل غير كيان الآب ... والذي يؤكد ذلك أيضا قول السيد المسيح عن نفسه في انجيل يوحنا الاصحاح رقم 5 الأعداد:
30أَنَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ مِنْ نَفْسِي شَيْئًا. كَمَا أَسْمَعُ أَدِينُ، وَدَيْنُونَتِي عَادِلَةٌ، لأَنِّي لاَ أَطْلُبُ مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَةَ الآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي.
31إِنْ كُنْتُ أَشْهَدُ لِنَفْسِي فَشَهَادَتِي لَيْسَتْ حَقًّا.
32الَّذِي يَشْهَدُ لِي (أي للمسيح) هُوَ آخَرُ... (وحسب ترجمة KJV ... There is another that beareth witness of me) ...وَأَنَا أَعْلَمُ
أَنَّ شَهَادَتَهُ الَّتِي يشهدها لي هي حق.
وحسب تفسير انطونيوس فكرى للعدد (30): " أنا لا أقدر أن افعل من نفسي شيئًا ..." ... فالآب يريد والابن ينفذ ويعلن لنا أي يستعلن إرادة الآب.
وتفسيره أيضاً للعدد (32):"الذي يشهد لي هو آخر وأنا اعلم إن شهادته التي يشهدها لي هي حق." ....
آخر= هو الآب لأن الفعل يشهد أتى في زمان المضارع الدائم، وهذا لا يستقيم في حالة أي إنسان، لأن أي إنسان تكون شهادته مؤقتة أما شهادة الآب فدائمة وصادقة.
§ وبالتالي فان ما ورد ليبرهن تماما على أن كيان السيد المسيح عليه السلام هو كيان منفصل تماما عن كيان الله (الآب) ... وأن كينونته هي مثل ما نطق به فمه الشريف وهو في المهد حيث قال " قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا " مريم 30
§ وما يعيبه المدلس من النهى عن الاستغفار للمنافقين المصرين على القبح والمعصية واذى الغير لردعهم وامثالهم كما ورد في سورة التوبة ... يجده سيادته في كتابه المقدس ... حيث يأمر الرب أرميا عليه السلام بمثل ذلك ... وكيف ؟؟؟
" وَأَنْتَ فَلاَ تُصَلِّ لأَجْلِ هذَا الشَّعْبِ وَلاَ تَرْفَعْ لأَجْلِهِمْ دُعَاءً وَلاَ صَلاَةً، وَلاَ تُلِحَّ عَلَيَّ لأَنِّي لاَ أَسْمَعُك. " ارميا 7 / 16
وجاء في تفسير انطونيوس فكرى لهذا العدد: كان أرميا نبيًا مصليًا عن شعبه ... وكان لهذا الشعب أمل في شفاعته سابقًا ولكن ابتداء من آية (16) فقد الشعب هذا الرجاء ... وعجيب هو إرمياء في محبته فبالرغم من كل أذيتهم لهُ كان دائم الصلاة لأجلهم ... وهذه خطورة من يصلى ويتشفع بالقديسين وهو باقٍ في خطيته لا يريد أن يتوب ... والسبب في هذا قساوة قلوبهم فأصبحت صلاة النبي بلا فائدة لهم.
§ وجاء ذلك أيضا في ارميا 11 / 11 -14
11لِذلِكَ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: هأَنَذَا جَالِبٌ عَلَيْهِمْ شَرًّا لاَ يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهُ، وَيَصْرُخُونَ إِلَيَّ فَلاَ أَسْمَعُ لَهُمْ.
12فَيَنْطَلِقُ مُدُنُ يَهُوذَا وَسُكَّانُ أُورُشَلِيمَ وَيَصْرُخُونَ إِلَى الآلِهَةِ الَّتِي يُبَخِّرُونَ لَهَا، فَلَنْ تُخَلِّصَهُمْ فِي وَقْتِ بَلِيَّتِهِمْ.
13لأَنَّهُ بِعَدَدِ مُدُنِكَ صَارَتْ آلِهَتُكَ يَا يَهُوذَا، وَبِعَدَدِ شَوَارِعِ أُورُشَلِيمَ وَضَعْتُمْ مَذَابحَ لِلْخِزْيِ، مَذَابحَ لِلتَّبْخِيرِ لِلْبَعْلِ.
14وَأَنْتَ فَلاَ تُصَلِّ لأَجْلِ هذَا الشَّعْبِ، وَلاَ تَرْفَعْ لأَجْلِهِمْ دُعَاءً وَلاَ صَلاَةً، لأَنِّي لاَ أَسْمَعُ فِي وَقْتِ صُرَاخِهِمْ إِلَيَّ مِنْ قِبَلِ بَلِيَّتِهِمْ.
وجاء في تفسير انطونيوس فكرى لهذه الأعداد:
في (11) الشر الذي يجلبه الله عليهم هو نتيجة طبيعية لخطيتهم وحين يطلبون الله لن يستجب لهم، فهم لا يصرخون في توبة، بل لمجرد الخروج من الضيقة فقط. في (12) نعرف لماذا لم يستجيب لهم الله فمازالت أوثانهم في قلبهم وها هم يلجأون إليها. وأوثانهم متعددة (13) لذلك في (14) يحرمهم الله من صلوات النبي وشفاعته، وهذا تهديد مخيف لمن يفهم أن صلاة القديسين أصبحت مرفوضة بالنسبة لهُ.
يتبـع بإذن اللـــــــه وفضله