
-
الرد على تدليس بعنوان مقارنة بين المسيح و محمد عليهم السلام
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا مات الإنسانُ انقطع عنه عملُه إلا من ثلاثةٍ: إلا من صدقةٍ جاريةٍ ... أو علمٍ ينتفعُ به ... أو ولدٍ صالحٍ يدعو له " ... الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم -المصدر: صحيح مسلم -الصفحة أو الرقم: 1631 خلاصة حكم المحدث: صحيح
نعم إذا مات الانسان يتوقف في الحال تدفق إيداعاته في حساب رصيده في بنك الآخرة ... بل ويجمّد هذا الرصيد فوراً ويرفع من الخدمة ... ولكن أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث المذكور بإمكانية استمرارية تغذية هذا الرصيد من خلال ثلاث منابع لا رابع لها ... وأحد هذه المنابع " علمٍ ينتفعُ به " ... ولذلك أسأل الله أن يجعل ثواب هذا العلم يصل الى رصيد كل صاحب فضل (تحت التراب) على كاتب هذه السطور.
الموضوع
طــالعتنا أحد المواقع التي اعتقدت انها ستحول المسلمين من دين الاسلام الى دين النصرانية بمقارنة ساذجة بين السيد المسيح وأخيه محمد صلى الله عليه وسلم ...
ويهدف كاتب هذه المقارنة الى هدم دين الإسلام أولا ثم بناء دين النصرانية على انقاضه وذلك باتباعه اسلوب " لان تبيض صفحتك يجب ان تسود صفحات الآخرين " !!!! ... وهو أمر لم يتبعه السيد المسيح نفسه وقت دعوته ولا يرضى ان يتبعه أي أحد من الذين ينتسبون الى شريعته السمحاء بالطبع ... وإننا نود أن نهمس في أذن كاتب هذه المقارنة بأن العقيدة الصحيحة تنشر نفسها عن طريق الطرح الموضوعي والصحيح لها دون الحاجة الى السعي لتجريح الآخر ... وفى النهاية يُترك الخيار للقارئ ... " فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ " الكهف 29
وسنقوم بإذن الله بتوضيح المنظور الإسلامي لما عرضه " السيد المدلس " نقطة بنقطة حتى يقف الجميع على حقيقة ما ذكر ... وباتباع النهج الراقي الذي نادى به محمد صلى الله عليه وسلم وعدم المساس او تجريح للآخر .... "ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ " النحل 125
ولكن قبل أن نبدأ في ذلك نود أن نعرض على القارئ الكريم بعضاً من الثوابت لدى اتباع محمد صلى الله عليه وسلم فيما يتعلق بمنظورهم للسيد المسيح عليه السلام وأمه:
1. يؤمن أتباع محمد صلى الله عليه وسلم أن السيدة مريم والدة السيد المسيح عليه السلام هي سيدة نساء العالمين قاطبة وهم يعظمونها ويوقرونها ... {وَإِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ} آل عمران 42.
2. كما أنها هي المرأة الوحيدة التي ذكرت باسمها في القرآن الكريم صراحة بل وخصصت باسمها سورة (سورة مريم) ... كما خصصت سورة أيضاً باسم ابيها عمران (سورة آل عمران) يتعبد بتلاوتهما أتباع محمد صلى الله عليه وسلم ... هذا ولم يخص القرآن الكريم والد أو والدة محمد صلى الله عليه وسلم أو بناته أو زوجاته بهذا الشرف الذي تفرد به والد مريم ووالدة السيد المسيح.
3. لقد ذكر القرآن الكريم الذي انزل على محمد صلى الله عليه وسلم اسم السيدة مريم 30 مرة ... وبالرغم من أنها هي التي ولدت الله رب العالمين (حسب إيمان المدلس) ... إلا انه لم يذكر اسمها في انجيل مرقص مثلا إلا مرة واحدة " أَلَيْسَ هذَا هُوَ النَّجَّارَ (أي السيد المسيح عليه السلام) ابْنَ مَرْيَمَ، وَأَخُو يَعْقُوبَ وَيُوسِي وَيَهُوذَا وَسِمْعَانَ؟" مرقص 6/3 ... أما فيما كتبه بولس (والذي يعتبره المدلس جزءاً لا يتجزأ من الكتاب المقدس) فلم يرد اسمها على الاطلاق ... حيث أن لفظ مريم الوحيد الذي ورد في رسالة بولس لأهل رومية 16 / 6 ... " سَلِّمُوا عَلَى مَرْيَمَ الَّتِي تَعِبَتْ لأَجْلِنَا كَثِيرًا " ... فانه حسب شرح الكتاب المقدس للقمص تادرس يعقوب ملطي لذلك فقد ذكر ... " أن مريم هذه لا نعرف عنها شيئًا، إلا أنها كانت نافعة للرسول في خدمته قبل ذهابها إلى روما ".
4. كما تفرد القرآن الكريم عن أي كتاب غيره بذكر أن السيد المسيح عليه السلام قد تكلم في المهد بقدرة الله عز وجل ... وهي معجزة خارقة لناموس البشر وذلك لتبرئة أمه من حملها بغير رجل وحسم جوهر كينونته المختلف عليها ... وأيضاً لبيان مهمته التي جاء من أجلها ... فقال: {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا} مريم 30.
5. هذا ويؤمن أتباع محمد صلى الله عليه وسلم بأن السيد المسيح عليه السلام عبد من البشر، أنعم الله عليه بالرسالة، كما أنعم على كثير ممن سبقه ... وأنه هو وأمه ذات طبيعة بشرية مثلنا وكانا يمارسان احتياجاتهما البشرية العادية من مأكل (وما يترتب على ذلك بالطبع من عملية نوم ... إخراج ...) ... " مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ " المائدة 75
6. كما نزه القرآن الكريم السيد المسيح عليه السلام رسول الله عن الإهانة والاستهزاء والبصق في وجهه ... الخ وجعله وجيهاً في الدنيا والآخرة " إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ " آل عمران 45... نافياً بذلك ما نسبه انجيل متى 27/28-35 من الإهانة والاستهزاء والبصق في وجه السيد المسيح عليه السلام رسول الله .... " فَعَرَّوْهُ (أي السيد المسيح) وَأَلْبَسُوهُ رِدَاءً قِرْمِزِيًّا، وَضَفَرُوا إِكْلِيلاً مِنْ شَوْكٍ وَوَضَعُوهُ عَلَى رَأْسِهِ، وَقَصَبَةً فِي يَمِينِهِ. وَكَانُوا يَجْثُونَ قُدَّامَهُ وَيَسْتَهْزِئُونَ بِهِ قَائِلِينَ: السَّلاَمُ يَا مَلِكَ الْيَهُودِ! , وَبَصَقُوا عَلَيْهِ ( أي على السيد المسيح )، وَأَخَذُوا الْقَصَبَةَ وَضَرَبُوهُ عَلَى رَأْسِهِ. وَبَعْدَ مَا اسْتَهْزَأُوا بِهِ، نَزَعُوا عَنْهُ الرِّدَاءَ وَأَلْبَسُوهُ ثِيَابَهُ، وَمَضَوْا بِهِ لِلصَّلْبِ."
7. ولا يؤمن أتباع محمد صلى الله عليه وسلم مطلقاً بمبدأ توارث الخطيئة لأن منطقياً عندهم أنه .... {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} الزمر 7 ... ولا يؤمنون أيضاً بفداء أحد عن أحد ... أو أن يُقتل بريئاً مثلاً ليُفتدي بذلك خاطئاً ... {وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الأَوْفَى * وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنتَهَى} النجم 39- 42 ... لأن مبدأ توارث الخطيئة أو فداء أحد عن أحد هو مبدأ مرفوض عقليا عندهم ... كما أنه مرفوض أيضا في الشطر الأول من الكتاب المقدس وكما ورد في سفر الملوك الثاني 14 / 6 " حَسَبَ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي سِفْرِ شَرِيعَةِ مُوسَى، حَيْثُ أَمَرَ الرَّبُّ قَائِلاً: «لاَ يُقْتَلُ الآبَاءُ مِنْ أَجْلِ الْبَنِينَ، وَالْبَنُونَ لاَ يُقْتَلُونَ مِنْ أَجْلِ الآبَاءِ. إِنَّمَا كُلُّ إِنْسَانٍ يُقْتَلُ بِخَطِيَّتِهِ». "....؟؟؟؟
8. ولذلك يؤمن أتباع محمد صلى الله عليه وسلم بأن الله قد غفر لآدم معصيته (أكله من الشجرة التي نهاه الله عنها بالجنة) بعد استغفاره ... وبالتالي وببساطة لا يوجد خطيئة أساساً ورثت لذريته أو ما شابه ذلك إطلاقاً ... فالله تواب رحيم { فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } البقرة 37 ... وبناء على ما ذكرناه فلا معنى عندهم لسيناريو صلب السيد المسيح وقتله للفداء والكفارة عن الخطيئة المذكورة التي ارتكبها ابونا آدم و كما يؤمن بذلك اتباع الشطر الثاني من الكتاب المقدس (العهد الجديد ) .. " لأَنَّهُ كَمَا فِي آدَمَ يَمُوتُ الْجَمِيعُ (أي يهلك البشر نتيجة خطيئة آدم المورثة لهم)، هكَذَا فِي الْمَسِيحِ (من يؤمن بهذا العمل الفدائي والتضحية بالصلب والقتل ككفارة) سَيُحْيَا الْجَمِيعُ." رسالة بولس الأولى كو 15/22
9. وأتباع محمد صلى الله عليه وسلم لا يؤمنون بأن هناك فرقاً بين أن يعصى أبانا آدم ربه وأن نعصى نحن الله لأن معصية الله واحدة في كل الأحوال ... ولذلك فلا يعقل أن تكون خطيئة آدم (أكل ثمرة من شجرة) غير محدودة وتورث لذريته ... بل وتحتاج إلى كفارة غير محدودة وهي صلب الله ذاته الظاهر في جسد السيد المسيح كما يؤمن بذلك أتباع العهد الجديد .... " لأنهم لو عرفوا ما صلبوا رب المجد" كورونتوس الأولى 2/8 ... في الوقت الذي لا تحتاج خطايانا نحن البشر من قتل وابادة وتشريد واغتصاب وهتك للأعراض لتكرار عملية الصلب.
10. ولذلك يؤمن أتباع محمد صلى الله عليه وسلم بأن الله قد أبطل مكر اليهود بالسيد المسيح (رسوله الكريم) ولم يمكنهم من قتله ... " وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ " النساء 157 ... ولكن تكريماً له رفعه الله إلى جواره في الملكوت الأعلى وأنقذه من أعدائه من غير أن يناله سوء {بَل رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} النساء 158
11. هذا ويؤمن أتباع محمد صلى الله عليه وسلم بأن السبيل الوحيد الذي يوصلهم للجنة هو الإيمان بالله والعمل الصالح طبقاً للمنهج الذي حدده الله لهم وليس بالإيمان بصلب أو شنق أو قتل شخص آخر للفداء أو ما شابه ذلك ... " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلا * خَالِدِينَ فِيهَا لا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلا " الكهف 107-108
يتبع بإذن الله وفضله
التعديل الأخير تم بواسطة سيف الإسلام ; 12-06-2015 الساعة 02:27 PM
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة سيف الإسلام في المنتدى شبهات حول السيرة والأحاديث والسنة
مشاركات: 60
آخر مشاركة: 19-08-2015, 11:51 PM
-
بواسطة سيف الإسلام في المنتدى مشروع كشف تدليس مواقع النصارى
مشاركات: 51
آخر مشاركة: 10-02-2015, 10:31 AM
-
بواسطة سيف الإسلام في المنتدى شبهات حول القران الكريم
مشاركات: 2
آخر مشاركة: 25-06-2014, 12:53 PM
-
بواسطة سيف الإسلام في المنتدى شبهات حول القران الكريم
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 03-05-2014, 10:06 PM
-
بواسطة سيف الإسلام في المنتدى شبهات حول القران الكريم
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 03-05-2014, 05:29 PM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى

المفضلات