.
واعلم أن مذهب النصارى متخبط جداً، وقد اتفقوا على أنه سبحانه ليس بجسم ولا متحيز، ومع ذلك فإنا نذكر تقسيماً حاصراً يبطل مذهبهم على جميع الوجوه فنقول:

إما أن يعتقدوا كونه متحيزاً أو غير متحيزاً

فإن اعتقدوا كونه متحيزاً أبطلنا قولهم بإقامة الدلالة على حدوث الأجسام، وحينئذ يبطل كل ما فرعوا عليه.

وإن اعتقدوا أنه ليس بمتحيز يبطل ما يقوله بعضهم من أن الكلمة اختلطت بالناسوت اختلاط الماء بالخمر وامتزاج النار بالفحم

لأن ذلك لا يعقل إلا في الأجسام فإذا لم يكن جسماً استحال ذلك

ثم نقول للناس قولان في الإنسان:

منهم من قال إنه هو هذه البنية أو جسم موجود في داخلها

و

منهم من يقول إنه جوهر مجرد عن الجسمية والحلول في الأجسام

فنقول: هؤلاء النصارى، إما أن يعتقدوا أن الله أو صفة من صفاته اتحد ببدن المسيح أو بنفسه

أو

يعتقدوا أن الله أو صفة من صفاته حل في بدن المسيح أو في نفسه

أو

يقولوا لا نقول بالاتحاد ولا بالحلول ولكن نقول إنه تعالى أعطاه القدرة على خلق الأجسام والحياة والقدرة وكان لهذا السبب إلهاً

أو

لا يقولوا بشيء من ذلك ولكن قالوا: إنه على سبيل التشريف اتخذه ابناً كما اتخذ إبراهيم على سبيل التشريف خليلاً

فهذه هي الوجوه المعقولة في هذا الباب

والكل باطل


:-

.