شبهة


حلم فرعون:

ذُكر في القرآن حلم فرعون، وهو ينقص عما في التوراة جملة أشياء. فلم يذكر أن البقرات التي رآها في الحلم كانت طالعةً من النهر، ولم يقل إن السبع سنابل كانت في ساق واحد. وقال إن رئيس السقاة طلب من فرعون أن يرسله إلى يوسف (كما في عدد 45) وإنه أرسله ففسّر له يوسف الحلم ثم رجع إلى الملك. وفي عدد (50) وقال الملِكُ ائْتوني به. فلما جاءه الرسول قال: ارجع إلى ربك فاسْأله: ما بالُ النِّسوة اللاتي قطّعن أيديهنّ؟ إن ربّي بكيدهنّ عليم . وفي عدد (54) وقال الملك ائْتوني به استخلصْهُ لنفسي. فلما كلّمه قال: إنك اليوم لدينا مكينٌ أمين .

وهذا يعني أنه لما أخبر الساقي الملك بتفسير الرؤيا، أمر الملك بإخراج يوسف من السجن، فأبى يوسف أن يخرج مع رسول الملك حتى تظهر براءته وكيد النساء، فجمع فرعون النساء وخاطبهن، فاعترفت امرأةُ العزيز أنها راودته عن نفسه وحدها، وغير ذلك من الكلام، ثم دعا فرعونُ يوسفَ فأجاب الطلب.

والحقيقة هي كما في التوراة، أنه لما حلم فرعون اعترف رئيس السُّقاة لسيده بتقصيره في عدم ذِكر يوسف، وأخبره بما حدث له مع رفيقه في السجن. فأرسل فرعون ودعا يوسف من السجن، فأبدل ثيابه ودخل على فرعون، فأخبره بأحلامه ففسّرها له، وأشار عليه بتخزين القمح أيام الرخاء والخصب، استعداداً لأيام القحط. ولما انذهل من حكمته ومهارته جعله وزير مصر الأول (أنظر تكوين 41).

وهنا نرى:

- 1 - ذهب رئيس السقاة إلى السجن واستفهم من يوسف عن تعبير حلمَي فرعون.

- 2 - لما أرسل فرعونُ إلى يوسف رفض يوسف أن يلبّي الدعوة مع أن يوسف هو الذي ترجَّى رئيس السقاة أن يتوسّط في إخراجه من السجن. ولا يُعقل أن يوسف يخالف أمر الملك ويُصِرّ على البقاء في السجن إلى أن يبرىء فرعون ساحته، مع أنه عبد أسير. قال محمد: لو لبثْتُ في السجن طول ما لبث يوسف، لأجبْتُ الداعي (أي رسول الملك) (صحيح البخاري كتاب التفسير باب سورة يوسف).

- 3 - ذكر يوسف تقطيع النساء أيديهن. وهذا غريب. فكيف يذكره وهو لم يصرّح بشيءٍ مما حصل له من ظلم إخوته؟ وأغرب من هذا قول القرآن إن فرعون جمع النساء واستفهم منهنّ عن حقيقة ما حدث.

- 4 - قال القرآن إن امرأة فوطيفار اعترفت بذنبها، وهو بعيد عقلاً. وهذه مسألة عرضٍ وشرف.

- 5 - كانت هذه المسألة قد نُسيت بمضي سنوات، وعبارة القرآن تفيد أنه مضى على يوسف في السجن سبع سنين أو 12 سنة.

تجهيز للرد