بسم الله الرحمن الرحيم
*************************
جدعون والمديانيون:

فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ ; (آية 249).

قال المفسرون إن الذين اغترفوا فقط هم ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً، فإنهم لما وصلوا إلى النهر أُلقي عليهم العطش، فشرب منه الكل إلا هذا العدد القليل. وكان من اغترف منه غُرفة كما أمره الله كفَتْهُ لشربه وشرب دوابه وقويَ قلبه وصحَّ إيمانه وعبر النهر سالماً. والذين شربوا منه وخالفوا أمر الله اسودّت شفاههم وغلبهم العطش فلم يرووا، وجبنوا، وبقوا على شط النهر. وقيل: جاوزوه كلهم، ولكن الذين شربوا لم يحضروا القتال، ولكن قاتل أولئك القليل (الرازي في تفسير البقرة 2: 249).

ونجد في الرواية القرآنية ثلاثة أخطاء:

(1) لم يأخذ شاول جيشه وكان أمامه نهر، فالذي فعل ذلك كان جدعون أحد قضاة بني إسرائيل، وكان قبل الملك طالوت (أي شاول) بمائتي سنة، هو الذي حشد جيشاً جراراً لمحاربة المديانيين. وقال الرب لجدعون: إن الشعب الذي معك كثير عليّ لأدفع المديانيين بيدهم، لئلا يفتخر إسرائيل قائلاً: يدي خلَّصتني. فنادِ في الشعب بأن يرجع كل من كان خائفاً . فرجع 22 ألفاً وبقي عشرة آلاف. وقال الرب لجدعون: لم يزل الشعب كثيراً. إنزل بهم إلى الماء، وكل من يَلَغُ بلسانه من الماء كما يَلَغُ الكلب فأوقِفْه وحده، وكذا كل من جثا على ركبتيه للشرب . وكان عدد الذين ولغوا بيدهم 300 رجلاً، وأما باقي الشعب فجثوا على ركبهم لشرب الماء. فقال الرب لجدعون: بالثلاث مئة رجل الذين ولغوا أُخلّصكم، وأدفع المديانيين ليدكم . وقد آتاه الله النصر (قضاة 7).

فطالوت (وصوابه شاول) لم ينزل بجيشٍ إلى نهرٍ ما، وإنما الذي نزل هو جدعون.

(2) اختار الله من جيش بني إسرائيل 300 نفراً فقط، لإظهار قوته، وليوضح لهم أنه هو مُؤتي النصر.

(3) لم يحارب جدعونُ ورجالُه جلياتَ، بل واقعة جليات مذكورة في 1 صموئيل 17 ، فإنه لما كان يصطف بنو إسرائيل والفلسطينيون للقتال كان جليات ينزل ويعيّر بني إسرائيل وديانتهم، فنزل داود وكان فتى، وأتاه بقوة رب الجنود، فضربه بالمقلاع، فارتزَّ في جبهته فسقط وقطع داود رأسه.

لقد خلط القرآن قصة جدعون مع المديانيين بقصة شاول وجليات.

=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=



للرد



قوله تعالى: { قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ } ففيه مسائل:

قد تعدد القول في أن هذا القائل من كان فقال الأكثرون: أنه هو طالوت وهذا هو الأظهر لأن قوله لا بد وأن يكون مسنداً إلى مذكور سابق، والمذكور السابق هو طالوت، ثم على هذا يحتمل أن يكون القول من طالوت لكنه تحمله من نبـي الوقت، وعلى هذا التقدير لا يلزم أن يكون طالوت نبياً ويحتمل أن يكون من قبل نفسه فلا بد من وحي أتاه عن ربه، وذلك يقتضي أنه مع الملك كان نبياً.

والقول الثاني: أن قائل هذا القول هو النبـي المذكور في أول الآية، والتقدير: فلما فصل طالوت بالجنود قال لهم نبيهم: { إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ } ونبـي ذلك الوقت هو اشمويل عليه السلام.

ما جاء بالكتاب المقدس ليس لنا به شأن إلى أن يتحد النصارى على كتاب واحد تتحد عليه كل الطوائف المسيحية وكذا أثبات تفسيراتهم للعهد القديم بتوثيق من أصحابه وهم اليهود .
__________________
السيف البتار