في ظل آية

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

    

 

 

    

 

في ظل آية

النتائج 1 إلى 9 من 9

الموضوع: في ظل آية

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    المشاركات
    69
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    31-03-2013
    على الساعة
    05:50 PM

    افتراضي في ظل آية

    "أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ"البقرة44 هذه الآية نزلت في اليهود ولكن لا تنطبق عليهم وحدهم , بل علي كل من فعل فعلهم, أي علي من امر بمعروف ولم يعمل به ونهى عن منكر ولم ينته عنه. هذا الصنف كثير في مجتمعنا , فنحن نقول إننا مسلمون ونعمل بعمل غير المسلمين والعياذ بالله .

    وهذه الأية توضح لنا منهجا نحن في اشد الحاجة إليه في حياتنا وفي دعوتنا لله ولدين الله , لأن المقصود من هذا الخطاب القرأني تنبيه المؤمنين عامة والدعاة خاصة علي ضرورة التوافق بين القول والعمل , لن الاقتداء بالأفعال أبلغ من الاقتداء بالأقوال .

    فمن اراد ان يكون داعية أن يطبق دعوته علي نفسه , لأن الدين كلمة تقال وسلوك يفعل فإذا انفصلت الكلمة عن الفعل ضاعت الدعوة , فالله سبحانه وتعالى يقول : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ " (الصف 2, 3). وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ " أي أن سلوكه وفق ما جاء به القرآن وما أمر به , إذ أن العمل ثمرة العلم , ولا خير في علم بغير عمل .

    فالأمر بالمعروف واجب علي العالم , وإذا أراد ان يصدقه الناس أن يفعل ما امرهم به ولا يتخلف عنهم , كما قال سيدنا شعيب عليه السلام : " وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ" هود88.

    نسأل الله التوفيق لدعاتنا ومشايخنا ولعامة المسلمين إلى السداد في الرأي والصلاح وصدق النية في العمل والهداية إلى سبيل الرشاد .
    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    التعديل الأخير تم بواسطة أسد الإسلام ; 11-10-2009 الساعة 01:26 PM سبب آخر: تصويب وتشكيل الآيات
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    المشاركات
    6,554
    الدين
    الإسلام
    الجنس
    ذكر
    آخر نشاط
    04-07-2023
    على الساعة
    10:29 PM

    افتراضي

    جزاكم الله خيراً أخانا
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    الحمد لله على نعمة الإسلام

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    1,155
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    31-01-2014
    على الساعة
    01:17 PM

    المقصد السني في تفسير آية الكرسي

    إن الصلة بين الآية الكريمة وبين ما قبلها وما بعدها صلة واضحة بارزة، وثيقة دقيقة، نزلت في سورة البقرة هذه السورة الكريمة التي اشتملت على كثير من الحكم البالغة والأحكام البليغة ففيها حديث عن القرآن ومواقف الناس المتباينة من هدايته، وفيها القصص والأمثال والأحكام الفقهية المتعددة وفيها عرض شامل للعقيدة الإسلامية، وبيان لجملة من الأخلاق الكريمة وفيها أيضا تحذير من إخوة القردة والخنازير وكشف لفضائحهم ومفاسدهم حتى نكون منهم على حذر ، وحتى يعتبر خلفاؤهم وحلفاؤهم .
    وفي السورة الكريمة أيضا بيان لجملة من السنن الربانية في هذا الكون ومنها اصطفاؤه عز وجل لأنبيائه وأصفيائه وسنة النصر والتمكين لأهل الإيمان واليقين ، وسنة التدافع والتوازن في الكون قال تعالى { فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُواْ مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ قَالُواْ لاَ طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو اللّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ {249} وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُواْ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ {250} فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاء وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَـكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ {251} تِلْكَ آيَاتُ اللّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ {252}
    وفي هذا مايدل على سلطانه العظيم وتدبيره الحكيم وإرادته النافذة البالغة وفضله العظيم .
    ومن فضله وإكرامه ورحمته وإنعامه : إرساله الرسل بالآيات البينات وتفضيل بعضهم على بعض بالمنح اللدنية والمواهب الربانية والنفحات السنية والدرجات العلية .
    ومع ذلك فلقد كان للناس مواقف متباينة من الرسل الكرام فمنهم من آمن ومنهم من كفر ، وتلك سنة من سنن الله الكونية والإنسانية : سنة الاختلاف، فسبحان من جلت حكمته وعلت مشيئته ونفذ مراده فلا يقع في ملكه إلا ما أراده :
    مشيئة الخالق الباري وحكمته وقدرة الله فوق الشك والتهم
    قال تعالى { تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَـكِنِ اخْتَلَفُواْ فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَـكِنَّ اللّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ {253} }
    ثم يأتي النداء الإلهي إلى الطائفة المؤمنة يأتي بتوجيه جديد إلى المؤمنين أن يبادروا ويسارعوا بالإنفاق في شتى وجوه الخير قبل انقضاء الآجال وانطواء صحائف الأعمال والعرض على الكبير المتعال في يوم لا بيع فيه ولا خلال، ولا شفاعة ، فيا حسرة على من لا يقدم لنفسه الإيمان 0
    ياحسرة على من ظلم نفسه فأوردها موارد الهلاك والخـسـران
    يا حسرة على من آثر الكفر والعصيان على الإيمان وطاعة الـرحمن
    يا حسرة على من أعرض عن الحق مع وضوح الحجة وجلاء البرهان
    قال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ {254} )
    وبعد هذا البيان الإلهي تجيء آية الكرسي وفيها عرض لأصول العقيدة الإسلامية في كلمات وجيزة بليغة ورد فيها بيان لوحدانية الله  ، وحياته الأبدية الأزلية الذاتية الكاملة ، وقيوميته وملكه لجميع المخلوقات ، فلا شريك له ولا شفيع عنده إلا بإذنه ، كما تحدثت الآية الكريمة عن إحاطة علمه وسعة ملكه وعظمة مخلوقاته التي تدل وتشهد على عظمة ذاته وصفاته وأفعاله ، ومع ذلك فإنه تعالى لا يثقل عليه شيئ وهو تعالى العلي العظيم في ذاته وصفاته وأفعاله .
    قال تعالى  اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ {255} .
    بعد هذا البيان والبرهان القوي الجلي لأصول العقيدة الإسلامية فضلا عما سبقه من تفصيل وبيان للحكم والأحكام ، والقصص والأمثال ، يبين الله  أنه لا إكراه في الدين لأن الدين الإسلامي لا يحتاج إلى إكراه قال  { لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ  :265
    فهو دين واضح المحجة قوي الحجة ثم تمضي الآيات الكريمة بعد ذلك في جولة جديدة مع الحجج الساطعة والبراهين القاطعة والأحكام الرشيدة والحكم السديدة التي تدل على صدق هذا الدين الذي جاء بالصلاح والفلاح للفرد والمجتمع في الدنيا والآخرة 0

    جملة مما ذكره المفسرون في مناسبة الآية :
    اهتم بعض المفسرين في تفاسيرهم بإبراز المناسبة بين هذه الآية الكريمة وما قبلها وبينها وبين ما بعدها ، وفيما يلي ننقل جانبا مما ورد في كتبهم :
    2- هذا الإمام النيسابوري يبين لنا السياق العام لآية الكرسي فيقول رحمه الله ( فد جرت عادته سبحانه و تعالى في كتابه الكريم أنه يخلط الأنواع الثلاثة : أعني علم التوحيد – و علم الأحكام – وعلم القصص -بعضها ببعض و الغرض من ذكر القصص إما تقرير دلائل التوحيد وإما المبالغة في إلزام الأحكام والتكاليف وفي هذا النسق أيضا رحمة شاملة فإن طبع الإنسان جبل علي الملل فكلما انتقل من أسلوب إلي أسلوب انشرح صدره وتجدد نشاطه وتكامل ذوقه ولذته وصار أقرب إلى فهم معناه و العمـل بمقتضاه و إذ قد تقدم من علم الأحكام والقصص ما اقتضى المقام إيراده ذكر الآن ما يتعلق بعلم التوحيد فقال ( الله لا إله إلا هو الحي القيوم ) .
    وعن صلة آية الكرسي بما بعدها يقول النيسابوري رحمه الله ( لما بين دلائل التوحيد بيانا شافيا قاطعا للأعذار ذكر بعد ذلك أنه لم يبق للكافر علة في إقامته علي الكفر إلا أن يقسر علي الإيمان ويجبر عليه ، و ذلك لا يجوز في دار الدنيا التي هي مقام الابتلاء و الاختبار وينافيه الإكراه و الإجبار فالحق واضح أبلج ) .
    وعن صلة آية الكرسي بما بعدها يقول البقاعي رحمه الله { ولما اتضحت الدلائل لكل عالم وجاهل صار الدين إلى حد لا يحتاج فيه منصف لنفسه إلى إكراه فيه فقال تعالى: ( لا إكراه في الدين ) }

    4 - ويقول الإمام الألوسي في تفسيره روح المعاني ( ومناسبة الآية الكريمة لما قبلها أنه سبحانه لما ذكر أن الكافرين هم الظالمون ؛ ناسب أن ينبههم جل شأنه إلى العقيدة الصحيحة التي هي محض التوحيد الذي درج عليه المرسلون علي اختلاف درجاتهم وتفاوت مراتبهم بما أينعت من ذلك رياضه ؛ وتدفقت حياضه و صدح عندليبه وصدع علي منابر البيان خطيبه فلله الحمد علي ما أوضح الحجة و أبان عن وجه المحجة ) (غرائب القرآن وغرائب الفرقان ) .
    • ثم يقـول الإمام الألوسي موضحا الصلة بين آية الكرسي والآية التي تليها ( لا إكراه في الدين ) " جملة مستأنفة جىء بها إثر بيان دلائل التوحيد للإيذان بأنه لا يتصور الإكراه في الدين لأنه في الحقيقة إلزام الغير فعلا لا يري فيه خيرا يحمله عليه ؛ والدين خير كله " .
    5 – و في تفسير المنار يقول الشيخ رشيد رضا موضحا صلة آية الكرسي بما قبلها ( بعد أن أمرنا تعالى بالإنفاق في سبيله قبل أن يأتي يوم لا مال فيه و لا كسب ؛ و لا ينجي من عقابه فيه شفاعة و لا فداء انتقل –كدأب القراّن - إلي تقرير أصول التوحيد و التــنزيه التي تشعر متدبرها بعظيم سلطانه تعالى ؛ ووجوب الشكر له و الإذعان لأمره ؛ و الوقوف عند حدوده و بذل المال في سبيله ؛ و تحول بينه وبين الغرور و الاتكال علي الشفاعات و المكفرات التي جرّأت الناس علي نبذ كتاب الله وراء ظهورهم فقال (الله لا إله إلا هو الحي القيوم ) .
    6- وفي التحرير و التنوير يقول الشيخ ابن عاشور ( لما ذكر هول يوم القيامة ، وذكر حال الكافرين ، استأنف بذكر تمجيد الله تعالى وذكر صفاته إبطالا لكفر الكافرين وقطعا لرجائهم ، لأن فيها (من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه ) ، وجعلت هذه الآية ابتداء لآيات تقرير الوحدانية والبعث ، وأودعت هذه الآية العظيمة هنا لأنها كالبرزخ بين الأغراض السابقة واللاحقة . )
    كما يقول عن صلة آية الكرسي بالآية التي تليها :-
    وتعقيب آية الكرسي بهذه الآية بمناسبة أن ما اشتملت عليه الآية السابقة من دلائل الوحدانية وعظمة الخالق وتنزيهه عن شوائب ما كفرت به الأمم ، من شأنه أن يسوق ذوي العقول إلى قبول هذا الدين الواضح العقيدة ، المستقيم الشريعة ، باختيارهم دون جبر ولا إكــراه ، ومن شأنه أن يجعل دوامهم على الشرك بمحل السؤال : أيتركون عليه أم يكرهون على الإسلام ، فكانت الجملة استئنافا بيانيا ) .
    7 – ويقول صاحب الظلال مبينا صلة الآية الكريمة بما قبلها { وبمناسبة الاختلاف بعد الرسل والاقتتال والكفر بعد مجيء البينات والإيمان .. بهذه المناسبة تجيء آية تتضمن قواعد التصور الإيماني، وتذكر من صفات الله سبحانه ما يقرر معنى الوحدانية في أدق مجالاته وأوضح سماته وهي آية جليلة الشأن عظيمة الدلالة واسعة المجال }
    ثم يقول صاحب الظلال موضحا صلة آية الكرسي بما بعدها { .. وعندما يصل السياق بهذه الآية إلى إيضاح قواعد التصور الإيماني في أدق جوانبها، وبيان صفة الله وعلاقة الخلق به هذا البيان المنير.. ينتقل الى إيضاح طريق المؤمنين وهم يحملون هذا التصور ويقومون بهذه الدعوة وينهضون بواجب القيادة للبشرية الضالة الضائعة 00}


    المقال ( المقصد السني في تفسير آية الكرسي)

    تأليف

    أحمد بن محمد الشرقاوي
    أستاذ التفسير المشارك بجامعة الأزهر
    وكلية التربية بعنيزة
    التعديل الأخير تم بواسطة mosaab1975 ; 01-12-2009 الساعة 09:46 PM
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    1,155
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    31-01-2014
    على الساعة
    01:17 PM
     اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُو
      
    لفظ الجلالة (الله) علم على الذات الإلهية ، وهو اسم تفرد به الله سبحانه واختصه لنفسه ، ووصف به ذاته ، وقدمه على جميع أسمائه ، وأضاف صفاته كلها إليه 0
    ( رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا )
    أى هل تعلم أحداً اسمه الله غير الله ؟ أو اسماً غير ماسمى به نفسه ؟
    أو هل تعلم أحداً يستحق كمال الأسماء والصفات ما يستحقه الله ويتصف به حقيقة .
    أو هل تعلم اسماً هو أعظم من هذا الإسم المفرد .
     اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُو 
    لارب غيره ولامعبود سواه وهو سبحانه المتفرد بالربوبية والألوهية . وتوحيد الله تعالى هو أساس العقيدة الصحيحة ، ودعوة جميع الأنبياء عليهم السلام من آدم  وحتى خاتم النبيين والمرسلين  .
    قال تعالى  وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إلا أَنَا فاعبدون ) [الأنبياء 25] وقال تعالى:(  يُنَزِّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُواْ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ أَنَاْ فَاتَّقُون  [النحل2 .
    ولقد قسم العلماء التوحيد إلى أقسام ثلاثة : -
    أولها : توحيد الربوبية :
    وهو الاعتقاد الجازم بأن الله تعالى رب كل شيئ فلا رب غيره 0
    قال تعالى إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّة أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْق وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ  [سورة الأعراف54 ]
    وقال تعالى :  قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِج الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَفَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ {31} فَذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (32)  [سورة يونس ].
    فالخالق الرازق المدبر المحي المميت المليك المقتدر هو الله .
    الثانى : توحيد الألوهية :
    وهو الاعتقاد الجازم بأنه تعالى الإله الحق المستحق لجمع العبادات الظاهرة و الباطنة ، المتفرد بها فلا معبود إلا هو 0
    الثالث : توحيد الأسماء والصفات
    أما توحيد الأسماء فيقتضي الإيمان بما عليه كل اسم من معنى ، وما يتعلق به من آثار.
    قال تعالى في سورة الأعراف (وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ {180} )
    وقال  في سورة الإسراء { قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً {110}
    وقال تعالى في سورة طه (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى {8} ) .
    وقال تعالى ( إن لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحد من أحصاها دخل الجنة } (*)انظر الهامش اسفل .
    وأسماء الله تعالى ليست منحصرة في التسعة و التسعين اسما ولكن لله عز وجل أسماء أخرى غير تلك الأسماء ، دل على ذلك الحديث الذى رواه الإمام أحمد في مسنده وأبو يعلى والطبرانى من حديث ابن مسعود رضي الله عنه عن رسول الله قال ( ما أصاب أحدًا قط هم ولاحزن فقال اللهم إنى عبدك وابن عبدك وابن أمتك نا صيتى بيدك ، ماض في حكمك عدل في قضاؤك ، أسألك بكل اسم هو لك ، سميت به نفسك ، أنزلته في كتابك ، أو علمته أحدا من خلقك ، أواستأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبى ونور صدرى وجلاء حزنى و ذهاب همى : إلا أذهب الله حزنه و همه وأبدله مكانه فرحا-( الحديث : رواه الإمام أحمد في مسنده عن ابن مسعود  حديث 3712 مسند الإمام أحمد بتحقيق الشيخ أحمد شاكر وقال إسناده صحيح ورواه أبو يعلى في مسنده 5/135 حديث 5276 ورواه الطبرانى في كتاب الدعاء عنه 2/1279 حديث 1035و ورواه ابن أبى شيبة في المصنف 10/253 وابن حبان في صحيحه كما في الموارد برقم 589 والإحسان 2/230 حديث 2372 ورواه الطبرانى في المعجم الكبير 10/209 و رواه الحارث بن أبى أسامة في مسنده كما في زوائده برقم 251 و رواه البزار في مسنده 4/31 حديث 3122 وابن السنى في عمل اليوم و الليلة345 و أورده ابن تيمية في الكلم الطيب برقم 123 وصححه وأورده أبن القيم في شفاء العليل في القضاء والتنزيل ص 274 وصححه وأورده الهيثمى في المجمع و قال رواه أحمد و الطبرانى وأبو يعلى والبزار ورجال أحمد وأبى يعلى رجال الصحيح غير أبى سلمة الجهنى وقد وثقه ابن حبان - مجمع الزوائد للهيثمى 10/186وأورده الألبانى في الصحيحه حديث 198- 1/1/383ولأبى سلمة الجهنى ترجمة في التاريخ الكبير للبخارى ولم يذكر فيه جرحا –التاريخ الكبير 9/39)
    – وأما توحيد الصفات فيقتضى الإيمان بها بلا تعطيل أو تشبيه بالحوادث وتفويض علم كيفيتها لله تعالى فهو تعالى أعلم بنفسه منا ، و الإيمان بعدم وجود صفتين لله تعالى من جنس واحد كقدرتبن و إرادتين
    – وأما توحيد الأفعال فمعناه عدم وجود فعل لأحد غيره يشبه فعله تعالى قال تعالى ( ليس كمثله شئ وهو السميع البصير ) سورة الشورى : 11 .(الإيمان أركانه ، حقيقته ، نواقضه للدكتور محمد نعيم ياسين ص 10،11 ويراجع : عقيدة المؤمن للشيخ أبي بكر الجزائري ص 78 كما يراجع مذكرات في التوحيد للأستاذ الشيخ محمود أبو دقيقة رحمه الله ص 71،72ويراحع أيضا : عقيدتنا للأستاذ الدكتورمحمد ربيع الجوهري 1/ 129 )
    وقال تعالى ( قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ) .
    وكلمة التوحيد ( لا إله إلا الله ) متضمنة لجميع أنواع التوحيد ، لأن معناها توحيد الله في ألوهيته الذى يتضمن توحيد الله في ربوبيته وأسمائه وصفاته ( الإيمان أركانه ، حقيقته ، نواقضه للدكتور محمد نعيم ياسين ص:11 ).


    (*)الحديث : رواه الإمام البخارى بلفظه في صحيحه بسنده عن أبى هريرة ك/ التوحيد باب: إن لله مائة إسم إلا واحدة ، ومعنى أحصاها أى حفظها وآمن بها وعمل بما فيها { والإحصاء قد يكون بالقول وقد يقع بالعمل فالذى بالعمل أن لله أسماء يختص بها كالأحد والمتعال والقدير ونحوها فيجب الإقرار بها والخضوع عندها ، وله أسماء يستحب الاقتداء بها في معانيها : كالرحيم والكريم والغفور ونحوها يستحب للعبد أن يتحلى بما فيها ليؤدى حق العمل بها فبهذا يحصل الإحصاء العملى ، وأما الإحصاء القولى بجمعها وحفظها والسؤال بها … } فتح البارى 13 / 389 ، 390 والحديث رواه البخارى أيضاً بمعناه في كتاب الدعوات عنه باب لله مائة إسم غير واحدة حديث رقم 6410 – الفتح 11 / 218 ، ورواه الإمام مسلم بلفظه عنه ك/ الذكر والدعاء باب الحث مع ذكر الله تعالى صحيح مسلم بشرح النووى 17 / 625.
    ورواه الإمـام الـتـرمـذى في سـننه عنه ك/ الذكر والدعاء باب 83 – ح 3506 - 5 /496 كـمـا رواه ابن ماجة في السنن عنه حديث 3860 - 2 / 1269 ورواه الترمذى في السنن عنه وفيه ذكر الأسـمــاء حديث 3507 وقال هذا حديث غريب حدثنا به غير واحد عن صفوان بن صالح ولانعرفــه إلا مــــن حديثه وهو ثقة عن أهل الحديث وقد روى الحديث من غير وجه عن أبــى هريرة عن النبي  ، ولانعلم في كثير شيئ من الروايات له إسناد صحيح ذكر الأسماء إلا في هذا الحديث ، ورواه ابن ماجة أيضاً عنه ح 3861 من طريق موسى بن عقبة عن الأعرج به نحوه وقال في الزوائد لم يخرج أحد من أئمة السنة عدد أسماء الله الحسنى من هذا الوجه ولامن غيره : غير ابن ماجة والترمذى مع تقديم وتأخير في الأسماء ، وطريق الترمذى أصح شيئ في الباب وإسناد ابن ماجة ضعيف لضعف عبدالملك بن محمد . وأخرجه الحاكم في المستدرك على الصحيحين وقال هذا حديث قد خرجناه في الصحيحين بأسانيد صحيحة دون ذكر الأسامى فيه ولم يذكرها غيره وليس هذا بعلة فإنى لأعلم اختلافاً بين أئمة الحديث أن الوليد بن مسلم أوثق وأحفظ وأعلم وأجل من أبى اليمان وبشر بن شعيب وعلى بن عياش وأقرانهم من أصحاب شعيب 0 المستدرك 1 / 16 – وأخرجه ابن حبان من طريق الحسن بن سفيان وغيره عن صفوان بن صالح به نحوه حديث 2384 كما في الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان ، وقال ابن كثير والذى عول عليه جماعة من الحفاظ أن سرد الأسماء في هذا الحديث مدرج فيه – تفسير القرآن العظيم لابن كثير 2 / 69 ، وكذا رجح الحافظ ابن حجر أن سرد الأسماء مدرج في الحديث – الفتح 11 / 219 .
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    المشاركات
    7,696
    الدين
    الإسلام
    الجنس
    أنثى
    آخر نشاط
    09-08-2017
    على الساعة
    09:57 AM

    افتراضي

    ما شاء الله
    جزاكم ربى كل خير على ما قمتم به من شرح وتوضيح للايه الكريمه
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jun 2009
    المشاركات
    138
    آخر نشاط
    06-02-2014
    على الساعة
    08:43 PM

    افتراضي

    جزاكم الله خيرا
    اللهم صل على سيدنا محمد
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    اللهم صل على سيدنا محمد
    بسم الله الرحمن الرحيم
    قال تعالى :
    بسم الله الرحمن الرحيم
    فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ
    وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا
    كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ
    الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ .سورة الأنعام125
    الى كل من يريد ان يكون داعي الى الله والى كل من
    يهمه نشر الدعوه ،فالدعوه الى الله مشكله يعاني منها الدعاة في كل مكان،
    ومن هنا تكتسب أهميتها وخطورتها، فالفشل فيها
    يعني فشل جيل وأمة، وبالتالي فالنجاح يعني بناء أمة.
    ويجب أن تتوفر للداعي قواعد .
    *القاعدة الأولى:
    ضرورة البدء بالنفس:
    أن يكون الداعي ذو خلق حسن وأن لا يغضب
    ولا مُعجب بنفسه متعند برأيه فقد روي عنه
    صلى الله عليه وسلم أنه كان في قيام
    الليل وفي استفتاح الصلاة يدعوا :
    (اللهم اهدني لأحسن الأخلاق والأعمال لا يهدي لأحسنها
    إلا أنت وقني سيء الأخلاق والأعمال لا يقي سيئها إلا أنت).
    و روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً:
    ثلاث مهلكات وثلاث منجيات، فأما المهلكات:
    فشحٌّ مطاع، وهوىً متّبع، وإعجاب المرء بنفسه،
    وأما المنجيات:فخشية الله في السر والعلانية،
    والقصد في الغنى والفقر، والعدل في الرضا والغضب.
    يقول الشيخ عبد القادر الكيلاني رحمه الله:
    "إذا صلح قلب العبد للحق عز وجل وتمكن
    من قربه، أُعْطِي المملكة والسلطنة في أقطار
    الأرض، وسُلِّم إليه نشر الدعوة في الخلق،
    والصبر على أذاهم، يسلَّم إليه تغيير الباطل وإظهار الحق".
    ولنا عبرة في فعل وقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم
    عندما ذهب إلى الطائف ليدعو إلى الله ولاقى الأذى من
    أهل الطائف وخرج منها حزيناً فجاءه جبريل
    ومعه ملك الجبال فقال له ملك الجبال قد بعثني ربك
    إليك لتأمرني بأمرك فما شئت إن شئت أن أطبق
    عليهم الاخشبين فقال له رسول الله صلى
    الله عليه وسلم :بل أرجو أن يُخرجَ الله من
    أصلابهم من يعبد الله وحده ولا يشرك به شيئًا .
    وروي عن أبيّ قال:لما أنزل اللّه عزَّ وجلَّ على نبيه
    محمد صلى اللّه عليه وسلم :
    "خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين"
    سورة الأعراف الأية199
    قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم:
    "ما هذا يا جبريل؟"قال:إن اللّه أمرك أن تعفو عمن ظلمك،
    وتعطي من حرمك، وتصل من قطعك
    (رواه ابن جرير وابن أبي حاتم).
    وقال الإمام أحمد عن عقبة بن عامر رضي اللّه عنه قال:
    لقيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فابتدأته، فأخذت بيده، فقلت:
    يا رسول اللّه أخبرني بفواضل الأعمال، فقال:
    "يا عقبة صل من قطعك، وأعط من حرمك، وأعرض عمن ظلمك".
    قال جعفر الصادق:
    أمر الله نبيه بمكارم الأخلاق في هذه الآية،
    وليس في القرآن آية أجمع لمكارم الأخلاق من هذه الآية.
    وقال صلى الله عليه وسلم:(بعثت لأتمم مكارم الأخلاق).
    خذ العفو منه، أي لا تنقص عليه وسامحه.
    وسبب النزول يرده، والله أعلم.
    فإنه لما أمر الله نبيه بمحاجة المشركين دله على مكارم الأخلاق،
    فإنها سبب جر المشركين إلى الإيمان.
    أي اقبل من الناس ما عفا لك من أخلاقهم وتيسر؛
    تقول:أخذت حقي عفوا صفوا، أي سهلا.‏
    و يقول الأستاذ مصطفى صادق الرافعي رحمه الله تعالى:
    "إن الموعظة إن لم تتأد في أسلوبها الحي كانت
    بالباطل أشبه، وإنه لا يغير النفس إلا النفس التي
    فيها قوة التحويل والتغيير، كنفوس الأنبياء ومن
    كان في طريقة روحهم، وإن هذه الصناعة إنما
    هي وضع البصيرة في الكلام، لا وضع القياس والحجة".
    ويؤكد ذلك الأستاذ عبد الوهاب عزام رحمه الله تعالى فيقول:
    "ولا ينطق بكلمة الحق الخالدة إلا عقل مدرك،
    وقلب سليم.. إلا قائل يعتد بنفسه ويثق برأيه،
    فيرسل الكلام أمثالاً سائرة، وبيناتٍ في الحياة باقية،
    لا يصف وقتاً محدوداً، ولا إنساناً فرداً، ولا حدثاً
    واحداً، ولكنه يعمّ الأجيال والأعصار،
    والبلدان والأقطار"، ولن يصل حديثك في قلوب
    المدعوين إلا بدرجة وصوله إلى قلبك، كما يقول
    التابعي شهر بن حوشب:
    "إذا حدَّث الرجلُ القومَ، فإن حديثه يقع من قلوبهم موقعه من قلبه".
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
    "من عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم ".
    وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
    "أكمل الناس عقلا أطوعهم لله وأعملهم بطاعته ".
    *وهذا سر قوله صلى الله عليه وسـلم :
    نحن معاشر الأنبياء أمرنا أن ننزل
    الناس منازلهم، ونكلمهم على قدر عقولهم .
    *وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول:
    ما أحد يحدث قومًا بحديث لا تبلغه
    عقولهم إلا كان فتنة على بعضهم.
    *وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم:
    ليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي،
    ولكن هو ما وقر في القلب وصدقه العمل.
    هذه هي القضية باختصار:
    1-أن تحسن صلتك بربك،
    2-أن تقتنع أنت بفكرتك أولاً،
    3-أن تكون في نفسك قوة التحويل والتغيير،
    أن تثق بها لدرجة أن تعتد بنفسك وبرأيك،
    فتخرج كلماتك من قلبٍ متصلٍ بخالقه،
    ونفسٍ فيها قوة التحويل والتغيير، وفكرٍ كله اقتناعٌ وثقةٌ،
    فتُسَلَّم المملكة والسلطنة، ويعمّ خطابك البلدان والأقطار.
    *القاعدة الثانية:
    *القدوة:
    فهي حقاً كما يقول الرافعي رحمه الله:
    "الأسوة وحدها هي علم الحياة"
    قال تعالى:
    لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ
    يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً {الأحزاب21}
    والدعوة هي الحياة، فالأسوة وحدها هي علم الدعوة،
    وعلم الدعوة كله هو الأسوة الحسنة،
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
    "والذي نفسي بيده لا يدخل الجنة أحد إلا بحسن الخلق ".
    وهذا ما فهمه أسلافنا، فقال الإمام الشافعي رحمه الله:
    "من وعظ أخاه بفعله كان هاديا"،
    وكان عبد الواحد بن زياد يقول:
    "ما بلغ الحسن البصري إلى ما بلغ إلا لكونه
    إذا أمر الناس بشيء يكون أسبقهم إليه، وإذا نهاهم
    عن شيء يكون أبعدهم منه".
    و"إن العالِم إذا لم يعمل بعلمه زلت موعظته عن
    القلوب كما تزل القطرة عن الصفا"
    أي قطرة الندى عن الصخرة الملساء،
    كما يقول مالك بن دينار رحمه الله تعالى.
    فانتبه أخي الداعية، فالقدوة مركز حساس خطير،
    و"إنك إمامٌ منظورٌ إليك"
    كما قال إمام المدينة يحيى بن سعيد الأنصاري من قبل،
    ونقول لك اليوم:"إنك داعيةٌ منظورٌ إليك".
    *القاعدة الثالثة:
    العلاقة الشخصية:
    كثيراً ما نغفل أثناء ممارستنا للدعوة عن تكوين
    علاقةٍ شخصيةٍ حقيقيةٍ مع المدعو، ولست أعني
    هنا مجرد وجود العلاقة، وإنما أعني العلاقة
    الشخصية الحقيقية، التي تنبني أول ما تنبني
    على المعنى الإنساني الخالص، أن أوجد بيني
    وبين من أدعوه جسراً من المودة والحب،
    خيطاً من الاتصال ليس من ورائه غرض،
    حتى ولو كان هذا الغرض هو الدعوة،
    وحتى لا يساء فهم كلامي، فلست أعني هنا
    أن تكوين علاقةٍ مع المدعو بغرض الدعوة أمر سيئ،
    لا أبداً، إنما ما أقصده تحديداً هو استغراقنا
    أحياناً كثيرةً في التفكير في تكوين علاقةٍ مع
    المدعو بهدف الدعوة، فننسى العلاقة الطبيعية،
    فتجدنا نتصرف دون أن نشعر بطريقةٍ غير
    مناسبة أو لائقة، فمثلاً لو استجاب المدعو إلينا،
    وتقدم معنا في البرنامج الدعوي، فإننا نقلل دون
    أن نشعر من اهتمامنا به، ونوجه هذا الاهتمام
    إلى مدعو جديد، بحجة أنه أصبح على الدرب،
    وكذلك لو وجدنا تقدماً بطيئاً من مدعو آخر،
    فإننا نقلل من اهتمامنا به لنوجه الاهتمام إلى غيره،
    وهذا الأمر في الحالتين يؤثر في نفس الشخص المدعو،
    فلنتذكر دائماً أن العلاقة الشخصية الإنسانية هي الأساس.
    فيجب أن يكون شعارنا الأحاديث المروية عن رسول الله
    صلى الله عليه وسلم.
    قال صلى الله عليه وسلم :
    (من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله
    ومنع لله فقد استكمل الإيمان )رواه أبو داود .
    فقال صلى الله عليه وسلم :
    (أوثق عرى الإيمان الموالاة في الله والمعاداة في الله ،
    والحب في الله والبغض في الله عز وجل )رواه
    الطبراني وصححه الألباني .
    وفي الحديث :(إذا أحب أحدكم صاحبه فليأته في منزله
    فليخبره أنه يحبه لله ،فإنه أبقى في الألفة وأثبت في المودة ) .
    ومنها تبادل العلاقات الأخوية ، والإكثار من الصلات الودِّية ،
    فكم أذابت الهدية من رواسب النفوس ،
    وكم أزال البدء بالسلام من غل القلوب ،
    وفي الحديث (تصافحوا يذهب الغل ، وتهادوا تحابوا
    وتذهب الشحناء ).
    *القاعدة الرابعة:
    *التجدد:من أكثر ما يعيق المرء في عمله الدعوي
    التقليدية والنمطية، فيفقد هو المتعة، ولا يجد المدعو
    نحوه بريقاً أو جاذبية، فلينتبه الدعاة لذلك، وليبحثوا
    دائماً عن الجديد، في الثقافة والمعلومة، في الوسيلة
    والطريقة، في المكان والتوقيت، المهم أن يجد المدعو
    شيئاً يجذبه إليه، ويشوقه للقائه، ولو تخيلنا أننا أمام
    جهاز تلفازٍ يعرض أموراً جديدة باستمرار،
    للقينا أنفسنا تنساق إليه دونما وعي بل برغبةٍ وحبٍ،
    فليكن الداعية جهاز عرض الخير، ومعرض
    الإفادة والمتعة والتشويق.
    *اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت،
    وشر ما لم أعمل.‏
    *فمن عفا و أصلح فأجره على الله.
    *ما كان الرفق في شئ إلا زانه
    ولا كان العنف في شئ إلا شانه .
    *من خير المواهب العقل، ومن شر المصائب الجهل.

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    1,155
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    31-01-2014
    على الساعة
    01:17 PM

    افتراضي

    ( الحي ) :
    من له الحياة الأزلية الأبدية الكاملة الذاتية ، التي لم تسبق بعدم ولاتعقب بفناء0
    قال الإمام الطبري في تفسيره{ (الحى) الذى له الحياة الدائمة والبقاء الذى لا أول له ولا آخر له بأمد إذ كل ما سواه فإنه وإن كان حيا فلحياته أول محدود وآخر ممدود ينقطع بانقطاع أمدها وينقضي بانقضاء غايتها } (جامع البيان للطبري 3/387 بتحقيق أحمد شاكر ، والأمد الغاية التي ينتهي إليها و الممدود من مد له في كذا : أي طول له فيه ،أو من المدة وهي الطائفة من الزمان ، ومنه ماددت القوم أي جعلت لهم مدة ينتهون إليها )
    { الحى : الذىله جميع معانى الحياة الكاملة من السمع و البصر والعلم و القدرة والإرادة و غيرها } (تيسير الكريم المنان في تفسير كلام الرحمن للشيخ السعدى 1/218 )
    ومن هنا فهناك فارق بين حياة المخلوق وحياة الخالق ، فحياة الله تعالى ذاتية ، وحياة جميع المخلوقات من الله تعالى، وحياة الله تعالى أزلية ، وحياة المخلوقات حادثة ، وحياة الله تعالى لاتفارقه وحياة المخلوقات لاتلازمها ، وحياة الله تعالى لاحد لها ولاأمد لها ولامنتهى لها ، وحياة المخلوقات محدودة منتهية بانتهاء الآجال .
    وحظ العبد من هذا الاسم أن يعمل للحياة الحقيقية ، الحياة الباقية ، في الدار الآخرة قال تعالى في سورة العنكبوت ( وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ {64} ) وقال تعالى في سورة الفجر ( يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى {23] يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي {24} ) ولا سبيل إلى هذه الحياة الحقيقية الحياة الهادئة الهانئة الراضية المرضية الحياة الطيبة التى لاسبيل إليها إلا بالاستجابة لنداء الحق .
    قال تعــالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُم ) [سورة الأنفال 24]
    وقال تعالى:( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُون ) [سورة النحل 96 ]
    وعـن معنى الحياة الطيبة يقول الإمام ابن القيم في كتابه مدارج السالكين [ وقد فسرت الحياة الطيبة بالقناعة والرضا والرزق الحسن وغير ذلك والصواب أنها حياة القلب ونعيمه ، وبهجته وسروره بالإيمان ومعرفة الله ، ومحبته ، والإنابة إليه والتوكل عليه ، فإنه لاحياة أطيب من حياة صاحبها ولا نعيم فو ق نعيمه إلا نعيم الجنة ،كما كان بعض العارفين يقول :إنه لتمر بي أوقات أقول فيها إن كان أهل الجنة في مثل هذا إنهم لفي عيش طيب وقال غيره : إنه ليمر بالقلب أوقات يرقص فيها طرباً ، وإذا كانت حياة القلب حياة طيبة تبعته حياة الجوارح فإنه ملكها ، ولهذا جعل الله الحياة الضنك لمن أعرض عن ذكره ، وهي عكس الحياة الطيبة ] مدارح السالكين 3 / 270 ، 271
    ومن الأشياء المجربة أن من داوم على ذكر ( يا حي يا قيوم ) أورثه ذلك حياة القلب وصفاءه وحياة العقل وتوقده 0

    ( القيوم )
    صيغة مبالغة من قام يقوم قياما ، فهو قيووم على وزن فيعول اجتمعت الياء والواو في الكلمة وكانت الأولى منهما ساكنة فقلبت الواو ياء ، وأدغمت الياء في الياء .
    قال أمية بن أبي الصلت(-ديوان أمية بن أبي الصلت الثقفي : ص 57 ويراجع جامع البيان للطبري 3/ 388) :
    لم تخلق السماء والنجوم والشمس معها قمر يعوم
    قدره المهيمـن القيوم والجسر والجنة والجحيم
    إلا لأمر شأنه عظيم .
    والله تعالى هو ( القيوم ) القائم بذاته ، المقيم لغيره
    قال ابن عباس { القيوم } الذي لايزول ولايحول ، وقال مجاهد { القيوم } القائم على كل شئ .
    وقال قتادة { القيوم } القائم بتدبير خلقه ، وقال الحسن { القيوم } القائم على كل نفس بما كسبت حتى يجازيها بعملها من حيث هو عالم به لا يخفي عليه شئ منه ( يراجع جامع البيان للطبري 3 /388 والنكت والعيون للماوردي 1 /259 ومعالم التنزيل للبغوي 1/238 - وفتح القدير للشوكانيي 1 / 271 )
    وقال الإمام الراغب [ (القيوم )أى القائم الحافظ لكل شىء والمعطى له ما به قوامه ]( المفردات للراغب ص 417) وقال الإمام الطبري ( القيوم ) يطلق لمجموع اعتبارين : أحدهما أنه لا يفتقر في قوامه إلي غيره ؛ الثاني : أن غيره يفتقد في قوامه إليه فلا وجود ولا بقاء لغيره تعالى إلا به ) (جامع البيان للطبري 3/ 388)
    و يقول صاحب الظلال ( أما صفة القيوم : فتعني قيامه سبحانه و تعالي علي كل موجود؛ كما تعني قيام كل موجود به ؛ فلا قيام لشىء إلا مرتكزا إلي وجوده وتدبيره 000و إرادته تعالى 000ومن ثم يظل ضمير المسلم و حياته ووجوده ووجود كل شئ مرتبطا بالله الواحد ؛ الذي يصرف أمره وأمر كل شئ حوله ؛ وفق حكمه وتدبيره ؛فيلتزم الإنسان بالمنهج المرسوم القائم علي الحكمة و التدبير؛ و يستمد منه قيمه وموازينه و يراقبه وهو يستخدم هذه القيم و الموازين )
    وحظ العبد من الاسم أيضا أن يستغني بالله عن كل ما سواه فالله تعالي هو القائم علي كل نفس يكلؤها ويحفظها و يرزقها وأن يراقب الله تعالى في كل عمل
    .
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    1,155
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    31-01-2014
    على الساعة
    01:17 PM

    افتراضي

    ( لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ )
    هذه الجملة تقرير لكمال حياته تعالى وقيوميته ، لأن السنة والنوم إنما يعرضان للمخلوق ، الذي يعتريه الضعف والعجز والزوال ، ولايعرضان لذي العظمة والكبرياء والجلال ، ولأن النائم لا يستطيع حفظ شئ حيال نومه ، والنوم تغير وانتقال من حال إلى حال والله تعالى لايتغير لأن التغير من صفات الحوادث والله تعالى ( ليس كمثله شئ وهو السميع البصير ) سورة الشورى :11
    روى الإمام مسلم في صحيحه والإمام أحمد في مسنده و ابن ماجة في السنن والبغوى في تفسيره عن أبى موسى الأشعرى رضي الله عنه قال قام فينا رسول الله :salla-s: بخمس كلمات فقال إن الله لا ينام ولا ينبغى له أن ينام ولكنه يخفض القسط ويرفع ، إليه عمل الليل قبل عمل النهار وعمل النهار قبل عمل الليل ، حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه } الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبى موسى الأشعري
    والسِّنة أصلها من الفعل وسن يسن ، حذفت الفاء من المضارع ومن المصدر كما يقال : عدة - بكسر العين ، والسنة : النعاس ، والنعاس ما يتقدم النوم من الفتور وانطباق العين فإذا صار في القلب صار نوما 0
    قال الشاعر : وسنان أقصده النعاس فرنّقت في عينه سنة وليس بنائم
    أما النوم فقيل هو‍‌" حال يعرض للحيوان من استرخاء أعصاب الدماغ من رطوــبات الأبخرة المتصاعدة بحيث تقف الحواس الظاهرة عن الإحساس رأسا" ، وقيل هو" فتور يعترى أعصاب الدماغ من تعب أعمال الأعصاب ومن تصاعد الأبخرة البدنية الناشئة عن الهضم والعمل العصببى فيشتد عند مغيب الشمس ومجيىء الظلمة ، فيطلب الدماغ و الجهاز العصبى الذى يديره الدماغ استراحة طبيعية فيغيب الحس شيئاً فشيئاً وتثقل حركة الأعضاء ، ثم يغيب الحس إلى أن تسترجع الأعصاب نشاطها فتكون اليقظة " وقيل هو الغشية الثقيلة التى تهجم على القلب فتقطعه عن معرفة الأمور
    وفي الميزان للطباطبائى : " النوم هو الركود الذى يأخذ الحيوان لعوامل طبيعية تحدث في بدنه"
    وهذه الأقوال التى ذكرها المفسرون مرجعها إلى ما ذكره الفلاسفة والأطباء ،فهذا أبقراط يرى أن النوم ينشأ عن انسحاب الدم والدفء إلى المناطق الداخلية من الجسم ،
    وهذا الفيلسوف اليونانى أرسطو يرجع السبب المباشر في النوم إلى الطعام الذى نتناوله والذى يطلق أبخرة وأدخنة في العروق ولقد أضاف الإسكندر الافروديس إلى ما ذكره أرسطو : أن التعب الذى يحل بالجسم
    يؤدي إلى أن يجف الجسم ويفقده حرارته وبذلك ينتهى الأمر إلى النوم000 بينما يرى الكسندرفون همبولت : أن النوم ينشأ عن نقص في الأكسجين ، لكن العالم الألمانى فلهلم برايير : يرى أن التعب يخلق مواد كيميائية في جسم الإنسان من شأنها أن تمتص الأكسجين من الجسم الأمر الذى يتسبب في حرمان المخ من الأكسجين اللازم له من أجل أداء أعماله و نشاطه 0
    هذا ورغم التقدم العلمى الهائل والإمكانيات العلمية العظيمة والمراكز والمختبرات العلمية المنتشرة في أرجاء العالم والأبحاث والدراسات والتجارب عن النوم رغم هذا كله فمازال سرًا غامضًا على البشرية وهى في أوج تقدمها وازدهارها العلمي ، إن تلك الدراسات والأبحاث التي تنفق عليها الملايين ويقضي العلماء فيها السنين والسنين ويحصلون من خلالها على الدرجات العلمية والأوسمة والجوائز العلمية ـ لا تتعدى كونها مجرد تسجيل لظواهر وملاحظات تحدث قبل الاستعداد للنوم وأثناء النوم وعند الاستيقاظ منه ، كما أن تلك الدراسات والبحوث متعلقة بما يتصل بالنوم من أمور حسية ، أما الروح فلا علم لهم بها ، ومن هنا فإن النوم إلى الآن وحتى يرث الله الأرض ومن عليها سيظل سرا من أسرار الله تعالى في هذا الوجود .
    كما أن الروح سر من الأسرار التي لا نـعلمها ولا سبيل لنا إلى معرفة حقيقتها ، وصدق المولى إذ يقول :- ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً 85)[سورة الإسراء ] وقال جل وعلا ( اللَّهُ يَتَوَفي الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ){42}سورة الزمر 
    وقال سبحانه ( وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ ){23} [سورة الروم ]
    فالنوم آية من آيات الله تدل على قدرته ، ونعمة من نعمه تدل على فضله ورحمته ، وسر من أسراره في خليقته يدل على سعة علمه وبالغ حكمته 0
    فإن قيل : ما السر في تقديم السنة على النوم مع أن الترقي في النفي من الأقوى إلى الأضعف ومن الأكثر إلى الأقل ، كما نقول لا يقدر فلان على ضرب خمسة رجال ولا واحدا ، كما أن الترقي في الإثبات يكون من الأقل إلى الأكثر ومن الأضعف الى الأقوى ؟
    قلنا للمفسرين في ذلك أجوبة متنوعة :-
    قال بعضهم : إنما قدم السنة على النوم اعتبارا للترتيب الزمني لأن السنة تسبق النوم
    وقال الرازي : { تقدير الآية { لا تأخذه سنة فضلا عن أن يأخذه النوم }
    وقال الإمام البقاعي : { لما عبر بالأخذ الذي هو بمعنى القهر والغلبة وجب تقديم السنة كما لو قيل فلان لا يغلبه أمير ولا سلطان 0
    وفي عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ { … وإنما جمع بين نفييهما لأنه لا يلزم من نفي أحدهما نفي الآخر ، إذ يتصور مجيء النوم دفعة من غير مبادئ الوسن ، ومجىء الوسن دون النوم فلذلك نفي كل واحد منهما على حدته بدليل تكرير ( لا ) }
    وقال الشيخ محمد عبده : { إن ما ذكر في النظم الكريم ترق في نفي هذا النقض ، ومن قال بعدم الترقي فقد غفل عن معنى الأخذ وهو الغلبة والاستيلاء ، ومن لا تغلبه السنة فقد يغلبه النوم لأنه أقوى ، فذكر النوم بعد السنة ترق من نفي الأضعف إلى نفي الأقوى }
    و{ لا } في قوله تعالى { ولا نوم } لتأكيد النفي ، ولبيان انتفاء كل واحد منهما ولو لم تذكر لاحتمل نفيهما بقيد الاجتماع ، وبناء عليه فلا يلزم منه نفي كل واحد منهما على حدته ، ولذلك تقول : ما قام زيد وعمرو بل أحدهما ، ولا تقول : ما قام زيد ولا عمرو بل أحدهما
    موعظة بليغة *
    تعلق قلب رجل بامرأة بدوية وقد ذهبت ذات ليلة إلى حاجة لها فتبعها الرجل فلما خلا بها في البادية والناس نيام راودها عن نفسها ، فقالت له انظر أنام الناس جميعاً ففرح الرجل وظن أنها قد أجابته إلى ما ابتغاه فقام وطاف حول مضارب الحى فإذا الناس نيام فرجع مسروراً وأخبرها بخلو المكان إلا من النيام ، فقالت ما تقول في الله تبارك وتعالى ؟ أنائم هو في هذه الساعة ؟ قال الرجل إن الله لاينام ولا تأخذه سنة ، فقالت المرأة إن الذى لم ينم ولا ينام ويرانا وإن كان الخلق لا يرون فذلك أولى أن نخشاه ، فاتعظ الرجل وتركها وتاب خوفاً من الله تعالى : ولما مات رئى في المنام فقيل له ما فعل الله بك فقال غفر لى لخوفي منه وتوبتى إليه .
    وصدق من قال: وإذا خلوت بريبة في ظلمة والنفس داعية إلا العصيان
    فاستحي من نظر الإله وقل لها إن الذي خلق الظلام يراني
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    7,561
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    21-01-2019
    على الساعة
    02:09 PM

    افتراضي

    [
    COLOR="Blue"]السلام عليكم ورحمة الله وبركاته[/COLOR]

    تأملات في الى: ((...وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ))

    الحمد الله على ما وفقنا إليه من الحق والصلاة والسلام على خير الخلق وعلى آله وصحبه ومن

    تبعهم بصدق ...


    بارك الله فيك اخى الكريم

    وجزاك الله خيراااا

    فهذه تأملات لغوية وتفسيرية في معنى قو

    ((...وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ))


    فهذا المقطع جزء من آية في سورة آل عمران وفي سورة الحديد أيضا: في سورة آل عمران:

    ((كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (185)


    وقال سبحانه في سورة الحديد ((اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوانٌ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ مَتاعُ الْغُرُورِ (20)

    ففي آية آل عمران له غرض وفي الحديد لها غرض آخر:فأما عنها في سورة آل عمران:
    قال ابن عاشور صاحب التحرير والتنوير في تفسيره :
    هذه الآية مرتبطة بأصل الغرض المسوق له الكلام وهو تسلية المؤمنين على ما أصابهم يوم أحد وتفيد المنافقين في مزاعمهم أن الناس لو استشاروهم في القتال لأشاروا بما فيه سلامتهم فلا يهلكوا فبعد أن بين لهم ما يدفع توهمهم أن الانهزام كان خذلانا من الله وتعجبهم منه كيف يلحق قوما خرجوا لنصر الدين وان سبب للهزيمة بقوله ( إنما استزلهم الشيطان )


    وأما غرضها في آية الحديد

    قال ابن عاشور صاحب التحرير والتنوير في تفسيره :
    (أعقب التحريض على الصدقات والإنفاق بالإشارة إلى دحض سبب الشح أنه الحرص على استبقاء المال لإنفاقه في لذائذ الحياة الدنيا فضرب لهم مثل الحياة الدنيا بحال محقرة على أنها زائلة تحقيرا لحاصلها وتزهيدا فيها لأن التعلق بها يعوق عن الفلاح قال تعالى ( ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ) ...


    كل ذلك في سياق الحث على الإنفاق الواجب وغيره وأشير إلى أنها ينبغي أن تتخذ الحياة وسيلة بنعيم الدائم في الآخرة ووقاية من العذاب الشديد وما عدا ذلك من أحوال الحياة فهو متاع قليل ولذلك أعقب مثل الحياة الدنيا بالإخبار عن الآخرة بقوله ( وفي الآخرة عذاب ) الخ . اهـ


    قلت (أبو أنس):
    إذن التكرار في الآيتين له غرض بلاغي لا يتم المعنى الكامل للآيتين إلا بختمهما بقوله تعالى (وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ مَتاعُ الْغُرُورِ)


    قال ابن عاشور في تفسيره على آية آل عمران:
    (...لتنزيل المؤمنين فيما أصابهم من الحزن على قتلاهم وعلى هزيمتهم منزلة من لا يترقب من عمله إلا منافع الدنيا وهو النصر والغنيمة مع أن نهاية الأجر في نعيم الآخرة ولذلك قال ( توفون أجوركم ) أي تكمل لكم وفيه تعريض بأنهم قد حصلت لهم أجور عظيمة في الدنيا على تأييدهم للدين : منها النصر يوم بدر ومنها كف أيدي المشركين عنهم في أيام مقامهم إلى أن تمكنوا من الهجرة ...) اهـ


    قلت (أبو أنس): فلما كان سياق الآيات تسلية المؤمنين على ما أصابهم يوم أحد فكانت المفاضلة بين الدنيا والآخرة وأن الفوز الحقيقي والحياة الحقيقية تكون في الآخرة فكانت خاتمة الآية موافقة للمعنى إذ أن الدنيا لا تساوي شيئا عند الله.
    لذلك كانت الآية التي تليها مباشرة استئنافا لبيان حال المؤمنين في الدنيا قال الله تعالى:(لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (186)) في استئناف لإيقاظ المؤمنين إلى ما يعترض أهل الحق ...



    روى البخاري ومسلم عن خباب بن الأرت رضي الله عنه قال : " هاجرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نلتمس وجه الله تعالى ، فوقع أجرنا على الله ، فمنا من مات لم يأكل من أجره ـ يعني في الدنيا ـ شيئاً ، منهم مصعب بن عمير رضي الله عنه ، قتل يوم أحد ، وترك نمرة ، فكنا إذا غطينا بها رأسه بدت رجلاه ، وإذا غطينا رجليه بدا رأسه ، فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نغطي رأسه ، ونجعل على رجليه شيئاً من الأذخر، ومنا من أينعت له نمرته فهو يهذبها "


    والنمرة كساء ملون من الصوف ـ يهذبها : يقطفها .

    قلت (أبو أنس): وهكذا تعلم أصحاب الحبيب – صلى الله عليه وسلم – القرآن حين تخففوا من حب الدنيا وكراهية الموت ، وصدقوا في طلب الآخرة ، أن يتقدموا في ميادين الشهادة ، باسمة شفاههم مرفوعة رؤوسهم خفاقة بالشوق إلى لقاء الله قلوبهم فصاروا قرائين تمشي على الأرض وكانوا رجالا كمل وصفهم الله تعالى.



    فإذا علم المؤمن ذلك عاش لله ومات لله عاش مدافعا عن الحق كي يموت على الحق فمن عاش على

    شيء مات عليه ومن مات على شيء بعث عليه



    ... اللهم أيقظ قلوبنا.




    أقول: وأما الغرض البلاغي في آية الحديد:


    فقد قال ابن عاشور في تفسيره:



    (... عطف ( وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور ) على ( وفي الآخرة عذاب شديد ) للمقابلة بين الحالين زيادة في الترغيب والتنفير والكلام على تقدير مضاف أي وما أحوال الدنيا إلا متاع الغرور) اهـ



    قلت (أبو أنس): فكان التكرار مناسبا في سياق الحث على الإنفاق الواجب، فلماذا نبخل والمال مال الله ونحن له عبيد وأعمالنا علينا مستحقة...

    و الدنيا مضمحلّةٌ اضمحلالَ الزبد الذي يذهب جُفاءً! وفانيةٌ فناء الهشيم الذي اشتدّت به الريح في يومٍ عاصفٍ! فالمسلم يوقن بذهابه منفرداً إلى مصيره غداً! حين يُفارق الأحباب، ويترك فلذات الأكباد، كما قال عزّ وجل: (إن كلّ من في السموات والأرض إلا آتي الرحمن عبداً لقد أحصاهم وعدّهم عدّاً وكلّهم آتيه يومَ القيامة فرداً)

    اللهم استخدمنا ولا تستبدلنا
    \

    وأما عن معنى قوله تعالى (مَتاعُ الْغُرُورِ):


    فلعل المقاصد اللغوية لكلمتي ( متاع – الغرور ) تكون من أقرب الأسباب لفهم النص القرآني:


    فالمتاع لغة:



    قال صاحب الفروق اللغوية :


    في الفرق بين المنفعة والمتاع / الفرق بين المنفعة والمتعة قال: قد فرق بينهما: بأن المتعة: منفعة توجب الالتذاذ في الحال.


    والمنفعة: قد تكون بألم تؤدي عاقبته إلى نفع.


    فكل متعة منفعة، ولا ينعكس.


    ويرشد إليه قوله تعالى: " أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه، كمن متعناه متاع الحياة الدنيا "


    وقال صاحب لسان العرب في معنى المتاع وما يحمل عليه في بابه:

    (وقد ذكر الله تعالى المَتاعَ والتمتُّعَ والاسْتمتاعَ والتَّمْتِيعَ في مواضعَ من كتابه ومعانيها وإِن اختلفت راجعة إِلى أَصل واحد قال الأَزهري فأَما المَتاعُ في الأَصل فكل شيء يُنْتَفَعُ به ويُتَبَلَّغُ به ويُتَزَوَّدُ والفَناءُ يأْتي عليه في الدنيا...


    ... وقيل المُتْعةُ الزاد القليل وجمعها مُتَعٌ قال الأَزهري وكذلك قوله تعالى يا قوم إِنما هذه الحياة الدنيا مَتاعٌ أَي بُلْغةٌ يُتَبلَّغُ به لا بقاء له ويقال لا يُمْتِعُني هذا الثوبُ أَي لا يَبْقى لي ومنه يقال أَمْتَعَ الله بك أَبو عبيدة في قوله فأُمَتِّعُه أي أُؤخره ومنه يقال أَمْتَعَك الله بطول العمر ... وقال ابن المظفر المَتاعُ من أَمْتِعةِ البيت ما يَسْتَمْتِعُ به الإِنسان في حَوائِجه وكذلك كل شيء قال والدنيا متاع الغرور يقول إنما العَيْشُ متاع أَيام ثم يزول أَي بَقاء أَيام والمَتاعُ السَّلْعةُ والمَتاعُ أَيضاً المنفعة وما تَمَتَّعْتَ به)




    وقال صاحب النهاية في غريب الأثر:



    والمتاع: كلُّ ما يُنْتَفع به من عُروض الدنيا قَليلها وكثيرها



    وقال ابن فارس في مقاييس اللغة:

    (متع) الميم والتاء والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على منفعة وامتدادِ مُدّةٍ في خيرٍٍ. منه استمتعت بالشَّيء. والمُتْعة والمَتَاع: المنفعة ... ويقولون: حبل

    ماتِعٌ: جيِّد، ومعناهُ أنَّ المدّة تمتدّ به. ويقولون: مَتَع النَّهارُ: طال...


    وذهب مِن أهل التَّحقيق بعضُهم إلى أنَّ الأصل في الباب التلذُّذ... والمتاع: الانتفاع بما فيه لذَّةٌ عاجلة. وذهبَ منهم آخرُ إلى أنَّ الأصلَ الامتدادُ والارتفاع، والمتاع انتفاعٌ ممتدُّ الوقت.



    وأما المعنى اللغوي لكلمة (الغرور):


    قال صاحب الفروق اللغوية :



    (الفرق بين الغرور والخدع: أن الغرور إيهام يحمل الإنسان على فعل ما يضره مثل أن يرى السراب فيحسبه ماء فيضيع ماءه فيهلك عطشا ... وكذلك غر إبليس آدم ...

    وقال في الفرق بين الغرور والوهم: قيل: الغرور: إيهام حال السرور فيما الأمر بخلافه في المعلوم، وليس كل وهم غرورا، لأنه قد يتوهمه مخوفا، فيحذر منه.)

    وقال صاحب لسان العرب في معنى الغرور وما يحمل عليه في بابه:


    ( غرر ) غرّه يغُرُّه غَرًّا وغُروراً وغِرّة الأَخيرة عن اللحياني فهو مَغرور وغرير خدعه وأَطعمه بالباطل ... قال الزجاج ويجوز الغُرور بضم الغين وقال في تفسيره الغُرور الأَباطيل ويجوز أَن يكون الغُرور جمع غارٍّ مثل شاهد وشُهود وقاعد وقُعود والغُرور بالضم ما اغْتُرَّ به من متاع الدنيا وفي التنزيل العزيز لا تَغُرَّنَّكم الحياةُ الدنيا يقول لا تَغُرَّنَّكم الدنيا فإِن كان لكم حظ فيها يَنْقُص من دينكم فلا تُؤْثِروا ذلك الحظّ ولا يغرَّنَّكم بالله الغَرُور والغَرُور الشيطان يَغُرُّ الناس بالوعد الكاذب والتَّمْنِية وقال الأَصمعي الغُرور الذي يَغُرُّك والغُرور بالضم الأَباطيل كأَنها جمع غَرٍّ... وقد قال الفراء غَرَرْتُه غُروراً قال وقوله ولا يَغُرّنّكم بالله الغَرور يريد به زينة الأَشياء في الدنيا والغَرُور الدنيا صفة غالبة .)




    قلت (أبو أنس):


    وعلى ذلك يكون المعنى اللغوي لقوله تعالى (مَتاعُ الْغُرُورِ):


    فكل منفعة توجب الالتذاذ في الحال وكل شيء يُنْتَفَعُ به ويُتَبَلَّغُ به ويُتَزَوَّدُ فالفَناءُ يأْتي عليه في الدنيا فما هو إلا بُلْغةٌ يُتَبلَّغُ به و لا بقاء له فإنما العَيْشُ متاع أَيام ثم يزول أَي بَقاء أَيام، فكلُّ ما يُنْتَفع به من عُروض الدنيا قَليلها وكثيرها يوشك أن يزول عن صاحبه فما الدنيا و الانتفاع بما فيها إلا لذَّةٌ عاجلة وإن امتدت بعض الوقت،

    ومع ذلك فهي لذة و متعة زائفة لا حقيقة لها إذ أن متاعها غرور ومتوهم يحمل الإنسان على فعل ما يضره مثل أن يرى السراب فيحسبه ماء فيضيع ماءه فيهلك عطشا، وكيف لا وما الدنيا إلا غُرور بالأَباطيل التي يَغُرُّ الشيطان و هو الغَرُور الناسَ بوعد كاذب وأمنيات مهلكة فالدنيا متاعها غُرور مزين ولا ييحتاج إلى زينة إلا كل قبيح. والله أعلم


    وكلا أهل التفسير قريب من ذلك:



    فقد قال الإمام الطبري في تفسيره قوله تعالى : ((...وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ))
    توقيع نضال 3


    توقيع نضال 3

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي




    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

في ظل آية

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

في ظل آية

في ظل آية