ريهام عبد العزيز
حالة تنصر تافهة يطنطن بها القساوسة
د. إبراهيم عوض
Ibrahim_awad9@yahoo.com
http://awad.phpnet.us/
http://www.maktoobblog.com/ibrahim_awad9


بينما كنت أبحث عن شىء فى المشباك (الإنترنت) منذ عدة أيام إذا بى، ولا أدرى كيف، آتِى على تسجيلٍ تلفازىٍّ لفتاة مصرية اسمها ريهام عبد العزيز كانت مسلمة ثم تنصرت منذ فترة، وأظهرتها فضائية "الحياة" النصرانية فى حلقة "سؤال جرىء" فى محاولة لتبرئة القَسّ المتهم بتزوير أوراق رسمية من أجل تسهيل زواجها من شاب نصرانى ومساعدتها فى الخروج من مصر. وكان مصادر قضائية مصرية فى أكتوبر 2008م قد قالت "إن محكمة مصرية حكمت امس الأحد على قس وثلاثة مسيحيين مصريين آخرين ومسلمة تنصرت بالسجن لمدة خمس سنوات لإدانتهم بالتزوير. وقال مصدر إن محكمة جنايات الجيزة أثبتت أن القس متاوس عباس زور شهادة ميلاد المتنصرة ريهام عبد العزيز مستخدما بيانات شهادة ميلاد أخته لإصدار بطاقة هوية استعملت في تزويج المتنصرة من المحكوم عليه الثالث أيمن فوزي زخاري. وأضاف أن عباس عقد زواج المتنصرة وزخاري. وتابع أن الزوجين هاربان وقال المصدر إن الحكم صدر على المحكوم عليهما الآخرين اللذين شهدا على عقد الزواج المزور غيابيا. وأضاف أن المحكمة أثبتت أن الشاهدين كانا على علم بالتزوير".
وبالبحث والتحرى وجدتُ التغطية التالية للموضوع فى موقع "ساحة الحوار العربى" بتاريخ الأحد 26 أكتوبر 2008م: "قبل أن تبدأ المرافعات وجدنا كاهنا مسيحيا حائرا وتائها، فور أن دخل القاضي المستشار محمود سامي كامل وبدأ الجلسة نادي عليه وقال له: "معاك محامي يا أبونا؟ المرة خلاص مفيش تأجيل". أجلسه في ركن خاص في المحكمة وطلب من المصورين ألا يقتربوا منه وألا يصوروه. التزم المصورون بما قاله القاضي، لكن الكاميرات الصحفية لم تصمد فسارعت بالتقاط بعض الصور السريعة له. كان بالنسبة لي غامضا للغاية، فما الذي جاء به إلي هنا؟ ماذا يفعل؟ وما هي الجريمة التي ارتكبها ليقف أمام محكمة الجنايات؟ كنت قد اصطدت الحكم الذي صدر ضده، فقد قضت محكمة جنايات الجيزة بالسجن المشدد علي القس متاؤوس عباس وهبة القس بكنيسة كرداسة و4 آخرين هم ريهام عبد العزيز (مسلمة) وأيمن فوزي وروماني نبيل فارس ووائل عزيز شفيق. كانت النيابة العامة قد وجهت لهم تهمة تزوير أوراق رسمية تتمثل في شهادة ميلاد وبطاقة شخصية لتزويج ريهام من أيمن (القبطي). واشترك روماني ووائل في الشهادة علي توثيق العقد، ثم توجها إلي القس متاؤوس الذي قام بتوثيق عقد الزواج. التزوير، كما قالت النيابة، تم بمعرفة روماني نبيل، الذي نزع صورة البطاقة الشخصية لأخته المتوفاة مريم ووضع بدلا منها صورة ريهام المسلمة، وقام بتزويجها للمتهم أيمن فوزي.
كان الحكم صدمة لمتاؤوس. الذين استمعوا إلي كلماته وهو في المحكمة قالوا إنه لا يجيد الحديث ولا يعرف شيئا، إلا أنه تم توريطه في القضية، فقد قام بتزويج فتاة من واقع الأوراق الرسمية التي قدمت له، وليس من شأنه أن يعرف ما إذا كانت الأوراق سليمة أم مزورة، فهو في النهاية ليس جهة رسمية. لم يلتقط متاؤوس أنفاسه فور النطق بالحكم عليه تم اصطحابه إلي غرفة حرس المحكمة تمهيدا لترحيله، لم يضعه القاضي في قفص الاتهام احتراما للزي الذي يرتديه وهو ما فعله معنا إحتراما للمهنة العظيمة والدور الذي نؤديه في المحكمة. وبعد صدور الحكم تحفظت سلطات الأمن علي القس متاؤوس الحاضر الوحيد من المتهمين في القضية، وتم اصطحابه إلي غرفة حرس المحكمة، قبل ترحيله إلي السجن.
قامت قيامة الكنيسة. إنها أمام اتهام واضح لرجلها الذي، كما أشارت المحكمة، زور شهادة ريهام عبد العزيز وزوجها من شاب مسيحي ثم ساعدهما علي الهروب خارج مصر وتحديدا إلي الأردن. وقد تم التعامل مع الاتهام بمنتهي الحزم. لم تتخل الكنيسة عن رجلها. من أمريكا أصدر البابا شنودة تعليماته بألا تتخلي الكنيسة عن رجلها، ربما قناعة ببراءته وربما قناعة بأن ما فعله ليس فيه شيء خطأ. طلبت الكنيسة من النائب العام وقف تنفيذ العقوبة حتي يتم الفصل في النقض الذي تقدمت به إلي المحكمة. هذا هو ما يعرفه الجميع حتي الآن عن كاهن الجيزة الذي زور في أوراق رسمية حتي ينصر فتاة ويزوجها من شاب مسيحي.
لكن ملف القضية نفسه فيه تفاصيل مذهلة: القضية تبدأ من عند يحيي سيد أحمد، وهو أمين سجل مدني كرداسة الذي تم استغلاله من قبل الكاهن متاؤوس ورفاقه ليزور لهم بطاقة برقم قومي 28104282400125. طلب متاؤوس من وائل عزيز شفيق أن يكلف روماني نبيل فارس بأن يستخدم شهادة ميلاد شقيقته المتوفاة مريم لاستخراج بطاقة تحقيق شخصية بالرقم القومي لريهام عبد العزيز باسم شقيقته مريم لتتمكن من الزواج من أيمن فوزي زخاري. ذهبت ريهام إلي موظف السجل المدني وقدمت له طلبا لاستخراج بطاقة تحقيق شخصية باسم مريم نبيل فارس رغم أن مريم توفيت في 30 يونيو 1981. أرفقت ريهام بطلبها مستخرجا لقيد ميلاد مريم، فأثبت موظف السجل البيانات في السجل الخاص، ووقعت عليه ريهام لكن باسم مريم الذي أصبح اسمها الجديد. وقام روماني شقيق مريم بالتوقيع علي صحة البيانات الموجودة في الطلب الذي حرره وائل عزيز شفيق.
وهنا يظهر اسم آخر لموظف تم استغلاله، وهو فيليب ميلاد جورجي الموظف المعتمد بكنيسة الملاك ميخائيل، حيث حرر لريهام وأيمن عقد زواج متحدي الملة والطائفة. قدمت ريهام بطاقتها المزورة للموظف في الكنيسة. شهد روماني علي العقد الذي حرره متاؤوس وهبة وأثبت فيه كل البيانات المزورة رغم أنه يعلم أنها جميعا مزورة. وفي التحقيقات الرسمية قال موظف الكنيسة فيليب ميلاد إن متاؤوس هو الذي تولي تحرير بيانات عقد الزواج وقام بتقديمه له لتوثيقه. الجريمة وقعت، والمحرض والمحرك الرئيسي لها هو الكاهن متاؤوس وهبة. استفادت ريهام من التزوير الذي حدث وذهبت لتكمل باقي خطتها. قدمت بطاقة الرقم القومي إلي مصلحة وثائق السفر والهجرة والجنسية وكنيسة كرداسة، وقدمت كذلك وثيقة زواجها، وذلك لتحصل علي جواز سفر. وبالفعل حصلت عليه برقم 1398382. ومن خلال جواز السفر الذي حمل اسمها الجديد مريم نبيل فارس استطاعت أن تغادر مصر نهائيا لتستقر في الأردن. التهمة التي وجهتها النيابة لمتاؤوس كانت واضحة. جاء فيها: المتهم الخامس بصفته موظف عمومي كاهن بكنيسة الملاك ميخائيل بكرداسة ارتكب تزويرا في محرر رسمي هو عقد زواج متحدي الملة والطائفة بين أيمن فوزي فايق ومريم نبيل فارس، حال تحريره المختص بوظيفته بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها بأن أثبت به بيانات مزورة علي خلاف الحقيقة هي زواج أيمن ومريم رغم علمه بوفاة صاحبة هذا الاسم وتسمي المتهمة الأولي بهذا الاسم علي خلاف الحقيقة، وناول هذا العقد للموثق المختص، وهو فيليب ميلاد جورجي، فأجري التصديق عليه بناء علي ذلك.
والدة ريهام كانت موجودة في المحكمة. اسمها شادية محمد سعيد، عمرها 48 سنة، وتعمل إخصائية في معمل بمدرسة إخناوي الإعدادية المشتركة، وتسكن في 11 شارع عنتر بن شداد آخر علي بك الكبير قسم طنطا ثان بمحافظة الغربية. آثار القضية كلها كانت بادية عليها. لم تكن مشغولة أن يحكم علي الكاهن ورفاقه أم لا. كان يهمها شيء واحد، وهو أن تعود ابنتها إليها. في تحقيقات النيابة اتهمت متاؤوس بشكل واضح وصريح أنه كان وراء تنصير ابنتها وتزوير كل أوراقها حتي تغادر مصر نهائيا.
تركت ريهام بيت أسرتها في 9 مارس 2003، ظلت والدتها ووالدها يبحثان عنها حتي عرفا أنها تزوجت من شخص اسمه أيمن فوزي فايق، وأنها أخذت اسم واحدة تانية ماتت في 1981. قالت الأم إنه كان قسيس أردني اسمه يعقوب فريد موسي يراسلها علي الإنترنت ويرسل لها كتبا علي البيت، وقدمتُ شكوي إلي أمن الدولة، لكن سرعان ما اختفت البنت. وبعد ذلك عرفتُ أن متاؤوس وروماني ووائل زوَّروا لها بطاقة وساعدوها علي الزواج من أيمن. وعرفتُ ذلك من خلال تليفون جاءني من مجهول. وقال لى من تحدث معي إنه قابل ابنتي في القاهرة وعرف منها أنها تزوجت من أيمن فوزي فايق. ولما كشفنا عن اسمه وجدناه متزوجا من واحدة اسمها مريم نبيل فارس، ولما "شفت" صورتها لقيتها ابنتي ريهام.
متاؤوس عباس وهبة عمره 42 سنة، وبالميلاد اسمه جمال عباس وهبه باسيلوس، يعمل راعي كنيسة مارجرجس الواقعة في صفط ميدوم ويقيم في شارع سيد أبو الغيط بأبو قتادة ببولاق الدكرور. سألوه في النيابة عن المسئول عن اتخاذ إجراءات عقد الزواج في الواقعة المتهم فيها؟ فقال:أنا اللي بأعمل العقد وبأكتب بياناته وبأعمل كل إجراءات الزواج وبعدها يتم عرض العقد علي الموثق لاتخاذ إجراءات التوثيق. سألوه عن المسئول بشكل مباشر عن تحرير عقد الزواج؟ فقال: أنا اللي كنت "مختص" بتحريره بصفتي كاهن كنيسة الملاك ميخائيل بكرداسة، ثم روي تفاصيل ما حدث، قال: اللي حصل إنه بتاريخ 8 يوليو 2005 حضر أيمن فوزي فايق ومريم نبيل فارس لعمل محضر خطوبة، وقمت بعمل الخطوبة بكنيسة الملاك ميخائيل بكرداسة، وبعدها تم إرسال محضر الخطوبة إلي مطرانية الجيزة لعمل تصريح الزواج الذي حصلوا عليه في 12 يوليو 2005. وقد تم الزواج في 22 يناير 2006 بكنيسة السيدة العذراء بالدقي، وشهد علي عقد الزواج فوزي فايق زخاري و الشاهد الثاني كان شقيقها روماني.
يبدو من كلام متاؤوس أنه لم يكن يعرف ما فعلته ريهام. لكن لماذا نتعجل الأحداث؟ سألته النيابة: ما هي البيانات التي أثبتها في هذا المحضر؟ فقال: أنا أثبتّ خطوبة أيمن فوزي فايق ومريم نبيل فارس بتاريخ 8 مايو 2005، وقد تحققت من خلوهما من الموانع الشرعية لأني كنت أعرف أيمن من قبل، وهو أقر لي بخلوه هو والخطيبة من الموانع الشرعية. سألت النيابة بوضوح، قالت له: كيف تحققت من خلوهما من الموانع الشرعية؟فقال متاؤوس: نظرا لمعرفتي السابقة بأيمن، وهو أقر لي بخلو مريم نبيل فارس من الموانع الشرعية. من هنا تبدأ الثغرات إذن. ولذلك واجهت النيابة متاؤوس وهبة مباشرة، قالت له: ما تعليقك علي ما قرره روماني نبيل فارس لدي استجوابه بالتحقيقات من أنك كنت تعلم يقينا بواقعة تسمي المتهمة ريهام عبد العزيز علي خلاف الحقيقة باسم مريم نبيل فارس حال قيامك بتحرير عقد زواجها من أيمن فوزي فايق؟ رد متاؤوس: أنا معرفش هو بيقول كده ليه، وأنا معرفش حاجة عن الموضوع ده.
الحكم القضائي يؤكد تورط متاؤوس، لكن قراءة ما بين السطور تشير إلي أننا أمام عصابة تنصير كاملة يعمل فيها شباب قبطي بمساعدة مسئولين في الكنيسة، وهو الأمر الذي لم يعد ينكره أحد من الكنيسة،. صحيح أنهم يفعلون ذلك علي استحياء، لكنهم يقولونه. ولذلك كان غريبا أن يقول الأنبا مرقص في حوار أجري معه الأسبوع الماضي علي أحد المواقع الإليكترونية. كان السؤال: هل تقبل الكنيسة حالات تنصير؟ فأجاب مرقص:نعم الكنيسة تقبل حالات تنصير، ولكن في سرية تامة جدا لأن المتنصر لا يقدر أن يغير اسمه. وهي أمور تعرض علينا وندرسها. هذا اعتراف خطير ويمكن، ربما عن عدم قصد، فسر لنا الأنبا مرقص ما حدث في قضية متاؤوس. قد تكون ريهام تنصرت وهي حرة تماما فيما تريده لنفسها، لكن ليس معني أن الدولة تتعنت في استخراج بطاقات للمتنصرين أن يقوم الكهنة بالتزوير في أوراق رسمية حتي يزوجوا المتنصرين. فما دام الباب القانوني والشرعي مغلقا فليست هناك مشكلة لديهم أن يسلكوا الطريق غير الشرعي ويدخلوا من الباب غير القانوني. وهذه هي المشكلة الحقيقية التي لا يمكن أن ننكرها أو نتنكر لها. وقد يكون لهذا حديث آخر نعود إليه فيما بعد".

يتبع....