نأى آخرُ الأيام عنكَ حبيبُ
فللعين سَحٌ دائم وغروبُ..

دعته نوى لا يرتجى أوبة لهـا
فقلبك مسلوبٌ وأنتَ كئيبُ..

تَـبَدّلَ داراً غير داريَ وجيرةً
سوايَ وأحداثُ الزمان ِ تنوبُ..

أقامَ بها مستوطناً غير أنهُ
على طولِ أيام المُقام غريبُ..

كأن لم يكن كالغُصنِ في ميعةِ الضُحى
سقاهُ الندى فاهتزَ وهو رطيبُ..

كأن لم يكن كالدُر ِ يلمعُ نُورُهُ
بأصدافه لما تَشِنهُ ثُقوبُ..

كأن لم يكن زينَ الفِناء ومَعقلَ
النساء إذا يومٌ يكون عصيبُ..

وريحانَ صدري كانَ حين أشمُـهُ
ومُؤنِسَ قصري كان حين أغيبُ..

وكانت يدي ملأى به ثم أصبحت
بحمد إلهي وهي منه سَليبُ..

قليلاًمن الأيام لم يروَ ناظري
بها منه حتى أعلقتهُ شعوبُ..

كظِلَ سحاب لم يقم غير ساعةٍ
إلى أن أطاحتهُ فطاح جنوبُ..

أو الشمس ِ لمّا مِن غمامٍ تحسّرت
مساءً وقد ولت وحانَ غُروبُ..

سأبكيك ماأبقت دموعي والبُكى
بعينيّ ماءً يابُنيّ يُجيبُ..

وماغارَ نجمٌ أو تَغنت حمامةٌ
أو اخضرّ في فرع الأراكِ قضيبُ..

حياتي مادامت حياتي فإن أمُت
ثويتُ وفي قلبي عليكَ نُدوبُ..

و أ ُضمرُ إن أنفدتُ دمعيّ لوعةً
عليك لها تحتَ الضلوع ِ وجيبُ..

ولم يملك الآسونَ دفعاً لمهجَةٍ
عليها ِِلأ َشراك المنون رقيبُ..

قَصَمتَ جناحي بعدما هد منكبي
أخوكَ فرأسي قد علاهُ مشيبُ..

فأصبحتُ في الهُلاّكِ إلا حشاشةً
تُذابُ بنار الحُزنِ فهي تَذُوبُ..

توليتُما في حقبةٍ فتركتُما
صدى يتولّى تارةً ويئوبُ..

فلا ميتَ إلا دون رُزئكَ رُزؤه
ولو فُتت حُزناً عليه قُلوبُ..

وإني وإن قُدمت قبلي لعالمٌ
بأني وإن أبطأتُ منكَ قريبُ..

وأن صباحاًُ نلتقي في مسائهِ
صباحٌ إلى قلبي الغداةَ حبيبُ