لدى قراءتي للآية التالية :

“إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ”
سورة الأنبياء 98


خطر في بالي هذا التساؤل ..

بما أن المسيحيين كفار ومشركون نظراً لأنهم يعبدون المسيح ..
وبما أنهم بعبادتهم للمسيح قد عبدوا غير الله ..

فهذا يعني بحسب الآية أن المسيحيين والمسيح – والعياذ بالله –
سيكونون حصب جهنم !

وربما يحاول البعض الرد على هذا التساؤل بالقول أن (ما) في الآية هي لغير العاقل ..

ولعله كان من الممكن الأخذ بهذا الرأي لولا أن (ما) تم استخدامها في القرآن للعاقل

مثال :

تستخدم أيضاً للعاقل

"وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ"
سورة البلد 3


هذا وربما يحاول بعضٌ آخر أن يقول بأن الآية تخص مشركي قريش فقط

غير أنه ليس هناك ما يدل في الآية على أنها مخصوصة بمشركي قريش، فيما أن العديد من أقوال المفسرين تقول بعمومية الآية.

مثال :

ورد في تفسير ابن كثير:

"يَقُول تَعَالَى مُخَاطِبًا لِأَهْلِ مَكَّة مِنْ مُشْرِكِي قُرَيْش وَمَنْ دَانَ بِدِينِهِمْ مِنْ عَبَدَة الْأَوْثَان"

كما وأن البعض الآخر سيحاول الرد بالقول إن الآنبياء والمؤمنين – الذين تمت عبادتهم من دون الله - سيتم استثناؤهم من أن يكونوا حصب جهنم بحسب الآية التالية :


"إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ"
سورة الأنبياء 101


وهنا إذا ما سلمنا جدلاً بصحة هذا التفسير، بأن الآية 101 هي استدراك للآية 98، فإن هذا يعني أنهما تتعارضان مع بعضهما البعض.

فبحسب الآية الأولى تم التقرير بأن المشركين وما يعبدونه من دون الله سيكونون حصب جهنم ، بغض النظر عن عبادتهم لأوثان ، أو كائنات مرئية أو غير مرئية ، أو أشخاص مؤمنين أو غير مؤمنين، في حين أن الآية الثانية تقر بإبعاد من سبق لهم من الله بالحسنى عن جهنم، حتى وإن تمت عبادتهم من قبل المشركين.

والغريب هو ما ورد في تفسير القرطبي، وهو أن ابن عباس علق عليها قائلاً "آيَة لَا يَسْأَلنِي النَّاس عَنْهَا ! لَا أَدْرِي أَعَرَفُوهَا فَلَمْ يَسْأَلُوا عَنْهَا , أَوْ جَهِلُوهَا فَلَا يَسْأَلُونَ عَنْهَا ; فَقِيلَ : وَمَا هِيَ ؟ قَالَ : " إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُون اللَّه حَصَب جَهَنَّم أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ "