بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين : ونعوذ بالله من شرور أنفسنا , وسيئاتِ أعمالنا , ومن نزغاتِ الشيطان
هذه : مواعظ لابن الجوزي
أخواني وأخواتي: الذنوب تغطي على القلوب، فإذا أظلمت مرآة القلب لم يبن فيها وجه الهدى
و من علم ضرر الذنب استشعر الندم .
يا صاحب الخطايا : أين الدموع الجارية , يا أسير المعاصي ابك على الذنوب الماضية ،؟
أسفاً لك إذا جاءك الموت وما أنبت ، واحسرة لك إذا دُعيت إلى التوبة فما أجبت ،
كيف تصنع إذا نودي بالرحيل و ما تأهبت ؟
ألست الذي بارزت بالكبائر وما راقبت .؟
أسفاً لعبد كلما كثرت أوزاره قلّ استغفاره
وكلما قرب من القبور قوي عنده الفتور.
اذكر اسم من إذا أطعته أفادك ، وإذا أتيته شاكراً زادك وإذا خدمته أصلح قلبك وفؤادك.
أيها الغافل : ما عندك خبر منك !
فما تعرف من نفسك إلا أن تجوع فتأكل وتشبع فتنام ، وتغضب فتخاصم
يا من قد وهى شبابه ، وامتلأ بالزلل كتابه ،
أما بلغك إن الجلود إذا استشهدت نطقت ,؟!
أما علمت أن النار للعصاة خلقت
,؟! إنها لتحرق كل ما يُلقى فيها ،
فتذكر أن التوبة تحجبك عنها ، و الدمعة تطفيها .
سلوا القبور عن سكانها ، واستخبروا اللحود عن قطانها ،
تخبركم بخشونة المضاجع ، وتُعلمكم أن الحسرة قد ملأت المواضع ،
والمسافر يود لو انه راجع ، فليتعظ الغافل و ليراجع
يا مُطالباً بأعماله ، يا مسئولاً عن أفعاله ،
يا مكتوباً عليه جميع أقواله ، يا مناقشاً على كل أحواله ،
نسيانك لهذا أمر عجيب . إن مواعظ القرآن تُذيب الحديد ،
وللفهوم كل لحظة زجر جديد وللقلوب النيرة كل يوم به وعيد ،
غير أن الغافل يتلوه ولا يستفيد ..
كان بشر الحافي طويل السهر يقول : أخاف أن يأتي أمر الله و أنا نائم .
من تصور زوال المحن وبقاء الثناء هان الابتلاء عليه ،
ومن تفكر في زوال اللذات وبقاء العار هان تركها عنده ،
وما يُلاحظ العواقب إلا بصر ثاقب .
عجباً لمؤثر الفانية على الباقية ، ولبائع البحر الخضم بساقية
ولمختار دار الكدر على الصافية ، و لمقدم حب الأمراض على العافية .
قدم على محمد بن واسع ابن عم له فقال له من أين أقبلت ؟ قال : من طلب الدنيا ، فقال : هل أدركتها , قال لا ،
فقال : واعجباً ! أنت تطلب شيئاً لم تدركه ،
فكيف تدرك شيئاً لم تطلبه
يُجمع الناس كلهم في صعيد ، و ينقسمون إلى شقي وسعيد ،
فقوم قد حلّ بهم الوعيد ، وقوم قيامتهم نزهة وعيد ،
,كل عامل يغترف من مشربه .
كم نظرة تحلو في العاجلة ، مرارتها لا تُـطاق في الآخرة ،
يا ابن أدم قلبك قلب ضعيف
ورأيك في إطلاق الطرف رأي سخيف ، فكم نظرة محتقرة زلت بها الأقدام.
يا طفل الهوى ! متى يؤنس منك رشد ،
عينك مطلقة في الحرام ، ولسانك مهمل في الآثام ، وجسدك يتعب في كسب الحطام.
أين ندمك على ذنوبك , أين حسرتك على عيوبك ؟
إلى متى تؤذي بالذنب نفسك ، و تضيع يومك تضييعك أمسك ،
لا مع الصادقين لك قدم ، ولا مع التائبين لك ندم ،
هلاّ بسطت في الدجى يداً سائلة ، وأجريت في السحر دموعاً سائلة .؟
تحب أولادك طبعاً فأحبب والديك شرعاً ، وارع أصلاً أثمر فرعاً ،
واذكر لطفهما بك و طيب المرعى أولاً وأخيرا ،
فتصدق عنهما إن كانا ميتين ، واستغفر لهما واقض عنهما الدين.
من لك إذا الم الألم ، وسكن الصوت ,تمكن الندم ، ووقع الفوت ، وأقبل لأخذ الروح ملك الموت ، ونزلت منزلاً ليس بمسكون ،
فيا أسفاً لك كيف تكون ، ومن يطيق أهوال القبور .
هذا وصلوا وسلموا على سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم
وعلى آله وصحبه وأزواجه الطاهرات أمهات المؤمنين
والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
المفضلات