رسالة الإسلام - علاء محمد
تشهد العاصمة السيرلانكية كولومبو الثلاثاء القادم 19-8-2008 ورشة عمل لتسوية مشاكل مسلمي الإقليم الشرقي بالسبل السلمية، وتعزيز سبل الحوار مع الطوائف الأخرى على أسس من التعددية والمساواة والاعتراف المتبادل.
تستمر الورشة لمدة يوم واحد، وينظمها "مجلس سلام مسلمي المنطقة الشرقية" بالتعاون مع "مؤسسة التعايش المشترك"، ويحضرها مسئولون كبار بالحكومة وعدد من الوزراء.
وذكر تقرير نشر بموقع "ذي صاندي تايمز" الإلكتروني السيرلانكي اليوم الأحد 17-8-2008 أنه رغم نجاح الحكومة في تطهير المناطق الشرقية من مقاتلي حركة "نمور التاميل" وتأسيس "المجلس الإقليمي الشرقي"، فإن مسلمي شرق سيرلانكا ما زالوا يشتكون من أن الانتصارات العسكرية الحكومية والتغييرات السياسية التي أجرتها لم تؤت ثمارها المرجوة في التقليل من حجم معاناتهم.
وأضاف التقرير أنه في حال لم يتم حل قضايا المسلمين المزمنة مثل الاغتصاب القسري لأرضهم وتشريدهم بالسبل السلمية فإن الحرية ستكون بلا معنى وستصبح جهود المصالحة بين العرقيات الثلاثة الغالبة في هذا البلد، وهم المسلمون والتاميل والسنهالا (السكان الأصليين) حلما بعيد المنال.
ويشتكي مسلمو المناطق الشرقية من سيرلانكا من عدم اتخاذ كولومبو أي إجراء حتى الآن لحل مشاكلهم، ويطالبون الحكومة بإبداء استعدادها للوقوف بجانبهم ومساعدتهم على حل مظالمهم قبل فوات الأوان. وأشار التقرير إلى فشل كل الحكومات السابقة في اتخاذ إجراءات فعالة لضمان الأمن للمسلمين الذين عانوا من فترات طويلة من هجمات نمور التاميل الوحشية؛ بسبب عدم تأييدهم مطالبهم بدولة مستقلة في الشمال والشرق. لكن لسوء الحظ تم تجاهل هذه الحقيقة من قبل الحكومات المتعاقبة.
ويرى المسلمون أن على كل المساهمين في بناء سيرلانكا الاعتراف بحقيقة أن بناء سيرلانكا والدفع بها إلى مشارف القرن الحادي والعشرين كدولة عصرية ونموذج لدولة متحضرة ومتعددة الطوائف لن يكون ممكنا في حال تركت أي طائفة تعاني بقصد أو بدون قصد.
ويرون أن السبب فيما تعاني منه سيرلانكا اليوم من مشاكل هو غياب العدالة والتطبيق الصارم للقانون والنظام من أجل صالح البلد ومواطنيها.
مظالم المسلمين
وسلط تقرير حديث نشره "مجلس سلام مسلمي المنطقة الشرقية" مؤخرا الضوء على الكثير من شكاوى ومظالم مسلمي الإقليم الشرقي. وجاء في التقرير أن الحكومة السيرلانكية نقضت كل التعهدات التي تضمنها الاتفاق الهندي السيرلانكي لضمان الأمن والأمان لكل الطوائف في الأقاليم الشرقية والشمالية. وبدلا من ذلك تعرض المسلمون للمضايقات وعمليات الإبادة والتطهير العرقي.
وقد أشار مسلمو "باتيكالوا" إلى قضايا خطيرة تتعلق بالأنشطة الجارية حاليا من قبل منظمات دولية عديدة تساندها الحكومة و"حركة تاميل ماكال ‏فيدوتالاي بوليكال"، وهو الجناح السياسي لفصيل كارونا في إعادة توطين التاميل المشردين على أراض تعود ملكيتها للمسلمين.
وقامت حركة "نمور التاميل" بعد عام 1985 باغتصاب قسري لأكثر من 35 ألف هكتار من أراضي المسلمين. ولم تفعل الحكومة شيئا تجاه استعادة المسلمين هذه الأراض وفقا لصكوك الملكية التي بحوزتهم وإنما سمحت بانتظام الزراعة فيها.
وخلال الصراعات التي نشبت في أعوام 1983 و 1985 و 1990، قام متمردو نمور التأميل بطرد أكثر من 12 ألف و 700 عائلة مسلمة. واغتصب التاميل أراضي المسلمين التي سيطر عليها نمور التاميل. ولم تقم الحكومة أيضا بأي إجراء تجاه تعويض هذه العائلات عن فقدان مصدر رزقها.
كما تم توطين التاميل الذين شردوا بسبب كارثة تسونامي التي ضربت عددا من دول جنوب شرق أسيا ومنها سيرلانكا في ديسمبر 2004 في أراض مملوكة لمسلمين.
نمور التاميل
وتطلق عبارة "نمور التاميل" أو "حركة نمور تحرير تاميل إيلام" على حركة قومية تسعى منذ تأسيسها في عام 1976 إلى استقلال شعب التاميل عن سريلانكا وإنشاء دولة للتاميل بالسواحل الشمالية والشرقية لجزيرة سريلانكا. وقد انشق عن الحركة قائدها العسكري "فنتاجمورثي مورالثران" المشهور باسم كارونا عام 2004 وانضم إليه نحو ستة آلاف مسلح. واتهمت حركة نمور التاميل الجيش السريلانكي بأنه وراء هذا الانشقاق.
قادت حركة نمور التاميل حربا أهلية أودت بحياة عشرات الآلاف. وسعت بالقوة إلى الحصول على الاستقلال عن كولومبو. وقد توصلت الحركة إلى وقف لإطلاق النار مع الحكومة في فبراير 2002 في تايلاند برعاية نرويجية.
وفي مارس 2002 أعيد فتح الجسر الرابط جزيرة جافنا معقل الحركة بباقي سريلانكا بعد 12 سنة من إغلاقه. ورفعت الحكومة الحظر عن نمور التاميل في سبتمبر من نفس السنة.
وفي 2003 تفاوض الطرفان في برلين، وفي إبريل من نفس السنة أوقفت الحركة المفاوضات متهمة الحكومة بعدم الجدية.
وفي نوفمبر من نفس العام أقالت الرئيسة كومارا تونجا ثلاثة وزراء من حكومتها وعلقت نشاط البرلمان بسبب التنازلات التي قدمها رئيس وزرائها للتاميل.
ويشكل المسلمون نحو 8% من إجمالي عدد سكان سريلانكا البالغ 20 مليون نسمة ويقيم نحو ثلثهم في المناطق الشرقية من جزيرة سريلانكا. ويشكو المسلمون منذ 20 عاما من هجمات نمور التاميل الذين يسلبونهم أموالهم وممتلكاتهم إضافة إلى الإهمال الحكومي. وقد شهد عام 1990 مذبحة ارتكبها متمردو نمور التاميل وراح ضحيتها 230 مسلمًا، خلال أدائهم الصلاة بمسجدين مختلفين بالقرب من مدينة بولامودي شمال شرق جافينا.كما تعرض المسلمون لكثير من التهديدات التي اضطرت ما يزيد على 100 ألف للنزوح عن ديارهم والعيش في مخيمات للاجئين في وسط وجنوب جزيرة جافينا. وذهبت المصادر التاريخية إلى أن جزيرة سريلانكا عرفت الإسلام خلال القرن الهجري الأول نتيجة للعلاقات التجارية التي كانت تربط بين التجار العرب وشبه القارة الهندية، غير أن انتشاره الفعلي في الجزيرة التي كان يطلق عليها اسم (سرنديب) لم يعرف إلا في بداية القرن الثاني الهجري.

المصدر

http://www.islammessage.com/articles...id=91&aid=3818