التاريخ الإجرامي للبابوية!!

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

 

 

    

 

التاريخ الإجرامي للبابوية!!

النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: التاريخ الإجرامي للبابوية!!

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Apr 2005
    المشاركات
    2,584
    الدين
    الإسلام
    الجنس
    ذكر
    آخر نشاط
    18-08-2023
    على الساعة
    03:23 PM

    افتراضي التاريخ الإجرامي للبابوية!!

    يحظى السجل البابوي برقم قياسي في الفساد والإجرام عبر القرون، فالتاريخ الحقيقي للبابوية مكون من فضائح ووحشية ومجون وفرض الإرهاب والحروب والقتل العمد بعدة أساليب، كما يوصفون بـ(اللا أخلاقيات) التي تملأ فضائحها عشرات الكتب والسجلات على مر التاريخ.
    والصورة التي يحفظها لهم هذا التاريخ والمؤرخون المعاصرون لا علاقة لها بما يحاولون إضفائه حاليًا على تلك الفئة التي تترأس كرسي البابوية من وقار وورع.
    ولقد تم تزييف حياة البابوات بحيث إن العديد من الأتباع لا يمكنهم تصور مدى الانحلال السائد في البلاط البابوي منذ تكوينه، ولا مدى الوحشية التي اتسموا بها في مواجهة خصومهم، خاصة عندما كانت السلطة المدنية في أيديهم.
    وحقيقة ما عاشته البابوية من أحداث مشينة يمثل حقائق لا سابقة لها في تاريخ الأديان بأسره، فهو تاريخ ممتد عبر قرون طويلة تداخلت فيه عمليات الاتجار بنفس منصب البابوية، والفضائح والاعتداءات والتزوير والتحريف والقتل بوحشية، إلى درجة أن قام أحدهم بوضع السم في قرص المناولة ليقتل غريمًا له (راجع نيكولا بولانجيه 1722ـ وكتابه المعنون "فضح المسيحية" 1759).
    ويقول (توني باشبي) في بحثه عن «التاريخ الإجرامي للبابوية»: «إنه بالرغم من التلاعب في السجلات وإبادة العديد من الوثائق حتى لا تبقى هناك شهادات على ذلك التاريخ المؤسف، فهناك العديد من مذكرات بعض البابوات التي أفلتت من الإبادة، والخطابات والتقارير المتبادلة مع سفراء أجانب في الكرسي الرسولي، ووثائق تم تجميعها من الأديرة، إضافة على سجلات مجالس الشيوخ الرومان ومحاضر الجلسات الكنسية في لندن، وخاصة نسخة أصلية من «موسوعة ديدرو» الفرنسية «والتي ما إن تم طبعها حتى أمر الباب كليمنت الثالث (من 1758 – 1769) بحرقها فورًا عند صدورها عام 1759». وهو ما سمح بالكشف عن ذلك الانحطاط المتفرد للبابوية منذ أولى خطواتها؛ إذ إن القداسة التي يحاولون إضفاءها اليوم لا وجود لها في تلك الوثائق التي تكشف عن عدم أمانة القائمين على الكنيسة سواء بأيديهم أم بأيدي من عاصروهم، ويكفي أن نطالع ما كتبه (ريتشارد بينيت) عن «البابوية» قائلاً: «يقدر ما قتلته البابوية بزعم الهرطقة بحوالي خمسين مليونًا من البشر»!
    وقد ظلت المسيحية تحارب خاصة أيام (سيفريوس) (193 – 211)، و(ديوكلسيان) (284 – 305) و(جاليريوس) (303 – 311) من جراء أفعال رجالها ومحاولاتهم المتواصلة للسيطرة على السلطتين: الكنسية والمدنية.
    ويقول المؤرخ (فيليب شان) في كتابه عن «تاريخ الكنيسة الكاثوليكية»: «كان يجب حرق أي نسخة من الأناجيل وتجريد المسيحي وحرمانه من الوظائف العامة ومن حقوقه المدنية، وكان على جميع المسيحيين تقديم القرابين للآلهة الرومانية وإلا تم إعدامهم، وقد انتهى الاضطهاد بصدور مرسوم ميلانو عام 313 الذي أباح حرية العقيدة للمسيحيين كالوثنيين».

    ويقول (بينيت) القس السابق في كتابه عن «البابوية»: «وفيما بين القرن الرابع والخامس تمت إذابة الإنجيل الأصلي واستبداله بإدخال الطقوس وبعض الممارسات الوثنية بإضفاء لمعة مسيحية على السطح، وكلما تزايد الابتعاد بين الاثنين تزايد الإلحاح على الجانب الشكلي والسلطوي، وما إن استقرت هذه الواجهة حتى كان لا بد من أن يكون لها ممثلها الرسمي».

    وفي أواخر القرن الخامس الميلادي تكون الكهنوت الذي تجرأ على القيام بدور الوساطة بين الأتباع وربهم، فأصبحت الكنيسة تلك المؤسسة التي يسيطر عليها ذلك التدرج الهرمي من رجال الدين.
    وبانتقال مقر الإمبراطورية الرومانية إلى القسطنطينية عام (330) تزايدت سلطة أسقف روما معلنًا أنه من حقه اعتلاء عرش (روما) ليجعل منه مقعدًا جديرًا بحكم يسوع العالمي، وبذلك استولت كنيسة (روما) على الإمبراطورية الغربية لتصبح مع الوقت امتدادها الحقيقي، أي: أن الإمبراطورية الرومانية لم تختفِ، وإنما قد تغير اسم رئيسها من القيصر إلى البابا!
    وبينما كان الصراع دائرًا آنذاك بين (إنطاكيا) و(الإسكندرية) و(القدس) و(روما) لمعرفة من في تلك الكنائس ستتولى القيادة، انحصر الصراع بين (روما) و(القسطنطينية) إلا أن الإمبراطور (جوستيان) الأول قد قام بإضفاء السيادة على أسقف (روما) لتتزعم قيادة الكنائس الأخرى اعتبارًا من (538) ولا يعني ذلك أن (جوستنيان) قد أسس البابوية، وإنما قد أرسى قواعدها الأولى. واعتبارًا من العام التالي أصبح في وسع «الحبر الأعظم» وطاقمه تكوين محاكمهم الخاصة وفرض العقوبات على المدنيين الذين لا ينصاعون للأوامر الكنسية وجبروتها، والمعروف أن لقب "الحبر الأعظم" هذا كان أحد ألقاب القياسرة الرومان واستولى عليه البابوات من ضمن ما استولوا عليه في مسيرتهم القائمة على التزوير والتحريف!
    وفي القرن الثامن بدأت الكنيسة تلوح بوثيقة تسمى «هبة قسطنطين» وثيقة تنص على أن الإمبراطور قد تنازل إلى البابا (سلفستر) أسقف (روما) (314 – 335) عن جزء كبير من ممتلكاته وأمواله وقصر (لاتران) وهو من أجمل قصور العالم، وتاج السلطة الدينية، والنياشين الإمبراطورية وحليها، وإمبراطورية (بيزنطة) «لأنه لا يليق بأي إمبراطور دنيوي أن يمتلك أية سلطة في المكان الذي يوجد فيه رئيس الديانة التي أقامه الله عليها»!!
    ثم ثبت أن هذه الوثيقة مزورة، قد تمت صياغتها قبل عام (754) إذ يقول المؤرخ (ويلي): «إن ما يثبت تزوير هذه الوثيقة هو أنهم جعلوا قسطنطين، في القرن الرابع، يستخدم اللغة اللاتينية السائدة في القرن الثامن» – أي بعد أربعة قرون من التطوير والتغيير اللغوي! وكانت الكنيسة تسارع بحرق كل من يجرؤ على عدم تصديق هذه الوثيقة أو التشكيك في مصداقيتها، لكنها لم تقم بإعادة ما استولت عليه بموجبها بعد أن انفضح أمرها! وفي القرن التاسع عشر اضطرت الكنيسة إلى الاعتراف بتزوير هذه الوثيقة والعديد غيرها، ومن السخرية أن تُعرف كل هذه الوثائق المزورة في التاريخ الكنسي بعبارة «التزوير الورع» وهو ما سوف نتناوله فيما بعد بشيء من التفصيل!
    وفي عام (800) ميلادية ركع (شارلمان) ملك البلدان الرومية الجرمانية، أمام البابا (ليون الثالث) لكي يقوم بوضع تاج الغرب الإمبراطوري على رأسه واللافت للنظر أنه في عام (538) قام الإمبراطور (جستنيان) بإضفاء لقب «الحبر الأعظم» على أسقف (روما). وبعد (262) عامًا ها هو البابا يقوم بتتويج الإمبراطور! وهو ما يكشف عن سرعة الخطوات التي تمت لتغيير الأحوال لصالح البابوية وأطماعها، فقد عم الفساد بصورة فاجرة في المجال البابوي بعد استيلائه على ثروات وممتلكات طائلة بموجب تلك الوثيقة المزورة.
    ويقول الأسقف المؤرخ (فروز رنجهام) عن بابوات القرون الوسطى وما بعدها: «كثير منهم كانت حياتهم ماجنة، وبعضهم كان يمارس السحر، والبعض الآخر غارق في الحروب والمذابح والمكائد إضافة إلى الاتجار في المقدسات والوظائف الدينية، بل وكان بعضهم لا يمت إلى المسيحية بصلة لانحطاطهم الإجرامي وكأنهم أبناء أبيهم الشيطان»، ( "مهد المسيح" 1877). ولا أدل على ذلك من بعض الأقوال المأثورة التي يحفظها لهم التاريخ، من قبيل الأسقف (أوسبيوس) (260 – 339) الذي قال: «إنه من أعمال الورع أن نخدع ونكذب إذا أدت هذه الأعمال إلى ازدهار مصالح الكنيسة» أو تلك العبارة الشهيرة التي قالها البابا (ليون العاشر) (1513 – 1521): «كم نعلم تمامًا ما أضفته علينا من مكاسب تلك القصة الخرافية ليسوع»، ولا نقول شيئا عن عبارة القديس (بولس) الذي يقول لأهل رومية: إن مجد الله قد ازداد بكذبه !: " فإنه إن كان مجد الله قد ازداد بكذبي لمجده؛ فلماذا أُدان أنا بعدُ " ( 3 : 7)!
    وفي واقع الأمر إن من يُطلق عليهم الآن في المراجع «فضائل المسيحيين» كانوا في الواقع قتلة أفظاظًا. فقد عامَ البابوات في أنهار من الدماء في حروبهم المتعددة الجبهات، ومن أجل تحقيق أهدافهم الدنيوية، فكثير منهم كان لديه المليشيات الخاصة به التي كان يزج بها وسط المعارك، ويكفي أن نطالع ما كتبه (سيمون دي سيموندي) عن «اقتلاع الكاتار» من «أن الكنيسة قد أمرت السلطة المدنية لفرض عقائدها على الإنسانية بالقتل الجماعي».
    ومن أشهر الوقائع التي يحفظها التاريخ عن الصراع بين البابوات نطالع: «عند وفاة الباب (فورموزس) (896) تولى البابا (بونيفاس) السادس البابوية لمدة أسبوعين، ثم استولى البابا (اسطفانوس السابع) على البابوية، وفي ثورة غضبه الانتقامية لم يقم بتلطيخ سمعة البابا (فورموزس) فحسب، وإنما أمر بإخراج جثته من القبر، وأجلسها على الكرسي الرسولي وقام بمحاكمته وإدانته ثم أمر بأن تقطع ثلاثة أصابع من يده اليمنى بسبب «اعتدائه على القوانين الكنسية وعقائدها»! وتعد هذه المسرحية الانتقامية من الفضائح التي تكشف عن مدى أخلاقيات تلك الفئة "الورعة" وقد عُرفت هذه المحاكمة في التاريخ الكنسي باسم « سينودس الجثة»! إلا أن هذه الواقعة قد أثارت الرأي العام ضده، وبعد فترة تم القبض على البابا (اسطفانوس السابع) وأودع في السجن ثم مات مخنوقًا.
    ولن نتناول هنا إباحيات وغراميات البابوات وفجورهم السافر وأبناء السفاح الذين كانوا يولدون، ومنهم من كانوا يرقون إلى درجة البابوية، ولا قيادة بعض النسوة من قبيل (تيودورا) أو (ماروزيا) وفضائحهن في البلاط البابوي، خاصة (ماروزيا) التي حكمت بالفعل من كرسي البابوية – وهو ما يعرفه كل المؤرخين، ويلقبونها بعاهرة البابوات، وهو ما يكشف عن مدى انحطاط فئة من المفترض فيها أنها لا تمثل رأس الكنيسة فحسب، وإنما كل واحد منهم يُعد «مندوب الله على الأرض» كما يقولون، ولا تكفي هنا عبارة : اللهم لا تعليق، خاصة حول البابا (يوحنا الثاني عشر) (955 – 964) الذي قُتل وهو يغتصب إحدى السيدات في ضواحي (روما) وكان القاتل زوجها!
    ولا يسع المجال هنا لنقل كل ما تتضمنته «الموسوعة الكاثوليكية» (15 جزءًا) من جرائم تفوق الوصف، وفضائح لا يعقلها إنسان، خاصة ما قام به (بنديكت التاسع) من انتقام ومذابح وفتح «القصر الباباوي» لحفلات المجون والشذوذ المثلي مما زاد قوائم الفساد وانتشاره في مختلف التدرجات الكنسية، وبدأت البابوية تفقد احترام العديد من الناس (ج7 صفحة 12).
    ويقول المؤرخ البريطاني (لورد أكتون) حول صراعات البابوية: «إن البابوات لم يكونوا قتلة على أعلى مستوى فحسب، وإنما جعلوا القتل أساسًا شرعيًّا للكنيسة المسيحية وشرطًا من شروط الخلاص» (تاريخ كمبريدج الحديث، ج1 صفحة 677).
    ويعلق (توني باشبي) على موضوع القتل في المفهوم البابوي قائلاً بسخرية: «لعلهم يتخذون من آية إنجيل (لوقا) مثالاً لهم؛ إذ تقول الآية على لسان (يسوع): «أما أعدائي أولئك الذين لم يريدوا أن أملك عليهم فأتوا بهم إلى هنا واذبحوهم قدامي» (19: 27). ثم يضيف موضحًا أن هذا النص مخالف لما هو موجود في مخطوطة الكتاب المقدس والمعروفة باسم المخطوطة (السينوية) (Codex Sinaiticus) الموجودة في المتحف البريطاني منذ عام (1934)، إذ تقول الآية: «أحضروا أعدائي هنا، أولئك الذين لم يرغبوا أن أكون ملكًا، واذبحوهم في وجودي» والفرق بين النصين يتطلب إعادة نظر شاملة في تاريخ المسيحية برمتها وفي الترجمات والتعديلات المغرضة للأناجيل، وخاصة لحياة (يسوع)، فهذه الآية التي تم تعديلها تكشف عن توجه مختلف تمامًا لـ(يسوع) الذي يأمر بقتل أعدائه الذين لم يرغبوا أن يكون ملكًا.
    وقد وصل جبروت طبقة البابوات إلى درجة تبرير عملية القتل الجماعي والحروب الصليبية التي بلغ عددها 19 حربًا من (1096) إلى (1571) سواء لمحاصرة الإسلام واقتلاعه أم إبادة (الكاتار)، أو سلالة (فريدريك الثاني)، وخاصة إبادة فرسان المعبد الذين تأثروا بـ(الكاتار) في رفضهم تأليه المسيح وتأثروا بالإسلام، وكل ما ترتب عليه من عقائد مختلفة عما تفرضه المؤسسة الكنسية وخاصة رفضهم ألوهية (يسوع) ودخول العديد من فرسان المعبد في الإسلام، وهي نقطة جديرة ببحث مستقل.

    وكان البابا (جريجوار السابع) قد أعلن رسميًّا «أن قتل الهراطقة لا يعد قتلاً» وأباح لجنود الكنيسة أن يقتلوا كل من لا يؤمن بالمسيحية. وكانت تلك الفرق تسمى أيضًا «ميليشيات يسوع المسيح» أما الشعب نفسه فقد أطلق عليهم «قاطعي الرقاب»! وهو جيش مكون من مائتي ألف من المشاة، وعشرين ألفًا من الفرسان. وقد تم استخدام هذه الفرق لتخريب وحرق حقول ومزارع (الكاتار) ومنازلهم، ومن الصعب حصر ذلك الخراب الناجم عن اقتلاع (الكاتار) ويقدره المؤرخون بأكثر من خمسمائة مدينة وقرية قد اختفت من على الخريطة الأوروبية.
    وقد وصل صراع البابوات على السلطة ورغبتهم في السيطرة على العالم أو التحكم في المجالين السياسي والديني، أن قام البابا (بونيفاس الثامن) في 18 نوفمبر (1302) بإصدار الخطاب الرسولي الخاص بالسَّيْفَيْنِ: سيف السياسة والقانون، وسيف الكنيسة. وهو الخطاب الذي يقول فيه البابا: «إن السيفين أصبحا في يد الكنيسة، الديني والمدني؛ الديني تقوده الكنيسة بأيدي رجال (الإكليروس)، والمدني تمارسه الكنيسة بأيدي جيشها، والسلطة الدينية من حقها إقامة وإرشاد السلطة المدنية، وأن تحكم عليها وتدينها حينما تحيد عن الصواب، وبالتالي فأي إنسان يعترض على سيفي الكنيسة فهو يعترض على قانون الله»!

    وبذلك استطاع البابا (بونيفاس الثامن) الذي يعد آخر بابوات القرون الوسطى الاستيلاء على العديد من الأراضي حتى أطلق عليها «ولايات الكنيسة». وظلت في حيازتها حتى عام (1830) حينما تمكن الجيش الإيطالي الوطني من استعادة الأراضي المسروقة، سواء بالوثيقة المزورة والمعروفة باسم(هبة قسطنطين) أم ما استولى عليه البابوات بعد ذلك، وتم توحيد إيطاليا وتحديد مساحة (الفاتيكان) في الحيز الذي يشغله حاليًا.
    ويتواصل تاريخ البابوية على نفس الوتيرة من الصراعات والاغتيالات وإن اختلفت المسميات والوسائل، إلا أن ذلك لا يمنع أن الكنيسة الرومية تحمل على عاتقها مقتل أربعين من البابوات، والكثير منهم مات مسمومًا في خضم هذه الصراعات التي هي أبعد ما تكون عن الإنسانية أو الرحمة لكي لا نقول: التسامح.
    ونترك القرون الوسطى وعصر النهضة بكل ما امتلأت به من قصص ومواقف يندى لها الجبين، ونتعدى نطاق هذا البحث، لنصل إلى آخر البابوات الراحلين وهو البابا (يوحنا بولس الثاني) لنرى كيف يتواصل خط الفساد والإجرام، فخلال الستة وعشرين عامًا التي ترأس فيها المؤسسة الكنسية، اعترت حياته العديد من الأزمات، لكي لا نقول الفضائح، ومنها إفلاس بنك (أمبروزيانو) وقضية (كورت فالدهايم)، وانشقاق (المونسنيور لوففر) على الكنيسة الفاتيكانية وأسس كنيسة خاصة، وقضية (المونسنيور جير)، وقضية الأب (بيير)، وفضائح الشذوذ الجنسي التي نالت أعلى الرتب في (الفاتيكان)، والاشتراك في حرب (رواندا) حيث أدين بعض الكنسيين في عمليات قتل جماعية...إلخ إلخ.
    لكنا نتوقف عند أولى هذه المجموعة من الأزمات، لأنها فضيحة كاملة شاملة تجمع بين العديد من العناصر والجرائم التي دأبت عليها تلك المؤسسة ألا وهي: عملية إفلاس بنك (أمبروزيانو).
    ويمثل إفلاس بنك (أمبروزيانو) بداية فضيحة كبرى، في مطلع الثمانينيات من القرن العشرين؛ إذ تورط فيها (الفاتيكان) و(المحفل الماسوني السري P2) و(المافيا الإيطالية)، وكان المبلغ المختفي حوالي مليار ومائتي مليون دولار.
    ففي 18 يونيو (1982) تم العثور على (روبرتو كالفي) رئيس البنك مقتولاً تحت أحد كباري (لندن)، وكان (ببيتو كاللو) قد أعطى للمدعو (كالفي) مبالغ طائلة ليدخلها في عمليات غسيل أموال، إلا أن البنك وهو بنك (الفاتيكان)، واسمه بالتحديد بنك «المؤسسة الخاصة بأعمال الدين» التابع لـ(الفاتيكان) إلا أن رئيس البنك قد استخدم هذه الأموال في الصرف على عمليات سياسية يقوم بها (الفاتيكان)، وهي اختلاق حزب تضامن في (بولندا)، واقتلاع كنيسة (لاهوت) التحرر في (أمريكا اللاتينية)، وغيرها من الأحداث التي باتت معروفة، وبذلك يعد في نظر (ببيتو كاللو) من (المافيا) أن رئيس البنك (روبرتو كالفي) لم يقم بغسل الأموال في مشاريع ما وفقا لما طلبه منه، وإنما تم صرفها في مجال آخر؛ لذلك وجب قتله.
    والغريب أن القضية لم تفتح رسميًّا إلا في 6 أكتوبر (2005) أي بعد الأحداث بثلاثة وعشرين عامًا، قام (الفاتيكان) خلالها، وتحديدًا البابا (يوحنا بولس الثاني) الذي دافع باستماتة عن (كالفي)، وخاصة عن الأسقف (مارسينكوس) الذي كان يترأس «المؤسسة الخاصة بأعمال الدين» وكلاهما أعضاء في المحفل الماسوني، أما (ليتشيو جللي) الرئيس المبجل لـ(المحفل الماسوني P2) فكان متورطًا مع (المافيا) ومع البنك في تمويل عمليات غير مشروعة وبتفتيش الفيلا الخاصة به تم العثور على 170 كيلو جرامًا من الذهب، وفي حسابه المصرفي في جنيف 36 مليونًا، إضافة إلى العديد من الوثائق الخاصة بالبنك والمشاريع الأخرى.

    أما حقيقة مقتل روبرتو كالفي فيرجع إلى أنه كان يتباهى بمساعدته للبابا في العمليات المالية الخاصة بتمويل حزب تضامن في بولندا لاقتلاع اليسار، وخشية أن يقوم بالمساومة خاصة بعد إعلانه أن شخصيات كبيرة أخرى متورطة في القضية!

    ومما تضمه جعبة ذلك البابا الراحل أيضا اعتذاره لليهود رسميًّا عما بدر من الكنيسة في حقهم، ففي عام 1986 قام بزيارة الكيان الصهيوني المحتل لأرض فلسطين، وفي عام 1998 أصدر وثيقة اعتذار رسمية بعنوان: «نتذكر: تأمل في المحرقة» والمضحك أنه في قداس يوم 12 مارس 2000 طلب رسميًّا العفو عن كل ما بدر من أعضاء الكنيسة في حق الفرق المسيحية الأخرى، وقام بتحميل مسئولية محاكم التفتيش طوال الستة قرون على الأتباع الكاثوليك، فهم الذين قاموا بتنفيذ العمليات، وليس البابوات أو «الكنيسة» بمعناها المطلق «الإلهي»!

    أي أن المؤسسة الكنسية خرجت عن كل ما كانت تكيله من تهم طوال ألفي عام تتهم فيها اليهود، ثم برأتهم رغم كل ما هو وارد من نصوص صريحة، واعتذرت لهم، كما اعتذرت لباقي الفرق المسيحية، لكنها أبت الاعتذار للمسلمين عن كل ما بدر منها من قتل الملايين قديمًا أو حديثًا، ولا عن مأساة شعب فلسطين الذي تتحمل الكنيسة الجزء الأساسي من محنته فلولا تبرأة اليهود من دم المسيح ثم الاعتراف بدولة "دينية" لهم لما تم ذلك على الإطلاق.

    وإن كان لم يعد للفاتيكان أية جيوش رسمية يحارب بها، فقد قام بتكوين منظمات لا تقل ضراوة عن فرق الجيوش السابقة في قطع الرقاب، وتقوم بتنفيذ كل المخططات المطلوبة.

    ومن الملفات المفتوحة حاليًا، وإن كانت تدور في الكواليس وفي محاولات عدة من التعتيم قضية تواطؤ الفاتيكان فيما يطلق عليه «محرقة اليهود»، من جهة، ومن جهة أخرى عملية تنصير العالم وفقًا لكاثوليكية روما، وهو القرار الناجم عن مجمع الفاتيكان الثاني (1965)، والذي تم فرض تنفيذه على كافة الكنائس وعلى كافة الأتباع، الكنسيين منهم والمدنيين.

    لذلك لا تكف الكنيسة الفاتيكانية عن ترديد أنه لا خلاص إلا بالمسيح، ولذلك تفرض عملية الارتداد على أتباع الديانات الأخرى للدخول في كاثوليكيتها، ولو باستخدام العنف أو مختلف عمليات الدعاية والإقناع التي تصل إلى درجة غسيل المخ .. وفي سبيل إتمام هذا المخطط تستخدم جحافل جيوش المبشرين الذين يوجدون في كافة المجالات بلا استثناء، من المناصب السياسية والدبلوماسية إلى النشاطات الاقتصادية والاجتماعية والإعلامية والسياحية إلخ .. وهو ما كان البابا يوحنا بولس الثاني قد نص عليه في العديد من خطبه الرسولية أو أحاديثه أو حتى في الكتب الصادرة باسمه.

    الأمر الذي يعلق عليه بيير هادوت في بحثه عن «الارتداد» قائلاً: «إن الرغبة في السيطرة على المواطنين بشتى الوسائل تعد السمة الرئيسية للعقلية الغربية الكاثوليكية».
    أما شارل فوديه الذي يعتبر أن المسيحية «أكبر عملية نصب على وعي الشعوب»، فيؤكد في كتابه المعنون: «قضية المسيحية»، أن المسيحية أكبر عملية نصب للسيطرة على العالم عن طريق الخبث والكذب. إذ يقول:
    «الكنيسة الكاثوليكية، الممثلة المنحلة لما كانت عليه المسيحية البدائية، نمت وتطورت خاصة عن طريق الكذب، والخشية والعنف والثروة:
    - بالكذب: بوعد السُّذَّج بسعادة في مكان افتراضي وبتزوير النصوص.
    - بالخشية: بتهديد كل من يرفض الانصياع لها بشتى أنواع العذاب.
    - بالعنف: بكل ما مارسته من عنف في الحروب الصليبية، والحروب الدينية ومحاكم التفتيش، ومذبحة سان بارتليمي، وعمليات القمع التي مارسها لويس الرابع عشر لفرض الكاثوليكية على البروتستانت، والرعب الأبيض، والحروب التي تسببت فيها بين الشعوب، مثال حرب 1871 وحرب 1914...
    - وبالثروة: بالاستيلاء بأقذر الوسائل على الثروات الخاصة والعامة».. ومن أوصافه للمسيحية أيضًا: «إن المسيحية تتضمن أخطاء بشعة: من قبيل عقيدة الإنسان الإله، وفي نفس الوقت هو نهائي ولا نهائي، مخلوق وغير مخلوق، جاهل وعليم، تألم ولم يتألم، إلخ.. ويا لها من كذبة طولها عشرون قرنًا. إنها سُبّة في جبين الإنسانية أن تنحني كل هذا الوقت أمام هذه الخزعبلات المجنونة».

    ولا يسع المجال هنا لتناول قضية أخرى خاصة بالبابوية، ونكتفي بالإشارة إليها باقتضاب، ألا وهي: التاريخ السري للبابوية، بمعنى أنه بات من المعترف به وإن كان يتم محاصرة الحقائق في نطاق العلماء والباحثين، أن هناك خطًّا مغايرًا في تسلسل قائمة البابوات المنشورة رسميًا إلى درجة وجود بابا آخر باسم "بنديكت السادس عشر" في القرن الخامس عشر! وليست هذه الواقعة بجديدة فقد كان في القرن الخامس عشر أيضًا بابا باسم يوحنا الثالث والعشرين كالذي وُجد في القرن العشرين من 1958 إلى 1963!

    فحوالي عام 1370 قررت البابوية التي كانت قد استقرت في بلدة آفينيون بفرنسا منذ مطلع القرن الرابع عشر، العودة إلى مقرها الأصلي في روما. إلا أن البابا قد توفي فور عودته . وعندما حاول الكرادلة الاجتماع لانتخاب خليفة له، هاجت الدنيا وماجت في المؤسسة الكنسية؛ لأن معظم الكرادلة كانوا فرنسيين، بينما الشعب الإيطالي كان مصرًّا على أن يكون البابا من روما، واندلعت التهديدات، بل يقول لوسيان هلديه أن الأهالي قد أعدوا محارق في الطرقات لحرق الكرادلة الرافضين لمطلبهم ! وتم الاختيار في عجالة البابا أوربان السادس. وكان الاختيار غير موفق فذلك البابا معروف عنه أنه غير عاقل وأنه قام بتعذيب ستة كرادلة ترددوا في انتخابه! وسارع الكرادلة بانتخاب بابا آخر هو : كليمانت السابع الذى عاد إلى مقر البابوية بمدينة آفينيون .. وبذلك أصبح هناك بابوان في آن واحد أحدهما في فرنسا والآخر في إيطاليا وكل واحد منهما يعترف به جزء من الأتباع !

    وعند وفاة أوربان في روما قام المجمع المقدس بانتحاب خليفة له، و وعد بأن يعيد للكنيسة الكاثوليكية اتحادها .. وفي هذه الأثناء توفي بابا آفينيون وتم انتخاب بابا جديد، و وعد هو الآخر بالعمل على توحيد الكنيسة، وهو القس بدرو دي لونا الذي اتخذ الاسم الكنسي بنديكت الثالث عشر، وقام البابوان بحرمان كل منهما للآخر، وشعر المجلس الموقر بالحرج وقاموا بانتخاب بابا ثالث هو: اسكندر الخامس، الذي سرعان ما اغتاله أحد الكرادلة لينصب نفسه بابا متخذ اسم يوحنا الثالث والعشرين!

    ويوضح لوسيان هيلديه قائلاً : " ونتيجة لهذا السيرك أصبح هناك ثلاثة بابوات يتقاسمون كعكة المسيحية " ! فتدخل الإمبراطور الجرماني سيجسموند وتم عقد مجمع في بلدة قونسطانس، وقام بإقالة هذا البابا الأخير، وحصل على تنازل بابا روما . أما بنديكت الثالث عشر فقد هرب إلى أسبانيا، وأسس كنيسة منشقة تولاها بابوات من بعده يحملون أسماء: بنديكت الرابع عشر، والخامس عشر، والسادس عشر, وقد استمر هذا الخلاف حتى أواخر القرن السادس عشر.. بل واستمر سرًّا طوال القرون التالية، وقد تناول الروائي جان راسباي هذه الجزئية من التاريخ البابوي في رواية بعنوان : "خاتم الصياد" (1995) .. وهو ما يذكرنا بأحداث رواية " شفرة دافنشي" للروائي دان براون، التي تناول فيها العديد من الحقائق التاريخية في قالب روائي.

    أما الباحث لوسيان هيلديه فيشير إلى أنه "إذا ما تتبعنا هذا الخط الانشقاقي، وخط البابوات الذين نصبوا أنفسهم، سوف نصل إلى حقيقة أن كل الأساقفة الذين قاموا بترقيتهم غير شرعيين، وبالتالي فإن كل القساوسة الذين تمت ترقيتهم تباعا غير شرعيين، وكل المراسم الخاصة بالزواج والوفاة وغيرها كلها مراسم غير شرعية، وباختصار، فإن ذلك يعنى أنه منذ الانشقاق الكبير في الغرب فيما بين القرن الرابع عشر والخامس عشر، فإن الكنيسة الحقيقية الكاثوليكية الرسولية والرومية لم يعد لها وجود ! ".


    كتبه: الدكتورة زينب عبد العزيز

    المصدر: http://www.shareah.com/index.php?/re.../view/id/1183/

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Aug 2010
    المشاركات
    147
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    06-10-2014
    على الساعة
    12:56 PM

    افتراضي

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
    جلس أبو الدرداء يبكي بعد فتح جزيرة قبرص لمّا رأى بكاء أهلها وفرقهم، فقيل: ما يبيكيك يا أبا الدرداء في يوم أعزالله به الإسلام؟ فقال: (ويحكم ما أهون الخلق على الله إن هم تركوا أمره بينما هم أمة كانت ظاهرة قاهرة، تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترون

التاريخ الإجرامي للبابوية!!

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. من دروس التاريخ الإسلامي
    بواسطة احمد العربى في المنتدى المنتدى التاريخي
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 11-06-2009, 05:16 PM
  2. من يكتب التاريخ؟!
    بواسطة حاشجيات في المنتدى المنتدى العام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 18-02-2008, 12:09 AM
  3. أغرب حادثة في التاريخ
    بواسطة muslim1979 في المنتدى المنتدى الإسلامي العام
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 15-08-2006, 11:22 AM
  4. بداية التاريخ
    بواسطة الليزر في المنتدى المنتدى العام
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 16-06-2006, 07:46 PM
  5. اول انسان ألى فى التاريخ
    بواسطة عبد الله المصرى في المنتدى منتدى نصرانيات
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 27-02-2006, 11:48 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

التاريخ الإجرامي للبابوية!!

التاريخ الإجرامي للبابوية!!