قال دانيال النبي عليه السلام : ( سألت الله وتضرعت إليه ، أن يبيّن لي ما يكون من بني إسرائيل ، وهل يتوب عليهم ، ويرد إليهم ملكهم ، ويبعث فيهم الأنبياء ، أو يجعل ذلك في غيرهم .

قال دانيال فظهر لي الملك في صورة شاب حسن الوجه ، فقال : السلام عليك يا دانيال ، إن الله تعالى يقول : إن بني إسرائيل أغضبوني ، وتمردوا عليّ ، وعبدوا من دوني آلهة أخرى ، وصاروا من بعد العلم إلى الجهل ، ومن بعد الصدق إلى الكذب ، فسلطت عليهم بخت نصر فقتل رجالهم ، وسبى ذراريهم ، وهدم بيت مقدسهم ، وحرق كتبهم ، وكذلك فعل من بعده بهم .

وأنا غير راض عنهم ، ولا مقيلهم عثراتهم ، فلا يزالون من سخطي ، حتى أبعث مسيحي ابن العذراء البتول فأختم عليهم عند ذلك باللعن ، والسخط ، فلا يزالون ملعونين عليهم الذلة ، والمسكنة .

حتى أبعث نبي بني إسماعيل الذي بشرت به هاجر ، وأرسلت إليها ملاكي ، فبشرها فأوحي إلى ذلك النبي ، واعلمه الأسماء ، وأزينه بالتقوى ، وأجعل البر شعاره ، والتقوى ضميره ، والصدق قوله ، والوفاء طبيعته ،والقصد سيرته ، والرشد سنته ، أخصه بكتاب مصدق لما بين يديه من الكتب ، وناسخ لبعض ما فيها.

أسري به إليّ ، وأرقيه من سماء إلى سماء ، حتى يعلو فأدنيه ، وأسلم عليه ، وأوحي إليه ، ثم أرده إلى عبادي بالسرور ، والغبطة ، حافظا لما استودع ، صادعا بما أمر ، يدعو إلى توحيدي باللين من القول ، والموعظة ، لا فظ ، ولا غليظ ، ولا صخاب في الأسواق ، رؤوف بمن والاه ، رحيم بمن آمن به ، خشن على من عاداه ، فيدعو قومه إلى توحيدي ، وعبادتي ، ويخبرهم بما رأى من آياتي ، فيكذبونه ، ويؤذونه ) . الجواب الصحيح 5/280

قال شيخ الإسلام : " كما ذكر ذلك العلماء منهم أبو العالية ، ذكر أنهم لما فتحوا تستر ، وجدوا دانيال ميتا ، ووجدوا عنده مصحفا ، قال أبو العالية : أنا قرأت ذلك المصحف وفيه صفتكم ولحون كلامكم " .5/281
فهل يتفكر أصحاب العقول؟