مثال أخر :-
نجد قصة أوزيريس الطيب وأخيه ست الشرير فى قصص المصريين القدماء وقصة إيميش و اينتين فى القصص السومرية
هي قصص متشابهة بالرغم من اختلاف الشعوب
ووجود تلك القصة فى ثقافة أكثر من شعب يؤكد على حدوثها بالفعل وانها كانت واقع عرفه الأجداد المشتركون للبشر

وفى حقيقة تلك القصة أنها قصة ابنى سيدنا أدم عليه الصلاة والسلام عندما قام الابن الشرير بقتل أخيه الطيب
هذه القصة التي وقعت بالفعل ( فكما قلت لكم قبل ذلك ان الانسان لا يخترع فكرة من العدم فأصل الفكرة هو الواقع الذى حدث أمام الانسان) و توارثها البشر فكان يعرفها الأجداد المشتركون لكل البشر
ولكن بعد تفرق البشر واختلافهم وتحولهم الى أمم مختلفة ظلت بينهم تلك القصة الا أنه دخلت الأهواء والرغبات فى القصة الأصلية فقام البعض منهم باتباع أقوال الشيطان فمزجوا تلك القصة
(قصة ابنى أدم) بقصص أخرى وأضافوا عليها أحداث لم تكن فى القصة الحقيقية وذلك لخدمة عقيدة الكفر التي بثها فيهم الشيطان فاختلفت القصة من شعب الى أخر وتم نسيان الأصل
و حتى يرحم رب العالمين الناس فكان ارسال نبي يخبرهم بالقصص الحقيقي


لذلك نجد أن رب العالمين وهو يقص علينا نبأ ابنى آدم يقول لنا عز وجل :- (واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق )

فمن تفسير ابن كثير :-
(وقوله : ( بالحق ) أي : على الجلية والأمر الذي لا لبس فيه ولا كذب ، ولا وهم ولا تبديل ، ولا زيادة ولا نقصان ، كما قال تعالى : ( إن هذا لهو القصص الحق ) [ آل عمران : 62 ] وقال تعالى : ( نحن نقص عليك نبأهم بالحق ) [ الكهف : 13 ] وقال تعالى : ( ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون ] ) [ مريم : 34 ] )
انتهى

فالتشابه فى القصص بين الأمم لا يعنى عدم وقوعها
ولكن يعنى أن تلك القصة حدثت بالفعل فى الأجداد المشتركون لكل تلك الأمم ثم تفرق الأحفاد وكون كل منهم أمة مستقلة عن الأخرى فظل تداول تلك القصة بينهم ثم بمرور الأيام شكلت كل أمة تلك القصة حسب أهواءها فغيرت وبدلت فيها واتبعت أقوال الشيطان وأشركت بالله عز وجل فعبدت أبطال تلك القصة بعد تبديلها وتغيرها وتحريفها أو يعبدون شخصيات أخرى ظهرت بينهم بعد انفصالهم عن باقي الأمم

و نفس الشئ حدث فى الدين
فالدين الذى ارتضاه رب العالمين لكل البشر منذ أن خلق سيدنا أدم عليه الصلاة والسلام وحتى يوم القيامة هو الاسلام ولكن الانسان هو من بدل وغير وصنع أديان و معتقدات ما أنزل الله عز وجل بها من سلطان
وتم مزجها ببعض قليل ممن تبقى من العقيدة التي ارتضاها رب العالمين للبشر
(وهذا هو ما سأتكلم عنه بالتفصيل ان شاء الله فى المبحث القادم)