إن الذين يتبعون أهواءهم ويقدمون مصالحهم الدنيوية على الأمور الأخروية يريدون من الله أن يعطيهم كل شيء إلا الأمر. وهم يجعلون عبادة الله وسيلة لنيل المصالح الدنيوية. فإن أصابهم الخير اطمأنوا، وإلا قنطوا وضلوا. وهم لا يتمسكون بالدين لأنه الطريق الصحيح، ولكنهم يتمسكون به عندما يتفق مع مصالحهم الشخصية. ولو تغيرت تلك المصالح فستتغير اتجاهاتهم. لذا سميناهم بـ «الحائرون» ولعل هذا أنسب الأسماء لهم. قال الله تعالى: « وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ. يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُ وَمَا لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ. يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ. إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ. مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ. وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ» (الحج، 22/11-16).
ويقصد بالسبب في قوله تعالى: «فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاء» الإيمان والعمل الصالح والمدد هو القيام بهما. ويؤيد هذ المعنى قوله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين» (البقرة، 2/153).
ومن الناس من إذا أصابتهم المساوئ يتجهون إلى من يظنون أنه قريب من الله تعالى، ويجعلونه وسيطا بينهم وبين الله. فيسرعون مثلا إلى ضريح من الأضرحة ويستعينون به. وإذا لم تنكشف عنهم هذه المساوئ فإنهم يذهبون إلى أحدٍ من كبار علماء الدين. وبعضهم يرشده إلى الطريق الصحيح، والبعض الآخر يشترط عليه أن يرتبط به وذلك بالإنتماء إلى جماعته، وبهذا قد أصبحوا وسطاء بين هؤلاء الحائرين وبين الله تعالى، فالحائرون يستعينون بهم في كشف السوء عن أنفسهم. ويقدمون لهم الهدايا، وينحنون أمامهم تعظيما لهم، فهم يظنون أن هؤلاء سيكشفون عنهم السوء بما أعطاهم الله من التصرف في أمور الكائنات. وبهذا قد خسروا خسرانا مبينا أي قد وقعوا في الشرك. يقول الله تعالى: « اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ» (التوبة، 9/31).
وكلمة «أحبار» المذكورة في الأية، جمع حبر بمعنى الأثر المستحسن، وقيل للعلماء أحبار؛ لأنهم يتركون بعلمهم أثراً في قلوب الناس.[1] وعند الهلال بن أحمد «الحبر» عالم من العلماء سواء كان من الذميين أو من أهل الكتاب أو من المسلمين.[2]
وكلمة رهبان تطلق على الواحد والجماعة، فمن جعله واحداً جمعه على رهابين، ورهابنة وهي من الرهبانية. والرهبانية: غلو في تحمل التعبد، من فرط الرهبة. قال الله تعالى: «ورهبانية ابتدعوها» (الحديد، 57/27). ويقال لهؤلاء؛ الصوفيين أو الدراويش وعلى رأسهم الشيوخ. ويعتبرهم العوام من كبار رجال الدين.
وأما الأرباب: جمع من الرب، بمعنى الصاحب. ويطلق العرب على صاحب الرق رباً. قال يوسف للذي خرج من السجن وعمل في القصر ساقيا: «اذكرني عند ربك» (يوسف، 12/42).
ويقال في اللغة التركية لصاحب الرق أفندي. ومن يضع واحدا من رجال الدين الكبار بينه وبين الله تعالى يكون قد اتخذه ربا أو أفنديا، وأعطى له بذلك وصف الألوهية. وهذا شرك ظاهر. فالنصارى يضعون عيسى عليه السلام بينهم وبين الله تعالى وسيطا ويقولون إن عيسى ربٌّ، لذا يقال لبعض رجال الدين الكبار الأب أو البابا.
لو قيل: إن الأحبار والرهبان، هم علماء الدين من أهل الكتاب، فلماذا الحقتم بهم علماء المسلمين؟
قلنا: إن الذين يعتبرون كبار الشيوخ متصرفين في بعض أمور الخلق ما ليس لغيرهم من الناس ويكونون أمامهم مثل العبيد ويطيعونهم بلا شرط، فقد جعلوهم أرباباً، وبهذا قد أصبحوا مثل أهل الكتاب.
يقول عدي بن حاتم: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي عُنُقِي صَلِيبٌ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ يَا عَدِيُّ اطْرَحْ عَنْكَ هَذَا الْوَثَنَ وَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ فِي سُورَةِ بَرَاءَةٌ «اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ » قَالَ أَمَا إِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْبُدُونَهُمْ وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا أَحَلُّوا لَهُمْ شَيْئًا اسْتَحَلُّوهُ وَإِذَا حَرَّمُوا عَلَيْهِمْ شَيْئًا حَرَّمُوهُ.[3] وبهذا اتخذوهم أربابا من دون الله.
ونعود الآن إلى الموضوع الأصلي؛ وهو أن الذي يعاني من الصعوبات ويحاول أن يتخلص منها بالرجوع إلى غير الله تعالى بطلب العون من هؤلاء فإنه يخسر كل شيء؛ يخسر الدنيا لأنه استعان بمن لا يملك من الأمر شيئا، ويخسر الأخرة لأنه استعان بغير الله سبحانه. يقول الله تعالى: «ومن يشرك بالله فكأنما خرَّ من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق» (الحج، 22/31).
والطريق الوحيد للخلاص من المصاعب ونكد العيش، هو ترك الوسائط ويتجه إلى الله وحده ويصبر وينتظر عون ربه. والله تعالى يبتلينا بالمصاعب والمصائب إختبارا لنا؛ لذا يلزمنا الصبر. قال الله تعالى: «من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ» (الحج، 22/15). ويأتي بعدها قوله تعالى: «وكذلك أنزلناه آيات بينات وأن الله يهدي من يريد» (الحج، 22/16).
ولهذه الآية تفسيرات كثيرة ولكنها تفسيرات بالمنهج التقليدي، أي نقل ما هو موجود في الكتب السابقة بلا تدبر وبدون النظر في المنهج الثنائي بين الآيات. ونفسر هذه الآية بمنهج تفسير الآية بالآية، فنرى المعنى الأصلي المقصود من الآية. أولا نذكر خلاصة ما قيل في تفسير هذه الآية من كتب التفسير:
أ. المنهج التقليدي في فهم الآية
جاء في تفسير هذه الآية ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن ضمير الغائب في قوله تعالى (ينصره) عائد إلى النبي صلى عليه وسلم. ثم اختلفوا في فهم كلمتي السبب والسماء إلى فريقين.
الفريق الأول: قالوا إن السبب هو الحبل المعروف. والسماء هو سقف البيت. فمعنى الآية عندهم: من كان يظن أن لن ينصر الله نبيه في الدنيا والآخرة فليمدد بحبل إلى سقف بيت لينتحر به، ثم لينظر هل تُذهب حيلتُه هذه ما يغيظ. وقد رجح هذا المعنى كل من: ألماليلي محمد حمدي يازر، وحسن بصري تشانتاي، وعمر نصوحي بيلمان، وبكير صادق، وسعاد ييلديريم، ومحمد حميد الله؛ كما رجحه علي أوزاك، وخير الدين كارامان ومن معهم.
الفريق الثاني: قالوا إن السبب على ما نعرفه هو الدنيا، والسماء هي التي فوقنا يعني السماء المعروفة. وبهذا يكون معنى الآية: أن من كان يظن أن لن ينصر الله نبيه في الدنيا والآخرة فليتخذ سببا يوصله إلى السماء، وليقطع الوحي الذي يأتيه من عند الله، ثم لينظر هل تذهب حيلته هذه ما يجده من غيظ. وقد رجح هذا المعنى: مصطفى خدمتلي.
القول الثاني: إن الضمير في قوله تعالى (ينصره) يرجع إلى الإسم الموصول (من)، فيكون الظانُّ والمنصور واحدا. وأن السبب هو الحبل، وأن السماء سقف البيت مما يقتضي أن يكون تأويل الآية: من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة فليمدد بحبل إلى سقف بيته ولينتحر، ثم لينظر هل يذهبن صنيعه هذا غيظه؟. وقد رجح هذا المعنى إسماعيل حقي بلطاجي أوغلو، وسليمان آتاش، وأحمد آغيرآكجا، وبشير أريارصوي. أما الطبري، والزمخشري، وابن كثير فرجحوا الوجه الأول من القول الأول.[4]
القول الثالث: إن السماء في الآية هي السماء المعروفة، وأن السبب هو الحبل. وأن معنى الآية: فليمدد بحبل إلى سماء الدنيا ثم ليقطع به المسافة حتى يبلغ عنانها فيجتهد في دفع نصر الله تعالى لنبيه أو يجتهد في تحصيل الرزق لنفسه.[5] وقد رجح محمد أسد هذا المعنى مع أنه يرى أن السبب هنا بمعنى الطريق، فتأويل الآية عنده: من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة فليجتهد في الوصول إلى السماء من طريق آخر وليقطعه، ثم لينظر هل تذهب حيلته هذه غمه وكدره.[6]
وقد قال البعض بأن لهذه الآية علاقة بالآية الحادية عشرة والثانية عشرة من سورة الحج، ولكنهم لم يبينوا ما هي تلك العلاقة.
كما رأينا أن التفاسير السابقة للآية بعيدة عن الفهم. لأنها لم تراع فيها المناسبات بين الآيات فتولد من ذلك فراغ، ولتغطية هذا الفراغ توالت الأخطاء تلو الأخرى.
وقفة موجزة على هذه الأقوال
القول الأول من الأقوال السابقة غير صحيح لأن إرجاع الضمير في (ينصره) إلى رسول الله صلى عليه وسلم غير ممكن. لأن الضمائر ترجع إلى المذكور السابق. والرسول صلى الله عليه وسلم لم يُذكر في سورة الحج من الآية الأولى إلى هذا الموضوع.
فالفريق الأول من أصحاب القول الأول قالوا في معنى الآية: إنه من كان عدوا لرسول الله معتقدا أن الله لن ينصر رسوله في الدنيا والآخرة فلينتحر.. فهل يعقل أن يقال لمثل هذا الإنسان: انتحر حتى تذهب ما في نفسك من غيظ؟
وهؤلاء قد جاءوا بتقديرات في تأويلهم للآية ليقوم بها المعنى. وقد لخص أقوال الآخرين ألماليلي حمدي يازر بقوله: "لأن الذي دفعه إلى هذا الظن هو حقده على رسول الله وحسده إياه، وعدم رضاه بأن ينصر الله نبيه ويوفقه للخير في الدنيا والآخرة".[7]
أما الفريق الثاني فمنهم القائل بأن المقصود من الضمير في «ينصره» هو رسول الله، ويؤولون الآية هكذا: فليتوجه إلى السماء وليقطع الوحي عن رسول الله.
ومن الذي يستطيع أن يفعل شيئا مثل هذا؟ وهل يعقل أن يأمر الله تعالى الناس بما لا طاقة لهم به وهو سبحانه الذي قال لنبيه صلى الله عليه وسلم: «وإن كان كبر عليك إعراضهم فإن استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض أو سلما في السماء فتأتيهم بآية» (الأنعام، 6/35).
والآية الخامسة عشرة من سورة الحج تنتهي هكذا: «فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ». فهل يقال لمن مات منتحرا؛ انظر هل ذهب غيظك؟
ويقول الزمخشري أن كلمة «كيد» تشير إلى أنه لا يوجد هناك ما يمكن فعله. ومعنى قوله تعالى: «… فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ» أي يتخيل هذا في تصوره ثم ينظر هل يستطيع منع ما اسخطه مما جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم.[8]
هل يمكن مد الحبل فوق السماء؟ وهل يمكن أن نصعد إلى السماء ونقطع علاقتها بالأرض؟ كما أن هذا القول لا يمكن أن يكون دليلا على الأبحاث الفلكية. لأن صاحب هذا القول يقصد به من خاطب النبي صلى الله عليه وسلم من مشركي مكة وهو يعيش بين ظهرانيهم.
الفريق الثاني: فتأويلهم متضارب غير مستقيم. فإن الكيد، الذي يذهب غيظ من يظن أن الله لا ينصره في الدنيا ولا في الآخرة، يكون كيدا يمكنه من الحصول على المساعدة. وإلا من يقوم بالإنتحار. وكيف ينتحر من لا ينصره الله في الآخرة؟ وهذا كلام لا معنى له. كما أن هذا المعنى المتضارب لا يليق أن يكون في كتاب الله.
الفريق الثالث: هو كسابقيه أيضا لا يوجد فيه جانب صحيح. فكيف يمكن مد حبل إلى سماء الدنيا ثم قطع المسافة به حتى يبلغ عنانها فيجتهد في دفع نصر الله تعالى لنبيه أو يجتهد في تحصيل الرزق لنفسه. هل هناك من طريق يبلغ الناس به إلى السماء؟ ويقول محمد أسد في معنى الآية؛ فليجرب طريقا آخر ليبلغ به إلى السماء ثم ليقطع المسافة المؤدية إليه. ما هو الطريق الآخر الذي يتحدث عنه محمد أسد..؟
لقد وقفنا في هذا الباب على الآية الخامسة عشرة من سورة الحج فقط. وفي المنهج التقليدي كما نرى بعد قليل، لم تراع فيه المناسبات بين الآيات والعلاقة الثنائية بين المتشابهات، لذا فسرت الآيات المتعلقة بالآية الخامسة عشرة وهي الآيات الحادية عشرة إلى الآيات السادسة عشرة على شكل لا يمكن فهمه. وسيأتي التوضيح لهذا الموضوع.
ب. منهج القرآن في بيان فهم الآية
الآيات من الحادية عشرة إلى السادسة عشرة لها علاقة فيما بينها وكما لها علاقة بآيات أخرى، فلنرَ تلك الآيات والعلاقات:
الآية الحادية عشرة من سورة الحج هي قوله تعالى: «ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين»
إن كل مسلم يبتلى في هذه الدنيا، فقد أخبرنا الله تعالى عن ذلك بقوله: «ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين، الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون» (البقرة، 2/155-157).
من الناس مَن لا يحتمل صعوبات الحياة والتي تصيبه في حياته اليومية، فيستعين بمن يظن أنه قريب من الله، فيضل بذلك وهو يحسب أنه يحسن صنعا. والآية الثانية عشرة تبين ذلك «يدعو من دون الله ما لا يضره وما لا ينفعه ذلك هو الضلال البعيد».
والمسلمون اليوم يلجؤون في مثل هذه الظروف العسرة إلى الأضرحة كضريح أبي أيوب الأنصاري رضي الله تعالى عنه. لأنهم يرون أنهم يتقربون إلى الله بذلك، والحقيقة أن أصحاب هذه الأضرحة موتى لا يسمعونهم ولا يستجيبون. ولا يمكننا أن نرى هؤلاء الموتى قبل يوم القيامة. قال الله تعالى: «قل أرأيتم ما تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السماوات ائتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم إن كنتم صادقين، ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون» (الأحقاف، 46/4-5). ثم يأتي هذا الشخص إلى رجل يظن أنه مقرب من الله وعالم من علماء الدين الإسلامي فيجعله وسيطا بينه وبين الله تعالى ويستعين به في الخلاص من المصائب.
والآية الثالثة عشرة تبين هذا قال الله تعالى«يدعو لمن ضره أقرب إليه من نفعه لبئس المولى ولبئس العشير». والمدعو نفسه محتاج إلى العون فكيف يستعان به؟ قال الله تعالى: «والذين تدعون من دونه لا يستطيعون نصركم ولا أنفسهم ينصرون» (الأعراف، 7/719). «قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا» (الإسراء، 17/56-57).
ويصبح هذا الشخص عضوا في جماعة ما، و يكون عبدا لمن جعله وسيطا بينه وبين الله تعالى، ويقدم له الهدايا والقرابين، وينحني أمامه تعظيما له فصار به مشركا. وخسر الدنيا والآخرة بالرغم من أنه ذهب إليه ليتخلص من المصائب وليفوز بالسعادة. قال الله تعالى: «واتخذوا من دون الله آلهة لعلهم ينصرون لا يستطيعون نصرهم وهم لهم جند محضرون» (يس، 36/74-75).
هكذا يجعل كثير من الناس بينهم وبين الله وسطاء.. يعتقد هؤلاء الناس أن هؤلاء الوسطاء يمتلكون من الخوارق ما يمكنهم من الوساطة بين العبد وربه وذلك مثل شيوخ الطرق وأرواح الموتى، ومن يُظَنُّ أنهم مقربون إلى الله، فيتوسلون بهم لتوصيل طلباتهم ودعائهم إلى الله تعالى. والإسلام يحرم مثل هذه الأفعال ويعدُّها شركاً بالله، والشرك إثم لا يغفره الله، بينما هؤلاء يستحلون ما حرم الله من الشرك بدعوى التقرب إليه وهذا هو الفرق بين الحق والباطل. وتبين الآيات الحادية عشرة والثانية عشرة والثالثة عشرة أن من سلك ذلك الطريق أي طريق التوسل قد ضل ضلالاً بعيداً وأنه قد خسر الدنيا والآخرة، وذلك هو الخسران المبين.
وقد عبر عن المستعان في الآية الثانية عشرة بـ"ما"، وعبر عنه في الآية الثالثة عشرة بـ "من". كما بين في الآية الثانية عشرة أن المستعان شيء لا يضر ولا ينفع، أما الآية الثالثة عشرة فبينت أنه شخص ضرره أقرب من نفعه. ونفهم من الآيات أن هناك شيئان مختلفان قد استعين بهما، وعلى هذا الأساس تفسر الآيات. وفي التفاسير التقليدية قيل أنها أوثان أُتخذت آلهة من دون الله تعالى.
ومحي الدين الدرويش، وهو من المفسرين المعاصرين قال إن الآية الثالثة عشرة بدل من الآية الثانية عشرة. ونرى المفسر الكبير العلامة الزمخشري يرجح هذا الرأي، كما سنرى لاحقا.
والبدل: هو نيابة كلمة أو جملة عن غيرها. وجعل الآية الثانية بدلا من الآية الأولى هو عدم رؤية الفرق بين الآيتين والقول بالتكرار بلا فائدة.
لقد سوّى هؤلاء بين"ما" المذكورة في الآية الأولى والتي تشير إلى ما لا يضر ولا ينفع بـ "من" المذكورة في الآية الأخرى والتي تشير إلى من كان ضرره أقرب من نفعه. فهؤلاء المفسرون يقولون إن الأصنام تضر وتنفع ولكن ضررها أقرب من نفعها؛ وذلك لأنهم قد قرروا أن المستعان هو الأصنام، وهو تفسير يخالف الكثير من آيات الكتاب الكريم.
والمفسر المشهور الزمخشري يقول: "فإن قلت: كيف تفيد هاتان الآيتان أن الأصنام تنفع وتضر مع أن الضرر والنفع منفيان عنها؟ أليس هذا تناقض؟ قلت: باستيعاب المعنى ينتهي الإشكال، ذلك أن الله تعالى سفه الكافر بأنه يعبد ما لا يضر ولا ينفع، وهو مع ذلك يعتقد بجهله وضلاله أن الأصنام ستنفع له حين يستشفع بها. ثم إن هذا الكافر حين يرى يوم القيامة أنه تضرر بالأصنام، وأنهم دخلوا النار بسبب عبادتهم لها، ولم يروا أثرا من الشفاعة المزعومة، قالوا: «لمن ضره أقرب من نفعه لبئس المولى ولبئس العشير"[9]
ولكون الثانية بدلا من الأول فقد تكرر فعل «يدعو» كأن الله تعالى يقول: يدعون من دون الله ما لا يضره ولا ينفعه يدعونها. ثم قال يدعون لمن ضرره لاتخاذهم إياه معبودا أقرب من نفعه لإعتقادهم أنه شفيع لهم يوم القيامة، لبئس المولى هو.[10]
ولا يمكن قبول القول الأول المنسوب إلى الزمخشري. فأي نفع ينتظر الكافر المحكوم عليه بالخلود في النار من الأصنام حتى يقول «ضره أقرب من نفعه»؟
والثاني كذلك أبعد إلى القبول من الأول لأنه يجعل من الأصنام شفعاء عند الله تعالى.
ويقول محيي الدين الدرويش: إن هناك أقوالاً سبعة في تفسير الآية الثانية عشرة من سورة الحج. وكلها تخالف المنطق. وقد أشغلت هذه الآية المفسرين والنحويين. ولكن ما أغنى عنهم جوعا ولا عطشا.[11]
و كذلك لا يمكن الوصول إلى الصواب بجعل الآية الثانية تكرارا للآية الأولى. ولو علم هؤلاء كيف ُاستُعبِدَ الناس باسم الدين لفسروا الآية على وجهها الصحيح.
وكلمة «العشير» في آخر الآية الثانية عشرة لها أهمية في فهم الآية. ويقال العشيرة على من انحدروا من صلب واحد وعاشوا على شكل الجماعة. أما العشير يقال على قوم يعيشون معا سواء انحدروا من صلب واحد أو من أصلاب متعددة يتعارفون بينهم.[12] ويقال لهم اليوم: أفراد الحزب أو الرهط أو الجماعة. وفي أيامنا تتكون الجماعة بالتفاف عدد من الناس حول شخص يزعم بأنه مقرب من الله تعالى وأن الله مكنه من أن يعين الآخرين. والذي يفر إليهم يعتبر أنه قد انضم إلى الجماعة، ويمكنه أن يكسب بعض المنافع الدنيوية بانضمامه لتلك الجماعة. وهذا هو المقصود بالنفع المذكور في الآية. كما دلَّ عليه قوله تعالى: «وقال إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين» (العنكبوت، 29/25).
وقال تعالى: «إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار إن الله يفعل ما يريد» (الحج، 22/14). وهم المؤمنون الذين صبروا على ما أصابهم، ولم يفزعوا.
وهذا الأمر ليس بسهل. قال الله تعالى: «فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون» (السجدة، 32/17). ومن وصايا لقمان لابنه «يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور» (لقمان، 31/17).
قوله تعالى: «من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ» (الحج، 22/15).
وقد بات ذاك الشخص المذكور يحاول عبثا الوصول إلى رضى الله تعالى بالوسائط المتعددة والتي لا تملك لنفسها ضراً ولا نفعاً.. إن هذه الوسائط ما كانت إلا سببا في ازدياد بعده عن الله سبحانه، وقد أوقعته في أزمة نفسية وتركته بلا ظهير أو نصير. والحقيقة أنه يعرف أنَّ كل شيء بيد الله تعالى،وأن ما من شيء في الأرض ولا في السماء إلا منقادٌ لأمره وخاضعٌ لحكم مشيئته.. يقول الله تعالى: « قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ. فَذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ» (يونس، 10/31-32).
وحين لم يتخلص هذا الشخص من المصائب ظن أن الله لا ينصره في الدنيا ولا في الآخرة، فيقول الله تعالى له مظهرا رحمانيته: اترك ما أنت عليه من الخطأ، واتبعني واتجه إلي مخلصا، وحينئذ انظر هل تتخلص من المصائب أم لا.
شرح الكلمات الواردة في الآية:
"فليمدد" من المد بمعنى تطويل الشيء بالمد. ويأتي بمعنى إقامة العلاقة بشيء بواسطة أو بدونها.[13]
السبب: بمعنى الشفيع، والوسيلة والواسطة. وقال الراغب الأصفهاني: السبب: الحبل الذي يصعد به النخل، وجمعه أسباب، قال: «فليرتقوا في الأسباب» (ص، 38/10).[14] ولا يجوز للمسلم أن يجعل بينه وبين الله شفيعا لأن الله تعالى أقرب إليه من حبل الوريد. ولكن البعض من المسلمين يتمسكون بالشفعاء والوسطاء لتكون بينهم وبين الله تعالى. مستدلين بقوله تعالى: « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» (المائدة، 5/35).
فكلمة "الوسيلة" في الآية معرفة بـ "ال" وهذا يعني أنّ الوسيلة معروفة مبينة في مواضع كثيرة من القرآن الكريم. وعلى سبيل المثال قول الله تعالى: « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ » (البقرة، 2/153).
وفي آية أخرى قال الله تعالى: « إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ» (البقرة، 2/277).
ويقصد بـ "السماء" في قوله تعالى: «فليمدد بسبب إلى السماء» الدعاء. فقد كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم يدعو الله لتكون القبلة نحو البيت الحرام، وقد سطّرت آيات الكتاب العزيز ذلك بقوله تعالى: «قد نرى تقلب وجهك في السماء» (البقرة، 2/144).
ويقصد بكلمة "ليقطع" أي ليقطع العلاقة مع غير الله تعالى. لأن ما أوقعه في هذه الحالة تلك الوسائط التي اتخذها من دون الله وأعطاها أوصافا لا تليق إلا لله ولا يختص بها إلا هو سبحانه فأصبح بذلك مشركا. وبما أنّ الشرك ظلم لا يغفره الله تعالى؛ لذا فليقطع تلك العلاقة مع من اتخذهم _ زورا _ أنداداً لله تعالى، ليبقى مع الله وحده. قال الله تعالى: «إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً» (النساء، 4/48).
و "ثم" هنا تفيد الفورية. أي يجب عليه أن يقطع علاقته مع غير الله على الفور. لأن "ثم" تأتي بمعنى "مع" والتي تفيد المصاحبة[15] كما في الآية التالية. «ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ» (البلد، 90/17).
و"هل" الإستفهامية في آخر الآية تستعمل لطلب الجواب الإيجابي في حادثة ملموسة. ولا تستعمل في التصور الذهني ولا لطلب الجواب السلبي.[16] ونجد في التفسير التقليدي خلاف ذلك. وقد كرر السؤال على شكل: "هل يذهبن كيده ما يغيظ أو لا يذهبن" ليصبح المعنى صحيحا.
وكلمة "كيد" تأتي بمعنى القرب من الشيء، وإيجاد الحل، وبذل الجهد. وكيد الشخص لنفسه هو جلب النفع له، وبيان الإتجاه الصحيح في الطريق.[17] والكيد في الآية معناه الطريق، لأنه كيد الإنسان لنفسه. وتأتي "الكيد" بمعنى المكر. والمكر: صرف الغير عما يقصده بحيلة. ولذلك ضربان: الأول: مكر مذموم، وهو أن يتحرى به فعلاً قبيحاً، وعلى مثل ذلك قال الله تعال: «وَأَنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ» (يوسف، 12/52). والثاني: مكر محمود، وذلك أن يتحرى بذلك فعلاً جميلاً، وعلى مثل ذلك قال الله تعالى: « و كذلك كدنا ليوسف » (يوسف، 12/76).[18]
وكلمة غيظ، هي الحرارة التي يجدها الإنسان من فوران دم قلبه.[19] وفسرنا الغيظ في الآية بـ "الكآبة" لأن شدة الغضب تؤدي إلى الكآبة.
وقوله تعالى: « وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يُرِيدُ» (الحج، 22/16). إننا سنفهم الآية بوضوح حينما نأخذها مع سابقتها ولاحقتها ونراعي فيها المناسبات. ومعنى الآية غير واضح في التفاسير التقليدية لأنه لم يراع فيها المناسبات بين الآيات ولم تؤخذ الآية مع سابقتها ولاحقتها، فأصبح معنى الآية مبهما. لذا اضطر المفسرون أن يفسروا الآية السادسة عشرة بطرق مختلفه. وعلى سبيل المثال قال الطبري فيها: يقول تعالى ذكره: وكما بينت لكم حججي على من جحد قدرتي على إحياء من مات من الخلق بعد فنائه، فأوضحتها أيها الناس، كذلك أنزلنا إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هذا القرآن آيات بينات يعني دلالات واضحات، يهدي من أراد الله هدايته إلى الحق.[20]
لو فكرنا في المثال السابق، يظهر أن القرآن الكريم كتاب مبين ولكن التفاسير التقليدية جعلت القرآن كتاباً لا يفهم أو يفهم مع شيء من الغموض.


[1] مفردات ألفاظ القرآن مادة: حبر.

[2] العين لهلال بن أحمد، مادة: حبر.

[3] سنن الترمذي، من سورة التوبة، الحديث 3020.

[4]تفسير الطبري (310هـ/922م)، 9/118-121 ط بيروت، 1992/1412؛ وتفسير الزمخشري (467-538هـ/ 1075-1143م)، 3/8 ط دار المعرفة، بيروت؛ وتفسير ابن كثير (774هـ/1372م)، 2/211، ط بيروت 1401هـ.

[5]تفسير البيضاوي المسمى بأنوار التنزيل وأسرار التأويل، 2/85 ط دار سعادت بإسطنبول. وقد رجح البيضاوي الرأي الأول وحكى الثاني بعبارة وقيل.

[6]رسالة القرآن لمحمد أسد، ترجمه إلى التركية جاهيت كويتاك، وأحمد آرتورك. اسطنبول، 2001.

[7]ألماليلي حمدي يازير، قرآن ديلي حق ديني، استانبول 1936. 4/3389.

[8] الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل للزمخشري، 3/8، دار المعرفة بيروت.

[9]الكشاف لمحمود بن عمر الزمخشري، 3/7-8.

[10]الزمخشري، الكشاف، 3/7-8.

[11] إعراب القرآن الكريم وبيانه لمحيي الدين الدرويش 6/403-404، ط دار ابن كثير، دمشق 1412هـ/1992م.

[12] مفردات ألفاظ القرآن مادة: عشر.

[13] وأصل المد: الجر، ومنه: المدة للوقت الممتد. مفردات ألفاظ القرآن، مادة: مد.

[14] مفردات ألفاظ القرآن مادة: سبب.

[15]الفيروز آبادي، 2/344.

[16] الفيروز آبادي، 7/335-336.

[17]لسان العرب مادة: كيد.

[18] الفيروز أبادي، 17/339-400.

[19]مترجم عاصم أفندي، ترجمة القاموس.

[20]تفسير الطبري، 9/121.