السؤال هل يؤدي الإقتتال الى القتل ؟

قبل ان اجيب سأذكر جزءا مما قاله اخي الكريم عبد الملك الثوري من رواية البخاري .

عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

( لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان يكون بينهما مقتلة عظيمة دعوتهما واحدة ,,,,, الحديث )

هنا يرد مرة اخرى لفظ يقتتل وهو الذي يحدث للفئتين العظيمتين دعوتهما واحدة وفي لفظ دعواهما في الدين واحدة , ولكن لننتبه الى لفظ اخر وهو يكون بينهما مقتلة عظيمة هذا الذي هو بينهما هو ما تم التعبير عنه في الفاظ اخرى بـ تمرق بينهما مارقة يقتلها أولاهما بالحق , وفي لفظ اخر فتخرج من بينهما مارقة يلي قتلهم أولاهم بالحق .

اذن هناك عند فُرقة من المسلمين , اي عند فُرقة من امة محمد صلى الله عليه وسلم الى طائفتين وحدوث الإقتتال (وليس القتل ) , هناك فئة ثالثة تظهر خلة بينهما , تظهر نتيجة لهذه الفُرقة , هذه الفئة الثالثة فئة مارقة خارجة دواؤها انها يجب ان تُقتل ( وليس تُقتتل ) .

مرة اخرى نعود الى الآية الكريمة

وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله


اولا قوله تعالى وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا , لم يقل الله سبحانه وتعالى اقتتلتا ولكن قال اقتتلوا , وهذا يعني ان الفُرقة ( ما عبر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله عند فُرقة من امتي او عند فرقة من المسلمين او تكون امتي فرقتان ) لم تصل الى درجة ان تجعل المؤمنين بالكلية فرقتان , بل فقط ما طاف بهم هو فرقتان . بعض الحمقى من المُلحدين الذين خسئوا يحاولون ان يطعنوا في علو بيان القرآن الكريم يقولون ان في هذه خطأ بياني فيفترض ان يقول اقتتلتا وليس اقتتلوا ويضربون مثلا على هذا الزعم من قوله تعالى ( قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة ,,,,, الآية ) وللأسف بعضنا ( ممن فيهم شيء من الحاد في الاسماء ) , نعم رفضوا قول الملاحدة ولكنهم لم ينتبهوا الى الامر ففسروا وحللوا الآية وكأن الله تعالى قال اقتتلتا .

ولأن الملاحدة حمقى لم يدركوا ان اختلاف البيان يدل على اختلاف المعنى . قد قال الله تعالى قد كان لكم آية في فئتين التقتا ولم يقل التقَوا , لأن الفئتين مفترقتان بالكلية فالأولى تقاتل في سبيل الله والأخرى كافرة . في حين قال الله تعالى وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا ولم يقل اقتتلتا , لأن الإفتراق هنا ليس افتراق بالكلية وانما هو افتراق ما طاف بالمؤمنين الى فرقتين .


ثانيا قد قال الله تعالى وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا , ولم يقل تقاتلوا , او قتلوا بعضهم بعضا . نعم لأن ما يحدث للمؤمنين من افتراق الطائف الذي طاف بهم لا يمكن ان يصل الى درجة القتل , لأن المؤمن لا يحرص على قتل صاحبه , لأنهما لم يفترقا بالكلية . ما زال يربطهما الإيمان .

الإقتتال لا يعني القتل , هذه حقيقة .
الحقيقة الثانية ان اقتتال المؤمنين لا يمكن ان يؤدي الى القتل مطلقا .
اقتتال المؤمنين طائفتان يجب ان يُصلح بينهما لكيلا ينجم عنه خلة يمرق ويخرج منها المارقة الخوارج .

ان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا . الإقتتال ليس القتل فلا بغي فيه

واقتتال المؤمنين طائفتان لا بد ان يفي ء الى امر الله وهو فاصلحوا بينهما لذا الإصلاح بعد الإقتتال لا يحتاج الى بوء لعدل ولا الى إقساط . لأنه لا قتل فيه ولا بغي .


علي رضي الله عنه كان من الذين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم

ومعاوية رضي الله عنه كان من الذين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وهؤلاء صفتهم اشداء على الكافرين رحماء بينهم .

لم يحصل قتل بين طائفتيهما , ومن قال حصل قتل وجب ان يخرج احداهما من دائرة الإيمان .

ونشهد انهما من المؤمنين
.

وماذا عن ما ذكرته الأخبار من سفك دماء بعضهم بعضا ؟

هذا افك مبين .

لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا

هذا إفك مبين


من قتل عمار بن ياسر رضي الله عنه إذن ؟

قتلته الفئة الباغية , المارقة الخوارج التي لم تفء الى امر الله تعالى وهذا الامر هو ( فأصلحوا بينهما ) .



هل تلك الفئة الباغية المارقة الخوارج التي لم تفء الى امر الله تعالى , مؤمنين ؟ كلا

قال الله تعالى ( وما كان لمؤمن ولا لمؤمنة اذا قضى الله ورسوله امرا ان يكون لهم الخيرة من امرهم ) وهولاء لم يفيئوا الى امر الله والامر هو ( فأصلحوا بينهما ) .

هل هم مسلمون ؟ كلا , لأنهم لو كانوا مسلمين لما جاز قتلهم . (اذا التقى المسلمان بسيفيهما , فالقاتل والمقتول في النار ,,, الحديث ) .

والدجال الخارج في اخرهم وبقيتهم وعراضهم هو كافر .

سؤال : لكن علي رضي الله عنه لم يكفرهم رغم انه قاتلهم وقاتلوه , حتى قتلوه غدرا في المسجد وهو يصلي ؟


قال علي رضي الله عنه : إن الله قضى على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم أن الحرب خدعة ، وأني محارب أتكلم في الحرب ، قال : ولكن إذا قلت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فوالله لأن أخر من السماء أحب إلي من أن أقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل .

وقال إذا حدثتكم فيما بيني وبينكم فإن الحرب خدعة ، وإذا حدثتكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلأن أخر من السماء أحب إلي من أن أكذب .

فاما قوله عن الخوارج حين سُئل هم كافرون ؟ اجابهم قال: من الكفر فروا فلا تمنع ان نقول من الكفر فروا , لكن الى الكفر . او قوله حين سُئل هم مشركون ؟ فاجاب قال : من الشرك فروا , فلا تمنع ان نقول من الشرك فروا لكن الى الشرك . واما قوله حين سُئل أ منافقون هم ؟ قال ان المنافقين لا يذكرون الله الا قليلا وهذا لا يمنع ان نقول هم لا يذكرون الله الا قليلا , لأنهم سفهاء الاحلام , حدثاء الأسنان , لا تجاوز قراءتهم حناجرهم او تراقيهم فلا صلاتهم تُقبل ولا صيامهم . وقال علي رضي الله عنه حين سُئل فما هم ؟ قال قوم اصابتهم فتنة فعموا فيها وصموا , وفي لفظ قوم بغوا علينا , وفي لفظ قوم حاربونا وفي لفظ اخواننا بغوا علينا .

وهذا لا يمنع ان نقول ان قوله اخواننا تعني اخواننا من بني آدم شر ابني آدم الذي قتل اخاه , شر الخلق والخليقة كلاب اهل النار , يدعون اهل الاوثان ويقتلون اهل الإسلام , لئن ادركهم محمد صلى الله عليه وسلم لقتلهم قتل عاد وثمود , ولا تعني انما المؤمنون اخوة فاصلحوا بين اخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون . ذلك لأن الإصلاح بعد البغي والقتل يكون بالعدل والإقساط .


اذا فاءت تلك الفئة الباغية المارقة الخوارج الى امر الله تعالى ؟

عندها وجب الإصلاح بينها وبين امة محمد صلى الله عليه وسلم بالعدل والإقساط , وهذا ما نرجوه فلربما ان يدركهم محمد صلى الله عليه وسلم حينها سيقتلهم قتل عاد وثمود ولكن هكذا : فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا إن الله سميع عليم , وكلنا يعلم كيف قُتلت عاد وكيف قُتلت ثمود .

قال الله تعالى

فإن فاءت الى امر الله فاصلحوا بينهما بالعدل واقسطوا ان الله يحب المقسطين .