عشرون إلزاما لمنكري السنة النبوية

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

    

 

 

    

 

عشرون إلزاما لمنكري السنة النبوية

النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: عشرون إلزاما لمنكري السنة النبوية

مشاهدة المواضيع

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jul 2010
    المشاركات
    2,494
    آخر نشاط
    23-11-2015
    على الساعة
    06:28 PM

    افتراضي عشرون إلزاما لمنكري السنة النبوية

    الإلزام الأول :- الكفار بالسنة هم دُعـاة الإسلام الليبرالي الذي يتمناه كل أوربي في بلادنا ...!!!

    فالهجوم على السُّنة النبوية يأتي في إطار الهجوم على كل ثوابت الإسلام؛ هجوم على الشريعة بالدعوة إلى فصل الدين عن الدولة، وهجوم على أهل السُّنة والجماعة بمسمى محاربة الوهابية والتطرف ودعم الصوفية، وهجوم على عقيدة الولاء والبراء بدعوتي (التسامح والتقارب بين الأديان)، وهجوم على كل شيء له علاقة بالإسلام الحقيقي، وفي المقابل طرح إسلام بديل بلا قواعد ولا ضوابط يسمى الإسلام الليبرالي؛ يتوافق مع المضمون العَلماني الغربي ولا يحمل من الإسلام نفسِه سوى الشعار، ومن ثَمَّ يتخلص الغرب الأمريكي من صراعه الحضاري مع الإسلام بحسب تصور قادة الفكر لديه من أمثال ليونارد لويس وفوكوياما وهينتنغتون.
    بناءً على ما سبق والكلام للأستاذ محمد إبراهيم مبروك فإن الهجوم على السُّنة النبوية لا يقف عند حدود السُّنة النبوية فقط؛ وإنما يستهدف القضاء على الإسلام بالكامل؛ لأنه يستهدف الهجوم على القرآن أيضاً بشكل مباشر؛ لأن إسقاط السُّنة يعطي الفرصة لكل مغرض وحاقد على الإسلام أن يفسر القرآن تبعاً لما يمليه عليه هواه .

    في الأربعاء تشرين الأول من عام 2004م عقد مركز ابن خلدون مؤتمراً سياسياً ودينياً يدعو إلى إصلاح الدين الإسلامي بحضور سفارَتَي (أمريكا وإسرائيل) وهيئة المعونة الأمريكية. ولعل من المهم أن نذكر بعض الأسماء التي حضرت هذا المؤتمر هذه الأسماء هي: سيد القمني، وجمال البنا، ومحمود المراغي (قيادي في الحزب الناصري)، والصادق المهدي (رئيس حزب الأمة السوداني)، ومحمد شحرور (كاتب سوري)، وصلاح الدين جورشي (كاتب تونسي)، وإبراهيم عيسى. ومما هو لافت للنظر أن سعد الدين إبراهيم وجه الدعوة لأكثر من أربعين شخصية عامة لكنها قابلت الدعوة بالتجاهل.
    ويعلق الأستاذ سيد ياسين (الرئيس السابق لمركز الدراسات الإستراتيجية بالأهرام) على المؤتمر فيقول: غير أن أخطر توصية تبناها المؤتمر هي دعوته إلى تنقية التراث الديني من الحديث النبوي الشريف، والاعتماد فقط على نصوص القرآن مرجعية وحيدة، والتصدي لأفكار المؤسسات التي تحتكر الحديث باسم الدين، وخلق مدرسة اجتهاد جديدة في القرن الحالي.
    وهكذا يتضح أن منكري السنة في بلادنا يلتزمون تماما بتوصيات مؤسسة راند ويُنَّفذون ما يُطلب منهم تماما بمنتهى الهدوء والطاعة ليُكونوا بذرة الإسلام الليبرالي الذي يتمنى أن يراه الغرب يوما ما في الشرق الأوسط ويؤسس على أكتافه شرق أوسط جديد لا يؤرق اسرائيل ولا يخيف أي استعمار مستقبلي أو إلحاد شاذ فالجميع يسمع ويطيع ..!!




    الإلزام الثاني :- إتباع النبي صلى الله عليه وسلم أحد ركائز دين الإسلام ..!!
    اتباع النبي -صلى الله عليه وسلم- أحد ركائز دين الإسلام وأساسياته، ومن مُسلمات الشريعة والأمور المعلومة منها بالضرورة، وقد استفاضت النصوص الشرعية الصحيحة في بيان ذلك والتأكيد عليه، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾ [الحشر: 7]، وقوله -عز وجل-: ﴿ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ) [النساء: 80]
    فاتباع الرسول صلى الله عليه وسلم يكون بالإقتداء به وطاعة أوامره وتصديق كلامه
    والسنة النبوية هي أقول الرسول صلى الله عليه وسلم وأفعاله وأوامره ونواهيه وتبليغ ما أمره الله عز وجل أن يبلغه
    وشرح كتاب الله العظيم جائنا عن طريق الرسول صلى الله عليه وسلم .
    ولقد مدح الله عز وجل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتابه الكريم لأنهم أطاعوا الله وصدقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم , قال تعالى لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً [الفتح : 18]فالبيعة التي بايع الصحابة عليها وردت لنا عن طريق السنة الشريفة , وقد مدح الله عز وجل أهل هذه البيعة ..أتدرون لماذا ؟ لأن السنة الشريفة هي والقرآن الكريم مصدران للتشريع , قال صلى الله عليه وسلم " تركت فيكم ماإن تمسكتم به لن تضلوا أبداً كتاب الله وسنتي "

    فالسنة النبوية ضرورةٌ دينية وحجتها ثابتة لكل من عقل ومن لم يعقل ، وما أسخفَ من يدعي على نفسهِ الإسلام فيأتِ منكراً لسنة النبي صلى الله عليه وسلم ويقولُ عن نفسه بأنهُ من المسلمين وقد قال صلى الله عليه وسلم :- ( حَدَّثَنَا أَبُو قُدَامَةَ ، ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، أنبا حَرِيزُ بْنُ عُثْمَانُ ، أنبا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَوْفٍ ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَلا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ ، أَلا يُوشِكُ رَجُلٌ شَبْعَانُ عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ : عَلَيْكُمْ بِالْقُرْآنِ ، فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلالٍ فَأَحِلُّوهُ وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ .)
    وروى أبو داود (4605) والترمذي (2663)وابن ماجة (13) عن أَبِي رَافِعٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :( لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يَأْتِيهِ الْأَمْرُ مِنْ أَمْرِي مِمَّا أَمَرْتُ بِهِ أَوْ نَهَيْتُ عَنْهُ فَيَقُولُ : لَا نَدْرِي ، مَا وَجَدْنَا فِي كِتَابِ اللَّهِ اتَّبَعْنَاهُ ، وإلا فَلاَ ) وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" وغيره
    وروى الترمذي (2664) وابن ماجة (12) عَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِ يكَرِبَ الْكِنْدِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( يُوشِكُ الرَّجُلُ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يُحَدَّثُ بِحَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِي فَيَقُولُ : بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَلَالٍ اسْتَحْلَلْنَاهُ وَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَرَامٍ حَرَّمْنَاهُ . أَلَّا وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ )
    وقد اشتدت عناية القرآن الكريم بتلك المسألة فوَّجه إليها آيات كثيرة تنوعت بين آيات تأمر فى وضوح بوجوب الإيمان به صلى الله عليه وسلم ، وبين آيات أخرى تأمر بوجوب طاعته، طاعة مطلقة، فيما يأمر به، وينهى عنه، وبين آيات أخرى تنهى عن مخالفته وتحذِّر من ذلك وتبين جزاء المنافقين المرجفين في دين الله العاملين على هدم كيان السنة النبوية، والذين حصروا معنى الآيات الواردة فى طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم ، في طاعته فى القرآن الكريم فقط
    من هذه الآيات قوله تعالى
    1- { فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} فمقتضى ذلك أن نؤمن بالله وبرسوله، والإيمان معناه هنا التصديق والإذعان برسالته وبجميع ما جاء به من عند الله من كتاب وسنة، بمقتضى عصمته التى توجب التصديق بكل ما يخبر به عن رب العزة كقوله فى حق القرآن:"هذا كلام الله ، وقوله فى الأحاديث القدسية:"قال رب العزة كذا"أو نحو هذه العبارة وقوله عليه الصلاة والسلام:"ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه" فالإيمان بالرسول جزء من الإيمان بالله تعالى، والشك والارتياب فى ذلك الإيمان، شك وارتياب فى الإيمان بالله ورسوله معاً، وحينئذ لا يكون هناك إيمان أبداً ...
    يقول الإمام الشافعي في رسالته : "فجعل كمال ابتداء الإيمان، الذى ما سواه تبع له الإيمان بالله ثم برسوله، فلو آمن عبد به، ولم يؤمن برسوله : لم يقع عليه اسم كمال الإيمان أبداً، حتى يؤمن برسوله معه، ومن هنا وجبت طاعة الرسول - بمقتضى هذا الإيمان - فى كل ما يبلِّغه عن ربه، سواء ورد ذكره فى القرآن أم لا.
    يقول الإمام الشافعي أيضا : "وما سنَّ رسول الله فيما ليس لله فيه حكم : فبحكم الله سنَّه، وكذلك أخبرنا الله في قوله تعالى : {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}، وقد سن رسول الله مع كتاب الله، وسن فيما ليس فيه بعينه نص كتاب وكل ما سن فقد ألزمنا الله اتباعه، وجعل فى اتباعه طاعته، وفى العدول عن اتباعها معصيته التى لم يعذر بها خلقاً، ولم يجعل له من اتباع سنن رسول الله مخرجاً"
    2- وقوله تعالى { فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} فهنا أقسم سبحانه بنفسه، وأكده بالنفي قبله على نفي الإيمان عن العباد، حتى يحكِّموا رسوله فى كل ما شجر بينهم، من الدقيق والجليل، ولم يكتف فى إيمانهم بهذا التحكيم بمجرده، حتى ينتفى عن صدورهم الحرج والضيق عن قضائه وحكمه، ولم يكتف منهم أيضاً بذلك حتى يسلموا تسليما، وينقادوا انقيادا.
    ويقول صاحب مختصر الصواعق المرسلة : "فقد أقسم الله سبحانه بنفسه على نفى الإيمان عن هؤلاء الذين يقدمون العقل على ما جاء به الرسول ، وقد شهدوا هم على أنفسهم بأنهم غير مؤمنين بمعناه، وإن آمنوا بلفظه"
    ويقول فى موضع آخر : "وفرض تحكيمه، لم يسقط بموته، بل ثابت بعد موته، كما كان ثابتاً فى حياته، وليس تحكيمه مختصاً بالعمليات دون العلميات كما يقوله أهل الزيغ والإلحاد.
    3- وقوله تعالى { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} ودلالة الآية على حجية السنة من عدة وجوه :
    أولاً : النداء بوصف الإيمان فى مستهل الآية : "يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا " ومعنى ذلك أن المؤمنين لا يستحقون أن ينادوا بصفة الإيمان إلا إذا نفذوا ما بعد النداء وهو طاعة الله تعالى، وطاعة رسول الله ، وأولي الأمر.
    ثانياً : تكرار الفعل "أَطِيعُوا " مع الله عز وجل، ومع رسوله ، وتكرار ذلك فى آيات كثيرة {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا } وقوله تعالى:{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَءَاتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}
    يقول الإمام الشاطبى : "تكراره الفعل "وَأَطِيعُوا" يدل على عموم الطاعة بما أتى به مما فى الكتاب، ومما ليس فيه مما هو من سنته"
    وقال العلامة الألوسي: "… وأعاد الفعل : "وَأَطِيعُوا" وإن كان طاعة الرسول مقرونة بطاعة الله عز وجل، اعتناءً بشأنه وقطعاً لتوهم أنه لا يجب امتثال ما ليس فى القرآن، وإيذاناً بأن له استقلالاً بالطاعة لم يثبت لغيره، ومن ثم لم يعد فى قوله : "وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ " إيذاناً بأنهم لا استقلال لهم فيها استقلال الرسول ، بل طاعتنا لهم مرتبطة بطاعتهم هم لله ورسوله، فإن هم أطاعوا الله ورسوله فلهم علينا حق السمع والطاعة وإلا فلا، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق "
    ومما هو جدير بالذكر هنا أن فرض الله طاعة رسوله ليست له وحده بل هى حق الأنبياء جميعاً قال تعالى : {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ} فرب العزة جل جلاله يقرر هنا قاعدة:"أن كل رسول جاء من عنده جل جلاله يجب أن يطاع"
    ولماذا لا يطاع هذا الرسول الذي جاء بالمنهج الحق الذى يصلح الخلل فى تلك البيئة التى أرسل إليها؟ إن عدم الطاعة حينئذ – هو نوع من العناد والجحود والتكبر كما أن فى عدم الطاعة اتهاماً للرسالة بالقصور، واتهاماً للرسول فى عصمته من الكذب فى كل ما يبلغ به عن ربه من كتاب أخبرنا عنه بقوله "هذا كتاب الله"، ومن سنة مطهرة أخبرنا عنها بقوله : "أوتيت القرآن ومثله معه" وقوله : "وإن ما حرم رسول الله كما حرم الله".
    وثالث الوجوه دلالةً على حجية السنة من آية النساء قوله تعالى : { فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}؛ فالرد إلى الله عز وجل هو الرد إلى كتابه، والرد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم هو الرد إليه نفسه فى حياته، وإلى سنته بعد وفاته وعلى هذا المعنى إجماع الناس كما قال ابن قيم الجوزية.
    وتعليق الرد إلى الكتاب والسنة على الإيمان كما فى قوله تعالى : {إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} يعني أن الذين يردون التـنازع فى مسائل دينهم وحياتهم، دقها وجلها، جليها وخفيها – إلى كتاب الله، وإلى سنة رسول الله ، هم فقط المؤمنون حقاً كما وصفتهم بذلك الآية الكريمة، أما غيرهم فلا ينطبق هذا الوصف عليهم. ( وافهم يا لبيب)
    ثم يحدثنا الله تعالى بعد هذه الآية مباشرة، عن أناس يزعمون أنهم يؤمنون بالله ورسوله ومقتضى هذا الإيمان أن يحكموا كتاب الله وسنة رسوله فى كل شؤون حياتهم - ولكنهم - لا يفعلون ذلك وإنما يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت مع أنهم قد أمروا أن يكفرو به قال تعالى : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا} ففى نهاية الأمر حكم الله تعالى على من يعرض عن حكم الله تعالى ورسوله ويتحاكم إلى الطواغيت بأنهم منافقون، وصدق رب العزة : {وَيَقُولُونَ ءَامَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ*وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ*وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ*أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمَ الظَّالِمُونَ*إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ*وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ}
    ويتأكد هذا المعنى جلياً فى قول الله تعالى : {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا}فأخبر سبحانه أنه ليس لمؤمن أن يختار يعد قضائه جل جلاله وقضاء ورسوله عليه السلام، ومن تخير بعد ذلك فقد ضل ضلالاً مبيناً
    4- أما الآيات الدالة على وجوب طاعة الرسول عليه السلام طاعة مطلقة فيما يأمر به، وينهى عنه، بقوله تعالى : {وَمَا ءَاتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} وهناك آيات كثيرة لم نتعرض لذكرها خشية الإطالة فإذا انتقلنا بعد ذلك إلى الآيات التى تحذر من معصية الرسول صلى الله عليه وسلم وتنهى عن مخالفته نجدها كثيرة ونشير أيضاً إلى بعضها قال تعالى : {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ}وقال تعالى : {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا*يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا{
    5- وفى سورة التوبة قال تعالى { أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ} وفي سورة النور قال تعالى : {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ{
    أين أمر رسول الله عليه السلام فى القرآن، لمن زعموا أن آيات طاعة الرسول فى القرآن مراد بها طاعته فى القرآن فقط؟
    6- وفى سورة الأحزاب : {إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا*خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا*يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَالَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا{
    7- وفى سورة محمد قال تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ{
    فالآيات السابقة تصرح بأن مخالفة منهج الله ورسوله، يدخل النار، ويورث الذل، والخزي، والفتنة، والكبت، ويحبط العمل ... فما قولك يا منكر السنة في هذا المختصر الوجيز ؟؟؟




    الإلزام الثالث:- السنة النبوية هي المصدر الثاني من مصادر التشريع بالاجماع
    عقد الخطيب البغدادي في كتابه المشهور الكفاية في علم الرواية بابا استهل به كتابه فقال: (( باب ما جاء في التسوية بين حكم كتاب الله تعالى وحكم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجوب العمل ولزوم التكليف )) ثم ساق نصوصا كثيرة من السنة لدعم هذا العنوان نجتزئ منها ما يلي:
    ساق الخطيب بأسانيد متعددة عن المقدام بن معديكرب أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم حرّم أشياء يوم خيبر ثم قال: "يوشك رجل متكئ على أريكته يحدّث بحديثي فيقول بيننا وبينكم كتاب الله، فما وجدنا فيه من حلال استحللناه، وما وجدنا فيه من حرام حرمناه وإن ما حرّم رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما حرّم الله عز وجل"، وأخرج هذا الحديث بألفاظ متقاربة أبو داود والترمذي والدارمي والإمام أحمد، وزاد أبو داود "ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه"
    وكأني برسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أطلعه الله على ما سيكون في المستقبل يوجه قوله هذا إلى ما يدّعون أنهم أهل القرآن أو القرآنيون الذين لا يأخذون إلا بالقرآن الكريم، ولا يحتجون بالسنة ولا يعملون بالأحاديث، وقد ظهر منهم الآن ناس في بعض أصقاع من الهند، وردد أفكارهم بعض الزائفين في مصر، لكن كانوا جميعا موضع سخرية واستخفاف من جمهور المسلمين وعلمائهم ولله الحمد والمنة.
    وأما الإجماع فقد أجمع العلماء من عصر الصحابة إلى يومنا هذا بأن السنة هي الأصل الثاني من أصول التشريع، وأنها حجة في إثبات الأحكام تبعا للقرآن، واستقلالا في بعض الأحكام.
    وأما المعقول فمن المعلوم لدينا أن الله سبحانه وتعالى قال مخاطبا نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}
    إذن فالرسول صلى الله عليه وسلم مكلف ببيان المراد من الآيات المنزلة، وبيان كيفية تطبيقها على الحوادث، ولأجل هذا كان الصحابة يرجعون إليه في فهم كل ما أشكل عليهم فهمه، ويستفتونه فيما يقع لهم من الحوادث، فيبين لهم النبي عليه السلام ما أشكل عليهم.
    فعلى سبيل المثال نزلت آية الصيام ولم يذكر فيها حكم الأكل والشرب بطريق النسيان، فاستشكل بعض الصحابة الذين وقعوا في هذا، فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كلفه ربه بالبيان، فقال يا رسول الله أكلت ناسيا وأنا صائم، فأفتاه النبي صلى الله عليه وسلم بأن صومه صحيح، وقال له: "تمّ على صومك فإنما أطعمك ربك وأسقاك".
    على أن الأحكام المستمدة من السنة مأخوذة في الحقيقة من القرآن الكريم وتوجيهه العام، ومستقاة من أصوله، ومستوحاة من أهدافه، إذ إنها إما تخصيص لعمومه، أو مفسرة لمجمله، أو مقيدة لمطلقه، أو شارحة لكيفية تطبيق بعض أحكامه، وهذا ما فهمه الصحابة وعلموه وهو أن السنة وأحكامها تعتبر مأخوذة من القرآن الكريم، لأن الله تعالى قد أحال المسلمين في بعض نصوصه إلى السنة، وقصة المرأة الأسدية مع عبد الله بن مسعود في لعن الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة والنامصة والمتنمصة حينما قالت: لقد قرأت ما بين دفتي المصحف فلم أجد اللعن فيه، قال: أما إنك لو قرأت لوجدتيه، ألم تقرأي قوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}، فالأخذ بالسنة في الواقع أخذ بالقرآن، لأن القرآن أحالنا عليها في بعض الأحكام، كما أن السنة هي التاريخ التطبيقي للقرآن، فالجهل بها جهل لكيفية تطبيق القرآن، كما أنها المصدر الوحيد لمعرفة سبب النزول، ومعرفة ناسخ القرآن ومنسوخه، وهذه أمور ضرورية جدا لتحديد معنى النص القرآني في كثير من الآيات.
    ولنضرب أمثلة حية من أحكام السنة المخصصة لعموم محمكم القرآن أو المفسرة لمجمله:
    1- قال تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ{.
    فإن ظاهر هذه الآية يدل على أن كل والد يرث ولده وكل مولود يرث والده، لكن جاءت السنة فبينت أن المراد بذلك مع اتفاق الدين بين الوالدين والمولودين، وأما إذا اختلف الدينان فإنه مانع من التوارث، واستقر العمل على ما وردت به السنة في ذلك فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم من حديث أسامة بن زيد أنه قال: " لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم ".
    2- قال تعالى في المرأة التي يطلقها زوجها ثلاثا: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ} فاحتمل أن يكون المراد به عقد النكاح وحده واحتمل أن يكون المراد به العقد والإصابة معا، فجاءت السنة فبينت أن المراد به الإصابة بعد العقد، فعن عائشة رضي الله عنها أن رفاعة القرظي طلق امرأته فبتّ طلاقها فنكحت بعده عبد الرحمن بن الزَّبِير فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إنها كانت تحت رفاعة فطلقها آخر ثلاث تطليقات فتزوجت بعبد الرحمن بن الزّبير وإنه والله ما معه إلا مثل هذه الهدبة وأخذت بهدبة من جلبابها قال: فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ضاحكا وقال: "لعلك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا حتى يذوق عسيلتك وتذوقي عسيلته"، قالت وأبو بكر جالس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وخالد بن سعيد بن العاص جالس باب الحجرة لم يؤذن له، فطفق خالد ينادي أبا بكر ألا تزجر هذه عما تجهر به عند رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    3- قال تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}، لكن ليس في الآية الكريمة بيان قيمة المسروق ولا الحرز الذي هو شرط القطع ولم تبين الآية الكريمة من أين تقطع يد السارق أمن الكف، أم من المرفق، أم من المنكب؟ فجاءت السنة فبينت مقدار المسروق وهو ربع دينار كما بينت الحرز وهو يختلف لأنه يكون في كل شيء بما يناسبه، كما بينت السنة أن القطع يكون من مفصل الكف.
    والأمثلة على ذلك كثيرة جدا، فمنها الصلوات الخمس فإن الله تعالى قال في القرآن الكريم {وَأَقِيمُوا الصَّلاة} وليس في القرآن بيان عدد الصلوات ولا تحديد أوقاتها، ولا عدد الركعات في كل صلاة، ولا كيفياتها، فجاءت السنة فبينت كل ذلك تفصيلا، وهكذا الزكاة والحج وكثير من العبادات والمعاملات والأحكام الأخرى.
    وإني لأتوجه إلى منكري حجية السنة فأقول لهم: إذا كنتم لا تعتبرون السنة حجة عليكم، ولا تعملون بها فكيف تقيمون الصلاة أخذا من القرآن، وكيف تؤدون الزكاة وكيف تقطعون يد السارق وتقيمون الحدود، وتوزعون المواريث والتركات؟ فماذا يكون جوابهم يا ترى؟ سبحانك ربنا هذا ضلال مبين.
    وأما حُجة مُنكري تاسنة فيمكن حصرها بأن القرآن جاء تبيانا لكل شيء، فإن جاءت الأحاديث بأحكام جديدة لم ترد في القرآن، كان ذلك معارضة من ظني الثبوت وهو الحديث القطعي الثبوت وهو القرآن، والظني لا يقوى على معارضة القطعي، وإن جاءت مؤكدة لحكم القرآن كان الاتباع للقرآن لا للسنة، وإن جاءت لبيان ما أجمله القرآن كان ذلك تبيانا للقطعي الذي يكفر من أنكر ثبوته بالظني الذي لا يكفر من أنكر ثبوته.
    وهذه التقسيمات في الحقيقة فلسفة فارغة تعارض ما كان عليه الصحابة والتابعون ومن تبعهم بإحسان من العمل بالحديث بمجرد ثبوته ولو من طريق شخص واحد إذا توفرت فيه شروط الراوي المعروفة من العدالة والضبط وغير ذلك.
    ويتخلص جواب الشافعي عن حجة هؤلاء بما يلي:
    1- إن الله تعالى أوجب علينا اتباع رسوله، وهذا عام بمن كان في زمنه وكل من يأتي بعده، ولا سبيل إلى ذلك لمن لم يشاهد الرسول إلا عن طريق رواية الأحاديث، فيكون الله قد أمرنا باتباعها وقبولها، لأن ما لا يتم الواجب إلا به كان واجبا.
    وحتى أن الصحابة رضي الله عنهم لم يتيسر لمجموعهم -مع أنهم في زمنه- أن يسمعوا جميع ما قاله الرسول منه مباشرة، فكثيرا ما كان يسمعها البعض ويبلغونها غيرهم فيعملون بها جميعا، السامع والمبلّغ.
    2- إنه لابد من قبول الأحاديث لمعرفة أحكام القرآن نفسه، فإن الناسخ والمنسوخ لا يعرفان إلا بالرجوع إلى السنة.
    3- إن هنالك أحكاما متفقا عليها بين جميع أهل العلم وطوائف المسلمين قاطبة حتى الذين ينكرون حجية السنة، كعدد الصلوات المفروضة، وعدد الركعات، وأنصبة الزكاة وغيرها، ولم يكن من سبيل لمعرفتها وثبوتها إلا السنة.
    4- إن الشرع قد جاء بتخصيص القطعي بظني، كما جاء في الشهادة على القتل والمال، فإن حرمة النفس والمال مقطوع بهما، وقد قبلت فيهما شهادة الاثنين، وهي ظنية بلا جدال.
    5- إن الأخبار وإن كانت تحتمل الخطأ والوهم والكذب، ولكن الاحتمال بعد التأكد والتثبت من عدالة الراوي ومقابلة الرواية بروايات أقرانه من المحدّثين يصبح أقلّ من الاحتمال الوارد في الشهادات، خصوصا إذا عضد الرواية نص من كتاب أو سنة فإن الاحتمال يكاد يكون معدوما.
    ولعمري هذه إجابات موفقة مخرسة ألهمها الله تعالى للإمام الشافعي حفظا لدينه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فالحمد لله على توفيقه.
    وأما قولهم إن الله أنزل الكتاب تبيانا لكل شيء فإن من المعلوم أن الله لم ينص على كل جزئية من جزئيات الشريعة وإنما بين أصول الشريعة ومصادرها وقواعدها ومبادئها العامة.. ومن الأصول التي بينها وجوب العمل بسنة الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام كما في قوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} …




    الإلزام الرابع أهمية علم الحديث وأنه شرف الأمة ..!!
    قال سفيان الثوري:"لما استعمل الرواة الكذب استعملنا لهم التاريخ"
    لو يقف المتأمل على هذه الجملة لأدرك ان الحديث يعتبر من لوازم التاريخ وان التاريخ يعتبر من أدوات علم الحديث. يجمع في قلبي حب التاريخ وحب الحديث وهما شيءٌ واحد.
    فالمحدث له اعلى مرتبة فالمحدث يستطيع ان يتقن الفقه والتفسير والعلوم المختلفة.
    فيستطيع ان يكون المحدث فقيهاً ولكن لا يستطيع ان يكون الفقيه محدثاً.
    ويستطيع ان يكون المحدث مفسراً ولكن لا يستطيع المفسر ان يكون محدثاً.
    ومن الاهمية توضيح اهمية الحديث في دحر الملاحدة واي زنديق عربيد لا يعرف حق نفسه ولا حق ربه.
    وانقل ما قاله حبر الأمة وترجمان القرآن ابن عباس رضي الله عنهما: - ( كنا إذا قال الرجل: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اشرأبت إليه أعناقنا,وأصغينا إليه بآذاننا، وابتدرته أبصارنا، أما وقد ركب الناس الصعب والذلول, فلم نأخذ من الحديث إلا ما نعرف)
    وكان الإمام الشافعي -رحمه الله وطيب ثراه - يقول: -(لولا أهل المحابر لخطبت الزنادقة على المنابر) يشير إلى فضل أهل الحديث
    وإضاف ناقلة بأن أهل الجرح والتعديل والعلل كانوا بمثابة الحصن الحصين للتعرف على الرواة والحفاظ على المرويات حتى أنه قيل ليحيى القطان ألا تخاف أن يكون من تتكلم فيهم – أي بالجرح – خصمائك أمام الله ، فقال: -(لأن يكون هؤلاء خصمائي أحب إلى من أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم خصمي ويقول لي لما لم تذب الكذب عن سنتي.)
    قال الخطيب البغدادي :- ( ليس أحد من أهل الحديث يحابي في الحديث أباه ، ولا أخاه ، ولا ولده . وهذا علي بن عبد الله المديني ، وهو إمام الحديث في عصره ، لا يروى عنه حرف في تقوية أبيه بل يروى عنه ضد ذلك).
    وقال الذهبي: -(الكلام في الرواة يحتاج إلى ورع تام ، وبراءة من الهوى والميل ، وخبرة كاملة بالحديث وعلله ورجاله.)
    وقال الشيخ المعلمي اليماني: -(أئمة الحديث عارفون متيقظون يتحرزون من الخطأ جهدهم ، لكنهم متفاوتون في ذلك)
    وقال أبو حاتم الرازي:-(لم يكن في أمة من الأمم منذ خلق الله آدم أمناء يحفظون آثار الرسل إلا في هذه الأمة) فقال له رجل : يا أبا حاتم ربما رووا حديثا لا أصل له ولا يصح ؟ فقال:-(علماؤهم يعرفون الصحيح من السقيم ، فروايتهم ذلك للمعرفة ليتبين لمن بعدهم أنهم ميزوا الآثار وحفظوها ، ثم قال أبوحاتم رحم الله أبا زرعة ، كان والله مجتهدا في حفظ آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم)
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وعلم الإسناد والرواية مما خص الله به أمة محمد صلى الله عليه وسلم وجعله سلماً إلى الدراية، فأهل الكتاب لا إسناد لهم يأثرون به المنقولات، وهكذا المبتدعون من هذه الأئمة أهل الضلالات، وإنما الإسناد لمن أعظم الله عليه المنّة أهل الإسلام والسنة يفرقون به بين الصحيح والسقيم والمعوج والمقيم. وغيرهم من أهل البدع والكفار، إنما عندهم نقولات يأثرونها بغير إسناد وعليها من دينهم الاعتماد، وهم لا يعرفون فيها الحق من الباطل ولا الحالي من العاطل. وأما هذه الأمة المرحومة وأصحاب هذه الأمة المعصومة فإن أهل العلم منهم والدين هم من أمرهم على يقين، فظهر لهم الصدق من المين كما يظهر الصبح لذي عينين (مجموع الفتاوى: 1/9)
    عن محمد بن حاتم بن المظفر قال: إن الله أكرم هذه الأمة وشرفها بالإسناد وليس لأحد من الأمم قديمها وحديثها إسناد موصول، إنما هي صحف في أيديهم وقد خلطوا بكتبهم أخبارهم فليس عندهم تمييز ما نزل من التوراة والإنجيل وبين ما ألحقوه بكتبهم من الأخبار التي اتخذوها عن غير الثقات
    وقال الحافظ ابن حزم: نقل الثقة عن الثقة حتى يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم شيء خص به المسلمون دون جميع الملل والنحل، أما مع الإرسال والإعضال فيوجد في اليهود لكن لا يقربون به من موسى قربنا من نبينا، بل يقفون حيث يكون بينهم وبينه أكثر من ثلاثين نفسا، وإنما يبلغون إلى نوح وشمعون، وأما النصارى فليس عندهم من صفة هذا النقل إلا تحريم الطلاق، وهذه الأمة الشريفة زادها الله شرفا بنبيها إنما تنقل الحديث عن الثقة المعروف في زمانه بالصدق والأمانة عن مثله حتى تتناهى أخبارهم ثم يبحثون أشد البحث حتى يعرفوا الأحفظ فالأحفظ والأطول فالأطول مجالسة لمن فوقه، فمن كان أقصر مجالسة، ثم يكتبون الحديث من عشرين وجها وأكثر حتى يهذبوه من الغلط والزلل ويضبطوا حروفه ويعدوه عدا
    وقد قال صلى الله عليه وسلم :- ( نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا حَدِيثًا فَحَفِظَهُ حَتَّى يُبَلِّغَهُ فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيْسَ بِفَقِيهٍ ) رواه أبو داود 3660
    قال الرامهرمزي ت 360هـ رحمه الله : " ففرَّق النبي صلى الله عليه وسلم بين ناقل السنة وواعيها ، ودل على فضل الواعي بقوله : ( فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ، ورب حامل فقه غير فقيه ) وبوجوب الفضل لأحدهما يثبت الفضل للآخر ، مثال ذلك أن تمثل بين مالك بن أنس وعبيد الله العمري ، وبين الشافعي وعبد الرحمن بن مهدي ، وبين أبي ثور وابن أبي شيبة ، فإن الحق يقودك إلى أن تقضي لكل واحد منهم بالفضل ، وهذا طريق الإنصاف لمن سلكه ، وعلم الحق لمن أمه ولم يتعده " انتهى . "المحدث الفاصل 1/169-170
    وأما من جمع بين الحسنيين ، فوعى مقالة النبي صلى الله عليه وسلم ، وحفظ ما جاء به من العلم ، وتفقه في معانيه ، فانتفع به في نفسه ، ونفع به الناس ، فهؤلاء خير أصناف الناس قاطبة




    الإلزام الخامس :- حجية خبر الآحاد
    تتابع أئمة الهدى وسلف الأمة الصالح من الصحابة رضي الله عنهم فمن بعدهم على الاحتجاج بالسنة وتوقيرها والرجوع إليها في كل صغيرٍ وكبيرٍ والحذر من مخالفتها أو تركها ، أو التقدم عليها ، من غير تفريق بين متواترها وآحادها
    فمن أدلة القرآن على حجية خبر الآحاد: قوله تعالى :{فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون } ( التوبة 122( فقد حث الله عز وجل المؤمنين - في هذه الآية على أن تنفر من كل فرقة طائفة تقوم بمهمة التفقه والبلاغ ، ولفظ الطائفة يتناول الواحد فما فوقه ، مما يدل على قيام الحجة بخبرها .
    ومنها قوله سبحانه : { يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا } (الحجرات 6) ، فهذه الآية دلت على أن الخبر إذا جاءنا عن الثقة العدل فإن الحجة تقوم بخبره ، ولا يلزمنا التثبت فيه ، وأما الفاسق فهو الذي يجب أن لا نقبل خبره إلا بعد التثبت والتبين .
    ومنها قوله سبحانه : {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون } (النحل 43) فأمر من لم يعلم أن يسأل أهل الذكر وهم أولو الكتاب والعلم ، وهو يشمل سؤال الواحد والمتعدد ، ولولا أن أخبارهم تقوم بها الحجة لما كان لسؤالهم فائدة .
    وقوله سبحانه : {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته } (المائدة67) ، فأمر - صلى الله عليه وسلم – بتبليغ الدين للناس كافة وقام بذلك خير قيام ، ولو كان خبر الواحد لا تقوم به الحجة لتعذر وصول الشريعة إلى كافة الناس ولما حصل البلاغ ، ومعلوم أن التبليغ باق إلى يوم القيامة والحجة قائمة على العباد .
    كما حكى الله عن بعض أنبيائه ورسله السابقين ما يدل على قبولهم لخبر الواحد ، والعمل بمضمونه ، فموسى عليه السلام قبل خبر الرجل الذي جاء من أقصا المدينة يسعى قائلاً له إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك ، فجزم بخبره وخرج هارباً ، وقبل خبر بنت صاحب مدين لما قالت له : {إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا } ( القصص 25) ، وقبل خبر أبيها في دعواه أنهما ابنتاه ، فتزوج إحداهما بناء على خبره .
    وقبل يوسف عليه السلام خبر الرسول الذي جاءه من عند الملك وقال له : {ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن } (يوسف50) ، وثبت في صحيح مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال : ( ولو لبثت في السجن ما لبث يوسف لأجبت الداعي )
    وأما أدلة السنة فأكثر من أن تحصر ومنها حديث أنس ابن مالك رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال : ( نضَّر الله عبداً سمع مقالتي فوعاها ثم بلغها عني ، فرب حامل فقه غير فقيه ، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه .) رواه ابن ماجه وغيره ، وفيه ندب - صلى الله عليه وسلم- إلى استماع مقالته وحفظها وأدائها حتى ولو كان المؤدي واحداً ، مما يدل على قيام الحجة بخبره ، فلو كان خبر الواحد لا يفيد العلم لم يكن لهذا الندب فائدة تذكر .
    وحديث مالك بن الحويرث حين وفد مع بعض قومه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وفيه قال : ( إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم ، وليؤمكم أكبركم ) متفق عليه ، وحديث ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : ( لا يمنعن أحدكم أذان بلال من سحوره ، فإنه يؤذن بليل ، ليرجع قائمكم ويوقظ نائمكم ) رواه البخاري وغيره وفي رواية لابن عمر : ( إن بلالاً يؤذن بليل ، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم ) متفق عليه ، ففي هذه الأحاديث الأمر بتصديق المؤذن ، والعمل بخبره في دخول وقت الصلاة ، والإفطار والإمساك مع أنه واحد ، ولم يزل المسلمون في كل زمان ومكان يقلدون المؤذنين ، ويعملون بأذانهم في هذه العبادات ، وهو من أوضح الأدلة على وجوب العمل بخبر الواحد .
    واشتهر بعثه - صلى الله عليه وسلم - الآحاد من صحابته ، واعتماده على أخبارهم وعمله بموجبها ، ففي الصحيحين عن أبي هريرة و زيد بن خالد في قصة العسيف ، وفيه قال - صلى الله عليه وسلم- : ( واغد يا أنيس - لرجل من أسلم إلى امرأة هذا ، فإن اعترفت فارجمها ) ، فاعترفت فرجمها ، فاعتمد - صلى الله عليه وسلم- خبره في اعترافها ، مع ما فيه من إقامة حد ، وقتل نفس مسلمة ، وفي يوم الأحزاب اكتفى النبي - صلى الله عليه وسلم – بخبر الزبير وهو واحد حين قال : ( من يأتيني بخبر القوم؟ .)
    وتواتر عنه - صلى الله عليه وسلم- أنه كان يبعث الآحاد إلى الجهات القريبة والبعيدة ويحملهم أمور الدعوة والتبليغ وتعليم الناس أحكام الإسلام وشرائعه ، والنيابة عنه في الفتوى والقضاء والفصل في الخصومات ، فمن ذلك ما رواه الشافعي بإسناد صحيح عنعمرو بن سليم الزرقي عن أمه قالت : " بينما نحن بمنى إذا علي بن أبي طالب على جمل يقول : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول : " إن هذه أيام طعام وشراب فلا يصومن أحد " ، وحديث يزيد بن شيبان قال : كنا في موقف لنا بعرفة ، بعيداً عن موقف الإمام ، فأتاناابن مربع الأنصاري قال : " أنا رسول رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إليكم يأمركم أن تقفوا على مشاعركم ، فإنكم على إرث من إرث أبيكم إبراهيم " رواه الترمذي وغيره ، وقال لأهل نجران – كما في الصحيحين : ( لأبعثن إليكم رجلاً أميناً حق أمين ) ، فبعث أبا عبيدة رضي الله عنه ، وبعث - صلى الله عليه وسلم- أبا بكر سنة تسع على الحج ، فأقام للناس مناسكهم نيابة عنه - صلى الله عليه وسلم- ، وبعث علياً تلك السنة فنبذ إلى قوم عهودهم ، وبلغ عنه أول سورة براءة ، وبعث قيس بن عاصم ، و الزبرقان بن بدر ، و مالك بن نويرة إلى عشائرهم ، لتعليمهم الأحكام ، وقبض الزكاة ، وبعث معاذاً و أبا موسى وعماراً وغيرهم إلى جهات متفرقة باليمن .
    واشتهر أيضاً بعثه الأمراء في السرايا والبعوث ، وأمره بطاعتهم فيما يخبرون عنه ، وكذلك كتبه التي بعثها إلى الملوك في زمانه ، كان يتولى كتابتها واحد ، ويحملها شخص واحد غالباً ، كما بعث دحية الكلبي بكتابه إلى هرقل عظيم الروم ، و عبدالله بن حذافة إلى كسرى.
    ومثلها كتبه التي كان يبعثها إلى ولاته وعماله بأوامره وتعليماته ، يكتبها واحد ، ويحملها واحد ، ولو لا أن أخبارهم تقوم بها الحجة لكان بعثهم عبثاً ، ولحصل التوقف من المدعوين ، ولم ينقل أن أحداً منهم قال لمن علمه شيئاً من الدين ، أو طلب منه جزية ، أو زكاة أو نحوها : إن خبرك لا يفيد العلم ، فأنا أتوقف حتى يتواتر الخبر بما ذكرت .
    وأجمع الصحابة رضي الله عنهم على قبول خبر الواحد والاحتجاج به ، ولم ينقل أن أحداً منهم قال : " إن هذا خبر واحد يمكن عليه الخطأ فلا تقوم به الحجة حتى يتواتر ، ولو قال أحد منهم ذلك لنقل إلينا ، وقد نقلت عنهم في هذا الباب آثار لا تحصى منها :
    ما رواه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال : " بينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آت فقال : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قد أنزل عليه الليلة قرآن ، وقد أُمِر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها ، وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة " ، ولولا حصول العلم لهم بخبر الواحد ، لما تركوا المعلوم المقطوع به عندهم لخبر لا يفيد العلم ولا تقوم به الحجة .
    وحديث أنس رضي الله عنه في الصحيحين قال : " كنت أسقي أبا طلحة و أبا عبيدة ، و أبي بن كعب شراباً من فضيخ ، فجاءهم آت ، فقال : إن الخمر قد حرمت ، فقال أبو طلحة : قم ياأنس إلى هذه الجرار فاكسرها " ، حيث قطعوا بتحريم الخمر ، وأقدموا على إتلاف ما بأيديهم من مال تصديقاً لذلك المخبر ، ولم يقولوا : نبقى على حلها حتى يتواتر الخبر ، أو نلقى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، مع قربهم منه ، ولم ينقل أنه أنكر عليهم عدم التثبت .
    وكذلك قضاء عمر رضي الله عنه في الجنين حين قال لأصحابه : " أَذْكَرَ الله امرأً سمع من النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجنين شيئاً ، فقام حمل بن مالك فقال : " كنت بين جارتين لي ، فضربت إحداهما الأخرى بمسطح ، فألقت جنيناً ميتاً ، فقضى فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم – بغرة ، فقال عمر :" لو لم نسمع به لقضينا بغيره " ورجوعه بالناس حين خرج إلى الشام فبلغه أن الوباء قد وقع بها ، لما أخبره عبد الرحمن بن عوف أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: ( إذا سمعتم به ببلدة فلا تقدموا عليه ) متفق عليه ، وقبل خبرعبد الرحمن أيضاً في أخذ الجزية من مجوس هجر ، بعد أن قال : ما أدري كيف أصنع في أمرهم ، وغيرها كثير .
    ولم يزل سبيل السلف الصالح ومن بعدهم قبول خبر الواحد الثقة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - والاحتجاج به ، حتى جاء المتكلمون فخالفوا ذلك ، قال الإمام الشافعي رحمه الله ( الرسالة 1/451) : " وفي تثبيت خبر الواحد أحاديث يكفي بعض هذا منها ، ولم يزل سبيل سلفنا والقرون بعدهم إلى من شاهدنا هذا السبيل ، وكذلك حكي لنا عمن حكي لنا عنه من أهل العلم بالبلدان ......ومحدِّثي الناس وأعلامهم بالأمصار كلهم يحفظ عنه تثبيت خبر الواحد عن رسول الله ، والانتهاء إليه ، والإفتاء به ، ويقبله كل واحد منهم عن من فوقه ، ويقبله عنه من تحته ، ولو جاز لأحدٍ من الناس أن يقول في علم الخاصة : أجمع المسلمون قديماً وحديثاً على تثبيت خبر الواحد والانتهاء إليه - بأنه لم يعلم من فقهاء المسلمين أحد إلا وقد ثبته جاز لي " أهـ .
    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية فيما نقله ابن القيم مختصر الصواعق 2/372: " وأما القسم الثاني من الأخبار فهو ما لا يرويه إلا الواحد العدل ونحوه ، ولم يتواتر لفظه ولا معناه ، لكن تلقته الأمة بالقبول عملا به �
    التعديل الأخير تم بواسطة الشهاب الثاقب. ; 05-12-2014 الساعة 09:40 PM

عشرون إلزاما لمنكري السنة النبوية

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 2 (0 من الأعضاء و 2 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. كتابة السنة النبوية في عهد النبي والصحابة وأثرها في حفظ السنة النبوية
    بواسطة فداء الرسول في المنتدى من السيرة العطرة لخير البرية صلى الله عليه وسلم
    مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 22-07-2013, 12:55 AM
  2. أهمية النية في السنة النبوية
    بواسطة فداء الرسول في المنتدى من السيرة العطرة لخير البرية صلى الله عليه وسلم
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-10-2012, 12:16 PM
  3. *(*) منابع السنة النبوية ...هاااااااام جدا جدا (*)*
    بواسطة نضال 3 في المنتدى من السيرة العطرة لخير البرية صلى الله عليه وسلم
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 16-02-2010, 09:56 PM
  4. إصلاح ذات البين في السنة النبوية
    بواسطة الحاجه في المنتدى من السيرة العطرة لخير البرية صلى الله عليه وسلم
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 06-11-2009, 02:00 AM
  5. صحيح السنة النبوية
    بواسطة قابضة على الجمر في المنتدى منتدى الكتب
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 15-05-2008, 09:56 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

عشرون إلزاما لمنكري السنة النبوية

عشرون إلزاما لمنكري السنة النبوية