أعزائي القرآء لقد آن الأوان لمعرفة الحقيقة ………. كل الحقيقة، وسأبدئها أولاً بقصة عيسى ابن مريم مع كل من الادمي الضال ومع الخيال …. قصة يشغلها حوار مع تمثال للسيد المسيح …. وفيها موت كان قد شيع ضلال وكفر الكتابي الضال. .. فكان على الرغم من عمرها الطويل بأن إنتهت بجلسة حلم لحقيقة هزلية مزيفة …. لحقها واقع لحلم جديد صحبه إنبعاث للحياة والنعيم ………. فكانت نهاية لموت وفراق شهدته إحدى مقاعد الكنيسة الخشبية.
*******
لقد كنت يوماً مفقوداً وضالاً أبحث عن جثتي لألبسها وعن عقيدتي لأتجمل بها .. بحث كنت فيه لا أعثر لنفسي على جثة… فلقد كنت ميت أنا منذ أمد طويل، حقيقة كنت قد أدركتها ولذلك فأكتفيت بصحبة خيالي وما تبقى لدي من ضمير.
هناك في الكنيسة جلست …… على أحد المقاعد الخلفية.
كانت لحظة إنتعاش وفرحة حين رأيت خيالي يدنو مني ويجلس على مقربة مني … ولكنني حزنت لأن أثري وتابعي كان لا يزال يرتدي ثوب للغريزة رهين، فتبادلنا نظرات عتاب وحزن .. حملت عنوان شوق وعتاب يُجيده الضمير ارتعش معها الخيال وأنفجرت ثوب غريزته بالبكاء طلباً للتغيير، فأخذت خيالي بحضني وإنذمجنا بوحدة أضحت واقع خيال وضمير وعندها شعرت بأنني لم أعد مشغولاً بالبحث عن نفسي فأنا منذ اليوم موجود في عالمي على الرغم من أني لا زلت مجهول وغريب …..
فاجئني عندها جموع الكنيسة فسمعتهم يرددون بهتاف واحد ويقولون هو ابن الله القائم من الموت .. هو الرب يسوع، ورأيتهم يصلون أمام ثمثالين أحدهما بدى وكأنه لقديس ملتحي مصلوب، والآخر لسيدة أم تحمل طفل رضيع ويحجب شعرها عن الناظر غطاء أو منديل طويل .. فتسائلت مُعترِضاً: ترببون الأصنام وتؤلهون الإنسيين …
فتردد صدى صوتي كمن يبحث في أعماق بئر عميق وتباعد سؤالي وتعالى كالرنين، وعندها ارتفعت صيحاتهم بالتوعيد والتهديد، فصرخوا: إنه الأزل .. هو الحق والحياة والطريق ….. فعجبت لقولهم هذا فالأزل لا يموت .. وهل مع موت الإنسان يبقى لليوم حياة أم بموت اليوم أصبح الحي يموت..؟
فسرحت في خيال حلم لا لأبحث عن حقيقة بل لأصنع منه جواب سديد … ولكن مهلاً فأي طريق والتي أصبحت بلا طريق وأي حياة وأي موت وماذا يقولون ..؟ ومن هو هذا الحق والحياة والطريق .. فقالوا هو ابن الله والرب يسوع … قلت بل أسمه عيسى ابن مريم الناصري يا مضللين، فأنا الآدمي كنت الإنسان مع جسدي كائن قبل ميلاد المسيح وكنت أنا الإنسان منذ قبل أيام آدم كائن كما وسبقت ميلاد نوح، فكائن كنت أنا قبل أن يكون ابن آدم أو يكون يسوع كائن قبل إبراهيم …. أنا الإنسان بمجمل هويته الإنسية، وهو على الرغم منهم باق إلى الأبد وحده إنسان عيسى المسيح.
فيا أيُها الضالون، لم تندبون لوفاته وهو كان قد توفى عمله ولم يموت .. فهو لم يحملكم إلى نهاية الطريق بل كان قد أعدّكم لطريق جديد ولم يبقى له حياة حينها على الأرض للذكر والتذكير ومع ذلك فهو مازال حياً في بطن السماء في مكان بعيد ينتظر حتى تأذن السماء بحضوره من جديد.
قالوا لي : من أنت، قلت مجهول لازلت أبحث عن صوت للحياة من جديد .. قالوا : هل أنت من أهل المتوفى … قلت: آدمي مع ابن مريم يجمعنا مفهوم أخوة مُسلمين ولكني كُنت قد حدت عن الطريق المستقيم.
قالوا: هل أنت أحد المسحاء ..؟ قلت: أبداً . ..هل أنت هنا للغفران ..؟ قلت: كلا …قالوا: للتعميد …؟ قلت: بل للتجديد، وتجديد للعهد من أجل التوحيد، رجاء ونداء ورحمة للطالبين التائبين وها أنا اليوم أبحث عن حقيقتي بعد أن بقيتم أنتم على حالكم منذ أمد بعيد وغير معنيين بالتغيير …. قالوا: إذهب إذن فلك خطاياك ولم تعد لك الحاجة لغفران جديد فبالإيمان بعقيدة بولس وفكره وحده تُصح ابن جديد.
فصرخ حينها ضميري موقظاً خيالي: أي غفران ..؟ ولقد كنت ابن لإبراهيم … كان خليل الله وأب رحيم فأنا مؤمن بنعمة الإسلام الحنيف وليس من ابناء الله المشركين كما تزعمون، فلو كان عند الله ولد لكُنت أول المؤمنين العابدين … لقد أوقعتم الكثيرين بشرككم ووعودكم بمسح الخطايا، فجنيتم على الكثيرين وولدتم القتلة والمعتديين، وتبنيتم نهج التفنن في ظلم الضعفاء والمحرومين … وكُنتم قد قتلتم البريئين وزنيتم بالملايين وكذبتم على الله وعلى الآدميين ورابيتم ورشيتم وإستعمرتم المسلمين وبقية عباد الله الآدميين، فتساءل الملأ عن حقيقة نسبكم ككفار هو أصل ومرجع لمين .. نعم قالها ابن مريم فيكم .. ابناء شيطان رجيم …
وعندها قاطعني قسيسهم قائلاً: كُنت أود بأن أكون قادر على التوضيح ولكن تعاليمي مبنية على الإيمان المُطلق والأعمى ومن غير سؤال في الصميم، وما عليك اليوم إلا بالتغيير والولادة من جديد وذلك لتصبح من انصار الممتلئين بالروح ..
فصمتُ خجلاً لتقصيري وقلة حيلتي فما زلت ابحث عن معين. … فتسائلت: ولكن أين من كفرهم أبناء إبراهيم المسلمين …
فقالوا: هل تود الإعتراف،
قلت: لا بل أود الصلاة …..
قالوا: ولمن بالتحديد.. ؟
قلت: لرب العالمين، رب موسى وعيسى ومحمد وإبراهيم…..فهو معنا دوماً ولكن نحن نهمل ونُنكر وجوده ونتصرف بوحدانية المجانين، أنتم تعرفونه يا أيُها القسيس ومع ذلك عملتم على تغيبه عن أنفسكم وعن المحتاجين والحاضرين والغائبين، وعندها قال خيالي بصوت خجول: وأنا كُنت قد عميت وطرشت عن وجوده فأضعته ولم أعثر عليه منذ أن أعتنقت علمانية وكفر وضلال الدنيويين البائسين وتأثرت بأتباع مجمع نيقية وأصحاب التثليث والتأليه …………………. فلقد أضعت حالي وأضعت الوجود كما أضعت أنت حسن التفكير وتبنيت شرك وضلال وتضليل، فلقد أضعناه معاً فهو ذات وكُل وظاهر وباطن وأول وآخر ورب ونور للعالمين وهو في السماء رب وعلى أرضنا بقدرته رب معنا يقيم .. ألم تفهم بعد يا رجل الدين.
فردد قسيسهم أعمى الفؤاد والبصيرة والعينين …….. حائراً وقال مخاطباً خيالي: لاأفهم .. فأجبت عنه وقلت: إنشاءالله يأتيك الهُدى وتبدأ بالتخلى عن عصبة الآذان والعينين وأنتهي أنا عن البحث عن طريق الدين، وعندها مضى يمشي بخطى متثاقلة وبحيرة واضحة وكأن همه أصبح في البحث عن التغيير.
فتردد صدى همس الأمس قائلاً .. “إنه فعل شيطان مريد” … لقد غفلنا فجهلنا فأصبحنا كالأحياء الميتين، وعجزنا عن الإمتلاء بتعاليم ووصايا وقرآن قد أوحى به روح القدس جبريل الأمين ..؟ أبحث عن نفسي وعن روحي والتي هي مُلك له وحده مُلك لرب العزة والكمال الحي المالك لطريق الصراط المستقيم والمفتوح لكل عابر سبيل وفيه رخصة عابر لكل تقاطع للطريق،….. حدثت وجداني وهرولت لاحقاً خلف خفقات قلبي لأعدها وأجمعها وأجبرها على الكتمان ولكنها بقيت تحكي قصتي، ففضحت مشاعري وعرّفت بموت كُفري وحاجتي لمُعين .. قلبي يطلب التغيير نعم وبدقات صاخبة كصراخ المظلومين المساجين .. أصبح معها قلبي يناديني ويحدثني بكلام غير مفهوم .. كلام الدقات والنبض اللاإرادي الرزين .. .. وها عقلي بدأ يُصغي بل ينبض مع القلب في أنين ….. اليوم بدء الدم يجري في عروقي، حار ومحموم وثمين .. أبحث عن عقيدتي، صرخات صرخ بها قلبي صداها ردد في أعماق صدري وفي داخل أعماق الوجدان الأليم، وعندها ضممت يداي إلى صدري حتى لا أسمع نداء قلبي الموجوع ونظرت بعيناي خجلاً وهرباً إلى البعيد ….
فسبحت نظراتي في أرجاء الكنيسة فرأيت الجمع يغني وشممت بخور وسمعت كلام غير مفهوم وطقوس غريبة بدت وفيها قشعريرة وشعائر ووسواس وترانيم .. وفجأة تجمدت عيناي أمام تمثال الرجل المصلوب، فحدقت به للحظة، وعندها بدى لي وكأنه يحدق بخيالي ومن خلالي …. وبالبعيد، وتمعنت بتمثال الصدّيقة التي تحرسه، فالجميلة العذراء … يتساقط من إحدى عينيها قطر من الدم ومن الآخرى تجري الدموع، فأنتابني ألم بردت له عروق فؤادي، فبلل معه الدمع وجنتاي وذبّل عينتي فشعرت حينها بنعس شديد ….
وسرحت بحلم في يقظة من نسيج ضميري وخيالي، ……………. … … وللغرابة شعرت وكأن ضميري أصبح كأثير ضبابي يسبح ويسرح من خلالي وأصبح يتفحص إيمان قلبي وكأني أصبحت خال من العمق وذو شفافية متناهية وعاجز عن التستير، فبدى وكأنه يصغي إلى دقات قلبي وهمسات تفكيري ويتحرى على ماذا يدور في خُلدي وماذا يقول قلبي عني يا ترى وعن قريب، فوقفت كالذليل أمام إمتحان التقصير وكنت لا أملك القدرة على التحكم بإرادية القلب الصادق ولا على فُجور وصوت المشركين، لكنني علمت حينها بأنه لا يُريد إمتحاني ليُصغي فلقد سمع منهم الكثير بل أراد ليخاطب قلبي ووجداني .. وخيالي ويحاسبه معهم على سوء التدبير، فلم تمنعه حدود جسدي وملابسي من أن يخترق كيان وحدتي ودخول أعماقي فتعريت أمامه مشاعري .. ففضح كياني وفضح قلبي العليل …
وفجأة تفجر صمت تمثال المسيح المصلوب هامساً وبأعلى صوته المكتوم “كنت ضائع أنت وخيالك ضال، وأنا …. أنا لا زلت معهم مظلوم”.
فركضت في مكاني على عجل باحثاً عن حقيقة الهمس والصوت الغير مسموع .. وعندها التقت عيناي بعيناي السيد المصلوب، ولأول مرة وبصمت تبادلنا نظرات العتاب …. وبدى همسه كصرخة بددت ألم وحزن دفين .. “نكروني وسلموني ولم يؤمنوا برب العالمين فالويل لكل المُشركين” .. وعندها سكت صمته، فأرتجفت خصائلي وأرتعش كياني فَصَمتُ معه صمت الأموات وبدون أنفاس اليقين، صدمة حبست أنفاسي ومنعنتني من أن أوجه له سؤال وكأنه كان بإنتظاره منذ حين. … فأتحد كل من قلبي وعقلي لإدانة تقصيري وبقيت تائهاً أبحث عن عقيدتي وبإصرار عن طريق النور.
ولكن بدأ الهمس يعلوا مجيباً ومن جديد .. “أُرسلت بعقيدة للتوحيد ولكنهم استبدلوها بشرك بغيض فأصبحت رهن مسيحيتهم، فمسّحت بمفهومها الملايين … أضاعوا إنسانية عقيدتي في بدعة لطخوها من أجل الخلاص بدم المسيح، دافعوا عن الخطيئة وحاولوا الحصول على النعمة والغفران فلجأوا إلى قتل الناس بدون إثم وضمير وهدروا الدم البريء فصار الكتابي منهم إذا تأهل للغفران بحث عن الخراب والتدمير، وسفك الدماء وإستعمر الفقراء وإستعبد المساكين، وهكذا أضاعوا مباديء عقيدة التوحيد فأصبح نصفهم من المغضوب عليهم ونصفهم الآخر من الضالين، ميزتين للكفر جلبت بلاء ووباء على العالمين كُل هذا صنعوه بـ إسم رب من صنيعهم .. الرب يسوع المسيح.
….” لست أنا سوى برسول حضر بطريق، وكان طريقي ينقصه الرصف والتعبيد، لقد كانت الطريق من خلالي تصب وتنتهي في بداية لطريق عريض، طريق حديث ومُستقيم ويتسع للجميع، لقد وصلت ببني إسرائيل إلى منعطف مسدود حيث منعوني من أن أوصلهم إلى شاطيء الأمان ونهاية الطريق”،
وبصمت يملئه عزم ملحوظ .. قال” إعتنقوا الإسلام ديناً للعالمين، تخلى عن ذاتك القديمة الضعيفة وإنهض وإستبِق زمان الأيام والسنين وأسلك طريق الصراط المستقيم …. فكل من يمشي عليه يكون من الفائزين وإن كان أوله يبدوا شاق وأليم ألا أن طريق الصادق الأمين خلابة وليس لها نهاية إلا في نُزُل خير الرازقين”،
فصرخ خيالي قائلاً: تقول طريق ونزل وخير الرازقين … أود لأن أكون مع الفائزين ولكنني بحاجة لمن يُعيدُني من هوة الخجل والعار الذي لحق بي وبكل كتابي حاد عن الطريق منذ ألفي من السنين.
****
فالطريق حتماً ينقل من مكان إلى آخر ولكن حين تعددت الطرق التي سلكوها إستحال افق الطريق القويم، فلقد سلكوا طريق غير الطريق فأنظر أين أدت بهم طريقهم وأي نهاية كانت لطريق .. نهاية أسرتهم رهائن في ظلمة أحضان تخلف قوم لوط وأزقة فلسفة نظام عالمي لا إنساني جديد ؟ وبدى وكأن دوي صدى كلماتي أصبحت تنافس صداها فتهاوت متكسرة في حضن ضلال مريب، وصحوت من غيبتي وغالب علي ندم عظيم، فبكيت وضاق صدري وقلت أسفي على ما مضى من ضلال حالي ..
اليوم ….أبحث عن ذاتٍ وكلمة حق عند أهل الدين.
ورفعت نظري باحثاً عن عيني اليسوع ولكن لم يعد لهما أثر ولا وجود فبقي يسوع التمثال صورة صامتة وبدى فيها مخفظاً للرأس حزين، فعرفت عندها وبقرارة نفسي كما علمت دوماً بأن عيسى ابن مريم ليس أحد المتآمرين على الرب وعلى الدين بل هو أحد المسلمين المنكوبين والمتهمين المظلومين البريئين والمسجونين على خشبة الصليب، ولكني فوجئت بأنه لم يكن قد تخلى عني بعد فسمعته عاد ليخاطبني متمتماً بصوته الصامت قائلاً: “لماذا لا زالوا يؤلهون ويرببون ويصلبون ولم أدعوهم إلا ليعبدوا الواحد الأحد رب العالمين رب محمد وموسى وعيسى وإبراهيم، خجِل أنا لضلالة وجهالة وإشراك وكفر وفسق الكثيرين الكثيرين وأعداد تزيد عن مئات الملايين، يا سائل إنهض وخذ خيالك من هنا قبل أن تُصبح مثلهم في عداد المفقودين المشركين والآناس الدنيويين …. ويبقى خيالك مع الأحياء الميتين والمسحاء الكثيرين المتسولين”…. وتلاشى معها صوت المسيح.
وعندها وجدت البخور يُحلق فوق مقاعد الكنيسة ورأيته مصحوب بنواح وعويل الجموع فصرخ خيالي فيهم قائلاً كما قال الرجل المؤمن في سورة يس،
قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ. اتَّبِعُوا مَن لَّا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ. وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ. أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَـٰنُ بِضُرٍّ لَّا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنقِذُونِ. إِنِّي إِذًا لَّفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ. إِنِّي آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ. قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ۖ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ. بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ.
فأسلم خيالي مثلي لله رب العالمين، فدهشوا وقالوا مسكين لم نتمكن من مسح خطاياه فمات بدون مغفرة المسيح، فبكوا وبكت عليهم الأموات بعد أن رأت الحق وحقيقة الولادة من جديد … إنتظروا إذن إنتهاء عمل الدنيا وحين تأتي معها ساعة التحقيق !!
****
فلقد وجدت ما كُنت أبحث عنه وشعرت بإنفراج في الصدر وضياء في العقل وذكرى لغير المغضوب عليهم ولا الضالين … فكانت بداية نور وهُدى وطريق … وإن كان موت كما يدعون فهو موت كريم وكله نعيم.
ولا زلت وأنا في غبطة وأجمل لحظة صدق وشعور بالفرح عظيم بأن طرق مسمعي وقع أقدام القسيس أبوهم الفقير للدين، فقال: يا بُني.. القيامة من الموت، قلت أبداً … للشرك برب العالمين،
وعندها ردد خيالي … لقد عثرت على نفسي وعلى الطريق وما كان مني مفقود وعقبال عندك فهلّي للتغيير ..
فقلت لنفسي … عقيدة ودين، فقال القسيس: هلالويا .. هلالويا .. قلت: لا بل قل كخيالي .. آمين .
وردِد معي … أشكر رب عيسى الودود فهو الذي هداني من خلال صورة تمثال مصلوب لمسيح مظلوم، ثمثال وصورة معدمة الحياة حكت قصة ظلم قد أطاح بمظلوم .. إلهام وحي الرب الأعلى ربنا رب القسيس ورب اليسوع .. عيسانا نحن وليس مسيحكم ..عيسى المسلمين، فالمسيح لعنكم وقال عنكم أولاد إبليس …. وعندها نهضت لأمضي فاعترضني ثانياً مغمض العينين .. من سوى … قسيس المشركين وقال: مهلاً خذ واقرأ كلام الرب اليسوع، قلت كلام ألّفهُ الإنسيين ويفتقر لشريعة السماء وخالي من الوحي جبريل … نعم فلم لا دعني أقرأه لأتعرف على حقيقة خجل المسيح، كتاب مسؤول عن خطايا وكفر الملايين من الآثمين والضالين … فأخذته وخرجت هارباً وعندها سقطت قدماي في بركة لخليط من قطرات دمع ودم العذراء البتول فهي لا زالت تبكي وتنزف دم على جهل الملايين، فوددت لأن أُخرجها من واقع أليم ولكنها إستدركت افكاري وقالت حسناً فعلت فخروجك بعث في الحياة من جديد، فدبت حياة في عروقي وكياني وكانت فرحة وسعادة عجز معها الوصف والتعبير وكانت بداية لعهد جديد قطعت به عهد مع الله ورسوله الأمين وتعمد خيالي بالقرآن الكريم، وشكرت رب الهُدى ووجدت نفسي وروحي وذاتي في وحدة مع خيالي ووجدت النعيم …. وتيقنت من حقيقة براءة المسيح والأهم فلقد وجدت الطريق ووجدت رب العالمين، وعندها إستيقظت وفيّ نشوة نعيم الخلود ……
فنشد خيالي ..
كتابيّ أندب ضعف الدين والغريزة وأبحث عن ظل عقل وعقيدة، منذ أزل بحثت عن توب للإيمان ليستر عورة شفافية جسدي، فألقوا في كجثة هامدة وخالية من الوجود على قارعة الطريق .. فمكثت في كفن ألبس ثوب العفن بعدما إنعدمت أسباب الحياة فغدر بي الجحود وأصبح جسدي يفتقر لصرير الهواء ونعمة الدعاء … واليوم أصبحت الروح تصرخ من أجل العذراء بعد ما تجدد فيها صراع الآلام لتكون للمزاج حقيقة أصدق من إنعكاس صورة في مرآة …. أخشى من لعنة نفسي .. وأخزى مما استبحت .. من حياة ودم وأحلام.
وفجأة قُطع البث ومعه شريط الحياة، وعندها لم يعد للحقيقة خيال، وتفجرت الأنوار وبقيت الصورة ثابتة …… فإذ بها لوحة من سراب… مرسومة بقطرات من دم ودمع العذراء وتموج في بعض وكأنها خليط ملتوي لظلٍ يطفوا عليه لون السواد … مصحوب بسواد. …… وأنفصل الخيال وبقي مشروع الحياة كما دوماً كان … تُتوِجُهُ الحقيقة لا الوهم والخيال