"رسائل قصيرة" د/راغب السرجاني
1- حتى يغيروا ما بأنفسهم
أحيانًا لا يأخذ اللهُ عز وجل بعضَ الظالمين بسرعة كما يتمنَّى المظلومون؛ لأن المظلومين -وإن كانوا مؤمنين- فإنهم يرتكبون أخطاءً غير مقبولة شرعًا؛ خاصة إن كانوا يُمَثِّلون الإسلام، فلو رفع اللهُ سبحانه الظلمَ؛ فإن الناس يعتقدون أنَّ طريقة المظلومين كانت صائبة، وهي ليست كذلك، فيكون الأمر فتنة لهم، وتعريفًا خاطئًا بالإسلام، وسيبقى المظلومون على مخالفاتهم الشرعية، وهذا يضرُّهم في الدنيا والآخرة.
وحَلُّ المُعضلة يكون بمراجعة المظلومين لأحوالهم على الكتاب والسُّنَّة؛ فإن كانوا على منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإن الظلم الواقع بهم يكون ابتلاءً يحتاج للصبر، وإن كانوا على غير طريقته صلى الله عليه وسلم عَدَّلوا المسار، وعادوا إلى الله، وعندها يُغَيِّر اللهُ الحالَ بكُن فيكون.
وقد ربط اللهُ عز وجل تغييره سبحانه للأحوال بتغيير الناس لأنفسهم، فلو عادوا إليه أنعم عليهم، ولو بَعُدوا عنه سحب منهم النعمة؛ قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد:11].
قال تعالى:{ لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير } (آل عمران:28)
قال تعالى : { لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادّون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون { (المجادلة:22) .
قال تعالى:{ لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين }(الممتحنة:8 ).
المفضلات