الرد على موضوع " رحمة رب الملحدين "


مقدمه :
رحبت شخصيات قيادية في تيارات الإلحاد حول العالم ... بتصريحات بابا الفاتيكان فرانسيس التي نقلتها صحيفة "الإندبندنت" البريطانية و رده على قائمة أسئلة غير المؤمنين بوجود الله .. و التي نشرتها صحيفة « لا ريبابليكا » الإيطالية .... حيث قال البابا : << لقد سألتني إذا كان رب المسيحيين سيعفو عن هؤلاء الذين لم يؤمنوا .. والذين لا يسعون للإيمان ... وأبـدأ بالقول وهذا هو الشيء الأساسي ، إن رحمة الرب لا حدود لها لو لجأت إليه بقلب صادق وتائب ... والقضية بالنسبة لـهؤلاء الذين لا يؤمنون بالله هو طاعة ضمائرهم ....... وأن الله سيعفو عن غير المؤمنين لو أنهم اتبعوا ضمائرهم ....... و بالتالي سـيدخلهم الجنة >> ........
و أضاف بابا الفاتيكان :
إن الرب قد افتدى الجميع من " الخطيئة الأصلية " بدمه المسفوك على الصليب , وليس الكاثوليكيين فحسب .... بل الجميع .... و لذلك فان الملحدين سيحصلون على الخلاص من خلال المسيح .... و أن الخطيئـة بالنسبة لهؤلاء الذين لا يؤمنون ..... تتواجد عندما يخالفون ضمائرهم فقط .....
و قد علقت صحيفة «الإندبندنت» عن روبرت ميكينز، مراسل صحيفة "ذا تابلت" الكاثوليكية في الفاتيكان على تصريحات بابا الفاتيكان ......... بأنها تمثل دليلا آخراً على محاولاته لتغيير الصورة الرجعية للكنيسة الكاثوليكية التي عززها سلفه الذي كان محافظا للغاية ( أي البابا بنديكتوس السادس عشر ) ... و أنه يسعى إلى أن يكون هناك حواراً أكثر وضوحًا مع العالم ..

كان هذا ما تناقلته الصحف الغربية ....
ولكن انطلاقا منا من حسن الظن بالآخر ..... فربما كـانت كـلمات البابا هي دعوة غير مباشرة للملحدين لعدم مخالفة ضمائرهم ..... و الله اعلم ..

و من ناحية أخرى عبر العديد من الملحدين عن
لطف تصريحات بابا الكاثوليك التـاريخية و التي تضمنت " أن الرب قد افتدى الملحدين " وعلى انفتاحها أيضاً على الاختلافات العقائدية في العالم .... هذا مع تأكيدهم على عدم احتياجهم للرب في حياتهم خاصة أن تلك التصريحات صادرة من قائد الكنيسة الكاثوليكية .... بحسب ما ذكر موقع سي ان ان بالعربية ....


هذا وتستشهد المواقع الإلحادية بالفائدة التي حصلت عليها البشرية من " البرت اينشتاين " ... بالرغم من كونه ملحدا ( كما أفادت ) ... في الوقت الذي لم يقدم فيه بعض المؤمنين بالله للبشرية إلا الحديث على من سيدخل الجنة و من سيدخل النار ....
of Form

و لكن هناك أسئلة تطرح نفسها على ما ورد :

1.
ما هو معنى و مفهوم " الخطيئة الأصلية " التي تحدث عنها البابا حسب المنظور المسيحي و الإسلامي ؟؟؟؟؟
2. ما هو مفهوم " دم الرب " المسفوك على الصليب للفداء و الخلاص حسب المنظور المسيحي و الإسلامي ؟؟؟
3.
هل تتوافق تصريحات بابا الكاثوليك المذكورة مع معتقد طائفة الأرثوذوكس ؟؟؟؟؟
4.
هل إتباع كل إنسان ما يمليه عليه ضميره فقط يكفى لسعادة و صلاح البشر ؟؟؟؟؟
5.
ما هو مفهوم الرحمة في الإسلام ... و هل هي خاصة بالبشر فقط ؟؟؟؟
6.
هل باب التوبة في الإسلام مفتوح لأي فرد و في أي وقت مهما كانت ذنوبه ... و هل لرحمة الله حدود ؟؟؟؟
7.
ما قدمه اينشتاين للبشرية و ما يقدمه بعض المؤمنين بالله بالحديث على من سيدخل الجنة و من سيدخل النار .....
8.
إذا كان الملحدون لا يعترفون بوجود الله أصلا .. فما الذي دعاهم إلى الترحيب بان رحمة الله ستشملهم أيضاً !!!!!!


الرد على الأسئلة التي طرحت نفسها

الرد على السؤال رقم 1 ما هو معنى و مفهوم " الخطيئة الأصلية " التي تحدث عنها البابا حسب المنظور المسيحي و الإسلامي

أولا : " الخطيئة الأصلية " حسب المنظور المسيحي ....
1-
عصى آدم الله وأكل من شجرة " معرفة الخير من الشر " في الجنة .. والتي نهاه الله عن الأكل منها .. و ذلك بعد إغواء حواء له على الأكل ..." وَأَوْصَى الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ قَائِلاً : مِنْ جَمِيعِ شَجَرِ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ أَكْلاً ، وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا ، لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتًا تَمُوتُ " التكوين 2/16- 17 ..... " فَرَأَتِ الْمَرْأَةُ أَنَّ الشَّجَرَةَ جَيِّدَةٌ لِلأَكْلِ ، وَأَنَّهَا بَهِجَةٌ لِلْعُيُونِ ، وَأَنَّ الشَّجَرَةَ شَهِيَّةٌ لِلنَّظَرِ ... فَأَخَذَتْ مِنْ ثَمَرِهَا وَأَكَلَتْ ، وَأَعْطَتْ رَجُلَهَا أَيْضًا مَعَهَا فَأَكَلَ " . سفر التكوين 3/6

2-
بعد أن عصى آدم وصية الإله .. فسدت طبيعته الصافية المخلوق عليها .. وتوارث كل البشر من أبنائه هذه الطبيعة الفاسدة المستجدة المترتبة على خطيئة أبيهم آدم المذكورة ( المسماة بالخطيئة الأصلية ) .. والتي عاقبتها الموت ... ولذلك فهم يؤمنون بأن كل مولود لآدم يولد محملاً بهذه الطبيعة الفاسدة و الخاطئة ( و التي تستوجب عقاب الموت ) حتى قيام الساعة .. " كأنما بإنسان واحد ( أي آدم ) دخلت الخطية إلى العالم ، وبالخطية الموت ... وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس ... إذ أخطأ الجميع " روميه 5 / 12

3-
وأخرج الرب الإله الإنسان من الجنة كما ورد فيسفر التكوين 3 / 23 " فَأَخْرَجَهُ ( أي الإنسان – آدم و حواء ) الرَّبُّ الإِلهُ مِنْ جَنَّةِ عَدْنٍ لِيَعْمَلَ الأَرْضَ الَّتِي أُخِذَ مِنْهَا " .

ثانياً : " الخطيئة الأصلية " حسب المنظور الإسلامي ...

1- عصى آدم وزوجه وصيه الله وأكلا من الشجرة المنهي عنها في الجنة بعد وسوسه الشيطان لهما بذلك ...
{ وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ } البقرة 35 .... { فَدَلاَّهُمَا ( أي الشيطان ) بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ ... }الأعراف 22

2- تلقى آدم من ربه كلمات يدعو الله بها لمغفرة تلك المعصية
{ فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } البقرة 37

3- ودعا آدم و زوجه الله بهذه الكلمات ....
{ قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ } الأعراف 23 ..

4- وقبل الله هذا الدعاء وغفر لهما ... وانتهى الأمر ببساطة
{ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } الزمر53 .. وبالتالي لا يوجد خطيئة ورّثها آدم لذريتة .... أو ما شابه ذلك إطلاقاً ..... فالله تواب رحيم ...

5- لا يؤمن أتباع القران الكريم بأن يورث أي إنسان خطيئته لآخر مهما كان ... و لماذا :
{ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ } المدثر 38 ... { ... وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ... }الزمر 7 .

6- وجعل الله واقعة معصية آدم وزوجه واكلهما من الشجرة ... والتي ترتب عليها خروجهما من الجنة ونزولهما إلى الأرض درس مستفاد أيضا لذريتهما في فتنة الشيطان .. حتى يعود الصالحون من البشر مرة أخرى للجنة يوم القيامة ..
{ يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ } الأعراف 27 .

7- وهبط آدم إلى الأرض لتعميرها كما كان مقدراً له من قبل المعصية
{ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً... } البقرة 30 .... على أن يكون هذا التعمير وفق منهج الله { قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا } طه 123-124 .


الرد على السؤال رقم 2 .. ما هو مفهوم " دم الرب " المسفوك على الصليب للفداء و الخلاص حسب المنظور المسيحي و الإسلامي ؟؟؟
أولا : " سفك دم الرب على الصليب " حسب المنظور المسيحي ....


1.
نظرا لان البشرية كلها ورثت خطيئة آدم ( و ما ترتب عليها من فساد للطبيعة البشرية ... و استحقت عقوبة الموت ) ..... فلذلك أصبحت خطيئة آدم .. خطيئة غير محدودة ..

2.
لذلك كان لابد وأن يكون هناك حلاً ليعود الإنسان لطبيعته الأولى - قبل الفساد - و أيضا ترفع عنه عقوبة الموت ..

3.
و كان لا بد أيضاً أن يتوافق هذا الحل مع عدل الله مع المخطئين وضرورة معاقبتهم ..... ويعبر أيضاً عن رحمة الله بالبشر
... و لذلك فإن هذا الحل تطلب وجود كفاره غير محدودة لفداء البشرية التي ورثت هذه الخطيئة الغير محدودة ...

4. و نظرا لأنه لا يوجد غير محدود إلا الله رب العالمين ........ و لذلك تجسد الله في جسد السيد المسيح .. " عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ " رسالة بولس الأولى لتيموثاوس 3 / 16

5. و بعد هذا التجسد مكن الله أعداء المسيح منه ( أي اليهود ) فجلدوه وأهانوه وعذبوه ...
متى 27/28" وَبَصَقُوا عَلَيْهِ ، وَأَخَذُوا الْقَصَبَةَ وَضَرَبُوهُ عَلَى رَأْسِهِ ..وَبَعْدَ مَا اسْتَهْزَأُوا بِهِ .. نَزَعُوا عَنْهُ الرِّدَاءَ وَأَلْبَسُوهُ ثِيَابَهُ ، وَمَضَوْا بِهِ لِلصَّلْبِ " ...
ثم صلبوه ... فمات على الصليب ككفارة غير محدودة عن خطيئة آدم وأكله من شجرة معرفة الخير من الشر في الجنة ....
" لأنهم لو عرفوا ما صلبوا رب المجد " كورونتوس الأولى 2/8

6. و عن طريق هذا السيناريو و هو صلب " الله الظاهر في الجسد أي رب المجد .. أي السيد المسيح " فان ذلك أعطى عدم محدودية للكفارة عن خطيئة آدم حتى يوم القيامة ... و بذلك غفر الله لآدم خطيئته التي أورثها إلى ذريته لقيام الساعة بهذا الأسلوب الذي يعبر عن عدل الله مع المخطئين وضرورة معاقبتهم ... ويعبر أيضاً على رحمته بالبشر وتضحيته بابنه الوحيد ( أي السيد المسيح ) وصلبه ككفارة عن خطيئة آدم المورثة للبشر بدلاً من معاقبتهم على خطيئة آدم التي ورثوها ...
" لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ( بالصلب والقتل ككفارة ) ..... لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ .. بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّة . " يوحنا 3/16 .

7. وعليه فإن كل من يؤمن بأن السيد المسيح صلب ومات كمخلص للبشرية من خطيئة آدم ..... سيعطى عطية مجانية من الله ويغفر له مباشرة ما ورثة من خطيئة آدم التي يرثها كل فرد منا عند ولادته ...... وإلا سيظل محملاً بما ورثة من خطيئة آدم المذكورة وحتى موته آثما بهذه الخطيئة ... بل وسيعاقب عليها أيضا يوم الدينونة ...
" لأَنَّهُ كَمَا فِي آدَمَ يَمُوتُ الْجَمِيعُ ( أي يهلك البشر نتيجة خطيئة آدم المورثة لهم ) ، هكَذَا فِي الْمَسِيحِ( من يؤمن بهذا العمل الفدائي والتضحية ) سَيُحْيَا الْجَمِيعُ ." رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنتوس 15/22 .

8. هذا و يمكن إيجاز هذا الموضوع في ... " أن الله .. قد أرسل الله .. ليصلب ويقتل و يسفك دمه على الصليب .. ليغفر الله "

9. و لمزيداً من التفاصيل يرجى الاطلاع على الرابط التالي :





ثانياً : " سفك دم الرب على الصليب " حسب المنظور الإسلامي ..

1.
كما ذكرنا ....... غفر الله لآدم معصيته ( أكله من الشجرة التي نهاه الله عنها بالجنة ) بعد استغفاره وبالتالي لا يوجد خطيئة ورثتها ذريته .... أو ما شابه ذلك إطلاقاً ..... فالله تواب رحيم ...


2. و ذكرنا أيضا أنه لا يمكن أن يورث أي إنسان خطيئته لآخر مهما كان ... ولا يقبل بالطبع فداء أحد عن أحد .......
{ وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الأَوْفَى }النجم 39-42

3. وبالتالي فلا معنى عند المسلمين لسيناريو الصلب والقتل للفداء والكفارة .. ولذلك يؤمنون بأنه ....

{ وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ ... وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا } النساء 157.

4. أبطل الله مكر اليهود بالسيد المسيح ( رسوله الكريم ) ولم يمكنهم من قتله ......
{ بَل رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا } النساء 158 .

5. كما نزه القرآن الكريم السيد المسيح رسول الله عن الإهانة أو البصق في وجهه
( كما ورد في إنجيل متى 27/28 ) .... الخ بل وجعله وجيهاً في الدنيا والآخرة ....... { إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِي
سَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ} آل عمران 45 .

6. ويؤمن المسلمون بأن السبيل الوحيد الذي يوصلهم للجنة .. هو الإيمان بالله والعمل الصالح طبقاً للمنهج الذي حدده الله لهم ... وليس بالإيمان بصلب أو شنق .. أو سفك دم شخص آخر للفداء أو ما شابه ذلك .....
{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلا * خَالِدِينَ فِيهَا لا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلا } الكهف 107-108

7. كما يؤمن المسلمون بأن السيد المسيح هو رسـول لله ( أي ليس هو الله أو ابنه ... أو جزء منه ... أو خلافه ) وأنه هو وأمه بشر مثلنا كانا يمارسان احتياجاتهما البشرية العادية مثل المأكل ( وما يترتب على ذلك بالطبع من عملية إخراج / نوم .... )
" مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ " المائدة 75



الرد على السؤال رقم 3 ...... هل تتوافق تصريحات بابا { بأن الله سيعفو عن الملحدين ..... لو أنهم اتبعوا ضمائرهم و سـيدخلهم الجنة } ....... مع معتقد طائفة الأرثوذوكس ؟؟؟؟؟

طبقاً لما ورد في كتاب الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي لقداسة البابا شنودة الثالث ( بابا الأرثوذكس ) فانه :
1. لا يوجد خلاص إلا بدم المسيح .. و جميع الأعمال الصالحة مهما سمت .. و مهما علت و مهما كملت ... لا يمكن أن تخلص الإنسان بدون
دم المسيح ....... لذلك فان الأبرار الذين أرضوا الرب بأعمالهم الصالحة ( بما فيهم الأنبياء ) في العهد القديم ( أي قبل مجيء المسيح ) ، انتظروا هم أيضا في الجحيم ... إلى أن أخرجهم منه السيد المسيح بعد صلبه .

2.
إن الأعمال الصالحة وحدها لا يمكن أن تخلص الإنسان بدون الإيمان بدم المسيح .. وإلا كان الوثنيون ذوو الأعمال الصالحة يخلصون بأعمالهم ‍‍!!!!!!! حاشا .

3. ولكن بعد الإيمان ( بدم المسيح ) ... ينبغي أن نفعل الأعمال الصالحة التي تليق بالإيمان ...
" لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الْجَسَدَ بِدُونَ رُوحٍ مَيِّتٌ ، هكَذَا الإِيمَانُ أَيْضًا بِدُونِ أَعْمَال مَيِّتٌ . " (يع 2: 26)

ولكن مع وجود دم المسيح هناك أشخاص هلكوا .. وأشخاص يهلكون .. وأشخاص سيهلكون !!! ذلك لأن استحقاقات
دم المسيح لها أربعة شروط معينة ... فما هي شروط الخلاص بدم المسيح ؟؟؟؟

1. الإيمان :

بالأسس العامة التي يؤمن بها المسيحيون بمختلف الطوائف .. و هو شرط أساسي لاستحقاق دم المسيح .. وهكذا قال
السيد المسيح عن نفسه : ( .. لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية ) ( يو 3: 16) .


2. المعمودية :

وهكذا قال
السيد المسيح في صراحة ووضوح ( من آمن واعتمد خلص ) مر 16..... في المعمودية غفرت لنا الخطية الأصلية ( خطيئة آدم ) ... والخطايا السابقة للمعمودية ...... و لكن هذا لا يعنى مغفرة الخطايا التي تحدث أيضًا في المستقبل ... بعد الإيمان والمعمودية ...
و المعمودية ..... أو التعميد ... هو طقس يتم فيه تغطيس الفرد عاريا ( الأطفال حديثي الولادة أو الرجال والنساء الكبار في حالة رغبتهم الدخول في المسيحية ) في جرن المعمودية وهو عــبارة عن مغطس به ماء نقى وزيوت قام الأب الكاهن بأداء صلوات وشعائر عليه .... فيحل على هذا الماء الروح القدس (الاقنوم الثالث للإله) ....... ويصبح هذا الماء قادرا على منح الميلاد الجديد للمعمدين فيه وتطهيرهم من خطاياهم .

والمعمودية بمثابة ختم الإيمان ... وهو الباب الوحيد الذي يدخل منه الفرد إلى الإيمان بالمسيح وهى شرط أساسي للحصول على الخلاص من الخطيئة الأصلية التي ورثها كل فرد منا من آدم بعد أن أكل من شجرة معرفة الخير من الشر في الجنة ...


3. الأسرار الكنسية اللازمة للخلاص :

(سر المسحة المقدسة )
بعد التعميد يقوم الأب الكاهن بيده بدهان جلد الإنسان في 36 موضع في سائر الجسم ... (من الأمام والخلف ومن أعلى إلى أسفل) بزيت الميرون المقدس ... وذلك بعد قيام الأب الكاهن بالصلاة على هذا الزيت أولا ...... و بذلك يعمل الروح القدس ( الاقنوم الثالث للإله) في الإنسان ويؤهله لميراث ملكوت السماوات ....


( سر التوبة و الاعتراف / سر " التناول " )
كل خطية بعد المعمودية .. لها عقوبة وقصاص ... وهذه العقوبة لا يخلص الإنسان منها ........ إلا بالتوبة وذلك حسب قول الرب :
( إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون ) ( لو 13: 3، 5) .......... فكيف يمكن لإنسان أن يقول إنه نال الخلاص من عقوبة
الخطية لحظة إيمانه .. أو لحظة توبته .... أو لحظة معموديته !!! إلا يبقى أمامنا السؤال بلا جواب : وماذا عن الخلاص من عقوبة الخطايا التي بعد الإيمان والمعمودية ؟! الجواب هو :
كل إنسان لكي يخلص من عقوبة الخطية يحتاج إلى توبة مستمرة كل حياته .. عن كل خطية يرتكبها .....

التـــــــــــــــــوبة والاعتــــــــــــــــــــراف :
يقوم كل مسيحي من فترة إلى أخرى بالاعتراف على ما ارتكبه من خطايا ..... أمام الأب الكاهن ( أب الاعتراف ) كوكيل لله وممثل للكنيسة حيث يشهد هذا الكاهن على التوبة القلبية ... هذا والكاهن يستطيع أن يعرف هل هذا الشخص تائب أم لا ... وحينئذ يقوم الله بغفران تلك الخطايا التي تم الاعتراف بها .

التناول:
بعد الاعتراف يقوم الأب الكاهن في الكنيسة بمناولة المعترف ( أي إطعامه في فمه) خبزا وخمرا .... تم تلاوة طقوسا معينة عليها ....... فيتحول بعدها هذا الخبز إلى جسد الرب ( أي جسد المسيح ) و يتحول هذا الخمر أيضا إلى دم الرب (أي لدم المسيح ) وبذلك يأكل المعترف جسد الرب ويشرب دم الرب .......... فيحصل على غفران لباقي الخطايا ( التي لم تغفر عند الاعتراف) وهى الخطايا الأخرى التي لم يعترف بها لأننا لا نعرفها .... مثل خطايا الشهوات التي لا نحس بها وبذلك يحصل المؤمن على غفران كامل ولكافة الخطايا ... و أيضا يحصل بعد التناول على حياة أبدية كما يثبت في الرب .

" فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ : " الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ : إِنْ لَمْ تَأْكُلُوا جَسَدَ ابْنِ الإِنْسَانِ وَتَشْرَبُوا دَمَهُ ، فَلَيْسَ لَكُمْ حَيَاةٌ فِيكُمْ ... 54 مَنْ يَأْكُلُ جَسَدِي وَيَشْرَبُ دَمِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ ، وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ ، 55لأَنَّ جَسَدِي مَأْكَلٌ حَق وَدَمِي مَشْرَبٌ حَق .... 56 مَنْ يَأْكُلْ جَسَدِي وَيَشْرَبْ دَمِي يَثْبُتْ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ . 57 كَمَا أَرْسَلَنِي الآبُ الْحَيُّ ، وَأَنَا حَيٌّ بِالآبِ، فَمَنْ يَأْكُلْنِي فَهُوَ يَحْيَا بِي . 58 هذَا هُوَ الْخُبْزُ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ ... لَيْسَ كَمَا أَكَلَ آبَاؤُكُمُ الْمَنَّ وَمَاتُوا .. مَنْ يَأْكُلْ هذَا الْخُبْزَ فَإِنَّهُ يَحْيَا إِلَى الأَبَدِ". يوحنا 6 /53 -58

4. الأعمال الصالحة :
إن الأعمال الشريرة تهلك الإنسان وتفقده خلاصه ... أما الأعمال الصالحة فهي لازمة للخلاص ... و عدم وجودها يدل على أن
الإيمان ميت ، وعلى أنه لا ثمرة له ... لكن الأعمال الصالحة وحدها لا تكفى للخلاص بدون إيمان .. وبدون معمودية .. وبدون استحقاقات دم المسيح ....
هذه الأعمال الصالحة هي ثمرة الإيمان .. وبرهان على وجود الإيمان ، وبها نكمل الإيمان .. وستكون الدينونة في اليوم الأخير بحسب الأعمال ... إن الأعمال الصالحة لا يتم الخلاص بسببها ، ولكنه لا يتم بدونها ... فالخلاص لا يكون إلا بدم المسيح وحده ، لكن الأعمال تؤهل لاستحقاق هذا الدم ...
إن الأعمال الشريرة تؤدي إلى الهلاك وهذا أمر طبيعي ... لأن الله كما انه كامل في رحمته ، كذلك الأمر هو أيضًا كامل في عدله ... فلابد أن ينال الخاطئ عقوبة خطيئته .... حقيقي أن المسيح قد مات عنا ، ولكن لا يتمتع باستحقاق موت المسيح سوى التائبين ... وإلا كان هذا الخلاص المجاني بابًا مفتوحًا للاستهتار والفساد ، وتصريحًا بارتكاب الخطيئة دون خوف من عقوبتها ، اعتمادًا على دم المسيح وكفارته التي وفت كل شيء !!!
إن الأعمال الشريرة تؤدى إلى الهلاك :
" وَأَعْمَالُ الْجَسَدِ ظَاهِرَةٌ ، الَّتِي هِيَ : زِنىً ..عَهَارَةٌ .. نَجَاسَةٌ .. دَعَارَةٌ .... عبادة الأَوْثَانِ .. سِحْرٌ .. عَدَاوَةٌ .. خِصَامٌ .. غَيْرَةٌ .. سَخَطٌ .. تَحَزُّبٌ .. شِقَاقٌ .. بِدْعَة.. حَسَدٌ .. قَتْلٌ .. سُكْرٌ .. بَطَرٌ .. وَأَمْثَالُ هذِهِ الَّتِي أَسْبِقُ فَأَقُولُ لَكُمْ عَنْهَا كَمَا سَبَقْتُ فَقُلْتُ أَيْضًا : إِنَّ الَّذِينَ يَفْعَلُونَ مِثْلَ هذِهِ لاَ يَرِثُونَ مَلَكُوتَ اللهِ .. " (غل 5: 19 – 21) .. إذن فالإيمان مع مثل هذه الأعمال الشريرة لا يفيد شيئًا ولا يخلص وحده الإنسان ... هذه آيات صريحة يقدم بها بولس الرسول ما يزيد عن عشرين عملا تغلق ملكوت الله أمام المؤمن إذا أخطأ ...
رأينا من النصوص السابقة أن خطايا كثيرة تسبب الهلاك ، وتلقى في البحيرة المتقدة
بالنار والكبريت ، وتجلب العذاب والحزن ، وتحرم من الحياة الأبدية ، وتلقى إلى الشقاء ، وإلى الدينونة ، سواء منها الخطايا التي تبدو خطيرة ، أو الخطايا التي يستهين بها البعض ...


الرد على السؤال رقم 4 ... هل إتباع كل إنسان ما يمليه عليه ضميره فقط .. يكفى لسعادة و صلاح البشر ؟؟؟

* الضَّمِيرُ في اللغة هو استعدادٌ نفسي لإِدراك الخبيث والطيب من الأعمال والأَقوال والأَفكار .. والتفرقة بينها .. واستحـسان الحسن واستقباح القبيح منها ...... معجم المعاني الجامع

*
و الضمير هو قدرة الإنسان على التمييز فيما إذا كان عمل ما خطأ أم صواب .. أو التمييز بين ما هو حق وما هو باطل ... وهو الذي يؤدي إلى الشعور بالندم عندما تتعارض الأشياء التي يفعلها الفرد مع قيمه الأخلاقية - وإلى الشعور بالاستقامة أو النزاهة عندما تتفق الأفعال مع القيم الأخلاقية .. وهنا قد يختلف الأمر نتيجة اختلاف البيئة أو النشأة أو مفهوم الأخلاق لدى كل إنسان ...... ويكيبيديا ، الموسوعة الحرة

*و من عبارة " قد يختلف الأمر نتيجة اختلاف البيئة أو النشأة أو مفهوم الأخلاق لدى كل إنسان " نبدأ .......

*فقد يترتب على البيئة أو النشأة مفهوما آخر للأخلاق .. يجعل الضمير يغرق بالظلمات والتكبر والغرور والانخداع .. فتعلو المصلحة الشخصية و حب الذات ... و يعلو صوت الشهوات على صوت الضمير السوي ... ويصبح صوت الضمير منعدما ... و يذهب العطف على الصغير و الإحساس بالشيخ الكبير .. بل و يذهب كل من حولك صغيراً كان أو كبيراً .... و تصبح النفس الإنسانية جالبة للشر وطاردةً للخير ...

*و لعدم الإطالة ... فالذي اصدر قراراً مثلا بإلقاء القنابل النووية على هيروشيما وناجازاكي ... و التي ذهب ضحيتها مئات الألوف من المدنيين و الأطفال و النساء و الشيوخ الأبرياء .. بين قتيل و جريح و محروق ...... و مسمم بالإشعاع نتيجة التعرض للإشعاعات المنبثقة من هذه القنابل .. إن الذي اصدر هذا القرار .. إتبع ما أملاه عليه ضميره آنذاك بالطبع ...

* و لعدم الإطالة أيضا .. فالذي اصدر قراراً بشن الحرب العالمية الأولى و الثانية .. و التي حصدت أرواح عشرات الملايين من المدنيين و الأطفال و النساء و الشيوخ الأبرياء .. إن الذي اصدر هذا القرار إتبع ما أملاه عليه ضميره آنذاك بالطبع .

*أما من يتعلق قلبه و ضميره و وجدانه بمنهج و تعاليم وحي السماء للأرض ...... و يشعر أن كل أعماله و تصرفاته تحت المراقبة المستمرة التي لا تنقطع من الله عز و جل .. " وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ " الحديد(4) .. و أن الله .. " يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ " غافر (19) .. و يعلم أيضا أن هناك حساباً على الأعمال من قبل خالق السماوات و الأرض و ما بينهما و أنه " فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ .. وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ " الزلزلة 8 فهو إنسان مأمون
الجانب تماما من الناس لأن مبدأه ..
" إنَّما بُعثتُ لأتمِّمَ مكارمَ الأخلاقِ " .. الراوي : +-المحدث : الزرقاني – المصدر : مختصر المقاصد - الصفحة أو الرقم : 184 خلاصة حكم المحدث : صحيح

* إن المسؤولية القانونية تختلف عن المسئولية أمام خالق السماوات و الأرض ...... و كيف ذلك ..... فالمسؤولية القانونية تتحدد بتشريعات بشرية و تكون أمام شخص أو قانون ...... و هي مقصورة على سلوكالإنسان نحو غيره وتتغير حسب القانون المعمول به ، وتنفذها سلطة خارجية من قضاة ، رجال امن ونيابة ، وسجون .. و يمكن التحايل عليها أو الهروب منها .. حتى بالالتفاف على القانون نفسه ..

*أما المسئولية أمام خالق السماوات و الأرض .. فهي أوسع واشمل من دائرة القانون .. و هي ثابتة لا تتغير ... وتمارسها قوة ذاتية من الفرد نفسه أمام ربهوضميره .. و تشمل علاقة الإنسان بخالقه وبنفسه وبغيره .. و لا يمكن الالتـفاف عليها بالطبع ....... هذا بالإضافة إلى خضوع الفرد المؤمن أيضاً إلى المسؤولية القانونية بالطبع .... إن فقدان الخلفية الإيمانية للإنسان قد تضعه في مأزق فكري من جهة الحفاظ علي المقياس الأخلاقي من التشويش ..... هذا ويعتبر الـدين بشكل عام سندا و مرجعية للأخلاق الكريمة ... و العلاقات الراقية مع الغير ....


يتــــــــــــــــــــبع بإذن الله