بسم الله الرحمن الرحيم
----------------------
من هم الكافرون؟الجزء الثامن
-----------------------------
الكافرون على غرار كفر ابليس-(3)
---------------------------------
ولم يعلن ابليس تذمره من أمر ربه،فهو متمسك بتكبره وخيلائه،بأنه خير العابدين،وأن ذلك المخلوق الجديد الذى أعلن الله عنه هو من الطين،واضعا فى نفسه أن النار التى خلقه الله منها هى أفضل من الطين،حيث أن النار تحرق الطين،فلا بد أن ذلك المخلوق من الطين سيكون أقل مرتبة منه،على غير الملائكة الذين خلقهم الله من النور،فلا ضرر من وجوده.
وكان الله سبحانه قد خلق أدم(ص) من طين،فكان فى أول عهده قبل أن ينفخ الله فيه من روحه كتمثال أجوف دون حركة،فرأته الملائكة على وضعه هذا،ورأه الجن ومنهم ابليس،فكان ابليس يذهب اليه ويضرب عليه بيده فيسمع صدى ضربته كأنما يضرب على وعاء فخارى فارغ أجوف غير مصمت،وكان ينفخ فيه من أسفله فيخرج النفخ من أعلاه،ثم ينفخ فيه من أعلاه فيخرج النفخ من أسفله،ويدور حوله مستغربا ،قائلا لنفسه،ما هذا المسخ الجديد،مؤكدا لنفسه أنه أدنى منه مرتبة فالتمثال من الطين،أما ابليس فمن النار،والنار تحرق الطين،اذن فلا ضرر منه على ابليس،فكان يظن فى نفسه أن ترتيب الأفضلية فى الخلق هى للملائكة الذين لا يعصون الله ما أمرهم،وهم عن عبادتهم لله لا يفترون،وهم لا يأكلون مثله ولا يشربون،ولا يتناسلون،ولا ينامون،ولا يموتون،ثم يأتى الجن من بعدهم،فهم قد عصوا الله لما تركهم للدنيا والهوى ولأنفسهم،ففسدوا فى الأرض وسفكوا الدماء،وعن عبادة ربهم قد يفترون عندما ينشغلون بأمور دنياهم،والجن يأكلون ويشربون،ولكنهم من طعام الجنة لا يخرج منهم فضلات كالبراز والبول والعرق وغيرها من الافرازات الناتجة عن طعام الدنيا،والجن يتناسلون،ولكن ليس بالجنة،وينامون،وسيموتون،ثم يبعثون،الى يوم عظيم فيسألهم ربهم عما كانوا يفعلون،ذلك من علم الله الذى علمهم اياه.وقد يأتى ذلك المخلوق الجديد فى الترتيب بعد الجن،وقد لا يكون له ترتيب أصلا،فهو أجوف لا يرد الأذى عن نفسه،كما كان يظن فيه ابليس.
ولكن ابليس كان يظن فى نفسه هو من دون جنسه ظنا أخر،فهو يرى نفسه أفضل خلق الله،حتى من الملائكة،فهم مجبولون على الطاعة،لا يعرفون معنى المعصية،أما هو وقبيله فهم مختارون بين الطاعة والمعصية،فاختاروا الطاعة طواعية،فهم قد يكونون عند الله أفضل من الملائكة المجبولين على الطاعة،وحيث أنه يرى نفسه أفضل الجن أجمعين،كما سولت له نفسه غرورا،فيكون هو أفضل خلق الله،ولابد أن الله سبحانه نفسه يراه كذلك.
فلا ضرر من وجود خليفة فى الأرض،فانه غالبا ما سينهج نهج الجن لما أسكنهم الله الأرض،ففسدوا فيها وسفكوا الدماء،ذاقوا المعاصى من جراء أنفسهم وأهوائهم ودنياهم،ولكن لم يكفروا بالله،وغدا لناظره قريب.
ولكن الملائكة هم من استفسروا من ربهم عن سبب جعله لخليفة فى الأرض.
فقد قال سبحانه:بسم الله الرحمن الرحيم(واذ قال ربك للملائكة انى جاعل فى الأرض خليفة،قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها،ويسفك الدماء(كما فعل الجن)،ونحن نسبح بحمدك،ونقدس لك،قال إنى أعلم ما لا تعلمون * وعلم أدم الأسماء كلها،ثم عرضهم على الملائكة،قال أنبئونى بأسماء هؤلاء ان كنتم صادقين * قالوا سبحانك،لا علم لنا الا ما علمتنا،انك أنت العليم الحكيم * قال يا أدم أنبئهم بأسمائهم،فلما أنبأهم بأسمائهم،قال ألم أقل لكم إنى أعلم غيب السماوات والأرض،وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون )،صدق الله العظيم،30-33سورة البقرة.
فان الله الحكيم العليم كان يعلم ما يبدون وما كانوا يكتمون.
وفوجىء ابليس بتلاحق الأحداث،قائلا فى نفسه أن هذا الذى كنت أظنه أجوفا اتضح أنه يعلم ما لا تعلمه الملائكة والجن أجمعون،ورأى استسلام الملائكة بأمر الله وأن هذا المخلوق الذى كان أجوفا ينطق ويتفوق على الملائكة أجمعين،فماذا يأتى منه لاحقا.
ولم يعطه الله سبحانه فرصة لتخمين ما سيأتى من أمر الله،فقال سبحانه:بسم الله الرحمن الرحيم( فاذا سويته ونفخت فيه من روحى فقعوا له ساجدين)،صدق الله العظيم،72 سورة ص،29 سورة الحجر،وهنا كانت الطامة الكبرى لابليس،ولبعض جنسه الذين يخفون فى أنفسهم حسدهم لغيرهم ولا يظهرون،ولم ينتظر ابليس مساندة من أحد فى موقفه من أدم(ص)،فقد قال سبحانه:بسم الله الرحمن الرحيم(فسجد الملائكة كلهم أجمعون * الا ابليس أبى(رفض باصرار) أن يكون مع الساجدين)،صدق الله العظيم،31،30-سورة الحجر.
يتبع ان شاء الله،وأصلى وأسلم على سيدى وحبيبى محمد،أللهم صلى وسلم عليه.