دراويش المدن والقرى
في قريتنا- وفي جميع المدن والقرى يتململون على بساط الأرض والسماء فوقهم..
ينظرون إلى الأفق الأعلى كأسراب الطيور المهاجرة المتناقضة في الطيران دون اتجاه..
اذ لا تخلو منهم القرية أو المدينة،إلا وبعضهم ملتصق بها وبالقديم..القديم.
تألفهم القرية ويألفهم سكانها ولا أهل لهم إلا أهل المدن والقرى ولا بيوت لهم إلا بيوت الله.
وقد لا يطيقون النزول إلا بالأماكن الخاصة بهم والخالية والمهجورة.
سيرتهم أنهم منعزلين عن العالم وقد يهيمون على وجوههم فرحلة الصيف والشتاء لها دور خاص في رحلاتهم.
أبرز ما عندنا ذلك الدرويش الذي يحمل مزمارا ويختار الأماكن المرتفعة والعالية ليرسل أشجان ألحانه يهز بها عالم القرية ومشاعر الناس..
وأبرز منه ذلك الذي يتنقل بسرعة البرق ويتحرك بحركات بهلوانية منحنية في خط مستقيم وفوق حيطان الأطلال كممثل بارع في السيرك دون أن يختل له توازن.
وأغرب منها ذلك الذي يصرخ وينادي بأعلى صوته في ظلام الليل الدامس دون أن يغمض له جفن ودون ارهاق ودون ابحاح.
وما أعجزني إلا ذلك الذي يطيل المكوث للتأمل ولعدة أيام وأسابيع في أماكن خاصة به وفي خلوة تامة دون أن يحرك ساكنا أو يكلم أحدا.
وما أكثرهم، ما أكثرهم في المدن والقرى ،فصنفهم حسب حالاتهم وحسب حركاتهم وسكناتهم، لكننا لا نعرف عنهم الكثير.
كونهم أنهم يهيمون على وجوههم،وكونهم انهم لا يعقلون.
فمن يعرفهم،فقد يعرف دراويش المدن والقرى..
ألا أيها الدرويش
هلا أجبتني
فإني غريب عنك ومثلك
تململ على بساط الأرض
فالسماء فوقك
ونم حيث شئت
وهم على وجهك
تأمل نجوم الليل
تسعى لذكرك
فإني غريب عنك ومثلك....
المفضلات