هل فسر النبي القرآن الكريم ؟!

سألوا سؤالاً يقول : لِمَ لم يفسر نبي الإسلام القرآن , في حين أن هناك مفسرين ليس عندهم العلم الذي عنده ويفسرونه ؟ أليس هو أوْلى بتفسيره ، فهو اعلم الناس به ؟!


الرد على الشبهة


أولا : إن النبي r كان يفسر لأصحابه ما أشكل عليهم فهمه من آيات الله  ؛ بل وكان يفسر من تلقاء نفسه ويوضح ويعلم ... مثل كيفية الصلاة ؛ فالقرآن يقول وأقيموا الصلاة ، ولم يخبرنا كيف نصلي وكم عدد الركعات والحركات .... وذلك لما قالr كما عند البخاري في صحيحه : " صلوا كما رأيتموني أصلي " .

بل أمره الله أن يبين للناس ما لم يفهموه من آيات الله ؛ وذلك لما قال :  وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (44)  (النحل).

جاء قي التفسير الميسر : وأنزلنا إليك -أيها الرسول- القرآن ; لتوضح للناس ما خفي مِن معانيه وأحكامه، ولكي يتدبروه ويهتدوا به.

وبالتالي : فليس صحيحًا أن النبيr لم يفسر القرآن بل فسر ما أشكل فهمه على أصحابه  ؛ ولم يفسره كله r؛ لأن القرآن كان ينزل عليهم طبقا للحوادث التي كانوا يعيشونها ، كما أنهم في زمانهم هم أرباب اللغة ، وليسوا أعاجم على اللغة كما هو حالنا اليوم نحتاج إلى المعاجم والقواميس.....

بعض النماذج لما سبق جاءت في الآتي :

1- تفسير المغضوب عليهم والضالين ، وذلك في مسند أحمد برقم 18572 : قَالَ : r "إِنَّ الْمَغْضُوبَ عَلَيْهِمْ الْيَهُودُ و الضَّالِّينَ النَّصَارَى" .

تفسير الخيط الأبيض والأسود ، وذلك في صحيح البخاري برقم 4150 عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا :{ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ }.
أَهُمَا الْخَيْطَانِ ؟ قَالَ r : " إِنَّكَ لَعَرِيضُ الْقَفَا إِنْ أَبْصَرْتَ الْخَيْطَيْنِ ثُمَّ قَالَ لَا بَلْ هُوَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ" .

2- تفسير الصلاة الوسطى ، وذلك في صحيح مسلم برقم 997 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قَالَ:
حَبَسَ الْمُشْرِكُونَ رَسُولَ اللَّهِ r عَنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ حَتَّى احْمَرَّتْ الشَّمْسُ أَوْ اصْفَرَّتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : "شَغَلُونَا عَنْ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى صَلَاةِ الْعَصْرِ مَلَأَ اللَّهُ أَجْوَافَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا ". أَوْ قَالَ : " حَشَا اللَّهُ أَجْوَافَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا " .

3- تفسير قوله : اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ، وذلك في سنن الترمذي برقم 3020 عن مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ : أَتَيْتُ النَّبِيَّ r وَفِي عُنُقِي صَلِيبٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ : " يَا عَدِيُّ اطْرَحْ عَنْكَ هَذَا الْوَثَنَ " ، وَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ فِي سُورَةِ بَرَاءَةٌ : { اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ }.
قَالَ : " أَمَا إِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْبُدُونَهُمْ وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا أَحَلُّوا لَهُمْ شَيْئًا اسْتَحَلُّوهُ وَإِذَا حَرَّمُوا عَلَيْهِمْ شَيْئًا حَرَّمُوهُ ".


ثانيًا : إن القرآن الكريم فيه أسرار عظيمة , يقرؤه الرجل البسيط فيفهمه على قدر علمه , ويقرؤه العَالِم المتخصص فيفهمه على قدر تخصصاته العلمية ؛ مثال قوله  : يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ (الزمر5) . فُِهمت قديمًا على أنها تعاقب الليل والنهار, وفهمت حديثا أن الأرض كروية....

ثم إن النبي r لو فسر آيات الإعجاز العلمي ما كان ليفهمها الناس في زمانهم ، ومنهم من لم يكن ليتقبلها ؛ لأنها تخالف واقعه وفهمه....
أكرم حسن مرسي