[فصل من كتاب محمد مشتهى الأمم

الذي نفدت طبعته الأولي من الأسواق


العرب نيوز 10/5/2010 ينشر موقع "العرب نيوز" فصلا من كتاب"محمد مشتهي الأمم " للكاتب الاسلامي محمد عبد الشافي القوصي والذي صدر عن مكتبة مدبولي الصغير والذي بيعت كل نسخ الطبعة الأولي من الأسواق خلال أسبوع رغم عدم وجود دعاية كافية للكتاب.



يضم الكتاب الذي يتكون من 304 صفحة كل ما ورد عن النبي محمد في الكتاب المقدس الحالي، وحوى ما يزيد عن 50 موضع في أسفار العهدين القديم والجديد، مع مقارنات بين النسخة العربية والنسخة الانجليزية للكتاب المقدس.



أكد الكتاب أن البشارة بالنبي محمد صلي الله عليه وسلم موجودة في الأناجيل الحالية رغم عمليات الحذف التي تمت لكثير من الآيات وعمليات التحريف.



استعان الكاتب بعدد كبير من القساوسة السابقين وآخرين حاليين علي مدار 4 سنوات، وقرأ العشرات من الموسوعات المسيحية العربية والغربية لشتي المذاهب المعروفة، وجمع هذا الكم الكبير من النصوص التي تشير صراحة الي أن أنبياء بني اسرائيل والمسيح بشروا مرارا بقدوم نبي الاسلام.



ما ورد في الكتاب يأتي مصداقا للآية القرآنية " الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ ‏" (الأعراف‏:157)‏. أي أن التبشير بالنبي محمد سيظل مكتوبا في التوراة والاناجيل رغم كل ما تم بها من تحريف وتبديل.



فيما يلي نص أحد فصول الكتاب:



ماذا يقول الكتاب المقدّس عن مُحمّد؟



منذ سنوات، وقف القس Hiten وألقى محاضرة في المسرح الملكي في ديربن Durbin بالمملكة المتحدة، فَسّر فيها التنبؤات التي وردت في التوراة والإنجيل، بشكل يبرهن على أن الإنجيل قد بشّر بقيام الاتحاد السوفيتي، وبأنّ القيامة ستقوم في غضون سنوات قليلة، كذلك ادّعى هذا القسيس بأن (الإنجيلGospel) لم يترك شيئاً إلا أحصاه، فتنبأ بقيام دولة الفاتيكان والبابا، وادّعى كذلك أن التنّين الذي ورد في الإصحاح الثاني عشر من (رؤيا يوحنا اللاهوتي) إنما هو (هنري كيسنجر H.kissinger) وزير خارجية أميركا السابق!

ومن حقنا أن نسأل هذا القسيس، وغيره من الأحبار والرهبان: إذا كان "الإنجيل" قد تنبأ بكل شيء، حتى مثل هذه الأشياء الصغيرة .. ألمْ يتنبأ –كذلك- بأجلّ وأعظم حدث في التاريخ، بلْ في الدنيا كلها، ألا وهو ظهور (الإسلام)؟ ذلكم الحدث الذي اعتبرتموه أخطر زلزال وأكبر تحدِّ في تاريخ الكنيسة –كما يقول فلاسفة المسيحية!

يقول علماء اللاهوت: إن هناك مئات أوْ آلاف من التنبؤات في العهد القديم تشير إلى مقدم (عيسى) عليه السلام. ولكن إذا سألتَ أحدهم أن يأتيك بأيّ إشارة إلى عيسى بالاسم، أوْ إلى المسيح بالذات، أوْ حتى كلقب، أوْ على ما يشير إلى أن عيسى هو المسيح، أوْ المسيح هو (عيسى) أوْ إلى والدته هي مريم، وأن الذي رعاه هو يوسف النجار، أوْ إلى أنه سيُولَد في عهد هيرود الملِك، وما إلى ذلك من تكهّنات لا يجد ما يدلّ على دعواه. ولكن فلاسفة المسيحية أرهقوا أنفسهم في البحث حتى أرهقوا البحث ذاته، وأتوا بفقرة من سِفْر التثنية في العهد القديم، نصّها في نسخة الآباء اليسوعيين: (سأُقيم لهم نبياً مثلكَ من وسط إخوتهم. وأجعل كلامي في فمه فيكلّمهم بكل ما أُوصيه به. ولسوف تستمعون إليه. ويكون أن الإنسان الذي لا يسمع لكلامي الذي يتكلم باسمي أنا أُطالبه) "التثنية 18:18". وفي النسخة الكاثوليكية من الكتاب المقدس يقول: (سأكون أنا المنتقِم) أيْ أنّ الله سيتوعّد بالعقاب من لا يسمع له.

وهذا النص جاء في النسخة الإنجليزية كالآتي: (ولسوف يُقيم ربكَ رسولاً من أبناء عمومتكم مثلك. وأجعل كلامي في فمه فيكلّمهم بكل ما أُوصيه به. ولسوف تستمعون إليه …".

ونحن نتساءل: ماذا تعني هذه النبوءة؟ وإلى أيّ شخص تشير .. إلى عيسى أمْ إلى غيره؟

ويذهبون إلى أن عيسى هو مثل موسى باعتبار أنهما رسولان، وأنهما من بني إسرائيل. ونحن إذا سلّمنا بهاتيْن النقطتيْن، ووافقناهم في تأويلهم، فإننا نكون غير محايدين، لأنّ هناك أنبياء كثيرين تجمعهم بموسى هاتان الصفتان، أمثال: سليمان، وإشعياء، وحزقيال، ودانيال، وهوشع، وملاخي، وزكريا، ويحيى، وغيرهم الكثير. فكلّهم كانوا يهوداً، وكانوا أنبياء.

لكن، بنظرة موضوعية لا نرى أنّ عيسى مثل (موسى) للأسباب التالية:

- يرى المسيحيون أن عيسى إله، في حين يرى اليهود أن موسى لم يكن إلا نبياً ورسولا.

- يرى المسيحيون أن عيسى صُلِبَ مُكفِّراً عن خطايا العالم، ولكن موسى لم يمت مُكفِّراً عن خطايا أحد.

- يرى المسيحيون أن عيسى ذهب إلى النار لمدة ثلاثة أيام، في حين لم يذهب موسى إلى نار إطلاقاً. وعلى ذلك لا يكون عيسى مثل موسى.

ولكن إذا قارنّا مُحمّداً بموسى في حدود هذه الجملة التي وردت في التوراة، نجد ما يلي:

- وُلِدَ موسى من أب وأُم، كذلك وُلِدَ مُحمّد، ولكن عيسى وُلِدَ من أُنثى فقط، ولم يكن له أب.

- وُلِدَ موسى بالطريق الطبيعي زواج رجل بامرأة، ولكن عيسى وُلِدَ بمعجزة.

- لقد تزوج موسى كذلك مُحمّد، وأنجبا ذرية، أمّا عيسى فبقِيَ دون زواج طيلة حياته، وبالتالي فإنّ (عيسى) ليس كموسى، ولكن مُحمّداً مثله.

- صَدَّق الشعب العربي مُحمّداً كما صدّق الشعب اليهودي موسى، وقد تقبّلاهما كرسوليْن خلال حياتهما. وأن عيسى الذي جاء إلى اليهود، لم تقبله اليهود حتى بعد قرابة ألفي سنة. وعلى ذلك نقول: إن عيسى ليس مثل موسى، بلْ موسى مثل مُحمّد.

- كان كل من موسى ومُحمّد رسولاً وحاكِماً مدنياً. لكن عيسى لم يحكُم ولم يملِك حق تنفيذ الشريعة كصاحبيْه، وبالتالي نقول: إن عيسى لم يكن مثل موسى، بلْ كان مُحمّد مثله.

- جاء كل من موسى ومُحمّد بشريعة جديدة. أمّا المسيح فنجده يكرّر مِراراً للشعب اليهودي بأنه لم يأتِ بدين جديد، وما جاء لينقض شريعة موسى، بلْ ليصلح فقط. وعلى ذلك يكون عيسى غير موسى وليس شبيهاً له، في حين أنّ مُحمّداً شبيه بموسى ومثله.

- مات كل من موسى ومُحمّد بطريقة طبيعية، لكن عيسى وِفْق ما يدّعيه المسيحيون قُتِل على الصليب، ووفْق القرآن رُفِعَ إلى السماء. وعلى ذلك يكون مُحمّد مثل موسى، وليس (عيسى) مثل موسى.

- دُفِنَ جُثمان كل من مُوسى ومُحمّد في الأرض، ولكنّ عيسى كان مثواه السماء، وبالتالي يكون مُحمّد مثل مُوسى، أمّا عيسى فلا.

ومعنى "أجعل كلامي في فمه فيكلّمهم بكل ما أُوصِيه به" التي وردتْ في النص: أيْ أنّ هذا النبيّ سيكون أُميّاً، لا يقرأ ولا يكتب.

وأمّا المقصود بـ(من وسط إخوتهم .. أوْ من أبناء عمومتهم) أيْ من نسل (إسماعيل) وليس من نسل بني إسرائيل .. لأنه لوْ كان هذا النبيّ الموعود من نسل إسرائيل، لقال: منكم أوْ من أنفسكم أوْ من بيت إسرائيل. أليستْ هذه هي الحقيقة؟

ومما يُدحِض رأي اليهود والنصارى في أن هذه البشارة لم تكن متطابقة على يوشع ولا على المسيح بأيّ حال من الأحوال، وإنما تؤكد أنها تبشّر بالنبيّ الأُميّ الخاتم؛ فقد جاء في آخر التوراة أنه لا يقوم في بني إسرائيل نبيٌّ مثل موسى. "وَلَمْ يَظْهَرْ بَعْدُ نَبِيٌّ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ مِثْلُ مُوسَى، الَّذِي خَاطَبَهُ الرَّبُّ وَجْهاً لِوَجْه" (التثنية 34: 10) وكما هو معروف لدى الجميع أن المسيح كان من بني إسرائيل. فلا يبقى إذنْ سوى (مُحمّد) الذي تحدّث عنه سِفْر التثنية!

* * *

ومادام الأمر كذلك، فإنّ القس Hitenقد فتح شهيتنا لنخبره وأمثاله من الأحبار والرهبان قليلي الفهم أوْ غير العالِمين بما في أيديهم من صحائف ولفائف وأسفار قديمة- عن البشارات المستقبلية عن نبيّ آخر الزمان، التي غضّوا الطرف عنها، ولم يحاولوا أن ينصتوا إليها!

فقد حَظِي (النبيّ الأُميّ) بالنصيب الأوفى من تلك البِشارات، ونظراً لكثرتها وتنوعها غلبوا عن كتمانها وإخفائها، فصاروا إلى ‏تحريف التأويل‏ وإزالة معناها عمّن لا تصلح لغيره، وجعلها لمعدوم لم يخلقه الله ولا وجود له البتّة0 فجمعوا بين التحريف والكِتمان‏ لنعت الرسول، وأخذ هذا التحريف عدة أشكال، منها: إلباس الحق بالباطل، أيْ خلطه بحيث لا يتميز الحق من الباطل‏، وكِتمان الحق وإخفاؤه،‏ وتحريف الكَلِم عن مواضعه، سواء في لفظه أوْ معناه‏، ولَيّ اللسان به ليلبس على السامع اللفظ المنزل بغيره، وقد وبّخهم الله سبحانه وبكّتهم على لسان رسوله بالتحريف والكتمان والإخفاء.

وإذا كان القوم يقرأون كتبهم ويؤمنون بما جاء فيها كما يزعمون؛ فإننا ندعوهم إلى إعادة قراءة البِشارات التالية؛ بشرط أن يحترموا عقولهم، وينحازوا للحق وحده .. وقد حاولنا الاعتماد في كثير من النصوص على النسخة الإنجليزية من الكتاب المقدس، لأن نسخة الآباء اليسوعيين مملوءة بالحشو والأخطاء والفراغات، إلى جانب ركاكة الترجمة، وتضارب النسخ وتناقضها في أغلب النصوص، وقد نبّهني لذلك كثير من الإخوة المسيحيين.

إنّ من يتصفح الكتاب (المقدس) سوف يرى كماً هائلاً من البشارات التي جاءت في أسفار الأنبياء تُبشّر بمقدِم نبيّ أُميّ عظيم، أوْ نبيّ آخر الزمان، وتذكر صفاته وأحواله والتي من أهمها: أنه ليس من بني إسرائيل، كما أنه صاحب شريعة تدوم إلى الأبد، ويسحق أعداءه، ودعوته تكون لخير جميع الأُمم. وهذه الصفات لم تتوافر في أحد من الأنبياء سواه، ولا يمكن للنصارى حمل تلك النبوءات التي يقرّون في أنها نبوءات، لا يمكن لهم أن يحملوها على غيره، إذْ موسى وعيسى كانا نبيّين إلى بني إسرائيل فقط، وكان موسى صاحب شريعة انتصر أتباعه على أعدائه، وأمّا عيسى فلم ينزل بشريعة مستقلة، بلْ جاء بتكميل شريعة موسى، فهو القائل: "لا تظنّوا أنّي جئتُ لأنقض الناموس أوْ الأنبياء، ما جئتُ لأنقض بلْ لأُكمل" (متى 5/17) ولم يُقيّض له أن ينتصر على أعدائه، بلْ يزعُم النصارى أنّ خصومه تمكّنوا منه وصلبوه .. فكيف يُقال بأنه المختار الذي يسحق أعداءه وتترقّبه الأُمم؟!

بشارة يعقوب بشيلون:

أقدم النبوءات الكتابية التي تحدثت عن النبيّ الخاتم جاءت في وصيّة يعقوب لبنيه قبل وفاته حين قال لهم: "لا يزول صولجان من يهوذا ومشترع من بين رجليه حتى يأتي شيلون. وله يكون خضوع الشعوب" (التكوين 49/10).

والمعنى أنه ستظل النبوة في بني إسرائيل، إلى أن يأتي عظيم العالم أوْ أركون العالم (مُحمّد) الذي ستخضع الشعوب لدينه وشريعته، ومن ثمّ يبطُل العمل بالشرائع السابقة.

بشارة (سِفْر التثنية)

ورد في سِفْر التثنية (الإصحاح 33 الفقرة 2): (جاء الربُّ من سيناء وأشرق لهم من ساعير وتلألأ من جبال فاران. عن يمينه نار شريعة لهم. فأحبّ الشعب جميع قديسيه. في يدك وهم جالسون عند قدمك يتقبلون من أقوالك).

وهي في النسخة الإنجليزية (جاء الله من سيناء وأشرق لهم من ساعير وتلألأ فصاعداً من جبل فاران وأتى مع عشرات الآلاف من القديسين. من يده اليمنى فرض لهم قانوناً نارياً، فأحبّ الشعب جميع قديسيه. في يدك وهم جالسون عند قدمك يتقبّلون من أقوالك).

وهذا النص يتحدث عن موضع نزول الرسالات السماوية الأخيرة (جاء الربُّ من سيناء) المقصود بها رسالة موسى، و(أشرق من ساعير) تشير إلى رسالة عيسى -وساعير هي منطقة جبلية بأرض فلسطين، وهي الأرض التي عاش فيها المسيح- و(تلألأ من جبال فاران) المقصود بها رسالة الإسلام على النبيّ الأُميّ، وفاران هي مكة المكرمة، وهى نفس الأرض التي عاش عليها .. كما ذكر سِفْر التكوين (الإصحاح21) وكان ينمو رامي قوس. وسكن في بريّة فاران). وهذا النص يوافق بداية سورة التين في القرآن، حيث يُقْسِمُ الله تعالى قائلاً: ]وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ.وَطُورِ سِينِينَ.وَهَذَا البَلَدِ الأَمِينِ[ [التين 1-3]. هذه الآيات الكريمة تشير إلى أماكن الرسالات الثلاث: اليهودية والمسيحية والإسلام.









بشارة سِفْر العدد:

جاء في قصة بلعام بن باعوراء أنه قال لقومه: (انظروا كوكباً قد ظهر من آل إسماعيل. وعضّده سِبْط من العرب. ولظهوره تزلزلت الأرض ومن عليها). ومعروف أنه لم يظهر من نسل إسماعيل إلا (مُحمّد) وما تزلزلت الأرض إلا لظهوره، وتغيّر الكون بعد بعثته.

بشارات المزامير:

البشارة الأولى: في مزامير داود: ورد في (المزمور 45: 3-5) (أنتَ أبرعُ جمالاً من بني البشر. انسكبت النعمةُ على شفتيْك. لذلك بارككَ الله إلى الأبد. تقلّد سيفكَ على فخذكَ أيها الجبار. لأنّ بهاءكَ وحمدكَ البهاء الغالب. وبجلالكَ اقتحم الركب من أجل الحق والدعة والبر. فإنّ ناموسكَ وشرائعكَ مقرونة بهيبة يمينك. وسهامكَ مسنونة. والأُمم يخرّون تحتك).

وفي هذا النص إشارة إلى محاربة خصومه، وانتصاره عليهم، وفي قوله "لذلك بارككَ الله إلى الأبد". يعني أن رسالته ستكون هي خاتمة الرسالات لأنها ستبقى إلى قيام الساعة، و"انسكاب النعمة على شفتيْه" تشير إلى الفصاحة والإعجاز البياني الذي جاء به القرآن.

البشارة الثانية: قول داود في المزمور الثامن والأربعين: (إن ربنا عظيم محمود جداً. وفي قرية إلهنا وفي جبلهِ قُدُّوس ومُحمّد. وعمّت الأرض كلها فرحاً). فقد صرّح وأبانَ عن اسمه، ومكان بعْثتهِ وهي "أُم القُرى" ووصف حال الكون عند مبعثه وهو الاستبشار والفرح، فقد كانت الشعوب المغلوبة تتلقّ جنوده بالاستبشار -كما هو مدوّن في كُتب السيَر والتأريخ.

البشارة الثالثة: قوله في المزمور الثاني والسبعين: (إنه يجوز من البحر إلى البحر. ومن لَدُن الأنهار إلى منقطع الأرض. وأن أهل الجزائر يخرّون بين يديه على ركبهم. وتلحس أعداؤه التراب. وتأتيه الملوك بالقرابين. وتسجد له الملوك كلها، وتدِين له الأُمم كلها بالطاعة والانقياد. لأنه يخلّص المضطهد البائس مِمّنْ هو أقوى منه. ويرأف بالضعفاء والمساكين. وينجّي أنفسهم من الضر والضيم، وتعزّ عليه دماؤهم. وأنه يبقى ويعطى من ذهب سبأ. ويُصلَّى عليه في كل وقت. ويُبارَك عليه كل يوم مثل الزروع الكثيرة التي تطلع ثمارها على رؤوس الجبال. وينبت في مدينته مثل عشب الأرض. ويدوم ذِكْرهُ إلى الأبد. وأن اسمه لموجود قبل الشمس. فالأُمم كلها تحتفي به. وكلها تباركه).

البشارة الرابعة: قال داود في المزمور الحادي عشر بعد المائة: (قال يهوه لسيدي: اجلس على يميني إلى أن أجعل أعداءكَ مسنداً لقدميْك).

وهذا النص يشير إلى (مُحمّد) لأنّ داود كان مَلِكاً، ولا يتأتّى أن يكون خادماً لأيّ أحد من البشر، ولا يمكن لداود أن يدعو أحداً من نسله بـ"سيّدي" لأن اللقب المعقول حينئذ سيكون: يا بُنيّ. ولما قِيل للمسيح: أأنت سيّد داود؟ قال: لا –كما ورد في الإنجيل. فلا يكون المقصود بهذه البشارة سوى مُحمّداً. فهو أعظم نبيّ نشر التوحيد، وانتصر على أعداء الله، وقضى على الشرك، وطهّر الأرض من الأصنام وعبادة النار، وأخرج الناس من الظلمات إلى النور.

البشارة الخامسة: قول داود في (المزمور 149): (من أجل أن الربّ رضي وتطوّل على المساكين بالخلاص. فليتعزّز الأبرار بالكرامة. ويسبّحونه على مضاجعهم. ويكرمون الله بحناجرهم. لأن في أيديهم السيف ذا الشفرتين للانتقام من الشعوب وتوبيخ الأُمَم. وإثقال ملوكهم بالقيود. وعليّتهم ومكرّميهم بالسلاسل. ليحملهم على القَدَر المكتوب المُبْرَم. فالحمد لجميع أبراره). ألمْ تتحقق هذه النبوة في مُحمّد وصحبِه بالذكر قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم؟ وهو المنتقِم بأُمته من جبابرة فارس وطغاة الروم، وهو الذي قَيّدت أُمتهُ الملوكَ بالسلاسل؟

البشارة السادسة: قول داود في المزمور الثاني والخمسين بعد المائة: (لترتاح البوادي وقراها. ولتصِر أرض قيدار مُروجاً. وليسبّح سكان الكهوف، ويهتفوا من قُلَل الجبال بحمد الربّ. ويُذيعوا تسابيحه في الجزائر …). فمَنْ هو قِيدار؟ إنه ولد إسماعيل عليه السلام، وهم سكان الكهوف الذي يحمدون الربّ ويذيعون تسابيحه في الهواجر والأسحار.

البشارة السابعة: قول داود: (طُوبَى لكم يا بني إسماعيل سيُبعث منكم نبيّ تكون يده عالية على كلّ الأُمم. وكل الأُمم تحت يده). وهذه البشارة مماثلة للبشارة الأولى في سِفْر التكوين.

البشارة الثامنة: قول داود في المزمور: (عظّموا الله يا كلّ الأُمم. ووحّدوا الله يا أهل الأرض. سيُبعث لكم نبيّ الرحمة) فهل بعد هذا التصريح من تصريح؟ ومَنْ هو الذي لُقّب بنبيّ الرحمة سِوى مُحمّد؟

والنبي "سليمان" عليه السلام قال في مزمور (72): (تحمل الجبال سلاماً للشعوب. يقضى للمساكين. ويسحق الظالم. ويُشرِق في أيامه الصِدق ويكثر السلام. ويملك من البحر إلى البحر ومن النهر إلى أقاصي الأرض. أمامه تجثو أهل البرية. والملوك يقدّمون له الهدايا. ويُصلَّى لأجله دائماً. اليوم كله نباركه). إشارة إلى امتداد سلطان مملكته ودعوته إلى ما لانهاية، وتخضع له الملوك، ويقدّمون له الهدايا كما فعل مَلِك مصر "المقوقس" وغيره.

وهناك بشارات سِفْر نشيد الإنشاد، الذي زعم اليهود أنه رمز لأورشليم. وقال النصارى: إنه رمز للكنيسة المسيحية. أمّا نحن فنقول: إنه رمز إلى مكة المكرمة والنبوة الخاتمة. ومما ينقض زعم اليهود قوله في (الإصحاح 6/4):(أنتِ جميلة يا حبيبتي كترصّة حسنة كأورشليم) فلا يصحّ أن تكون أورشليم مُشبّهة بنفسها، بلْ لابد أن يكون المشبّه شيئاً آخر غير أورشليم. أمّا ما يُثبِت أن هذا السِفْر هو في حق مكة المكرمة، قوله (1: 5-8):(أنا سوداء وجميلة يا بنات أورشليم. وخيام قِيدار كشقق سليمان. لا تنظُرنّ إليّ لكوني سوداء. لأنّ الشمس قد لوحتني وبنو أُمي غضبوا عليّ. إنْ لم تُعْرَفي أيتها الجميلة بين النساء فاخرجي على آثار الغنم وارعي جداءك عند مساكن الرعاة). وقوله (2:8): (صوت حبيبي هو آتٍ طافراً على الجبال قافزاً على التلال). إشارة إلى حياة العرب في الصحاري ورعيهم المواشي وسُكناهم في خيام سود كخيام (قِيدار) وهو ابن إسماعيل الثاني (تك25:13).

بشارة النبيّ صفتيا:

وقد كشفت بشارة سِفْر (صفتيا) عن انتقال الملكوت (النبوة) إلى أرضٍ جديدة، وقِبلةٍ جديدة، ولُغةٍ جديدة، وشعائرٍ جديدة، وذلك في قوله: (يقول الربّ: أيها الناس ترجّوا اليوم الذي أقوم فيه للشهادة، فقد حان أن أُظهِر حُكمي بحشر الأُمم كلها وجميع الملوك. لأصبّ عليهم رجزي. وأليم سخطي. فستحترق الأرض كلها احتراقاً بسخطي ونكيري. هناك أُجدّد للأُمم اللغة المختارة، ليذوقوا اسم الربّ جميعاً. ويعبدوه في ربقة واحدة معاً ويأتون بالذبائح في تلك الأيام من معابر أنهار كوش). والمقصود بـ(كوش) بلاد إفريقيا.

بشارة سِفْر حِجّي النبيّ:

ورد في (الإصحاح 2: 6-9): (لأنه هكذا قال ربُّ الجنود هي مرة بعد قليل سأُزلْزِل السماوات والأرض والبحر واليابسة. وأُزلْزِل كلّ الأُمم ويأتي مُشْتهَى كلّ الأُمم. فأملأ هذا البيت مجداً قال ربُّ الجنود. لي الفضة ولي الذهب يقول ربّ الجنود. مجد هذا البيت الأخير يكون أعظم من مجد الأول قال ربّ الجنود. وفي هذا المكان أُعطي السلام قال ربّ الجنود).

ولفظ (مُشتهَىَ كل الأُمَم) Desire of all nation/s أيْ محمود كل الأُمم وهي لا تعني إلا رسولاً تنتظره كلّ الأُمم، وعبّر عن ذلك الانتظار بلفظ "مُشتهَىَ كلّ الأُمَم" يعني يخرج من غير العبرانيين الذين يطلقون على أنفسهم "شعب الله المختار"! كما لا يكون مرسلاً إلى قطيع من الخراف الشاردة، بلْ إلى جميع أُمَم الأرض، لأن العبرانيين يطلقون على من عداهم من الناس لقب الأُمم أو "الأُمميين". فهذه البشارة "مُشتهَى كلّ الأُمم" لا تعني إلا (مُحمّداًe). فمن سوى هذا النبيّ الذي زلزل السماوات والأرض وما فيها بسلطانه وشرائعه؟ ومن سواه الذي تحقّق به السلام والأمن عند البيت، خاصة أنه خُرّبَ ودُمّرت أركانه قبل مجيء الإسلام؟

بلْ الملاحظ أن النص يتحدث عن بيْتين، مشيراً إلى أن مجد البيت الأخير (البيت الحرام) سيكون أعظم شأناً من مجد الأول (بيت المقدس). وهو ما حدث بالفعل!

بشارة النبيّ حزقيال:

قال حزقيال في الإصحاح التاسع: (أُمّة مغروسة على الماء مثل الكرمة التي أخرجت ثمارها وأغصانها من مياه كثيرة. وتفرعت منها أغصان كالعصى قوية مشرفة على أغصان الأكابر والسادات. وارتفعت وبسقت أفنانهن على غيرهن. وحسنت أقدارهن بارتفاعهن والتفاف سعفهن. فلم تلبث الكرمة أن قُلِعت بالسخط، ورُمِيَ بها على الأرض. وأحرقت السمائم ثمارها. وتفرّق قواها، ويبس عصي عزها. وأتت عليها النار فأكلتها. بعد ذلك غرس كرمةً أخرى في البدو وفي الأرض المهْملة العطشى. فخرجت من أغصانها الباسقة نار أكلت ثمار تلك حتى لم يوجد فيها عصا قوية بعدها ولا قضيب ينهض بأمر السلطان).

هذا الحُكم الذي صدر من الله على بني إسرائيل بزوال مجدهم، وقد شبّه الأُمّة اليهودية إبان عزّها وسؤددها –لمّا كانت تعيش تحت مظلة الأنبياء– بالكرمة الحسنة، وبعد أن تمردت وأغضبت ربها،ُ نزع منها النبوة، واستأصل شأفتها، واقتلع جذورها، فذرتها الرياح، وأكلتها النار، وانتهى مجدها. واستبدل اللهُ بها أُمّةً هي خير أُمّةٍ أُخرِجت للناس، وشبّهها بشجرة قد غُرِست في أرض البادية العطشى، فأثمرت هذه الشجرة الأغصان الباسقة (الشريعة العالمية) التي نَسَخَتْ الشجرة الأولى .. فلم يبقَ فيها عهداً ولا نبوة ولا شَرْعاً صالحاً.

بشارة سِفْر النبيّ ميخا:

جاء في (الإصحاح الرابع 1-7): (ويكون في آخر الأيام أن جبل بيت الربّ يكون ثابتاً في رأس الجبال ويرتفع فوق التلال وتجري إليه شعوب وتسير نحوه أُمم كثيرة. ويقولون هلمّ نصعد إلى جبل الربّ. فيقضى بين شعوب كثيرة .. وفي ذلك اليوم يقول الربّ أجمع الظالعة وأضمّ المطرودة والتي أضررت بها. وأجعل الظالعة بقية والمقصاة أُمة قوية. ويملك الربّ عليهم من الآن إلى الأبد).

فهذه بشارة بأن البيت الخاص بالربّ في آخر الزمان يكون مبنياً على قمم الجبال وهذه صفة جبل عرفة وطرق الحج إلى البيت الحرام بمكة والذي بناه إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، خصوصاً وأنه أشار إلى قول الربّ "أجمع الظالعة وأضم المطرودة والتي أضررت بها والمقصاة يجعل من نسلها أُمّة قوية" وهذه الأوصاف لا تنطبق إلا على السيدة هاجر والتي أُقصيت هي وابنها إسماعيل إلى أرض الحجاز، ومن نسله جاءت أُمة الإسلام.

بشارة النبيّ حبقوق:

جاء في (الإصحاح الثالث: 3-6): (الله جاء من تيمان. والقدوس من جبل فاران. جلاله غطى السماوات والأرض امتلأت من تسبيحه. ومَلَكَ بيمينه رقاب الأُمم).

والنص في النسخة الإنجليزية، والأخرى المطبوعة في بيروت 1884م نرى النص كالآتي: (القُدوس من جبل فاران. لقد أضاءت السماء من بهاء مُحمّد وامتلأت الأرض من حمده. شعاع منظره مثل النور يحوط بلاده بعزة تسير المنايا أمامه وتصحب سباع الطير أجناده. قام فمسح الأرض فتضعضعتْ له الجبال الراسخة وتزعزعتْ ستور أهل مَدْيَن. ثم قال: زجركَ في الأنهار واحتدام صوتكَ في البحار يا مُحمّد. ادنو لقد رأتكَ الجبال فارتاعت).

وفي هذا إشارة إلى رسالة خاتم الأنبياء الذي بظهوره تمتلئ الأرض بالحمد والتسبيح، وسوف يأتي من نسل إسماعيل. (القدوس) من جبل فاران لأن ( فاران) هي أول أرض سكنها إسماعيل (تكوين 21/21) و(تيمان) هي أرض ابن إسماعيل ( تكوين 25/13) أوْ هي نسله.

بشارة ملاخي النبي:

يُبشّر النبيّ ملاخي في (الإصحاح الثاني: 5) بعهد جديد، وقُرب قدوم النبيّ الذي تنتظره الأُمم، الذي سيردّ الناس إلى الحق، ويدلّ أهل الكتاب على دين أبيهم إبراهيم، ليجتمع أبناء إسماعيل وأبناء اسحق على دين واحد، وهو دين الأنبياء جميعا: (هاأنذا أُرسل إليكم النبيّ الموعود قبل مجيء يوم الربّ. اليوم العظيم المرعِب. فيردّ قلب الآباء على الأبناء. وقلب الأبناء على آبائهم. لئلا آتي وأضرب الأرض بلعن).

بشارات النبيّ إرميا:

البشارة الأولى: خاطب الله النبيّ الخاتم على لسان إرميا في الإصحاح الأول فقال: (مِنْ قبل أن أصوّركَ في الرَّحِم عرّفتك. ومن قبل أن تخرج من البطن قدّستكَ. وجعلتكَ نبياً للأُمم. لأنكَ بكل ما آمركَ تصدع. وإلى كل من أرسلكَ تتوجّه. فأنا معكَ لخلاصك. يقول الربّ: وأفرغتُ كلامي في فمِكَ إفراغاً. فتأمل وانظر. فقد سلّطتك اليوم على الأُمَم والممالك الظالمة. لتنسف وتهدم وتتبر وتسحق. وتغرِس من رأيت). هذه البشارة شبيهة بنبوءات إشعياء وغيره: (إن الربّ أهابَ بي من بعيد، وذكر اسمي وأنا في الرحِم، وجعلَ لساني كالسيف الصارم).

البشارة الثانية: قال إرميا في الإصحاح التاسع عشر مُخبِراً عن الله عزّ وجل أنه قال: (إني جاعلُ بعد تلك الأيام شريعتي في أفواههم، وأكتبها في قلوبهم، فأكونُ لهم إلهاً، ويكونون لي عباداً، ولا يحتاج الرجل أن يعلّم أخاه وقريبه الدين والملّة، ولا إلى أن يقول له اعرف الربّ، لأنّ جميعهم يعرفونه صغارهم وكبارهم، وأنا أغفر لذلك ذنوبهم، ولا أُذكّرهم بخطاياهم).

وفيها إشارة إلى كرامة أُمة مُحمّد، وتشريفها بالقرآن، واصطفائها، وخيريتها الباقية.

البشارة الثالثة: أشار إرميا في الفصل الثاني والثلاثين- إلى خطاب من الله تعالى للنبيّ الخاتم: (اعدّوا لي آلات الحرب. فإنّي أُبدّد بكَ الشعوب. وأُبدّد بكَ الخيل وفرسانها وأُبدّد بكَ الولاة الطغاة. وأُجازي بابل وجميع سكان بلاد الكلدانيين بجميع أوزارهم التي ارتكبوها. هذا قول الربّ). وقد حمل هذا النص وعيداً شديداً من الله للأُمة الفارسية الكسروية وغيرها من الممالك الظالمة، وقد تحقق فعلاً، وأقامه الله شاهداً من شواهد التاريخ.

دانيال يتنبأ بزمان الملكوت:

يمتاز (سِفْر النبيّ دانيال) باشتماله على بشارات صريحة بختم النبوة وظهور الرسالة الأبدية، واشتمال نبوءته على أرقام وتواريخ محدّدة، عن طريقها عرف الأحبار والرهبان زمن مجيء نبيّ آخر الزمان، وحددوا موعد ظهور أُمّة الملكوت.

[/RIGHT]