وأخيرًا .. أرى من النافع الإشارة إلى سلبيات قد تقع في بعض الردود رغبة في اجتنابها وتحذيرًا من الوقوع فيها، وهذه السلبيات هي:
1 _الدخول في جزئيات وتفريعات بعيدة عن موطن الشبهة وأصل الافتراء.لأن ذلك مما يجعل القارئ يمل و يعطي الفرصة للخصم ليسم المسلم بالفرّار و الهارب.
2_التطويل الزائد والإسهاب الممل في الرد على الافتراء.و من مساوئه أنه يؤدي إلى الملل و السأم و الضجر أما إذا كان الرد مضغوطا موجزا كان كضربة في مقتل .
3_اختصار الرد اختصارًا مخلاً يجعله غير كافٍ.فالتوسط مطلوب فلو دعت الضرورة إلى الاختصار و الإيجاز فلا بد أن يكون ردا حاملا لجميع مقومات الرد و عناصره .
4_الانتقال إلى بحث عنصر قبل الانتهاء من بحث العنصر السابق له.إذ إقامة الحجة على الخصم و الإجهاز عليه في نقطة يحسم مسألة إثارة الخصم للننقطة ذاتها و لو رجع إليها لكان علامة على هزيمته و اندحاره. و ذكرني هذا بما أخرجه السيوطي في الدر المنثور عن ابن عباس رضي الله عنه في حواره مع الخوارج حين يقول لهم : أخرجت من هذه ؟ فيجيبون قائلين : نعم. فقد أجهز على جميع ما أشكل و التبس عليهم و قطع دابرهم و الحمد لله رب العالمين.
5_استخدام ألفاظ واصطلاحات غريبة تخفى على جمهور المستمعين.إن استخدام الأسلوب الميسر السهل كفيل بالإفهام و الإفحام.
6_الرد من دين الخصم وكتبه قبل استيفاء الرد من الناحية الإسلامية.لأن ذلك يعتبر هزيمة و عجزا عن الرد .أما من فصل الرد و دحر العدو من خلال آيات الذكر الحكيم و صحيح السنة النبوية و أقوال العلماء بما لا يتعارض مع مصدري التشريع كان أنفع و أرفع.
7_غلبة الجانب العاطفي والخطابي في الرد على الجانب العلمي المنهجي.و هذا المنهج للضعفاء و قد رأيت النصارى كثيرا ما توقف مسيل برهانهم فبدأوا في الدخول في تلك المقولات التي تدغدغ المشاعر إن يسوع يحبك و جاء إلى الأرض متجسدا ليفديك !!!!
8_استخدام عبارات التعميم والإطلاق في الرد دون التوثق من ذلك بالبحث والاستقراء التام، كقول القائل: (لم تأتِ هذه اللفظة في أي حديث) أو (لم يقل بذلك أي عالم قط) أو (لا ينكر ذلك أي شخص في العالم) أو (لم يحدث مثل ذلك في التاريخ كله.) و هذا من شأنه أن يجعل القراء لا يثقون بعلم من طرح الفكرة و يتهمونه بالعجلة و النصارى عندما يقعون على ما أنكره المسلم جعلوا ذلك نصرا عظيما يجب الإشادة به.فحذار من التسرع و الأحكام الجاهزة .
9_تحوّل الرد إلى مناقشة أمور شخصية لا ينبني على ثبوتها أو عدم ثبوتها حكم أو ثمرة.و النصارى يعرفون كيف يجرون المسلم ليدخل معهم في مثل تلك النقاشات التي تؤدي في خاتمة المطاف إلى طرد المسلم بحجة قلة الأدب و الحديث عن أمور خارجة عن الموضوع و قد تجدهم هم من استدرجه إلى ذلك.
10_الوقوع في التناقض والاضطراب في الرد، كإثبات شيء ثم نفيه، أو قبوله ثم رفضه، ومن ذلك قول القائل في موضع من إجابته إن كلمة النكاح لا تأتي إلا بمعنى الزواج فقط، ثم يعود فيذكر في موضع آخر من الإجابة أنها تكون بمعنى الوطء، وهذا يَسِم كلامه بالتعارض والتناقض، وكان الأولى به من البداية أن يذكر أن النكاح يعني في الأصل الزواج، ولكن يُكْنَى به عن الوطء.فعلى المسلم أن يكتب ما يكون حجة له لا حجة عليه و النصارى ينتظرون مثل تلك السقطات ليقيموا عليها نصرا طالما انتظروه.
6 _ نماذج للرد على الشبهات:
أولا : اقرأ هذه الشبهات:
ثانيا: اكتب ما تراه مناسبا للرد عليها على ضوء تقسيمها إلى :
ما له علاقة بالعقيدة
ما له علاقة باللغة
ما له علاقة بالفقه
ما له علاقة بالحديث
1 _ يقول النصارى :

وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ الآية:(124)من سورة البقرة.
إن بها خطأ نحويا و الصواب الظالمون.
2 _ يقول النصارى

: لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (22) بها خطأ إملائي .
3 _ يقول النصارى :إن أبا حنيفة رحمه الله مشرك و كافر لأنه ورد عنه قوله أن أبا حنيفة قال: لو أن رجلًا عبد هذا البغل يتقرب به إلى اللهلم أر بذلك بأسًا.في المنتظم لابن الجوزي
4 _ يقول النصارى : إن الصحابة لا يميزون القرآن و لا يعرفونه استنادا لقول ابن عباس رضي الله عنهما : سمعت رسول الله -- يقول : «
لو أن لابن آدم مثل واد من ذهب مالا لأحب أن يكون إليه مثله ، ولا يملأ عين ابن آدم إلا التراب ، ويتوب الله على من تاب».
قال ابن عباس : فلا أدري أمن القران هو ، أم لا ؟
5 _ يقول النصارى : الرسول صلى الله عليه و سلم جبان لأنه أصيب في غزوة أحد.
6 _ يقول النصارى : الله تعالى عن قول الأفاكين و عبدة الخروف علوا كبيرا يتجسد من خلال قول الرسول صلى الله عليه و سلم:
فَيَأْتِيهِمْ الْجَبَّارُ فِي صُورَةٍ غَيْرِ صُورَتِهِ الَّتِي رَأَوْهُ فِيهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ فَيَقُولُونَ أَنْتَ رَبُّنَا. أخرجه البخاري عن أبي سعيد.
7 _ يقول النصارى : الرسول قاتل لنه أمر بقتل امرأة عجوز تسمى أم قرفة.
8 _ يقول النصارى : الإسلام يظلم المرأة في الميراث للأن الذكر يأخذ مثل حظ الأنثيين.
9 _ يقول النصارى : إن الرسول صلى الله عليه و سلم تعلم من القس ورقة بن نوفل.
10 _ يقول النصارى : إبراهيم عليه السلام عبد الأصنام.
و غيرها كثير جدا .
حاول أن ترد على واحدة بالاعتماد على نفسك في التنقير عن الأدلة باعتمادك و استفادتك مما سبق.
خاتمة جامعة :
في الختام لا بد من هذه الفوائد:
1 _ الإسلام دين العقل و العلم و لن يجد فيه الزنادقة و لا اليهود و لا النصارى في كتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم ما يشين .
2 _ إيراد الشبهات من طرف الأعداء مظهر من مظاهر إفلاسهم .
3 _ قال الشيخ السعدي في قاعدة نفيسة من قواعد كتابه الماتع القواعد الحسان :
القاعدة السابعة والستون: يرشد القرآن إلى الرجوع إلى الأمر المعلوم المحقق، للخروج من الشبهات والتوهمات
وهذه القاعدة جليلة يعبر عنها: بأن الموهوم لا يدفع المعلوم، وأن المجهول لا يعارض المحقق. ونحوها من العبارات.
وقد نبه الله عليها في مواضع كثيرة:
منها: لما أخبر عن الراسخين في العلم، وأن طريقتهم في المتشبهات: أنهم يقولون: { آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا }، [ آل عمران: 7 ]، فالأمور المحكمة المعلومة، يتعين أن يرد إليها كل أمر مشتبه مظنون. و في زجر المؤمنين عن مجاراة الشائعات التي يقولها أهل السوء في إخوانهم المؤمنين:
{ لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ }، [ النور: 12 ]، فأمرهم بالرجوع إلى ما عُلم من إيمان المؤمنين الذي يدفع السيئات، وأن يعتبروا هذا الأصل المعلوم، ولا يعتبروا كلام الخبيثين بما يناقضه، ويقدح فيه.
و: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً }، [ الأحزاب: 69 ]، فوجاهته عند الله تدفع عنه وتبرئه من كل عيب ونقص قاله من آذاه لأنه لا يكون وجيها عند ربه حتى يسلم من جميع المنقصات ويتحلى بجميع الكمالات اللائقة بأمثاله من أولي العزم. فيحذر الله هذه الأمة أن يسلكوا مسلك من آذى موسى مع وجاهته، فيؤذوا أعظم الرسل جاهاً عند الله، وأرفعهم مقاماً ودرجة، وأرأفهم بالمؤمنين وأكثرهم إحساناً إلى الخلق.
و: { فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ }، [ يونس: 32 ]،
{ وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقّ }، [ سبأ: من الآية6 ]،.
4 _ الشبهات لا تزيد إلا من بريق الإسلام و لمعانه و تألقه.
5 _ أعداء الإسلام ماضون في التنقير و التنقيب عن مزيد من الشبهات أو تكرار القديم و على المسلمين التسلح بسلاح القرآن و السنة و الإيمان و العلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 _ كتبت الموضوع و مضى على كتابته أكثر من شهر و بحثثت عنه فلم أجده إلا بعد لأي فقمت بتصحيحه و إضافة ما يمكن إضافته .
2 _ استفدت من ردود بعض الإخوة نقلتها من بعض المنتديات فلما أردت الإحالة على أصحاب الردود فقدت الأصل و لم أثبت بالاسم إلا الدكتور هشام عزمي فجزى الله من نقلت عنه و لم أستطع الإحالة على منتداه أو اسمه و جعل الله ما نقلت سببا في صدقة جارية.
و كتبه أبو أنس الصارم الصقيل
إحدى واحات جنوب المغرب الأقصى صبيحة يوم الأربعاء ثالث عشر جمادى الأولى 1431.
المفضلات