بسم الله الرحمن الرحيم

في غزوة الخندق هجم العدو بحشوده، وكان لابد من تعبئة المسلمين جميعهم لحفر الخندق. شارك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطى المثال من نفسه. ونهض المسلمون كلهم خفافا
لإنجاز هذه الخدمة الملحة المستعجلة. وسرت فيهم حماسة استعلت فأصبحت عزمة ماضية.
وصحب هذه الهبة شعور جديد بذاتية جهادية، ذاتية جماعة ملتحمة التحاما عضويا حول الرسول الله صلى الله عليه وسلم. ذاتية روحها البيعة له صلى الله عليه وسلم، ورائدها التشوف لجزاء الآخرة وخيرها.
اقرأ هذا الشعور والالتحام والتشوف في الحديث التالي : روى البخاري عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال : «لما كان يوم الأحزاب وخندق رسول الله صلى الله عليه وسلم، رأيته ينقل من تراب الخندق حتى وارى عني التراب جلدة بطنه، وكان كثير الشعر». وروى البخاري عن أنس رضي الله عنه أن الأنصار والمهاجرين كانوا يرتجزون وهم يحفرون الخندق وينقلون التراب على متونهم.
نحن الذين بايعوا محمدا على الجهاد ما بقينا أبدا
فيجيبهم النبي صلى الله عليه وسلم : اللهم إنه لا خير إلا خير الآخرة، فبارك في الأنصار والمهاجره.
الرسول القائد ينقل التراب ! لا إله إلا الله محمد رسول الله.
وهذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وجسده الشريف يغطيه الغبار - والغبرة في سبيل الله من أوسمة الجهاد- وهو يربي وسط هذا الانشغال، ووسط هذه الزحمة والهول. يرفع العواطف والأفكار لتستهين بالدنيا وما فيها وتتعلق بالله عز وجل وبالآخرة.
فحين يقول غيرنا : «تعبئة من أجل التنمية والإنتاج»، نقول نحن : «تعبئة تنمية
وإنتاج وتعليم وتحرير من أجل نيل رضى الله».