الفرق بين الإسلام والشرك والكفر

الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله

وصحبه أجمعين


تسمحوا لى بهذه المداخلة[/COLOR]

هذه مقتطفات من كلام أهل العلم حول حقيقة الإسلام والشرك والكفر، وأسماء الدين وأحكامه المتعلقه بهذا الموضوع والفرق بينهما واجتماعهما وافتراقهما، وما يلزم من تلك الأسماء والأحكام قبل وبعد قيام الحجة. وغالب الخطأ اليوم هو عدم التفريق بين اسم الإسلام واسم الشرك واسم الكفر، وبما يثبت كل واحد من هذه الأسماء، وما الأحكام التي تلحق كل من هذه الأسماء. ومن الأخطاء التي تذكر هنا، التسرع في التكفير (إسم الكفر وحكمه) للذي فعل مكّفر، دون تمييز وتبين من كون المعين يجب أن تتوفر فيه شروط وتنتفي عنه موانع، وخاصة قيام الحجة التي هي أهم تلك الموانع، فنقلت هنا من أقوال وشروحات العلماء في هذه المسألة وأن اسم الكفر وحكم التكفير لا يكون إلا بعد أن تقوم عليه الحجة الرسالية. وأخطأ فريق آخر ظن أن المشرك الجاهل، لا يلحق به إسم الشرك ويبقى داخل دائرة الإسلام، فنقلت من أقوال العلماء، أن من جاء بالشرك فقد خرج من الإسلام ويلحقه إسم الشرك وإن كان جاهلاً.


فالحذر الحذر من التسرع في التكفير والحذر الحذر من أن تبطل أعمالنا بالشرك ونحن لا نعلم، نسأل الله العافية في الدنيا والآخرة.
ومن فهم هذا، فهم تخوف الانبياء والمرسلين من الشرك، وحذرهم منه، ودعاء الله سبحانه وتعالى أن يُجنبهم الشرك، ويفهم كذلك، حرصهم على بيان ذلك للناس، وما ذلك إلى لمعرفتهم ضرر ذلك وحرصهم على الخير للناس.


قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (الفتاوى 20/37): وقد فرق الله بين ما قبل الرسالة وما بعدها في أسماء وأحكام وجمع بينها في أسماء وأحكام. وقال: ومعرفة حدود الأسماء واجبة، لاسيما حدود ما أنزل الله على رسوله. وقال الشيخ عبد اللطيف رحمه الله (منهاج التأسيس ص12): وكم هلك بسبب قصور العلم، وعدم معرفة الحدود والحقائق من أمة، وكم وقع بذلك من غلط وريب وغمة، مثال ذلك الإسلام والشرك نقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان، والجهل بالحقيقتين أو أحدهما أوقع كثيرا من الناس بالشرك وعبادة الصالحين لعدم معرفة الحقائق وتصورها. وقال والده عبد الرحمن (رسالة أصل دين الإسلام): فإن من فعل الشرك فقد ترك التوحيد فإنهما ضدان لا يجتمعان.
فالمطلوب معرفة حقيقة الشيء وماهيّته وحدوده التي حدها الله بها والأصل فيه.


وبصورة عامة يجب معرفة الحد الحقيقي من الديانة، ونقوم به على الوجه الذي ينبغي القيام به

حتى تتحقق النجاة الحقيقية.


الخلاصة في أقوال أهل العلم:

المشرك الجاهل، الذي لم تقم عليه حجة البلاغ لا يكون مسلمًا، إلا أنه لا يعين بالكفر المستلزم للعقوبة إلا بعد إقامة الحجة
قال الشيخ مدحت ال فراج (مختصر المفيد في عقائد ائمة التوحيد 521): إذا وقع العبد في عبادة غير الله جاهلاً، ولم تقم عليه حجة البلاغ، في وقت يقاس فيه أهله بأهل الفترات، فهذا العبد لا يحكم عليه بالكفر حتى تقام عليه الحجة، ولكن هذا لا يستلزم الحكم له بالإسلام، لا وكلا، لأن للإسلام حد، من قام به كان من أهله، ومن لم يقم به تحت أي شبهة من الشبهات فهو خارج من عداد المسلمين، وماثل في عداد المشركين. إذا تمهَّد هذا، فنقول: إن هذا العبد لا يكون كافرًا إلاَّ بعد قيام الحجة، لأن الكفر وصف ومعنى متضمن للرد والإنكار والتكذيب المستلزم للعقوبة، وهذا لا يكون إلاَّ بعد بلوغ الرسالة وإقامة الحجة، وكذلك الحكم بالخلود في النيران لمن مات على الكفر دون توبة منه، فهو أيضًا لا يكون إلاَّ بعد قيام الحجة بالرسل. فالمشرك الجاهل الذي لم تقم عليه حجة البلاغ، لا يكون مسلمًا، وإن نطق بالشهادتين، واستقبل القبلة، وقام ببعض الفرائض. وهذا هو المقصود المتعين من كلام الأئمة: كابن تيمية، وابن القيم، ومحمد بن عبد الوهاب، وأحفاده. ولذلك عندما يطلق هؤلاء الأئمة: القول بعدم تكفير المعين، من الذين وقعوا في عبادة غير الله، حتى تقام عليه الحجة، فمقصودهم الأكيد في هذا الشأن هو: الكفر المستلزم للعقوبة في الدنيا، والخلود في النيران في الآخرة. وكما قطع هؤلاء الأئمة بعدم تكفير المعيَّن، الذي وقع في عبادة غير الله، حتى تقام عليه الحجة، فنجدهم قد جزموا أيضًا بعدم إسلامه، وأثبتوا له حكم الشرك ووصفه، ولو لم تقم عليه حجة البلاغ. فهؤلاء المشركون الجاهلون يعاملون، معاملة أهل الفترات، سواء بسواء في الدنيا والآخرة.أهـ.


بيان حقيقة الإسلام

الإسلام هو إستسلام لله تعالى بالعبادة. قال تعالى (بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) البقرة112 وفي الحديث (بني الإسلام على خمس شهادة أن لا اله إلا الله) الحديث متفق عليه من حديث عمر رضي الله عنه. وقال ابن حزم رحمه الله (الفصل 4/35): وقال سائر أهل الإسلام كل من اعتقد بقلبه اعتقادا لا يشك فيه، وقال بلسانه لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وأن كل ما جاء به حق، وبرئ من كل دين سوى دين محمد صلى الله عليه وسلم فإنه مسلم مؤمن ليس عليه غير ذلك. ومن المعلوم أن المطلوب لمن نطق بها (لا اله إلا الله)، أن يكون عالماً بها غير جاهل، متيقناً منها غير شاك أو متردد، صادقاً في قوله غير كاذب، مخلصاً بقوله ذلك لا يبتغي غير وجه الله من جاه أو مال أو دفعاً لخوف أو ضرر، قابلاً منقاداً مستسلماً لها غير مستكبر عنها، محباً للتوحيد ولعبادة الله وحده لا شريك له كارهاً للشرك ومجتنباً لعبادة غير الله صغيرها وكبيرها.

بيان حقيقة الشرك



(يعبدونني لا يشركون بي شيئا) النور55 وقال تعالى: (وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا) الجن18



(وَقَالَ اللّهُ لاَ تَتَّخِذُواْ إِلـهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلهٌ وَاحِدٌ فَإيَّايَ فَارْهَبُونِ) النحل51 وقال تعالى: (أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله) الشورى21



(ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به) النساء60

وفي الأثر عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه مرفوعا (أي الذنب أعظم قال: أن تجعل لله ندا وهو خلقك) متفق عليه. وعن أبي بكر رضي الله عنه، قلنا يا رسول الله وهل الشرك إلا ما عُبد من دون الله أو دعي مع الله رواه أبو يعلى وفيه ضعف. نقل القاضي عياض (الشفاء - فصل ما هو من المقالات كفر): على أن كل مقالة نفت الوحدانية، أو صرحت بعبادة أحد غير الله أو مع الله فهي كفر بإجماع المسلمين. وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب (في تاريخ نجد ص223): إن الشرك عبادة غير الله والذبح والنذر له ودعاؤه، قال ولا أعلم أحدا من أهل العلم يختلف في ذلك. (بتصرف). ونقل الشيخ سليمان (في التيسير ص117): إجماع المفسرين على أن الطاعة في تحليل ما حرم الله أو تحريم ما أحل الله أنه عبادة لهم وشرك طاعة.

الإسلام والشرك ضدان لا يجتمعان وأن الشرك محبط للعمل




(وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) يونس105 وقال تعالى: (إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً) النساء48



(وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) الزمر65



: (وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) الأنعام88 قال تعالى: (فماذا بعد الحق إلا الضلال) يونس32

وقال ابن تيمية رحمه الله (الفتاوى14/282،284): ولهذا كان كل من لم يعبد الله فلا بد أن يكون عابدا لغيره يعبد غيره فيكون مشركا وليس في بني آدم قسم ثالث بل إما موحد أو مشرك. وقال الشيخ عبد الرحمن (أصل الإسلام وقاعدته) والشيخ عبد اللطيف (المنهاج ص12): من فعل الشرك فقد ترك التوحيد فإنهما ضدان لا يجتمعان ونقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان. قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب (الدرر السنية 2/23): فاعلم أن العبادة لا تسمَّى عبادة إلاَّ مع التوحيد، كما أن الصلاة لا تسمَّى صلاة إلاَّ مع الطهارة، فإذا دخل الشرك في العبادة فسدت، كالحدث إذا دخل في الطهارة. وقال سلمان بن عبد الله (تيسر العزيز الحميد 34): إن التجرد من الشرك لا بدَّ منه في العبادة، وإلاَّ فلا يكون العبد آتيًا بعبادة الله بل مشرك. وقد ذكرنا سابقاً أن المطلوب لمن نطق بها (لا اله إلا الله)، أن يكون عالماً بها غير جاهل، متيقناً منها غير شاك أو متردد، صادقاً في قوله غير كاذب، مخلصاً بقوله ذلك لا يبتغي غير وجه الله من جاه أو مال أو دفعاً لخوف أو ضرر، قابلاً منقاداً مستسلماً لها غير مستكبر عنها، محباً للتوحيد ولعبادة الله وحده لا شريك له كارهاً للشرك ومجتنباً لعبادة غير الله صغيرها وكبيرها.

الشرك قبيح وشر، لكن لا يعاقب فاعله عليه إلا بعد الرسالة

COLOR="Red"]جزاكم الله خيراً وجعلنا وإياكم ممن يستمعون الحق فيتبعون أحسنه