تعرض الدكتور يوحنا قلتة للعزل من منصبه كنائب بطريركى للأقباط الكاثوليك بل تعرض للتكفير لأنه انحنى لشخص النبى صلى الله عليه وسلم.
فالانبا يوحنا قلتة كتب مقالا تحت عنوان تأمل مسيحي قال فيه: أنا مسيحى وأؤمن بأن المسيح كلمة الله الذاتية الناطقة هو الوحى الكامل وكمال الوحى تعلمت هذا وملأ وجدانى ولكن أمام انسانيتك - ويقصد الرسول صلى الله عليه وسلم - وامام كتاب ربك الذى حملته وأمام تاريخك أمام كل ذلك لا أجد حرجا أو قلقا من أن أحنى رأسى إجلالا واحتراما وحبا وابهارا.. يا سيدى لا ينكر فضلك وسموك إلا جاحد أو جاهل.
ولأن الانبا يوحنا قلتة يؤمن بأن الأديان السماوية أتت من مشكاة واحدة فهو يفسر لنا وحدانية الله تعالى فى الإسلام والمسيحية ويثبت فى حوارنا أنه لا خلاف كثير بين رؤى الإسلام والمسيحية هذا إضافة إلى قضايا كثيرة ناقشتها فى حوار طويل مع نيافة الدكتور يوحنا قلتة
قلت لنيافته:
- ما سر اهتمامك بالإسلام ودراساتك المستفيضة له؟.
-- نشأت فى إحدى قرى الصعيد من عائلة معروفة ووجدت أن القرية منقسمة إلى غرب وشرق، الشرق به النيل والأرض الزراعية للمسلمين ولا يخطو إليها مسيحى والغرب للتجارة والمهن ولا يقطنه غير المسيحيين فكنت أسأل لماذا لا أذهب لألعب مع الأولاد المسلمين ولماذا لا يأتى الأولاد المسلمون يلعبون معى،
وحينما ذهبت إلى الكتاب كنت اذهب للكتاب بالكنيسة والمسلمون يذهبون لكتاب الجامع ثقافات مختلفة تماما فى قرية واحدة فلفت نظرى هذا الانقسام المزعج وبدأت أسعى لكى أفهم لماذا ومن هنا جاء شغفى واهتمامى بالثقافة الإسلامية ودراسة ثقافة وطنى وثقافة الغالبية من أبناء وطنى وبعد أن اتممت دراستى المسيحية واللاهوتية التحقت بجامعة القاهرة ودرست الثقافة الإسلامية فى الأدب العربى على يد الدكتور شوقى ضيف وسهير القلماوى وقابلت طه حسين عدة مرات، وكانت رسالة الماجستير عن أثر الثقافة الفرنسية فى أدب طه حسين أما الدكتوراه فكانت عن دراسة المستشرقين الفرنسيين للشعر العربى فانغمست انغماسا شديدا فى التراث الإسلامى والعربى.
- شيء طبيعى أن تتأثر بما قرأت فالأسد كم من الخراف كما يقولون وهذا يجعلنى اسألك ما هو التغيير الذى حدث فى فكر الدكتور يوحنا قلتة بعد كل هذه الدراسات للعلوم الإسلامية؟.
-- اعجب الآن أشد العجب لأن الذى أشاد بالعقل وقدسه هى الثقافة الإسلامية فى مذهب المعتزلة الذين نادوا فى القرن الرابع الهجرى - العاشر الميلادى حينما كان العالم يغط نوما وجهلا نادى المعتزلة بتقديس العقل وعدم قبول ما لم يقبله العقل وقبل علماء الغرب ولكن طمست دعوتهم بسبب الخلاف الدينى، وأنا لا اتطرق للخلاف المذهبى بين المعتزلة وغيرهم وإنما آخذ منهم تقديس العقل.
تعلمت أيضا من التراث العربى الشجاعة فى إبداء الرأى والآن لا استطيع أن اكتب ما أشاء ولا يستطيع أحد أن يكتب ما يشاء فنحن نعيش فى ظلام وخوف عربى كاسح خوف من الإرهاب والتطرف خوف من رجال الدين وأقول لكل المتعصبين والذين يعتقدون بأن بأيديهم مفاتيح الجنة أقول اقرأوا التراث الإسلامى فى القرون الثالث والرابع والخامس الهجرى لتعرفوا كيف كانت هناك حرية رأى لا مثيل لها حتى إن أبى نواس فى ديوانه كان يدعو إلى الشذوذ الجنسى ولم يقتله الخليفة نعم كان بين الحين والحين يسجنه ولكن كانت هناك حرية الآراء والمذاهب وكان للمسيحيين دورهم ولغير المسيحيين دورهم لأن الأمة كانت قوية لا تخشى بدعة أو مذهبا جديدا أما الآن فأمة ضعيفة تخشى فتح نافذة من هنا جاء إرهاب الفكر والثقافة فى العالم العربى والإسلامى.
- ومن أين جاء الضعف للأمة العربية والإسلامية من وجهة نظرك؟.
-- ضعفت الأمة العربية والإسلامية بسبب غياب الثقافة فلا يمكن أن يكون الأمى قويا مهما أوتى من عضلات وشجاعة فالعلم قوة وسلاح وإذا نظرنا إلى خريطة العالم العربى نجد 80% أميين فى الأمة العربية فأنا أزعم أن الأزمة فى العالم العربى والإسلامى أزمة ثقافة فالرجل البسيط يستطيع أن يقول للحاكم أنت مخطئ أى فنان يرسم ما يشاء دون حرج أو خوف لأنه قوى بعلمه لكن طالما الخوف هو سيد الموقف فتظل الأمة فى ضعفها وتمزقها.
- هل الانهيار الاقتصادى الذى تعانى منه الأمة هو أحد مسببات هذا الضعف؟.
-- أبدا فى دلتا النيل الأرزق أراض لا تجد من يزرعها وتكفى العالم العربى إذا ذهب الفلاحون المصريون قالوا جاءوا ليستعمروا السودان فأهلا بالسودان إذا استعمر مصر وأهلا بالمصريين إذا استعمروا السودان نحن شعب واحد فلما نصنع حدودا نضعها خوفا على السلطة فإذن من الناحية الاقتصادية هو عالم غنى بالبترول إحدى الدول لا داعى لذكرها ينص الدستور فيها على أن 50% من عائدات البترول للأسرة المالكة والحاكمة هذا بالإضافة إلى عدم وجود عدالة توزيع فى الاقتصاد حتى على مستوى دخول الناس أعرف أن هناك أناسا راتب الواحد منهم 20 ألف دولار وأعرف أن موظف الحكومة الجامعى لا يتعدى راتبه 150 جنيها تصورى هذا الفارق نعم هؤلاء صفوة وقلة ولكن لا يجوز هذا فى بلد إسلامى مهما كان، فالاقتصاد ليس أحد الأسباب بالعكس فالاقتصاد تعوزه يد العدالة والإدارة السليمة.
- قلت فى تصريحاتك إن المسلمين هم أقرب للمسيحيين من اليهود فعلى ماذا تستند؟.
-- أولا هذا تعبير للقرآن الكريم لتجدن أشد الناس عدواة للذين آمنوا اليهود والذين اشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون وثقافة المسلمين الأوائل وفى العصر الذهبى كانت ثقافة إسلامية مسيحية أى قبل أن تتكون الثقافة الإسلامية التى استمدت عناصرها من القرآن والسنة استمرت عناصرها أيضا من الثقافة المسيحية والثقافة اليونانية واللاتينية وترجمة الكتب وإلى آخره فأبناء الثقافة لها جذور واحدة المسيحية والإسلامية أيضا لعب المثقفون المسيحيون العرب دورا خطيرا فى نشأة الحضارة الإسلامية فهم الذين ترجموا وهم الذين وثق فيهم الخلفاء بل إن 90% من الأطباء والمهندسين والمفكرين كانوا والمسيحيين العرب وذلك فى بداية انتشار الإسلام استطيع أن أغامر وأقول بدون أن يغضب أحد إن الدولة الإسلامية والحضارة الإسلامية فى القرون الستة الأولى من الإسلام أسهم فى إقامتها المسيحيون وهذا ما قرب بين الإسلام والمسيحية الجذور التاريخ أيضا وللمسيح مكانة جليلة فى القرآن والكريم وكذلك للسيدة العذراء والتاريخ مليء بالتفاعل المسيحى الإسلامى ففى فتح فارس لجأ خالد بن الوليد إلى قبيلة مسيحية وساعدته فى فتح فارس واقتسمت معه الغنائم وهذا مذكور فى كتب التاريخ بل إنه من عظمة الرسول الكريم أنه عندما زاره وفد من مسيحيى نجران وأمر أن يقام القداس لعيد القيامة فى مسجد المدينة وأقولها مرة أخرى أمر الرسول الكريم أن يقام القداس فى مسجد المدينة فهذا هو الإسلام الذى تعلمناه فأين هذا الآن من تهمة الكفر التى تلاحقنا وتهمة أن الله ملك للمسلمين وحدهم والجنة ملك للمسلمين وحدهم هذه كانت أيضا ثقافة المسيحيين فى العصور الوسطى أن الله تعالى ملك لهم والجنة ملك لهم.
لقد انتهى عصر الامتلاك المطلق الآن نحن نعيش بمنطق يارب امتلكنا ولا نمتلكك وبين الإسلام والمسيحية قيم كثيرة يمكن أن تقيم جسورا للتعاون والتضامن قيمة الإنسان قيمة الحياة والعدالة قيمة المواطنة والحرية فليحتفظ المسلمون بثوابتهم وليحتفظ المسيحيون بثوابتهم، ويكفى أن الإسلام يرفض العنف والمسيحية ترفض العنف، الإسلام يرفض التدين الكاذب وكذلك المسيحية الإسلام يرفض الإكراه فى الدين والمسيحية أيضا ألا تكفى هذه القيم لإقامة حضارة إنسانية يسهم بها المسلمون والمسيحيون بدون عنف وليعلم الجمع أنه لم يكن يوجد فى فترة من التاريخ أن سادت المسيحية العالم كله ولم يكن فى عز ازدهار القوة الإسلامية أن ساد الإسلام فى العالم، هذه سنة الله التعددية والاختلاف وقبول الآخر فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.
- هل تعتقد أنه توجد أيد تعبث لخلق مزيد من التعصب الدينى الإسلامى والمسيحى وبالتالى زيادة الهوة والفرقة بينهما؟.
-- نعم توجد وتأكل بدل العيش غريبة وهم تجار الدين ويستخدمون بساطة الناس ولم يحدث هذا فى عز الدولة الإسلامية وكان وزراء الخلفاء المسلمين مسيحيين ويهودا وكان وزير المعز لدين الله الفاطمى يعقوب بن كبس وهو يهودى، وحاول أن يستفزه ضد المسيحيين وكان وزراء مسيحيون كثيرون فى البلاط الإسلامى فأين هذا نحن أمام موجة صاخبة وعمياء تجتاح العقل العربى والعقل الإسلامى وأقول تنبهوا ليس هذا من الإسلام فى شيء.
- أحيانا الإنسان يفكر بمنطق المؤامرة من هذا المنطق اسألك نيافة الانبا هل توجد مؤامرة لها يد خارجية تحركها؟.
-- بدون تكلفة وحرية لماذا المؤامرة المسيحيون يتمنون أن يكون العالم مسيحيا ويبشرون فى كل مكان والمسلمون يتمنون أن يكون العالم إسلاميا ويدعون له فى كل مكان فمرحبا بهذا مرحبا بالدعوة للمسيحية وبالدعوة الإسلامية لكن بالحسنى ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى هى أحسن أما استخدام العنف والكراهية والاستفزاز سأقولها وأنا رجل دين مسيحى، الدين الذى يعرض للعالم الأمن والسلام والحرية والحب هو الذى سيسود أما الدين الذى يعرض للعالم الكراهية والعنف والقتل فهذا الدين هو سبيله الزوال.
- عفوا دكتور لا توجد أديان تدعو إلى الكراهية أو بغض أو قتل وإنما جهل الناس بالأديان هى التى تشوه صورتها فكل الأديان السماوية من مشكاة واحدة وتدعو إلى الخير والحب والسلام.
-- وأنا أيضا أقصد أصحاب هذه الديانات فبدون أن يدروا هم يسيئون لأديانهم بتصرفاتهم غير الدينية والتى لا يعرفها الإسلام ولا تعرفها المسيحية.
- قصدت بسؤالى يا دكتور أن هدم مصر يأتى من الداخل وبالتحديد بضرب العلاقة بين المسلم والمسيحى، وقصدت بالأيدى المحركة لتجار الدين على الجانبين المسيحى والإسلامى قصدت بهما العدو الخارجى وليس التبشير أو الذين يدعون للإسلام.
-- أغلب الدول الكبرى لا تريد النهضة لمصر وأولهما إسرائيل فهى تود لو تتمزق مصر ولنقل بصراحة ما هو التحدى الأكبر لإسرائيل فى المستقبل ليس الفلسطينيين إطلاقا وإنما هى مصر بحجمها ومستقبلها وماضيها، بل إن الدول الكبرى تريد إضعاف مصر والتجربة شاهدة فى التاريخ بداية من من ضرب نهضة محمد على وضرب محاولة عبدالناصر للنهوض بالأمة والوحدة العربية، وأخيرا ضرب صدام وسيضربون أى زعيم يحاول أن ينهض بالأمة العربية، هذه حقيقة واضحة كالشمس فمتى نتعلم منها وندركها ونخطط لها.
- دكتور يوحنا قلت إن اليهود وراء تعرض المسلمين لظلم فادح خاصة بعد 11 سبتمبر.. فماذا كنت تقصد؟.
-- أقصد أن أحداث 11 سبتمبر قالت للعالم إننا أعداء لأمريكا وأن أمريكا عدو للإسلام وهذا ليس صحيحا فهناك أكثر من عشرة ملايين مسلم فى أمريكا وفى فرنسا خمسة ملايين وكان المسلمون يحيون حياة طبيعية قبل 11 سبتمبر وكان الإسلام ينتشر فى أوروبا فى ربوع الأرض 11 سبتمبر كانت بمثابة القنبلة التى قالت للعالم انتبهوا بينكم مسلمون أعداء لكم يدمرون حضاراتكم وبدأ العالم يعاملنا كالإرهابيين وأنا عندما أذهب للخارج أعامل كعربى واتعرض للتفتيش والرقابة فأحداث 11 سبتمبر كارثة بكل المقاييس للعالم الإسلامى والعربى.
- قلت أيضا إن الانتفاضة هى الطريق الوحيد لتحرير فلسطين هل مازلت عند هذا الرأى؟.
-- وأتمسك به وأقول هذا وأنا رجل دين مسيحى لا ادعو للعنف ولا أحب القتل ومع ذلك اسأل ما هو الطريق الآخر لتحرير الأراضى الفلسطينية هل أقول للطفل الذى رأى بعينه ذبح أبيه وأمه وأهله أقول له كفى مقاومة واقتلوا الانتفاضة كيف؟.
كثير من دول العالم تقول كفوا عن المقاومة وسيأتى سلام وهذا غير صحيح، ولن يكون هناك تحرير بدون مقاومة فنحن مع المقاومة المنظمة داخل فلسطين بل وأوصى المقاومين بأن ينسقوا أعمالهم بالسلطة الفلسطينية وليكون هناك جهاد بالمقاومة وجهاد سياسى.
- بعد أربع سنوات على مرور الانتفاضة بدأ يظهر مؤخرا سؤال يناقشه المثقفون: هل الانتفاضة تجدى أو تحصد خسائر؟ فهل هذا تراجع عن أهمية الانتفاضة أم هدم لها؟.
-- الانتفاضة هى التوهج النيرانى الوحيد فى العالم العربى وهى الشعلة المتبقية أمام العقل العربى، سمعت خطابا لكولن باول يقول إن الانتفاضة جلبت على الفلسطينيين الخسائر والهزائم ولم تنجح ولم يؤد إلى شيء، وهذا كلام خطأ، فالانتفاضة هى التى جعلت للفلسطينيين صوتا بين الأمم حتى الآن، هل نخادع ضميرنا ونقول إن الانتفاضة لم تكسب؟.. الانتفاضة تكسب بالتضحيات الجسيمة والآلام ولكن هذا ثمن الحرية.
- منذ فترة قريبة كان هناك أسبوع المقاطعة والذى تولته مجموعة من النقابات المصرية.. فأين الكنيسة الكاثوليكية من هذه المقاطعة؟.
-- الكنيسة الكاثوليكية على لسان البابا يوحنا بولس تقف تماما بجانب الانتفاضة وبجانب الفلسطينيين، وفى الوقت نفسه هى ليست ضد إسرائيل لأن الفاتيكان كممثل للكنيسة الكاثوليكية يرفض العنف والقتل وفى الوقت نفسه يتعاطف مع موقف الفلسطينيين فيرسل مساعدات وياسر عرفات صديق للبابا.
- هل الكنيسة الكاثوليكية ترى أن ما تفعله إسرائيل هو الإرهاب بعينه؟.. وهل تستطيع وصف أعمال إسرائيل فى الأراضى المحتلة بالإرهاب؟.
-- الكنيسة الكاثوليكية لا تدين أى طرف ادانة علانية ولا تحب أن تستخدم ألفاظا سياسية ولكنها تشجب أى عنف وخصوصا العنف الموجه إلى الشعب الفلسطينى، وهناك هيئات متعددة كاثوليكية تخدم فى فلسطين وكذلك الكنيسة تؤمن بأن إسرائيل دولة معترف بها من الأمم المتحدة لها حق الوجود والبقاء ولكن ليس على حساب إلغاء بقاء الفلسطينيين.
- عودة إلى مؤلفاتك نيافة الانبا، لك كتاب تحت عنوان أشواق الروح وهو عن شخصية المسيح فى القرآن الكريم.. كيف رأيت شخصية المسيح عليه السلام فى القرآن الكريم وما هو وجه الاختلاف بين رؤية الإسلام والمسيحية للمسيح عليه السلام؟.
-- واضح جدا فى القرآن الكريم وحدانية الله تعالى، وواضح جدا فى المسيحية وحدانية الله أنه هو الرب لا يكون إله غيره وقل أشهد أن لا إله إلا الله هذه عقيدة وحدانية موجودة فى الإسلام والمسيحية الذى أثار التساؤلات والحيرة هى عقيدة الثالوث وكثير من المفسرين المسلمين فهموها مثل البيضاوى والزمخشرى فالثالوث فى المسيحية ليس تقسيما للإله ولا تجزئة له ولا شرك به والعياذ بالله، فالله تعالى أحد صمد لم يلد ولم يولد لا شريك له، لكن الثالوث فى المسيحية هو شرح للوحدانية تجاسر المسيح وأعطانا فكرة عن ذات الله فقال الله واحد إنا هو الرب إلهك هذا الإله الواحد هو مصدر الحياة والنور والعلم والعقل والحب فهذا هو ثالوثنا فليس إضافة وإنما هو شرح للوحدانية.
تكلمت عن لفظ كلمة الله وهو المشترك بين المسيحية والإسلام المسيح هو كلمة الله والمسيحية تشرحها بطريقة والإسلام يشرحها بطريقة، المسيحية تقول كلمة الله الذاتية الناطقة الله سبحانه وتعالى له كلمة واحدة ذاتية ناطقة هى المسيح هذه الكلمة أخذت صورة إنسان كما أن القرآن الكريم فى عُرف المسلمين أن كلمة الله أخذت صورة كتاب ففى الإسلام كلمة الله تجسدت كتابا وفى المسيحية كلمة الله تجسدت إنسانا.
- فى كتابك الآخر المسيح دعوة للحرية وهو أيضا رؤية إسلامية عن المسيح فما هو وجه الاختلاف بين الكتابين؟.
-- ناديت فى كتاب دعوة للحرية بأن المسيحية ليست بها قوانين تشريعية اجتماعية واقتصادية وسياسية، ولا أرى أنه ليس نقصا فى المسيحية بل هو تحرر الإنسان من أى نظام اقتصادى وللإنسان أن يشرع لنفسه أى نظم سياسية واقتصادية واجتماعية، كما قال الرسول الكريم أنتم أعلم بشئون دنياكم، فالمسيحية هى دعوة أن يتحرر ضمير الإنسان، وعلى فكرة ليس بالمسيحية سلطة لرجال الدين وإنما هى خدمة.
- خدمة!!.
-- نعم، ونحن الذين حولناها إلى سلطة لكى نأكل عيش فرجال الدين فى المسيحية خدام، والمسيح يقول جئت لأخدم.
- عرفت أنك تحفظ القرآن الكريم؟.
-- نعم، احفظ الكثير من القرآن الكريم وأحب أن اسمع صوت الحصرى، فأنا اهتز له روحيا فالقرآن الكريم دعوة مقدسة ليتأمل الإنسان فى حياته والحياة الدنيا ويتأمل فى ملكوت الله فهو دعوة لكل إنسان وليس شرطا أن أكون مسلما وأؤمن بالعقيدة الإسلامية لكى أقرأ وأستفيد بالقرآن الكرين فأنا مسيحى ومتمسك بعقيدتى ودرست الفكر الإسلامى، والقرآن مصدر من مصادر التأمل والثراء الروحى.
- لك مقال قلب الدنيا ضدك واتهموك بسببه بالكفر بل وطالبوا بعزلك من منصبك، وقلت إنك كرجل دين تنحنى برأسك لشخص الرسول عليه الصلاة والسلام. فما هى قصة هذا المقال؟.
-- أزعم أن الرسول الكريم لم يكن يخطر على باله اضطهاد المسيحيين نعم حدد العقيدة الإسلامية وحدد الإيمان والكفر وهو شيء طبيعى فى كل دين لكن ما أثارنى وجعلنى أكتب هذا المقال وسبب لى العواطف أننى دعوت إلى احترام شخصية الرسول واحترام القرآن الكريم وليس معنى هذا أننى غيرت دينى، فواجب على أن احترم هذه الشخصية العظيمة التى غيرت وجه التاريخ والتى كونت من صعاليك البدو وجماعات متحاربة امبراطورية عظيمة ألا تستحق الاحترام والتكريم والمكانة السامية التى أخذها الرسول الكريم فى التاريخ الإنسانى هذا يدفعنى أنا المسيحى إلى احترامه أشد الاحترام.
- من وحى ما قرأت كيف رأيت محمد صلى الله عليه وسلم الإنسان؟.
-- رأيت دعوة إلى البشر أن تتبسط فى أمور الدين وألا تتعقد فى حياتها الروحية وأن يكون السبيل إلى الله تعالى هو نقاء الضمير وعمل الخير الرسول الكريم حينما دخل الكعبة منتصرا وأمر بإزالة كل التماثيل الوثنية بالكعبة ما عدا صورة مريم وعيسى المسيح التى كانت مرسومة على الكعبة فوضع كفه الكريم عليها وقال أزيلوا كل ما فى الكعبة ماعدا هذه هذا فى التاريخ الإسلامى، أنا لا أعرف لماذا لا نعلم أطفالنا هذه الأمثلة.
http://www.al-araby.com/articles/932...-932-spc02.htm
المفضلات