قال العلماء رحمهم الله ورضي عنهم في سبب امتناع الملائكة من دخول البيت الذي فيه صورة كونها معصية فاحشة , وفيها مضاهاة لخلق الله , وبعضها في صورة ما يعبد من دون الله , وأما سبب امتناعهم من البيت الذي فيه كلب فكثرة أكله النجاسات , وكون بعض الكلاب يسمى شيطانا كما جاء في الكلب الأسود البهيم , والملائكة ضد الشياطين ولقبح رائحة الكلب , والملائكة تكره الرائحة القبيحة الخبيثة , ولأنها منهي عن اتخاذها فعوقب متخذها بحرمان دخول الملائكة بيته وصلاتها فيه واستغفارها له وتبركها عليه في بيته ودفعها أذى الشياطين , والمراد بالملائكة الذين لا يدخلون بيتا فيه كلب ولا صورة ملائكة يطوفون بالرحمة والتبرك والاستغفار فهم ملائكة البركة والرحمة .
وأما الحفظة , والموكلون بقبض الأرواح فيدخلون كل بيت ولا يفارقون بني آدم في حال ; لأنهم مأمورون بإحصاء أعمالهم وكتابتها . قال الخطابي : وإنما لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة مما يحرم اقتناؤه من الكلاب والصور , فأما ما ليس بحرام من كلب الصيد والزرع , والماشية والصورة التي تكون في البساطة , والوسادة وغيرها فلا يمتنع دخول الملائكة بسببه وأشار القاضي عياض إلى نحو ما قاله الخطابي , وقال النووي : الأظهر أنه عام في كل كلب وصورة لإطلاق الأحاديث والله أعلم .
وهناك عدة وجوه أخرى :
أولاً : انه لما كان الكلب الاسود أشد ضرراً وقبحاً من غيره سمي شيطاناً من باب التشبيه لا أكثر .
ثانياً : أن يقال بأن الأمر على حقيقته وأن بعض الشياطين تتصور بصورة الكلاب السود ولا غرابة في ذلك .
ثالثاُ : أو أن يقال بأن كون الكلب الاسود شيطاناً يحتمل أن يكون المعنى أنه على صفته أو مسخ من الشيطان ، أي ان الكلب كان في الاصل شيطاناً فمسخ بتلك الصورة وهي صورة الكلب .
رابعاَ : أن الشيطان لا يمتنع أن يختص بالدخول في الكلب الأسود لخصيصة فيه ، كما ذكر في الإنجيل : أن المسيح أخرج الشياطين من الناس فدخلت في قطيع الخنازير . انظر انجيل مرقس الاصحاح الخامس . ثم اذا جاز في عقول أهل الصليب ان الله خالق السموات والارض يظهر في مخلوقاته فكيف يمتنع ذلك في بعض مخلوقاته وهو الشيطان أن يظهر في كلب أسود ؟
ولماذا لا يؤمن أهل الصليب ان يتجسد الرب بكلب كما تجسد ببشر تارة وفي خروف تارة أخرى (سفر رؤيا) وفي حمامة تارة اخرى (الروح القدس)؟ هل يعجز ربهم في ذلك ؟

المفضلات