بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مسألة صلب المسيح

بين الحقيقة والإفتراء

أحمد ديدات

الفصل الأول

السَّبَبُ الوَحيْد للرَّوَاج

" بين الخالدين من الرجال "

منذ سنوات قليلة نشر المؤرخ وعالم الرياضيات الأمريكي " مايكل م . هارت " كتاباً بعنوان " الخالدون مئة هم القمم الشاهقة في التاريخ "

وفي كتابه ذاك يذكر المؤلف أسماء مئة من الرجال ، هم الأكثر تأثيراً في التاريخ ،

ويقدم لنا أسبابه بالنسبة للترتيب تبعاً للمكانة التي يحتلها كل منهم في القائمة

( أي أنه يرتبهم حسب تأثير وأهمية كل منهم على تاريخ البشر وحياتهم ) .

ومن عجب – وهو على الأرجح مسيحي – أنه يذكر محمداً ، نبي الإسلام ، عليه السلام ، على رأس المئة ولأسباب قوية .

ولأسباب قوية أيضاً يضع المؤلف عيسى عليه السلام وهو الذي يعتبر سيد البشر ومخلص البشرية من آثامها

في نظر كل الأمريكيين من مواطنيه تقريباً ، في المرتبة الثالثة .


المؤسس الحقيقي للمسيحية :

ورغم أنه يوجد الآن 1200 مليون مسيحي في العالم ، وأكثر من 1000 مليون مسلم وفق الإحصاء الرسمي ،

فإن البروفيسور هارت يقسِّم فضل تأسيس المسيحية بين كلٍّ من القديس بولس ، وبين عيسى عليه السلام ، وهو يعزو الفضل الأكبر لبولس .

ومن هنا كانت المرتبة الثالثة لعيسى عليه السلام . وكلُّ مسيحي يعتدُّ بديانته يعتبر أن المؤسس الحقيقي للمسيحية هو القديس بولس ، وليس عيسى عليه السلام .


سبب الاختلاف :

وعلى أي حال ، فلو كان هنالك تمايز بين مسلم ومسيحي فيما يتصل بالتيقن أو العقيدة أو الأخلاق أو الفضيلة ،

فإن سبب هذا التمايز يمكن إرجاعه إلى قول أنشاه بولس ، يمكن العثور عليه في رسائله إلى أهل كورنثوس ،

أو إلى أهل فيلبى ، أو إلى أهل غلاطية ، أو إلى أهل تسالونيكي .. إلخ ، كما ([1]) وردت بالإنجيل .

وبعكس تعاليم السيد المسيح من أن الخلاص يتحقق فحسب عند التحقق بما ورد بالوصايا

( إنجيل متى 19 : 16 - 17 ) فإن الخلاص عند بولس يتمثل في عملية الصلب ( الرسالة إلى أهل كولوسى 2 : 14 )

وهو يذهب إلى أن الخلاص يمكن أن يتم بموت وبعث عيسى المسيح إذ يقول :

" وإن لم يكن المسيح قد " قام " فباطله كرازتنا وباطل أيضاً إيمانكم " ( الرسالة الأولى إلى أهل كورنثوس 15 : 14 ) .


أهم رجال المسيحية :

وفي نظر القديس بولس فإن المسيحية لا يمكن أن تقدم للبشر ما هو أفضل من دم وآلام سفك دم يسوع .

ولو لم يكن قد مات وقام من بين الموتى لما كان ثمة خلاص للبشرية في المسيحية !

" لأن كل أعمال بِرِّنا تكون كثوب خرِقة " . ( أشعياء 64 : 6 ) .


انتفاء الصلب نفي للمسيحية:

" إن وفاة عيسى على الصليب هي عصب كل العقيدة المسيحية .

إن كل النظريات المسيحية عن الله ، وعن الخليقة ، وعن الخطيئة ، وعن الموت ، تستمد مِحْوَرَها من المسيح المصلوب .

وكل النظريات المسيحية عن التاريخ ، وعن الكنيسة ، وعن الإيمان ، وعن التطهر ، وعن المستقبل ، وعن الأمل

إنما تنبع من " المسيح المصلوب " فيما يقول البروفيسور جوردن مولتمان في كتابه عن " الإله ([2]) المصلوب " .

ومجمل القول هو أن انتفاء الصلب انتفاء للمسيحية ! وتلك هي تجربتنا نحن المسلمين الذين نعيش ([3]) في خضم المسيحية في جنوب إفريقيا ، وتتنافس آلاف الطوائف المسيحية كل طائفة مع الأخرى لتخليص الوثني ([4]) من نار جهنم ( عندما يؤمن بصلب المسيح ) .

وعلى كل حال ، في خضم هذا المعترك الفكري لن تجد قساً مسيحياً بروتستانتينياً ، أو إنجيلياً ، من أهل البلاد ، أو من خارجها ،

لن تجده يحاول أن يُعلِّم مُسلماً شيئاً عن مبادئ الصحة أو النظافة ، لأن لنا – نحن المسلمين- أن ندعي أننا أكثر الناس نظافة ( فيما يتعلق بالنظافة الشخصية ) .

وهم لن يحاولوا أن يعلمونا الكرم ، لأننا أكثر الشعوب كرماً ، ولن يحاولوا أن يعلمونا الأخلاق والفضائل لأننا أرقى الشعوب خلقاً ،

وأكثر الشعوب فضائل ( في مجمل القول ) فنحن مثلاً لا نشرب الخمر ، ولا نقامر ، ولا نتخاصم ، ولا نرابي ، ولا نرقص .

ونحن نصلي خمس مرات في اليوم ، ونصوم شهراً كاملاً طوال شهر رمضان المعظم ويَسُرُّ خواطرنا دائماً أن نكون أناساً مُحِبين للخير .

ورغم أوجه النقص ( التي قد تعتري مسلك بعض المسلمين لضعف إيمان أو وهن عزيمة –

فإنه يمكن لنا القول بأنه لا توجد جماعة من البشر يمكن أن يزعموا أنهم يستطيعون أن يضيئوا لنا شمعة في مجال

الأخوة ، أو التقوى ، أو الورع ، ليس في شموع الدين الإسلامي مثيل لها ) .


الدم من أجل الخلاص :

يقول لك المبشر المسيحي : " نعم . نعم : ولكن لا خلاص لك لأن الخلاص إنما يتأتى فحسب من خلال دم ربنا يسوع .

وكل أعمالك الصالحات إنما هي كثوب رث . ( فلا تغتر بها إذ أنها ليست كافية لخلاصك من العذاب )

ويقول : " لو أنكم أيها المسلمون تقبلون الاعتقاد بأن دم المسيح هو سبيل الخلاص ، ولو اتخذتم يسوع " كمخلص شخصي "

فإنكم أيها المسلمون تصبحون كملائكة تمشي على الأرض " .


إجابة شافية :

ماذا نقول كمسلمين إزاء مثل هذا الإدعاء المسيحي ؟ .

ليست هنالك – في نظري – إجابة أكثر إقناعاً من قوله تعالى :

( وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ

وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً ) .

( سورة النساء : الآية 157 ) .

هل يمكن لأحد أن يكون أكثر وضوحاً وأكثر تأكيداً وأكثر يقيناً وأكثر رفضاً للمساومة تجاه معتقد من معتقدات الإيمان عن هذه الإجابة ؟

الإجابة هي : مستحيل ! إن الله هو وحده العليم القدير البصير مالك الملك . إنه الله سبحانه وتعالى .

ويؤمن المسلم أن هذه الإجابة الكاملة إنما هي من الله سبحانه وتعالى . ومن ثم لا يثير سؤالاً ولا يتطلب دليلاً . يقول المسلم : آمنا وصدقنا .

ولو كان المسيحيون قد قبلوا بالقرآن الكريم باعتبار أنه وحي الله لما ثارت مشكلة صلب المسيح .

إنهم يعترضون بتعصب على تعاليم القرآن ويهاجمون كل شيء إسلامي .

إنهم كما يصفهم توماس كارلايل " قد درِّبوا أن يكرهوا محمداً ودينه " .

يا حنان يا منان

اسألك .. الامان الامان

محمد شحاته

http://groups. yahoo.com/ group/awlea2allh /