
-
الثالوث ( الوحدانيّة المسيحيّة )
الثالوث ( الوحدانيّة المسيحيّة )
أنّ الوحدانيّة المسيحيّة عقيدة أساسيّة من عقائد الإيمان وهي أنّنا " نؤمن بإله واحد " . وإنه لمن الأهميّة البالغة أن ندرك مكانة وحدانيّة الله عزّ وجلّ في المسيحيّة , إذ إنّ كلّ تفسير لطبيعة الله المثلَّثة يُنكِروحدانيَّتها , لا يمكن اعتباره تفســيراً صحيحاً للإيمان المسيحيّ . قال بولس الرسـول في رسـالته الأولى إلى أهل قورنتس : " قد يكون في السماء أو في الأرض كثيرٌ من الآلهة وكثير من الأرباب , وأمّا عندنا نحن فليس إلاّ إلهٌ واحدٌ وهو الآب "1قور8/5-6 . وبعبارةٍ أُخرى , عندما يتكلّم المسيحيّون على الثالوث , فإنّما هم يحاولون التعبير عن وحدانيّة الله .
1 . تثليث الآلهة
وُجد في تاريخ المسيحيّة بعض الأفراد والجماعات من أصحاب النظريّات التي تنكر الوحدانيّة في الله وتقول بثلاثة آلهة . فجميع تلك النظريّات حرّمتها الكنائس المسيحيّة وعدّتها منافيةً للتعليم المسيحيّ الصحيح . من ذلك أنّه قام في القرن السادس المدعوُّ يوحنّا فيلُوبُونُس وبعض أنصارٍ له قالوا إنَّ في الله طبائعَ ثلاثاً مختلفةً في الجوهر ؛ فحرمتهم الكنيسة . وفي العصر الوسيط أُدين أيضاً الفيلسوفان رُوسْكِلِّينُس وجيلْبير ده لابورِّيه لاعتقادهما بأنّ هناك ثلاثة آلهة , وكان جواب الكنيسة عليهما ما جاء في المجمع اللاترانيّ الرابع , المنعقد سنة 1215 , من أنّ الوحدانيّة في الله هي عقيدةٌ لا جدال فيها من عقائد الإيمان المسيحيّ .
ومع ذلك فقد يبدو , على المستوى الشعبيّ , من خلال بعض تعابير المسيحيّين وممارساتهم , أنّ ثمّة مَيلاً إلى تثليث الآلهة عملياً . إلاّ أنّ تلك التعابير والممارسات لم تنل قطّ رضى الرؤساء والعلماء في الدين المسيحيّ , لا بل إنّهم شجبوها قطعاً وأعلنوا ضلالها وبطلانها .
2. العهد الجديد والثالوث
لم يَرِدْ قطّ في الكتاب المقدّس كلمة " ثالوث " . وأوّل استعمال معروف لها في تاريخ المسيحيّة هو على لسان ثاوفيِلُس الأنطاكي , عامَ 180 . بيد أنّ أُسُس مفهوم الثالوث ملموسةٌ في العهد الجديد وقد أفصحت عنها صيغةُ منح العماد الواردة في إنجيل متّى : " عمِّدوهم باسم الآب , والابن , والروح القدس " مت 28/19.
وفي الرسائل , غالباً ما يكون السلام الذي يتبادله المسيحيّون سلاماً " ثالوثيّاً " . وهنا مثال على ذلك : " من بطرس , رسول يسوع المسيح , إلى المختارين بسابق علم الله الآب وتقديس الروح , ليطيعوا يسوع المسيح ويُنضَحوا بِدَمه , عليكم أوفر النعمة والسلام "1بط 1/1-2 .
وإذا ما أشار العهد الجديد إلى الله , فإنّه يستعمل الكلمة اليونانيّة " هو ثِيُوس" ومعناها الحرفيّ : الله . وهذه الكلمة تدلّ على الله الأزليّ , الخالق , المحيي , السيّد القدير . و " هو ثِيُوس " تشير دوماً إلى إله إبراهيم وإسحق ويعقوب , إله موسى والأنبياء . وفي الكتاب المقدّس لا يُدعى يسوع ولا الروح القدس " هو ثِيُوس " .
ولقد دأب مؤلِّفو الكتب المقدَّسة على تسمية الله : " الآبَ " , وهي عبارة ورثوها عن اليهوديّة . وسبق أن أشرنا إلى أنّ يسوع علَّم تلاميذه أن يصلّوا قائلين " أبانا الذي في السموات " مت 6/9 وأضفى على هذه العبارة طابع الدالّة العائليّة , دالّة الابن الذي يدعو والده أبي . وقال يسوع أيضاً إنّه يرجع إلى " أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم " .
إلاّ أنّ أسفار العهد الجديد تؤكّد العلاقة الخاصّة القائمة بين يسوع والله الآب . فيوحنّا , على ما رأينا , يقول إنّ كلمة الله الأزليّة اتّخذت جسداً وسكنت بيننا في شخص يسوع . ويلجأ بولس إلى كلام مماثل : " الله كان في المسيح " , و " لقد ظهر لطفُ الله مخلِّصنا ومحبّتُه للبشر في يسوع " طيطس 3/4 . وفي إنجيل يوحنّا يقول يسوع : " أنا والآب واحد" ؛ ومعنى ذلك أنّ الوحدة بينهما هي وحدةٌ فريدة لا مثيل لها , وحدة حبٍ وثيق , وإرادة , وعمل : يسوع يعمل , على أكمل وجه , مشيئة الآب , وكلّ ما يعرفه أو يعلّمه " قد أعطانيه الآب " . ويضيف يسوع : " إنّ الآب أعظم منّي " .
وإنّنا لنجد ما يساعدنا على إدراك مضمون العلاقة بين يسوع والله , في الرجوع إلى مفهومَي الحلول والاتّحاد المذكورين في كتابات الصوفيّين . ومع أنّ أغلبية المسلمين لا تقبل هذين المفهومين بين العناصر الأساسيّة التي يتكوّن منها التقليد الإسلاميّ , فإنّ المؤلِّفين العرب المسيحيّين قد ركنوا تَيْنك العبارتين لوصف العلاقة بين يسوع والآب . وبسبب هذه العلاقة الخاصة , دُعي يسوع " ابن الله " ولا يُفهم البتّةَ من ذلك أنّه وُلد ولادةً جسديّة , لا بل إنّ مجرّد التفكير بأنّ الله سبحانه أنجب ولداً , لمِمّا تكرهه المسيحيّة على نحو ما يكرهه الإسلام . فإنّ لَقَبُ " ابن الله " تعبير أعلنت به الكنيسة الأُولى إيمانها بأنّ يسوع له شخصيّة فريدة مميّزة لا مثيل لها على الإطلاق . ويؤمن المسيحيّون أنّه , بسبب تلك العلاقة الخاصّة , يتمّ الاتّصال بين الله تعالى والبشريّة من خلال يسوع . فيسوع هو عبد الله ورسوله , وقد أعطاه الله المعرفة والسلطان ليدين البشر ويعطي الحياة . إنّه الوسيط الوحيد بين الله تعالى والناس , وأعماله ذات مفعولٍ خلاصيّ خاصّ .
وغالباً ما يشير العهد الجديد إلى الروح القدس على أنّه " روح الله " . ومفهومُ المسيحيّة للروح القدس يختلف عنه في الإسلام : فالتقليد المسيحيّ والكتب المقدّسة المسيحيّة لا تقول بأنّ الروح القدس هو الملاك جبرائيل , ولا تقول إنّ الروح هو خليقةٌ من خلائق الله تختلف عنه , بل تُقرّ بأنه الله نفسه , وبأنّه يحيا في قلوب البشر والعالم المخلوق ويعمل فيها , أيّ أنّه وجود الله القادر الفعّال في العالم , ويسوع حُبل به بقوّة الروح القدس , وقاده الروح إلى البرّيّة قُبيل انطلاقه للتبشير ؛ كما أنّ الأناجيل تُظهر الروح حالاًّ على يسوع في صورة حمامةٍ ساعة اعتمد في نهر الأردنّ . والروح يُرشد الجماعة المسيحيّة ويعلّمها , كما أنّه يكشف عن أسرار الله ويُلهم محرّري الكتب المقدّسة . ويُدعى في أسفار العهد الجديد : المعزّي , روح الحكمة والإيمان , روح الشجاعة والمحبّة والفرح .
3. الإله الثالوث الواحد في تاريخ المسيحيّة
لئن لا يأتي العهد الجديد على استعمال كلمة " الثالوث " , إلاَّ أنّه يتكلّم على الله فيدعوه " الآب " , وعلى رسالة الله المتجسّدة في يسوع , وعلى حضور الله القادر الفعّال فيدعوه " الروح " . وتعاقبت أجيال المسيحيّين تتأمّل في تعاليم الكتاب , فلجأت إلى تعابيرَ ومقولاتٍ خاصّة لتزداد فهماً لما ورد في الأسفار المقدّسة . وعلى مرّ العصور وطوال تاريخ الكنيسة , رأى المسيحيّون أنّ طبيعة الله الثالوثيّة هي سرّ , وعليه لا يمكن التكلّم عليها بأيّ تعبير بشريّ . ومع أنّ الكتّاب والمتصوّفين والمتكلّمين المسيحيّين حاولوا الاستعانة بمعطيات العهد الجديد للوصول إلى إدراك بعض ما يمّت إلى طبيعة الله , إلاَّ أنّهم اعترفوا جميعاً بأنّ جهودهم مهما عَظُمت , ستظلّ مقصِّرة .
ولقد لجأ المفكِّرون المسيحيّون , على مرّ الأجيال , إلى المفاهيم والنُظم الفلسفيّة السائدة في أيّامهم , للتعبير عن سرّ الله الثالوث ... وأقرَّ الباباوات والمجامع الكنسيّة أنّ بعض صِيَغ التعبير مغلوطة , ولكنّهم لم يَقُْصُروا صِيَغ التعبير الأخرى على ما حدَّدوه .
ولمّا كان المسيحيّون يؤمنون بأنّ الروح القدس لا ينفكّ يُرشد الكنيسة , فإنّنا نقول مؤمنين بأنّ تفهُّمنا سرَّ الثالوث سيظلّ ينمو ويتطوّر بفضل مساهمة الباباوات والمجامع والمفكّرين والمتصوّفين . وقد أقرّت المجامع الكنسيّة الأُولى , التي انعقدت في نِيقيا وأفسس وخَلقِيدُونِية والقسطنطينيّة , أنّ الله واحد في ثلاثة أقانيم . و " أقانيم " جمع كلمة " أقنوم " , وهي يونانيّة الأصل ويمكن تعريبها بعبارة " طريقة للوجود " . وعليه فالأقانيم الثلاثة في الله هي ثلاث طرق أو ثلاث حالات لوجود الله وعمله .
وقد عبّر الكتّاب العرب المسيحيّون عن الأصل اليونانيّ بكلمة أقنوم كما رأينا وبكلمة صفة (ميزة , مظهر) أمّا ترجمة الكلمة إلى اللاتينيّة فكانت بعبارة ؛ persona ومعناها " القناع " أو " طريقة الوجود " . أمّا اليوم فكلمة persona لم تعد تعني طريقةً للوجود والعمل , بل تشير إلى الشخص أي الفرد المتميّز الذي له عقله وإرادته ومسؤوليّته الخاصّة . وهكذا فعندما يتكلّم المسيحيّون اليوم على إله واحد في ثلاثة persona يُخشى أن يُفهم خطأً أنّ المسيحيّين يؤمنون بإله واحد مكوّن من ثلاثة أفراد , أو ثلاثة " أشخاص " , أي ممّا يشبه مجموعة ثلاثة . وهذا ليس بالتعليم المسيحيّ الصحيح ولم تُرِدْه المجامع الكنسيّة الأُولى بوجهٍ من الوجوه . ولم يتكلّم الكتّاب المسيحيّون الأوائل قطعاً عن الثالوث كأنّه " إله واحد في ثلاثة أشخاص " .
4. التعبير الفلسفيّ عن الثالوث
نعبّر عن مفهومنا للطبيعة الواحدة في الله الثالوث على النحو الآتي : نؤمن بإله واحد تقوم طبيعته على ثلاث صفات . والإله الواحد يوحي بنفسه على أنّه الخالق القدير وسيّد الحياة , ويدعوه المسيحيّون " الآب " أو " أبانا " ؛ وهو الذي أوحى إلينا برسالته - أو بكلمته – الأزليّة في الإنسان يسوع ؛ كما أنّه الوجود الفعّال المحيي في الخليقة ( وهذا الوجود هو , في اعتقاد المسيحيّين , " الروح القدس " ) .
ويؤمن المسيحيّون - كما يؤمن المسلمون – بأنّ أسماء الله وصفاته متعدّدة . بيد أنّ المسيحيّون يَعتقدون بأنّ , مِن بين صفات الله هذه التي لا حصر لها , ثمّة ثلاث هي أزليّةٌ مثله تعالى , وملازمةٌ لطبيعته , وضروريّة . وهذه الصفات هي الآتية :
- طبيعة الله الذاتيّة المتعاليّة ( الآب ) ؛
- كلمة الله التي تجسّدت في الإنسان يسوع ؛
- وجود الله الفعّال المحيي في الخليقة .
هذه الصفات أزليّة لأنّه لا تبدُّلٌ جوهريّ في الله , وطبيعته هي هي دائماً أبداً . وهذه الصفات ملازمةٌ لطبيعته تعالى , لا صفاتٌ خارجيّة مضافة إليه ولا ظواهرُ نعتبر نحن البشر أنّها في الله . وهي ضروريّة لأنّ ما من واحدةٍ من تلك الصفات الثلاث يمكن إنكارُها أو نزعُها عن الله لأنّها جميعاً من جوهر طبيعته , وهذا ما أوحاه الله نفسه في الكتاب المقدّس .
5. تصميم الله الخلاصيّ
لله تعالى تصميمٌ يسعى من خلاله إلى خلاص الإنسان , وهو يحقّقه فعلاً في تاريخ البشريّة . إلاَّ أنّ التاريخ مليء بالأحداث الماديّة المتقلّبة والأناس الخطأة . فكيف يَدخل الإلهُ الأزليّ , المنَّزه المتعالي , الإلهُ القدّوس ( " الآخَر " بكلّيّته ) , هذا العالَم الملموس المتبدَّل ليخلِّص الناس ؟ هل يبقى الله بعيداً عن شؤون البشر ويُدلي برسالته من بعيد , أم يلتزم التزاماً شخصياً في الوضع البشريّ ؟
الجواب المسيحيّ هو أنّ لله طريقتين يحقّق بهما الخلاص في إطار تاريخ البشريّة . الطريقة الأُولى هي تَجسُّد رسالته تجسّداً شاملاً كاملاً في إنسانٍ يوحي بالله في سائر ما يقول ويفعل . ومن خلال انتصار يسوع على الألم والموت بفعل قدرة الله الخلاصيّة , تشاهد الإنسانيّةُ تحقيقَ وعودِ الله في ما يعمله وسوف يعمله لصالح كلٍّ منّا . وبواسطة يسوع ينشىء الله جماعةً تستمرّ في تأدية الشهادة لخلاص الله هذا .
أمّا الطريقة الثانية التي يلجأ إليها سبحانَه وتعالى , فهي وجوده القادر الفعّال في الكون وفي كل رجلٍ وامرأة . هذه الفعّاليّة لا تقتصر على المسيحيّين , بل تشمل جميع البشر فرداً فرداً من جميع الملل , فتعلّمهم وتهديهم وتخلّصهم . وهذا ما يدعوه المسيحيّون الفعل الشامل لروح الله . لذا لا يعتقدون بأنّ الخلاص يقتصر عليهم دون سواهم , بل هو متوفّر لجميع الذين يستجيبون لدعوة الله وهو يخاطب كلَّ إنسان ويعمل في قلب كلّ امرئٍ وامرأة .
6. لقاء المسيحيّ والإله الواحد الثالوث
الثالوث في نظر المسيحيّين ليس معادلةً حسابيّة أو مفهوماً فلسفيّاً , بل هو أساس خبرتنا الدينيّة الشخصيّة . فعندما نلتقي الله , جلَّ جلالُه , في الصلاة والعبادة , في مطالعة الكتاب المقدّس والتأمّل فيه , أو في متطلّبات الحياة المسيحيّة اليوميّة , إنّما نختبر الله فاعلاً في حالات وجوده الثلاث . ذلك بأنّ الله , في معتقد المسيحيّين ؛
هو الآب المتعالي ( الذي برأنا , والذي إليه نتوجَّه في عبادتنا وصلواتنا , والذي نجتهد في أن نحيا بحسب إرادته ) ؛
هو من يكلّمنا فيعلن عن نفسه بواسطة يسوع ( يسوع الذي نريد أن نتشبَّه به , وبه نتصالح مع الآب ) ؛
هو الحّي والفاعل فينا روحاً قُدُساً حالاً في أعماقنا .
7. الاعتقاد بالثالوث عند مسيحيّي ( نصارى ) الجزيرة العربيّة
كان المسيحيّون قبل ظهور الإسلام منتشرين بكثرة في أطراف الجزيرة العربيّة ( البادية السوريّة , سيناء , اليمن , ما بين النهرين ) , إلاَّ أنّهم كانوا قلّةً في الحجاز . ولمّا كانت مكَّة معقل الوثنيّة في أيام الجاهليّة , فقد وقفت عقبةً دون انتشار المسيحيّة هناك , والمسيحيّون القلائل الذين عُرفوا في الحجاز لم يكونوا متجذّرين في دينهم أو متبحّرين في تعاليمه . ولا غرو , إذ لم يكن ثمّة معاهد يتلقّى فيها المسيحيّون مبادئ دينهم , كما أنّ الأسفار المقدّسة لم تكن قد تُرجمت إلى العربيّة . والثالوث الساميّ التقليدي عند وثنيّي عرب الجاهليّة كان على النحو التالي :
الله ( " الإله العليّ " ) -------------------- اللاّت ( " الأمّ العظمى " )
بعل ( " الرب " )
ويبدو أنّ ذلك المفهوم الوثنيّ للثالوث راقَ بعضَ العرب الحديثي الاهتداء إلى المسيحيّة , الجاهلين مبادئ ديانتهم . فخلطوا بين الإله العليّ والآب , وبين مريم والأمّ العظمى , وبين المسيح والربّ المولود في الجسد من الله ومريم . وهذا لعمري تحريفٌ لمعتقد المسـيحيّين الحقيقيّ , وقد شجبه رؤساؤهم وكبار متكلّميهم.
والقرآن الكريم أيضاً يستنكر هذا المعتقد لحطِّه من طبيعة الله عزّ وجلّ , فيوافق في ذلك ما طالما أنكره المسيحيّون من أنّ الله أنجب ولداً , أو أنّ مريم ويسوع إلهان إلى جانب إله ثالث هو الله , أو أنّ الله ليس سوى واحدٍ من بين ثلاثة آلهة .
وهنا أُشير إلى أمر يلفت انتباهي أنا المسيحيّ عندما أطالع القرآن الكريم : فإنّي لا أجد فيه أيَّ ذكر لما تعلمه الكنائس المستقيمة الرأي عن طبيعة الله المثلّث الأقانيم . وهذا ما لا نستغربه , إذ إنّ القرآن شجب معتقداً بدائيّاً لأناس مشركين عاشوا في الحجاز آنذاك واعتنقوا بعضاً من الديانة المسيحيّة فشوَّهوه . وهذا المعتقد ترفضه الكنائس المسيحيّة على نحو ما يرفضه القرآن الكريم . وإنّي , بإثارتي هذا الموضوع , لا أبتغي الجدال , بل التشديد على أن المسيحيّين اليوم , وجميع المسيحيّين الواقفين على حقيقة دينهم بالأمس , لا يعتقدون بما يستنكره القرآن . ولا بدّ من الحوار المتواصل الدؤوب بين المسلمين والمسيحيّين ليتجاوزوا أموراً غالباً ما وقفتْ في الماضي عقبةً دون تفاهمهم على الوجه المرتجى . ولست أدّعي بذلك أنّ المسيحيّين والمسلمين ينظرون إلى الله النظرة نفسها , ولا أنّ كلا الفريقين يعبِّر عن الأمور نفسها بكلمات مختلفة . فممّا لا شكّ فيه أنّ بين الديانتين اختلافات أكيدة , والحوار الصادق وحدَه يساعدنا على التمييز بين الاختلافات الحقيقيّة وتلك التي هي ظاهرةٌ وحسب .
التعديل الأخير تم بواسطة Eng.Con ; 19-12-2009 الساعة 11:56 PM
سبب آخر: توضيح الخط
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة الأندلسى في المنتدى مشروع كشف تدليس مواقع النصارى
مشاركات: 8
آخر مشاركة: 02-06-2015, 05:28 PM
-
بواسطة ياسر جبر في المنتدى حقائق حول التوحيد و التثليث
مشاركات: 97
آخر مشاركة: 12-09-2014, 12:07 PM
-
بواسطة Habeebabdelmalek في المنتدى منتدى نصرانيات
مشاركات: 3
آخر مشاركة: 08-07-2014, 10:00 PM
-
بواسطة شاعر الغسق في المنتدى الأدب والشعر
مشاركات: 13
آخر مشاركة: 12-12-2005, 10:51 PM
-
بواسطة Ahmed_Negm في المنتدى منتدى نصرانيات
مشاركات: 1
آخر مشاركة: 18-10-2005, 01:32 PM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى

المفضلات