إن قراءتنا للآيات القرآنية الآمرة بالجهاد وأسباب نزولها لم تأمر المسلمين بالاعتداء قط وإنما الدفاع عن الشريعة السمحاء فقط .
فعندما حطم الرسول - صلى الله عليه وسلم - اصنام مكة التي كانت قريش وبقية القبائل العربية الجاهلية تعبدها دون الواحد الأحد , لم يلحق ذلك التدمير أي ضرر بالحياة البشرية. وعندما دخل جيش الاسلام مكة مظفرا, أمن النبي - عليه السلام - الناس على أرواحهم وارزاقهم. ولم يحدثنا التاريخ أن المسلمين الأوائل فتحوا مصر وافريقية والاندلس بتقتيل الابرياء وتذبيح الناس نساء وشيوخا ورضعا دون تمييز بين مقاتل ومدني كما كان يحدث بالعهد القديم . وليس في القرآن الكريم آية واحدة تدعو المسلمين الى الاعتداء على من لم يؤذهم أو يعاديهم, ولا في الحديث النبوي اشارة الى مثل هذا السلوك. بل جاء الاسلام دين سلام يدعو الى اعمال العقل والاستشارة والمحاورة بالحسنى. ليس في الاسلام أية دعوة الى العنف . وفي القرآن قوله تعالى:" ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك ", دليل على أنه لو امتشق النبي - عليه السلام- سيفه لدعوة الناس الى الاسلام أو الموت بحده , لما اتبعه أحد. بل اتبع الناس الاسلام لأنهم اقتنعوا عقليا بالرسالة وتغذوا روحيا بمعانيها. وكذلك تمكن المسلمون من فتح البلدان من السند الى الهند لنشر الدعوة المحمدية. صحيح أنهم جيشوا الجيوش, ولكن ذلك تم بعد أن قامت دولة الاسلام وتمكنت من الارض في جزيرة العرب أولا. وهل توجد دولة بلا جيش للدفاع عنها ؟ ثم ان جيش الاسلام واجه جيوشا مثله, ووقع قتال بين الطرفين حسب المبادئ والقواعد العسكرية المعمول بها في تلك العصور. ولم نقرأ في كتابات المؤرخين العرب أو سواهم - سواء في البلاد المفتوحة او في بلاد الغرب - ما يدل على أن الجيش الاسلامي فتك بالمدنيين وخالف قواعد الاخلاق الاسلامية ومبادئ السلوك العسكري لدى فتحه تلك البلدان. بل كان دأب العرب الفاتحين حيثما حلوا تعريف الناس بدينهم والتحاور معهم بالحسنى والدعوة اليه باللطف واللين . وهكذا تم للاسلام النصر, واستقر الدين في قلوب تلك الشعوب التي كان بعضها يعبد الاصنام وبعضها الآخر يدين بالمسيحية أو اليهودية. ولم يكن بالامكان أن يستمر الاسلام راسخا في بلدان الفتح ولا أن يتطور وينمو ويكسب الناس في بلدان أخرى بعيدة , لو استعمل المسلمون السيف للدعوة . يصلح السيف في الدفاع عن النفس لدى الحاجة , ولكنه لا يصلح في اقناع الناس واظهار الحق.
وها هم رجال الدين المسيحي امثال زكريا بطرس يعترف بفضل الفتوحات الإسلامية على المسيحية وكنيسة الإسكندرية
وهذا هو موقع الأنبا تكلا الخاصة بكنيسة الأنبا تكلا هيمانوت الحبشي القس تقر بفضل الفتح الإسلامي على المسيحية في الشرق ولولا الفتح الإسلامي لما كانت للمسيحية وجود في الشرق .
لذلك فإن دعوى انتشار الإسلام بالقوة والإكراه؛ تلك الدعوى التي يلوكها في كل عصر دعاة الفتنة وأئمة الضلال ضاربين عرض الحائط بما قدمه ويقدمه علماء الإسلام من براهين ساطعة، وحجج دامغة تبطل تلك المزاعم الواهية - هي دعوى أظهر بطلانًا من أن تبطل بالمناقشة على حد تعبير المستشرق الشهير"توماس كارليل" والذي آثرت ذكر شهادته ودفاعه عن الإسلام في تلك النقطة كي يكون الشاهد للإسلام من غير أهله فتكون الشهادة أحرى وأولى بالقبول.
يقول "توماس كارليل": "إن زعم أن الإسلام قد انتشر بالسيف هو أظهر بطلانًا من أن يبطل بالمناقشة لأن القائل به سواء ومن يقول إن رجلا واحدًا حمل سيفه وخرج إلى جميع مخالفيه ليبعث فيهم الخوف من سيفه ويسوقهم كرهًا إلى اعتقاد ما ينكرون؛ فيعتقدونه، ويثبتون عليه، ثم يحملون السيف معه لتخويف الآخرين".أ.هـ.
أما مسألة الفتوحات الإسلامية فلم تكن حروبًا ضد دول متحررة عادلة؛ وإنما كانت ضد إمبراطوريتين ظالمتين تخضعان جل العالم بالسيف لنهب ثرواته واستعباد شعوبه؛ ومن هنا فقد كانت الفتوحات الإسلامية تهدف إلى تخليص تلك الشعوب من نير الاستعباد وتتيح لأهلها الفرصة لسماع دعوة الإسلام دون إكراه أو إجبار، وهذا الأمر شهد له أهل تلك البلاد التي فتحها المسلمون وشهاداتهم في ذلك متواترة، مشهورة، تعز على الحصر، وليس أدل على ذلك من مساعدة أهل تلك البلاد للمسلمين في فتحهم لبلادهم.
ونحن إذا نظرنا إلى دولة كمصر أكبر الدول العربية الإسلامية عددًا سنجد أن نسبة المسلمين فيها كانت 5% بعد قرن من الفتح الإسلامي لها؛ ثم أصبحت 25% بعد قرنين من الفتح، وبعد 450 سنة من الفتح أصبحت النسبة 75% ، والآن وبعد 1400 سنة أصبحت نسبة المسلمين بها 94% ؛ فأين السيف وأين الإجبار مع هذا النمو البطيء لنسبة المسلمين في مصر؟!!!
إن دين الرحمة لا يدعو سوى للرحمة ولا يدعو إلى القتل وسفك الدماء كما يزعم الحانقون عليه؛ فنحن إذا أحصينا عدد كل من قتلوا في حروب الرسول – صلى الله عليه وسلم- مع الكفار فسنجدهم حوالي 1100 ، 800 من الكفار، و300 من المسلمين.
لكن لو نظرنا إلى الحروب التي خاضها بنو اسرائيل كما جاء بـ 6 اسفار فقط سنجد أن اعداد القتلى يفوق المليون ونصف المليون قتيل :
سفر صموئيل الأول ؛ سفر صموئيل الثاني ؛ سفر قضاة ؛ سفر الملوك الأول ؛ سفر استير ؛ سفر يشوع ... فقط
فتخيل معي الأرقام لنرى الفارق بين الله خالق السماوات والارض وهو رب كل شيء وهو رب القرآن وعدد القتلى لم يتعدي 2000 قتيل للطرفين ..... وعلى النقيض رب البايبل والوحشية والإجرام وأمر قتل الأطفال والنساء والشيوخ وشق بطون الحوامل وذبح العذارى .. وقد وصل عدد القتلى مليون ونصف المليون قتيل (1500000قتيل) ... هذا من خلال 6 اسفار فقط ومازال التحديث مستمر .
المفضلات